02/09/2021 - 16:21

عندما تكون قدرات المعلمين أقلّ من طلابهم

ما زال الامتحان البسيخومتري يشكّل العتبة الرئيسية لدخول الجامعات الإسرائيلية، بصفته المعيار الأساسي لقياس كفاءة الطلاب، ثقافتهم وقدراتهم. وبالتالي، تصنيفهم وفق السلم التصاعدي للمواضيع المختلفة بعد تجاوز للحد الأدنى الذي يمكّن الطالب من دخول الجامعة.

عندما تكون قدرات المعلمين أقلّ من طلابهم

ما زال الامتحان البسيخومتري يشكّل العتبة الرئيسية لدخول الجامعات الإسرائيلية، بصفته المعيار الأساسي لقياس كفاءة الطلاب، ثقافتهم وقدراتهم. وبالتالي، تصنيفهم وفق السلم التصاعدي للمواضيع المختلفة بعد تجاوز للحد الأدنى الذي يمكّن الطالب من دخول الجامعة.

ولطالما انشغلت الدراسات التربوية والاجتماعية في فحص نتائج امتحانات البسيخومتري وتباين نتائجها بين الفئات السكانية المختلفة، خاصة العرب. فتشير المعطيات إلى فجوة تصل إلى 100 نقطة بينهم وبين اليهود، وصولا إلى مدى ملاءمة أو عدم ملاءمة هذه الامتحانات لذهنية وثقافة الطالب العربي.

لكن بشكل غير متوقع، وفي ظل الحديث عن تدني مستوى التعليم في إسرائيل وبحث أسبابه، فحصت "دائرة الإحصاء المركزية" معدّلات امتحانات البسيخومتري بين المعلمين، هذه المرة. فكانت المفاجأة أنّها وجدت أن معدل الـ11 ألف معلّم الذين تم استيعابهم في جهاز التعليم عام 2021 هو 506، علمًا أنّ معدّل مجموع المتقدمين للامتحان البسيخومتري عام 2020 بلغ 561، ما يعني أنّ المعدل العام لعلامات المعلمين الذين جرى استيعابهم في جهاز التعليم أقلّ بدرجات من المعدل العام لمجموع الممتحنين.

وعند الحديث عن المعلمين العرب حصرًا، فإنّ فجوة الـ100 نقطة القائمة في المعدل العام بين العرب واليهود، ظهرت بوضوح لدى المعلمين العرب، أيضًا، حيث انخفض معدل تحصيل المعلمين العرب الذين جرى استيعابهم في جهاز التعليم في السنة الأخيرة إلى 459 نقطة فقط، وذلك رغم التحسن الذي طرأ عن السنوات السابقة.

صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية، التي نشرت هذه النتائج في تقرير تحت عنوان "معلّمون يعدّون طلابا للجامعة رغم أن غالبيتهم لن يقبلوا إليها"، استغربت أنّ هذه المعطيات تنشر من قبل "دائرة الإحصاء المركزية"، وليس من قبل وزارة المعارف أو كليّات تأهيل المعلمين التابعة لها، والتي أسقط الامتحان البسيخومتري من شروط القبول إليها منذ عام 2014، ما يعني أنّ 30% من المعلمين الجدد لم يقدّموا هذا الامتحان.

ويكشف التقرير، أيضًا، أنّ 79% من الطلاب الذين يدرسون موضوع "تأهيل المعلمين"، يتعلمون في كليات تأهيل المعلمين، التي لا تضع البسيخومتري شرطا للقبول، بينما يدرس 17% في كليات أكاديمية عامة، و4% فقط يتعلمون في الجامعات. في حين تتعطش المدارس الثانوية لطلاب خريجي جامعات لتغطية العجز في معلمي العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية.

ولمن لديه ادّعاءات ضد امتحان البسيخومتري، وأنّه لا يعكس مدى معرفة الطالب/المعلم وإلمامه بالمواضيع الأساسية، تقدّم "دائرة الإحصاء المركزية" معطى إضافيًا يتعلق بنتائج امتحانات البجروت، التي تشير، أيضًا، إلى أنّ معدل تحصيل المعلمين في هذه الامتحانات هو أقلّ من تحصيل زملائهم من نفس الدفعة وهو آيل إلى الهبوط، أيضًا.

في المحصّلة، فإنّ الأرقام تثبت أنّ قطاع التعليم، عمومًا، بات يحظى بالفئة الأقلّ كفاءة وثقافة ومعرفة من بين الخريجين، بينما تبرز هذه المشكلة بشكل أكبر في التعليم العربي، ليس لأن معدل المعلمين العرب أقلّ بـ100 نقطة من معدل المعلمين اليهود فقط، بل كونها تضاف إلى مناهج متكلّسة وموجهة وإدارات مُلحَقة، يفتقر الكثير منها إلى الكفاءة والاستقلالية، ما زال "الشاباك" ضالعا في تعيينها، وإلى جهاز إداري ملحق تضرب فيه الواسطة والمحسوبية، وجرى تصميمه عموما لخدمة سياسة الضبط والسيطرة على العرب.

وتزيد الطين بلّة مجالس محلية انتخب رؤساؤها على أساس قبلي وعائلي ومصلحي، ينظرون إلى التعليم في كثير من الأحيان من خُرم فوز ابن العائلة بمنصب مدير مدرسة أو مدير قسم معارف، بغضّ النظر عن ثقافته وكفاءته، وأقسام معارف عُيّن مديروها في صفقات انتخابية أو بحكم واقع هيمنة عائلته، في مناقصات علم بوجودها فقط بعد فوز المرشح الوحيد فيها بالتزكية وهي قانونية مئة بالمئة.

مجالس وأقسام معارف حَلُمنا بأن نحقق بواسطتها "أوتونوميا تربوية"، فأصابنا معها ما قاله المثل الشعبي، "جبناك يا عبد المعين..."، وأصاب مدارسنا ما أصابها... وبالله المستعان.

التعليقات