30/04/2023 - 19:53

"جمعيّة العمّال العربيّة الفلسطينيّة في حيفا" لأبي ماهر اليماني

هنالك ضبابية لشحِّ المعلومات عن الطبقة العاملة وتنظيمها قبل النكبة، فمعظم ما يصل الأجيال اللاحقة، يتعلق بالهجرة اليهودية إلى فلسطين وفي المواجهات العسكرية وثورة  1936، وبقرارات الأمم المتّحدة وموقف بريطانيا وأميركا والاتحاد السوفييتي وجامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية.

صيّادون في حيفا، عام 1920 (توضيحية - Getty Images)

يحتفل العالم في الأول من أيار من كل عام بيوم الطبقة العاملة. هذا يعني في الأساس الطبقة العاملة في البلدان التي تحرَّرَت من الاحتلال الأجنبي، وباتت هذه الطبقة منظّمة ولها نقابات تطالب بحقوقها، وتنظمّها دفاعًا عن مصالحها.

وهي مناسبة لمراجعة تاريخ الحركة العمالية في فلسطين قبل النكبة، التي حُرم شعبها من الاستقلال، وما يزال يرزح تحت الاحتلال.

هنالك ضبابية لشحِّ المعلومات عن الطبقة العاملة وتنظيمها قبل النكبة، فمعظم ما يصل الأجيال اللاحقة، يتعلق بالهجرة اليهودية إلى فلسطين وفي المواجهات العسكرية وثورة 1936، وبقرارات الأمم المتّحدة وموقف بريطانيا وأميركا والاتحاد السوفييتي وجامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية.

اتسعت الطبقة العاملة بصورة كبيرة مع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين، إذ أن بريطانيا احتاجت إلى اليد العاملة في مشاريعها الكبيرة مثل توسيع ميناء حيفا والعمل فيه لتحميل البضائع واستقبالها، وتطوير سكك الحديد، والعمل في مخازن السّلاح في المنطقة المعروفة بالعزيزية جنوب حيفا، خصوصًا مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وفي مصفاة البترول في حيفا، وغيرها.

هذا تزامَن مع فقدان الكثيرين من الفلاحين الفلسطينيين لمصادر معيشتهم، وخصوصًا أولئك الذين كانوا يعملون في الزراعة في أراضي إقطاعيين باعوا أرضهم للحركة الصهيونية، الأمر الذي جعل كثيرين منهم يتوجهون إلى المدن طلبًا للرزق.

أحمد اليماني (أبو ماهر) 1924 -2011، ألفّ كتابًا تحت عنوان: "جمعية العمال العربية في حيفا"، صادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية. الطبعة الأولى صدرت عن دار كنعان دمشق 1993. الطبعة الثانية بيروت 2018.

قدّم للدراسة ماهر الشريف. اعتمد أبو ماهر اليماني في بحثه على مصادر الجمعية نفسها فقد كان عضوًا فيها ومثل بلده سحماتا، وعاصر كثيرين من منتسبيها ونشطائها في فلسطين قبل النكبة وخارجها بعد النكبة، وسمع منهم وعرف الكثير، وهو من مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

غلاف كتاب "جمعية العمال العربية في حيفا" (Getty Images)

يحوي الكتاب تسعة فصول وملاحق. يستعرض الكاتب في الفصلين الأول والثاني مساحة فلسطين وأقسامها ثم البنية الاجتماعية في فلسطين.

وفي الفصل الثالث يستعرض نشوء الحركة العمالية في فلسطين وتطوّرها؛ الفلاحون والزراعة، والحِرف الصناعية والعاملون فيها، والسياسة البريطانية إزاء العمال العرب، ونادي عمال سكة الحديد العرب، واللجنة الأخوية للعمال العرب، ودور الشيخ عز الدين القسام الذي كان خطيبًا في مسجد الاستقلال في الحث على تأسيس النقابة، وموافقة بريطانيا على تأسيس الجمعية.

في 21 آذار/ مارس عام 1925، وقد تحول هذا اليوم إلى عيد وطني في فلسطين إلى جانب الاحتفال في الأول من أيار/ مايو بيوم العمال العالمي.

الفصل الرابع

- قانون جمعية العمال العربية الفلسطينية.

الفصل الخامس

- مراحل تطور الحركة العمالية في فلسطين.

- المرحلة الأولى من 1925 الى 1935 -مرحلة البناء والتثقيفز

- المرحلة الثانية 1936-1939ز

- المرحلة الثالثة 1940- 1948.

الفصل السادس

- الاعتراف الدولي بالجمعية.

- الوثبة التنظيمية.

الفصل السابع

- افتتاح المؤتمر الثاني 29-30-8-1946

- انتخاب لجان المؤتمر.

- قرارات المؤتمر.

الفصل الثامن

- تفصيل أبحاث المؤتمر وقراراته، وكلمات.

الفصل التاسع

- الهيكل الإداري للجمعية.

- الملاحق.

في أواخر 1947 كان للجمعية 65 فرعًا في مختلف المدن والبلدات الفلسطينية، وضّمت 120 ألف عضوٍ.

خاضت النقابة عشرات الإضرابات مطالبةً بحقوق العمال، مثل تحديد ساعات العمل بثماني ساعات في اليوم ،وعطلة أسبوعية مدفوعة الأجر، وإجازة سنوية مدتها سبعة أيام، إلى جانب المطالبة بزيادة الأجور، وأصدرت صحيفة "العامل العربي".

اعتبرت الجمعية منافسًا للهستدروت التي زعمت تمثيلها لجميع العمال في فلسطين: اليهود والعرب، وقد برز الخلاف على من يمثل الطبقة العاملة في فلسطين في المؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العالمي الذي عقد في باريس 1945 وحضره ممثلون عن "الهستدروت" وعن "جمعية العمال العرب" وعن"مؤتمر العمال العرب".

كان الكاتب قد أّلف الكتاب لذكرى النقابي الفلسطيني سامي طه، أمين عام الجمعية، وقد خصص الكاتب ملحقًا يتعلق بحياته.

عاش سامي طه في حيفا التي قدِم إليها من عرابة جنين مع والدته، وكان من مؤسسي النقابة وأصبح أمينها العام. عمل على إنشاء صندوق تسليف وتوفير للعمال وعلى إنشاء تعاونيات، ومثّل الجمعية في الهيئة العربية التي أشرفت على إضراب 1936، وقد اعتقل عام 1937 على يد الإنجليز إداريًا، لمدة ستة أشهر.

مثّل النقابة في مؤتمر الأحزاب العمالية في لندن عام 1945، وشارك في الهيئة العربية العليا في مؤتمر بحث قضية فلسطين عام 1947 في لندن.

اغتيل في 11 أيلول/ سبتمبر عام 1947 في حيفا، أمام بيته في الحليصة.

لم يعرَف من وقف وراء اغتيال سامي طه، ولكن يستنتج أبو ماهر اليماني أن الهيئة العربية العليا ممثلة بالحاج أمين الحسيني وقفت وراء اغتياله لخلافات ظهرت بينهما قبل سفره إلى لندن.

وقد دُفن في مقبرة القسام في بلد الشيخ، وكانت جنازته من أكبر جنازات عرفتها فلسطين في تاريخها.

اقرأ/ي أيضًا | كم أنت عظيمةٌ يا باقة الأزهار..

التعليقات