23/03/2023 - 14:12

رد على مقال سهيل كيوان

نوافق سهيل كلّية، ونضيف ما قلناه في اجتماعاتنا العامّة وفي أكثر من مناسبة، مِن أنّ لا حقّ أخلاقيّ ولا أدبيّ لكاتب أو شاعر يطالب قوانا السياسيّة بالشراكة والوحدة وهو يشقّ الصفوف، وفقط لأنّه فشل ديموقراطيّا في تبوّء موقع أو مركز،

رد على مقال سهيل كيوان

الوقفة الأولى... مع التسميات

نشر الكاتب سهيل كيوان على موقع عرب 48 يوم 12 آذار/ مارس الجاري مقالًا حمّله العنوان "لماذا اتّحادان للكتّاب والشعراء"؛ وفي العنوان الثانوي جاء "وجود اتّحادين يحول دون انضمام كثيرين من الكتّاب لأيّ من الاتّحادين وذلك منعًا للإحراج".

حقّ القارئ عليّ أن يعرف أنّ محادثة طيّبة تمّت بيني وبين الكاتب سهيل كيوان حول المقال وما جاء فيه، وفي صلبها كان ادعائي بأنّ المقال حوى الكثير من المغالطات. والأهمّ أنّ في صلب محادثتنا كان أنّ اقترحت عليه وما دام الأمر يقلقه، أن يبادر و"محرَجون" آخرون لوحدة الحراك الثقافي، فالمنتديات والنوادي أكبر من تُحصى. وقد وعدته أن نتقبّل نحن في الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين - الكرمل 48 المبادرة، إن أطلقها، برحابة صدر... فقال إنّه سيدرس الأمر.

اقتباسنا لمصطلح "اتّحاد" من أقوال الكاتب كيوان هو فقط لأمانة الاقتباس، وليس في ذلك أدنى اعتراف بوجود اتّحاد على الساحة غير الاتّحاد العام الكرمل 48، والإطار القائم الذي يتحدّث كيوان عنه هو مجموعة منشقّين عن الاتّحاد على خلفيّة نتائج المؤتمر يوم 11 كانون الأوّل/ ديسمبر 2021 وفشلهم في الوصول إلى مواقع نافسوا عليها، ومن هنا جاءت علامات التعجّب.

الوقفة الثانية... مع لماذا نردّ

لا يهمّنا لا من قريب ولا من بعيد ما تناوله الكاتب كيوان من مصطلحات أو وقائع مدّعاة أو غير دقيقة بالمبدأ، ما يهمنّا فيها هو حين طالت المصطلحات أو الوقائع المدّعاة اتّحادنا أو المشهد العام، لا هذا الانشقاق، ولا هذا التكتّل، ولا ذاك، ولا هذه المجموعة ولا تلك. ومن هنا سنتناول الأطروحات من هذا الباب وحسبما جاءت في المقال.

أوّلا: يكتب سهيل أنّ في الاتّحاد الأوّل (الكرمل 48) بضع عشرات من الكتّاب والشعراء. حين أشرت في المحادثة أعلاه: "من أين لك ذلك؟!"، أجاب: "لم أكتب بحثًا كي أتحرّى!".

عدد أعضاء الكرمل 149 عضوًا وخلال هذا الأسبوع بحثت لجنة القبول ثلاثة (3) طلبات وأقرّتها وما زالت أربعة (4) طلبات قيد التداول. سهيل كيوان وكلّ معنيّ يستطيع أن يعاين قائمة عضويّتنا ومتى شاء وسنضعها وطلبات الانتساب الموقّعة أمامه.

ثانيًا وعطفًا على محاولته التشبيه بين غير متشابهين: اتّحاد الكرمل 48 هو الجسم الوحيد على الساحة من أجسام مشهدنا الفكري والسياسي والاجتماعي، الذي يجمع كافّة أطياف أبناء شعبنا؛ الفكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة في بوتقة من التكامل والتكافل الوطني والأدبيّ في صلبه.

الوقفة الثالثة... مع المحرجين!

