06/10/2022 - 15:00

التضامن مع التجمع بين النفاق والتضليل

أيمن عودة قد أغفل عمدا السبب الحقيقي الذي يقف من وراء المحاولات المنهجية لشطب التجمع الوطني الديمقراطي، بشكل خاص، منذ بدايات خوضه لانتخابات الكنيست، والذي استند إليه القرار الأخير أيضا، وهو كما أورده غدعون ليفي في مقال نشرته "هآرتس" اليوم

التضامن مع التجمع بين النفاق والتضليل

(Ofek Avshalom)

لا أريد أن أشكك في التضامن القائم بين الأحزاب العربية في ما بينها، خاصة عندما يتعلق الموضوع بمواجهة "العدو" المشترَك، المتمثل بالسلطة وأدواتها وأجهزة قمعها، لأن تجربة "التضامن العربي" الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى تطبيع، وصل حد التحالف العلني الوقح مع إسرائيل، جعلتنا نشتاق إلى مواقف الشجب والاستنكار والتنديد العربية، التي طالما سخرنا منها في الماضي.

لكن المقال الذي نشره أيمن عودة صباح اليوم في صحيفة "هآرتس"، بالتزامن مع جلسة المحكمة العليا الإسرائيلية التي ستبحث قضية شطب التجمع الوطني الديمقراطي، ينطوي على الكثير من النفاق السياسي والتضليل.

أوّلا، لأن "جُرم" دفع التجمع إلى خارج القائمة المشتركة وتحالف أطرافها، وبالتالي إسقاطه، ما يزال "ساخنا"، وبغض النظر إذا كان هذا الجرم قد نتج عن "مؤامرة" حيكت مع لبيد مباشرة، أو جاءت كخدمة للأخير، الذي امتنع حزبه عن التصويت في لجنة الانتخابات لتمرير قرار الشطب، فيما صوّت مع القرار أعضاء حزب "حليفه اللدود" الجنرال بيني غانتس.

لذلك لن يتمكن أيمن عودة، حتى لو كان صادقا، من إقناع أحد بأن مقاله وتوجهه ليس أكثر من "دموع تماسيح"، بل هو يفضح ذلك عندما يؤسس توجهه المذكور على مقال للكاتب عودة بشارات، نُشر في "هآرتس"، غداة تفكيك المشتركة، واحتفالا بالمناسبة "السعيدة"، وخُصِّص أكثر من نصفه للتهجم على التجمع، وخيار "الطريق الثالث" الذي انتهجه.

بشارات الذي سبق أن وصف الاتفاق الذي أُبرم بين الجبهة والتجمع بأنه اتفاق بائس، وأنشأ مؤخرا مقالا في الدفاع عن أحمد طيبي، شبّهه فيه بتوفيق زياد، قدّم في المقال الذي يستند إليه عودة، نصيحة للتجمع بمقاطعة الانتخابات، لأنه ما من طريق ثالث بين الموحدة والجبهة - العربية للتغيير، على حد قوله، سوى المقاطعة، ما يعني أن عودة يستند في الدعوة لرفض شطب التجمع إلى موقف يدعو التجمع إلى شطب نفسه.

ثانيا، في ما يتعلق بالتضليل، فإنه يكمن في الادعاء الذي يسوقه عودة في افتتاحية المقال، والمتمثل بوضع خطوة شطب التجمع في إطار ما يسميها "محاولات اليمين المتطرف، وخاصة بنيامين نتنياهو، إخراج المواطنين العرب من الحقل السياسي، والتي هي جزء من إستراتيجية... وهي إستراتيجية تعتمد على حساب سياسي واضح: إذا خرج العرب من المعادلة، سيحظى اليمين المتطرف بأغلبية مطلقة في الكنيست".

هذا موقف مضلِّل، لأنه يتعارض مع موقف التجمع الذي يرفض أن يكون جزءا من المعسكرات الإسرائيلية، والداعي إلى عدم التوصية على أي من المرشحين لرئاسة الحكومة، وهو موقف دفع الليكود والأحزاب المتحالفة معه، إلى الامتناع عن التصويت مع شطب التجمع، وجعَل أحزاب ما يُسمّى بمعسكر التغيير، يصوّت مع شطبه، كما فعل أعضاء حزب غانتس.

بالإضافة لذلك، فإن أيمن عودة قد أغفل عمدا السبب الحقيقي الذي يقف من وراء المحاولات المنهجية لشطب التجمع الوطني الديمقراطي، بشكل خاص، منذ بدايات خوضه لانتخابات الكنيست، والذي استند إليه القرار الأخير أيضا، وهو كما أورده غدعون ليفي في مقال نشرته "هآرتس" اليوم أيضا؛ "الادعاء بمخالفة بند في القانون، يحظر على حزب لا يعترف بدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، خوضَ الانتخابات".

وبعكس عودة الذي يوجّه نداء دراماتيكيًّا لقضاة العليا بعدم شطب التجمع، "حفاظا على الحيز الديمقراطي ومن أجل ديمقراطية للجميع"، كما يقول، نرى غدعون ليفي يجزم بأن العليا ستقبل الالتماس، وتشطب الشطب، لكي تقدم نفسها مرة أخرى بأنها حامية الديمقراطية... علما بأن ذلك لن يثبت وجود ديمقراطية في إسرائيل، لأن وجود مثل هذا البند سيبقى علامة سوداء في سِفر القوانين الإسرائيلي.

ليفي يعتقد بوجوب توفُّر الحق للتجمع في خوض الانتخابات، حتى لو ثبت بما لا يدع مجالا للشكّ، معارضته لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، بل إنه بدون ضمان هذا الحق، لن تُعتبر إسرائيل دولة ديمقراطية... ويتوج مقاله بالقول إنه في الوضع المثالي فإن التوجّه الذي يؤيد دولة يهودية يتمتع فيها اليهود بالفوقية، هو الذي يجب إخراجه عن القانون، لأنها غير ديمقراطية، ويفترض شطب جميع الأحزاب التي تؤيدها، أي جميع الأحزاب اليهودية.


* الصورة المُستخدَمة: (Ofek Avshalom)

التعليقات