21/10/2021 - 16:16

مؤتمر الحزب الشيوعي وغياب المراجعة

مختصر الحديث أنّه إذا كان الحزب الشيوعي جادًا في معارضته لنهج "الموحّدة"، الذي اعتبرته قرارات مؤتمره الـ28 "نهجًا قديمًا متعفّنًا، عفا عليه الزمن، قائمًا على التذلّل لسياسات التمييز العنصري والاحتلال والاضطهاد، مقابل فتات مزعوم..."، فإنّ المطلوب منه ومن جبهته وقائمته

مؤتمر الحزب الشيوعي وغياب المراجعة

(رويترز)

رغم ما وصفت بأنّها نقاشات وخلافات حادة وقعت في كواليسه، إلّا أنّ قرارات المؤتمر الـ28 للحزب الشيوعي الإسرائيلي خلت، كالعادة، من أيّ نقد أو مراجعة ذاتية لمسيرته ومسيرة جبهته وتحالفها الأوسع في إطار القائمة المشتركة، وما شابها من إخفاقات انتخابية وسقطات سياسية، مردها إلى النهج السياسي الذي قاد "خطاب التأثير"، وما انطوى عليه من شرعنة لسلخ النضال المدني عن بعده الوطني وشق الطريق للتوصية على غانتس أولًا، ولبيد- بينيت لاحقا، وما انتهى إليه من انزلاق وسقوط "القائمة الموحّدة" في مستنقع الائتلاف الحكومي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

وجّهت قرارات المؤتمر سهامها إلى "الحركة الإسلامية الجنوبية"، وذراعها السياسي "القائمة الموحّدة"، واعتبرت دخولها الائتلافَ الحكومي "سابقة خطيرة وطعنة في ظهر الثقافة السياسية المستندة على الوحدة الوطنية والديمقراطية الكفاحية بين الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل". كما وصفتها بأنّها "أخرجت نفسها إلى خارج القاسم السياسي المشترك الذي أسست عليه الأقلية العربية الفلسطينية وحدتها الوطنية الكفاحية، وخارج النضال المشترك ضد الاحتلال من أجل المساواة الجوهرية القومية والمدنية للجماهير العربية في إسرائيل".

وذلك دون الإشارة، ولو بكلمة نقد واحدة، إلى من صمّم هذا النهج وقاده في "الجبهة" و"القائمة المشتركة"، أي النائب أيمن عودة، الذي – وإنْ لم يسقط سقطة منصور عباس لأسباب موضوعية وربما ذاتية، ترتبط بمعايير ومحاذير أكثر صرامة يعمل في نطاقها - فإنّه صاحب براءة هذا الاختراع المسمى "نهج التأثير"، دون منازع.

لا نقول ذلك بغية التقليل من سقطة منصور عباس و"الحركة الإسلامية الجنوبية" وقائمتها الموحدة ومدى التدهور الذي قادوا السياسة العربية في الداخل إليه، بل للإشارة إلى أنّ "القائمة المشتركة"، بقيادتها الحالية، لا تمتلك المصداقية الكافية للتصدي لهذا المنزلق الخطير ولجم تأثيراته، لأنها (أي قيادة المشتركة) التصقت في مخيلة الناس كمن تنافس على نفس الكعكة.

نلاحظ ذلك جيّدًا في غمز ولمز المقدمين والمعلقين الإسرائيليين وتشكيكهم بمصداقية ومبدأية معارضة عودة والطيبي لمنصور عباس، وهم الموجودون في خبايا الأمور أكثّر منّا، خاصة وأنّ مرض "البخيريم" وعقدة الصحافي اليهودي، بتعبير الزميل نضال وتد، تسيطر عليهم.

ويكفي، في هذا السياق، الإشارة إلى ما كتبه الصحافي عميت سيغل، مؤخرًا، في عامودٍ روّسَهُ بصورة أيمن عودة في "يديعوت أحرونوت"، من أنّ "بخيريم" - وتعني بالعربيّة - مسؤولين رفيعي المستوى، في "حداش" ("الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة") نقلوا هذا الأسبوع رسالة للائتلاف الحكومي تفيد أنّه إن عارضت الميزانية "راعام"، وتعني بالعربيّة "القائمة العربية الموحّدة"، فسنؤيدها نحن ويقصد "القائمة المشتركة".

"المشتركة"، كما يقول سيغل، لا تريد "للموحدة" أن تحقق كل الإنجازات. لكنّها، من جهة ثانية، غير متحمّسة للانتخابات، لأن الكتلة البرلمانية ممزقة في المعارضة كليا وتئن تحت وطأة الخلافات وخيبات الأمل. مردفًا أنّ مجلس "الجبهة" أصدر، الأسبوع الماضي، "بيانًا ساخرًا هاجم فيه بالذات أيمن عودة، والتعاون الذي عرضه على الوسط واليسار".

مختصر الحديث أنّه إذا كان الحزب الشيوعي جادًا في معارضته لنهج "الموحّدة"، الذي اعتبرته قرارات مؤتمره الـ28 "نهجًا قديمًا متعفّنًا، عفا عليه الزمن، قائمًا على التذلّل لسياسات التمييز العنصري والاحتلال والاضطهاد، مقابل فتات مزعوم..."، فإنّ المطلوب منه ومن جبهته وقائمته "المشتركة" ليس فقط الكف على منافسة هذا النهج على نفس المساحة فقط، بل إحداث انقلاب جذري في نهج وقيادة "المشتركة" بإسقاط "نهج التأثير" التعيس والعودة إلى النهج الكفاحي الذي ينتزع "حقوقنا من بين أنياب مغتصبيها" انتزاعا، دون أن يعتبرها منّة أو يقايضها بالحقوق الوطنية لشعبنا، نهج لا يتنافس مع منصور عباس في التزلف وخطب ود حكومة لبيد- بينيت الاستيطانية، بل يفضح ويعري هذا النهج ويسقطه.

التعليقات