ثالثًا وعن التمنّع لدى البعض من الكتّاب والشعراء من الانضواء تنظيميّا بسبب الفرقة: نقول إنّ يوم 9 شباط/ فبراير 2019 شهد وحدة في الحركة الثقافيّة عندنا لم يشهدها مشهدنا تاريخيّا (لاحقًا سنجيئ على ما يدّعيه سهيل في هذا السياق)، ولم نر أنّ الكاتب كيوان انضمّ إلى هذه الوحدة، لا هو ولا من يقول عنهم وباسمهم: "الوحدة ستدفع بكل أولئك الذين اختاروا الحياد بأن ينضموا، وهم لهم وزنهم الكبير كمًّا ونوعًا، إلا أن هؤلاء نأوا بأنفسهم عن الاتحادين، خشية تصنيفهم مع هذا ضد ذاك، أو مع ذاك ضد هذا".

يضيف كيوان: "في ثمانينيات القرن الماضي كان هناك اتّحاد للكتاب والشعراء العرب في إسرائيل ترأسه الشاعر سميح القاسم تلاه الكاتب محمد علي طه، وكانت كذلك رابطة الكتاب والشعراء الفلسطينيين برئاسة الشاعر جمال قعوار ... إلا أنَّ روح المسؤولية تغلّبت لدى الطرفين، وجرت مفاوضات نشأ عنها مؤتمر احتفالي واتّحاد جديد شمل جميع الكتاب والشُّعراء الراغبين في أن يكونوا ضمن إطار تنظيمي... وفي معايير صارمة للعضوية".

هذا الاتّحاد الذي يتحدّث عنه سهيل لم يتعدّ الجلسة الاحتفاليّة. هكذا يقول محمّد علي طه وعطالله جبر اللذين كانا الفاعلين (مع أل التعريف) في المشهد الذي يتحدّث عنه سهيل، وذلك في بحث أجريته حول تاريخ التنظيمات الأدبيّة في أراضي 48.

أمّا عن معايير العضويّة، فيكتب كيوان: "وزاد عدد أعضائه عن المئة كاتب وشاعر، وضم أكثر الشعراء والكتاب الفاعلين على السّاحة الثقافية، وفي معايير صارمة للعضوية". جاء هذا في سياق حديثه عن "هبوط المعايير" في حالنا. كيوان يقع مرّة أخرى هنا في مغالطة تنفيها الوثائق قبل الواقع، فعن أيّ معايير صارمة يتحدّث كيوان؟!

جاء في النظام الداخلي لـ"اتّحاد الكتّاب العرب في إسرائيل" (سميح القاسم ومحمّد علي طه مثلما يذكر)، في البند 3 للمادة الرابعة أنّ الشرط؛ كتابًا أو 15 مادّة أدبيّة. وفي النظام الداخلي للاتّحاد العام الكرمل 48 جاء في المادّة 4(أ) أنّ الشرط كتابًا أو ما يعادل كتابًا... فأين وجد كيوان الصرامة في القبول من عدمها؟!

وعينيّا هو مدعو لمعاينة قائمة العضويّة في الكرمل 48، وإن وجد عضوًا لم يصدر كتابًا أو ما يعادل كتابا، نعده أن نلغي عضويّته!

الوقفة الرابعة... مع التأسيس وإعادة التأسيس!

رابعًا: يكتب كيوان عن إعادة التأسيس في العام 2010 وانتخاب سامي مهنّا رئيسًا، وعن تأسيس مرّة أخرى انتخب فيه فتحي فوراني رئيسًا (هذا بكلماته). مرّة أخرى يُظهر هذا عدم الدقّة التي ميّزت المقال، وحجّة الكاتب كيوان أنّه لم يكتب بحثًا وإنّما مقالًا لا تشفع. ففي العام 2014 جرت محاولة لإطلاق مؤتمر تأسيسيّ شامل، ولعلّ لنا البيّنة القاطعة في الدعوة التي وجّهها طيب الذكر سلمان ناطور عشيّة اللقاء التحضيريّ يوم 29 آذار/ مارس 2014 في شفاعمرو عن التأسيس من عدمه: "دعوة لحضور الاجتماع العام للكتّاب تحضيرا للمؤتمر الأوّل العام لاتّحاد الكتاب الذي سيعقد لاحقا". إلّا أن اللجنة التحضيريّة فشلت وانطلق اتّحاد الكرمل بمبنى على نسق الحركات والأحزاب القوميّة واليساريّة برئيس فخريّ هو فتحي فوراني، وأمين عام هو كاتب هذه السطور.

