31/07/2022 - 13:42

الفوز لمن يحرِّض أكثر...

فما هو المعادل العربي في الكنيست مقابل الفاشي بن غفير؟ وكيف يتساوى بنظر لبيد، بن غفير الفاشي صاحب ميراث كاهانا داعية الترحيل وطرد العرب الفلسطينيين من وطنهم، بأولئك الذين يطالبون بالمساواة في الحقوق! وهل باتت المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني وتطبيق

الفوز لمن يحرِّض أكثر...

رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد (Gettyimages)

يائير لبيد معتدل، بل معتدل جدًا، فهو لا يريد تشكيل حكومة تعتمد على المتطرّفين من الجانبين، لا من اليمين ولا من اليسار.

فما هو المعادل العربي في الكنيست مقابل الفاشي بن غفير؟ وكيف يتساوى بنظر لبيد، بن غفير الفاشي صاحب ميراث كاهانا داعية الترحيل وطرد العرب الفلسطينيين من وطنهم، بأولئك الذين يطالبون بالمساواة في الحقوق! وهل باتت المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني وتطبيق الشرعية الدولية موازية لدعوة الترانسفير؟

يعتبر التنكر للعرب الفلسطينيين في إسرائيل كأقلية قومية، حجر الزاوية والأساس في سياسة جميع أحزاب السلطة أو المشارِكة فيها، وهي الأحزاب التي تُعرّف نفسها كأحزاب صهيونية.

هذا الرفض بالاعتراف بالعرب كأقلية قومية له أسبابه الإستراتيجية وبعيدة المدى، وليست كليشيهات تلقى على عواهنها.

عدم الاعتراف يعني عدم منح حقوق أساسية يقرّها القانون الدولي للأقليات القومية، وأهم هذه الحقوق، المحافظة على لغتها ودياناتها وثقافتها وتاريخها وتدريسه لأجيالها، وعدم تزييفه أو إلغائه، والمحافظة على تراث الأقلية كرافد يغني الثقافة الإنسانية في كل المجالات، من لباس وطعام وفنون وآداب ومعمار ولغة وعادات وتقاليد وغيرها.

ما يحصل في الواقع هو بالعكس تماما، فما جرى ويجري، هي عملية سطو على تراثنا في مختلف فروعه وتنسيبه إلى التراث الإسرائيلي من الفلافل حتى ملابس الجدّات والدّبكة!

والأهم هو أن للأقلية القومية حقوقًا في المصادر الطبيعية للبلد الذي تعيش فيه، ويفترض أن تكون الأقلية القومية شريكة في الأرض وفي التخطيط لما يجري عليها، مثل إنشاء مدن وقرى جديدة وبنى تحتية، وهذا يعني أن يكون للعرب نصيب أكبر بكثير مما يخصص لهم للبناء بدعم من الدولة، وهذا يعني توسيع المسطحات في بلدانهم وإقامة مناطق سكنية جديدة على أراضي الدولة تستوعب تكاثرهم الطبيعي!

ولكن ما يحدث في الواقع منذ قيام الدولة، هو مصادرة الأراضي العربية بمختلف الصور والقوانين، في عملية منهجية تهدف إلى الحد جعلهم بلا أرض، ومن ثم التخفيض الاضطراري لتكاثرهم الطبيعي، وحثّهم بصورة التفافية على الهجرة من وطنهم، وهذا يتعارض جذريا مع القانون الدولي الذي يجري الالتفاف عليه بطرق ذكية ومُحكمة.

تحدّث يائير لبيد عن حقوق مدنية للعرب، وكأنه أتى بجديد، وهي في الواقع حقوق مهاجرين وليست حقوق أقلية قومية تعيش في وطنها منذ قرون.

من جهته يحرضّ نتنياهو وكتلته على يائير لبيد وحلفائه، لاعتمادهم على دعم القائمة الموحّدة في تشكيل الحكومة الأخيرة برئاسة نفتالي بينيت، ويصف من شكلوا حكومتهم بالاعتماد على أصوات الموحّدة، بمعانقي "داعمي الإرهاب"، وقتلة الإسرائيليين وداعمي حماس والجهاد الإسلامي، وطبعًا هذا تحريض رخيص وغير صحيح في الواقع، ولكن لأجل الوصول إلى السّلطة، لا بأس من التحريض على الحلقة الأضعف وهم العرب.

التحريض والتنافس هو على من يقمع العرب أكثر، مباشرة أو غير مباشرة، والتركيز في هذه المرحلة على النقب، بزعم أن الدولة فقدت السَّيطرة عليه، وأنّ الإسرائيليين لا يستطيعون التجوّل بحرّية في مساحة تشكل أكثر من نصف مساحة دولة إسرائيل.

هذا التحريض يأتي ليبرّر التخطيطات التي ترمي إلى هدم قرى عربية في النقب، وتجميع سكانها قِسريا في مساحات محدودة، ليكونوا في وضع شبيه بوضع إخوانهم من المناطق الأخرى من البلاد، أي في ضائقة وأزمة سكنية مؤبدة، ومنعهم من الشراكة، لا في الأرض ولا في التخطيط الذي يعتبر حقا من حقوق الأقليات القومية، بل مصادرة ما لهم من أرض، بصورة تتعارض مع حقوق الإنسان عموما وليس مع حقوق الأقليات القومية فقط، بل وتسويق هذه الممارسات العنصرية كخدمة للمواطنين العرب.

كل الأحزاب ذات التأثير، أو القادرة على تشكيل حكومة، سواء كان بقيادتها أو بالمشاركة مع آخرين، تستمد قوّتها من رفض الحقوق للعرب والتحريض ضدهم، تارة بصورة حادة تصل إلى التحريض الدموي، وتارة بصورة مدوّرة وأقل حدة وغير مباشرة، كما يقدمها يئير لبيد، ولكن دون تغيير في الجوهر.

وبما أن الجوهر واحد، فإن الأوفر حظّا هو الأكثر وضوحًا ومباشرة في عدائه ورفضه لحقوق الشعب الفلسطيني في داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، وسوف يزداد هذا التوجه العنصري حدةً، أكثر وأكثر كلما اقترب يوم الانتخابات.

اقرأ/ي أيضًا | شَخْرة عكاوية...

التعليقات