17/10/2022 - 12:38

بعد الانتخابات بيوم واحد...

بالنسبة للمواطنين العرب، لا يوجد في الأفق حكومة تحمل رؤية مختلفة، إلا بالتّوجه اللفظي المُخفف، بين سأطردكم التي يعلنها بن غبير علانية، وبين العمل بصمت على تشجيع الهجرة من خلال سياسات منهجية متواصلة.

بعد الانتخابات بيوم واحد...

في صبيحة الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر القريب، سوف تبدأ الأحزاب في تبرير النتائج، سواء كانت مُرضية أو غير مرضية لبعضها، وسوف يبدأ الحديث عن شكل الحكومة القادمة، التي لن تختلف في جوهرها عن الحكومة الحالية، ولا عن التي سبقتها ولا التي سبقت التي سبقتها.

جميع الأحزاب المرشّحة للسُّلطة وتقاسمها متّفقة على الخطوط العريضة للسّياسة، الخلاف هو فقط على التكتيك وعلى التطبيق والتوقيت.

القضايا الأساسية لن تتغيّر، بغض النظر عن الحكومة وأي الأحزاب التي ستشكّلها، وذلك لأن البُنية الأساسية للدولة، قائمة على عدم الاعتراف بحق الشعب الآخر في الحرية والاستقلال والمساواة، لأن هذه المسائل الثلاث تناقض جوهر الدولة وجوديًا في تعريفها لنفسها، ولن يجرؤ أحدٌ على تحريك صرارة منها.

مساواة جميع المواطنين تعني فقدان العنصر الأساسي ليهودية الدولة، وصاروا يتهمون من يعترض على هذا باللاسامية!

بالنسبة للمواطنين العرب، لا يوجد في الأفق حكومة تحمل رؤية مختلفة، إلا بالتّوجه اللفظي المُخفف، بين سأطردكم التي يعلنها بن غبير علانية، وبين العمل بصمت على تشجيع الهجرة من خلال سياسات منهجية متواصلة.

عندما يعِد النواب العرب ناخبيهم بحل مشاكلهم بمجرد دخولهم الكنيست، فهم يخدعونهم، ويجعلون الناخب يرى فيهم مسؤولين عن مشاكله، ويتحوّل النائب إلى مشجب يعلّق المواطن العربي أزمته عليه، بدلا من التّشمير عن ساعديه للكفاح لنيل حقوقه، يكتفي باتهام النواب العرب بالتقصير، وسبب ذلك أن بعضهم ضلّل الناخب، وأظهر له أنّ قضية المساواة تتعلق فقط بأداء النواب، وليس في بنية الدولة العنصرية وقوانينها الأساسية.

الفيسبوك وغيره مليء بعبارات أين النواب العرب، وماذا فعل النواب العرب، وعلى ماذا اختلفوا؟

صار المواطن يردّد ادعاء السلطة بأن النواب العرب مشغولون بقضايا الضفة الغربية وغزّة ومهملون لقضايا ناخبيهم الحياتية! حتى جاء من ادعى أنه لن يهتم بالسِّياسة ويريد تحقيق إنجازات مدنية، وعلى هذا الأساس قبل بشروط الائتلاف الحكومي وبقوانين تتناقض مع حقوق المواطن العربي.

وعلى الرغم من هذه التنازلات الهامة وخصوصًا الاعتراف بيهودية الدولة لم يتحقّق لهذا التوجه ما وُعد به! لأن قانون يهودية الدولة الذي اعترف به يعني ترخيصًا أقل للبناء للعرب، ويعني وصلات كهرباء أقل، وهدمًا وغرامات أكثر! ولهذا بقيت الوعود حبرًا على ورق.

هكذا أصبح القليل الذي كان يحصل عليه العرب مشروطا بتنازلات جديدة تزيد من شهية التطرف أكثر وأكثر.

الحكومة الحالية هي نفسها التي تطلق يد المستوطنين وتساندهم. وهي نفسها التي لا تحقق بجرائم يرتكبها جنود وشرطة الاحتلال.

أثناء عمل هذه الحكومة قُتلت الصحافية شيرين أبو عاقلة وشُوّهت التحقيقات وجرى اعتداء على جنازتها بصورة استفزت العالم كله، ولم يعاقب أي مسؤول، لأن الأمر مبرمج لضرب أي كل رمز فلسطيني.

في ظل هذه الحكومة قُتل أطفال، والجريمة مثلما هي.

كل الأطياف المعروضة كانت في السلطة، كلهم أمسكوا بزمام القرار، ولم يبنوا مستشفى واحدًا في بلدة عربية، واستبعدوا قيام جامعة عربية، ولم تُبن بلدة واحدة للعرب، بل هُدمت آلاف المنازل، خصوصًا في النقب وما زال هذا النهج مستمرًا.

بعد الانتخابات سنواجه واقعنا بغض النظر عمن سيشكل الحكومة.

سنبقى مع ضائقتنا المبرمجة الممنهجة، وسنبقى نسمع عن شهيد أو أكثر في كل يوم، وعن قتيل ضحية لجريمة عنف.

أجهزة الشرطة ستبقى هي نفسها.

الجريمة التي أتاحتها السلطات بدون عقاب ستبقى هي نفسها.

هذا يعني أن الوسائل القديمة أثبتت فشلها، وأي إنجاز تحقّق في الماضي لم يكن إلا نتيجة الضغط ونضال الجماهير.

بعد الانتخابات بيوم واحد بغض النظر عن النتيجة، جميعنا سنكون تحت وطأة سياسة الاضطهاد، من النقب إلى الجليل.

جميعنا مصنّفون درجة ثالثة، لمجرّد وجودنا.

هذا الواقع لا يمكن مواجهته إلا بتحدي المشروع كله بالتصعيد السّياسي، محليًا ودوليا، من خلال فضح هذه العنصرية في المنابر الدولية القادرة على الضَّغط، مثل الاتحاد الأوروبي، وهذا يلزمنا بإعادة دور النائب العربي النضالي في فضح هذه السياسات وليس بث الدخان والسّراب حول حقيقتها.

فلنحترم بعضنا بعضًا، لأننا في المركب ذاته، وسنحتاج لوحدتنا أكثر من أي وقت مضى في مواجهة السُّلطة وما تعده لنا من سياسات عنصرية.

اقرأ/ي أيضًا | العنف المُتاح..

التعليقات