خامسًا: الكاتب يمرّ، وكما ذكرنا، مرّ الكرام على الوحدة الشاملة في شباط/ فبراير 2019 والتي فيها توحّد الاتحّاد العام 48 (سامي مهنا) والكرمل (فتحي فوراني وسعيد نفّاع) والتي أثبتت كيانيّتها عملًا تنظيميّا وميدانيّا ثقافيّا لم يسبق له مثيل في حركتنا الثقافيّة، كان سهيل شريكًا حضورًا في الكثير منها. غريب كيف انزلق قلم سهيل عن هكذا حدث إلّا تلميحًا!

الوقفة الخامسة... والتقيّة!

سادسًا: كيوان يحكي عن طرفين في المشهد وعن انقسام، ويقول إنّه لا يعرف الأسباب التي أدّت إليه. يا عزيزي يا سهيل أن تتّبع مبدأ "التقيّة" وهذا ما ميّز كلّ مقالك، فيمكن أن نفهم، لكن أن تطرح نفسك وكأنّك لا تعرف فهذه صغيرة عليك أنت القارئ المتابع والكاتب اللامع.

الاتّحاد الموحّد (الكرمل 48) عقد مؤتمره الوحدويّ الأوّل بعد قرابة الثلاث سنوات من الوحدة الناجحة تنظيميّا وميدانيّا، عقده يوم 11 كانون الأوّل/ ديسمبر 2021 في شفاعمرو بمشاركة 141 عضوًا من أصل 186 عضوًا. ظهرت قبل المؤتمر وخلاله فئة صغيرة أرادت أن تغيّر الدستور بحيث يكون للاتّحاد (مختاران ونائبان لهما)؛ رئيس ونائب رئيس وأمين عام ونائب أمين عام، ورشّحت للـ"موْقِعين" مرشّحَين ونافسا وفشلا، ولو صار لها هذا وكان لها (مختار ونائب) لما كنت كتبت مقالك هذا!

وأمّا الوقائع، فالاتّحاد عقد جلسة خاصّة للمؤتمِرين للبحث في هذا الاقتراح، وتمّ طرحه وتعليله على يد أصحابه من هذه الفئة بكامل الحريّة والديموقراطيّة، وجرى التصويت السرّي عليه أمام ثلاث لجان صناديق، وكانت النتيجة أن رُفض الاقتراح بأكثريّة %77. وتابع المؤتمر أعماله وتنافس من تنافس منهم ونجح من نجح، وبارك من فشل لمن نجح، وبعد شهرين قرّر الفاشل الانشقاق، ليس قبل أن يملأ الدنيا سيلًا من ضجيج الاتّهامات، وما زال!

هذا الذي لا يقول الكاتب سهيل كيوان إنّه لا يعرفه.

الوقفة السادسة... مع الوثائق المفتوحة وبيت القصيد

أعلنّا حينها، ونعود ونعلن أنّ وثائق المؤتمر مفتوحة أمامك يا سهيل كيوان إن قرّرت أن تطلق مبادرة وإن لم تقرّر، ومفتوحة أمام أيّ باحث أو صحافي أو معني.

وأخيرًا يكتب سهيل:

"في الوقت الذي يكتب معظم شعرائنا وكتابنا عن الوحدة الضرورية بين جميع الفصائل الفلسطينية، فإن الكتّاب والشعراء لم يستطيعوا الترفّع عن خلافات صغيرة وتوحيد صفوفهم".

نوافق سهيل كلّية، ونضيف ما قلناه في اجتماعاتنا العامّة وفي أكثر من مناسبة، مِن أنّ لا حقّ أخلاقيّ ولا أدبيّ لكاتب أو شاعر يطالب قوانا السياسيّة بالشراكة والوحدة وهو يشقّ الصفوف، وفقط لأنّه فشل ديموقراطيّا في تبوّء موقع أو مركز، ومهما بلغت "جرأته" في تحوير الوقائع وإن صفّق له نفرٌ.

هذا بيت القصيد والباقي زبد!


*الأمين العام للاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين - الكرمل 48

التعليقات