12/03/2024 - 09:29

تحية أمَميّة...

العار لأنظمة مصر والأردن والسّعودية والإمارات، وليس للبرازيل ولا لجنوب إفريقيا وفنزويلا وإيرلندا وإسبانيا وغيرها من دول العالم. العار لجامعة الدول العربية التي يمثلها أبو الغيط، العار للعرب أوّلا وعلى رأسهم مصر لأنّها الأكثر تأثيرًا لو شاء حاكمها أن يؤثّر

تحية أمَميّة...

فعل أصحاب القرار في بلدية أريحا خيرًا، إذ أطلقوا اسم الطّيار الأميركي، أورن بوشنل، على أحد شوارع المدينة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

بهذا القرار يثبت الفلسطينيون أنهم لا يتنكرون لمن وقف ويقف معهم، في مختلف مراحل الصراع.

وكان بوشنل قد أحرَق نفسه أمام السَّفارة الإسرائيلية في واشنطن في الخامس والعشرين من شباط الماضي تضامنًا مع أهالي قطاع غزة، واحتجاجًا على حرب الإبادة وعلى الموقف الأميركي الرّسمي المؤيّد والمتواطئ حتى الشراكة مع الاحتلال، واستخدام حق الفيتو لمنع أي قرار بوقف الحرب.

أبرق الطيار الأميركي للعالم بأن الأمل بوجود قوى خيّرة في أميركا وإن كانت أقلية. هذه القوى وهؤلاء الأفراد يجب نتوقف عندهم، لأنهم يمثّلون الجانب المضيء من البشر الذين لا يحلمون عنصرية ولا ضغينة واستعلاءً تجاه الآخرين، ويسعون بما أوتوا من قوّة إلى تحقيق العدل وأن يكونوا متصالحين مع أنفسهم.

لم تحظ قضية أخرى بمثل ما حظيت به قضية فلسطين من التضامن الدولي الواسع والمستمرّ، رغم الدعاية الصهيونية القويّة وسيطرتها على أكثر وسائل الإعلام الكبرى.

لقد سبق وأن وقفت المواطنة الأميركية راشيل كوري في وجه جرافة للاحتلال في قطاع غزة عام 2003، وما كان من سائق الجرافة إلا وأن دهسها لتقضي نحبها في وقفة مشرّفة في وجه الدّمار والوحشية والعنجهية الاحتلالية الصهيونية.

في بداية هذه الحرب حظيت إسرائيل بدعم واسع من دول العالم، ولكن ما لبثت أن بدأت جرائم الحرب ونواياها الحقيقية تتكشف، وبدأت الرياح تهبُّ عكس رغبة الاحتلال، فقد خرجت وما زالت تخرج مظاهرات عارمة في شتى بقاع الأرض انتصارًا لأهل قطاع غزّة، وهي أكثر عددًا وأفضل تنظيمًا من المظاهرات التي جرت في الدّول العربية، باستثناء مظاهرات اليمن ذات الأعداد الهائلة المستمرّة أسبوعيًا، والتي تصدّق عليها من خلال تشويش الملاحة في باب المندب كوسيلة ضغط على الاحتلال.

التضامن الأممي مهمٌ جدًا لأيّة قضية، وترتقي من كونها قضية الفلسطينيين والعرب، إلى أن تكون قضية العالم، وقضية شعوب وضمير إنساني، وليس بما تمليه مصالح الأنظمة وتوجُّهاتها.

دول كثيرة ألقت بثقلها إلى جانب الحقّ الفلسطيني، على رأسها جنوب إفريقيا المتحرّرة حديثا من نظام الأبارتهايد، وتقود حملة محاكمة إسرائيل بدعم دول يقودها أحرار ومتحرّرون من الإملاءات الأميركية والصهيونية.

القضية الفلسطينية باتت حالة إنسانية في كل مكان، فما يجري في فلسطين، لا سابق له في التاريخ، فعمليات التّطهير العرقي بالتقتيل والتجويع تجري تحت سمع ونظر العَرب والعالم.

هذا العار ليس على البشرية كلها كما قال أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الذي يخلط الأمور والمواقف للتهرّب من المسؤولية، فالبشرية ليست كلّها سواء في موقفها من هذه الحرب، فهناك عشرات ملايين يتظاهرون، ويقيمون النشاطات الفنية ويحتجون بشتى الصوّر حتى في عروض الأزياء، ولكن الخزي والعار للأنظمة العربية التي تمنع التّظاهر، وتمنع خطبة الجمعة، وحتى الكوفية والعلم تضامنًا مع شعب فلسطين.

أبو الغيط لم ينطق بالحقيقة بأنّ أميركا هي التي تمنع بحق النقض وقف إطلاق النار وليس البشرية.

العار لأنظمة مصر والأردن والسّعودية والإمارات، وليس للبرازيل ولا لجنوب إفريقيا وفنزويلا وإيرلندا وإسبانيا وغيرها من دول وشعوب العالم.

العار لجامعة الدول العربية التي يمثلها أبو الغيط، العار للعرب أوّلا وعلى رأسهم مصر لأنّها الأكثر تأثيرًا لو شاء حاكمها أن يؤثّر، ولكنه في الجانب الآخر من المتراس المعادي لشعب قطاع غزة.

الشُّعوب العربية مقموعة، وعندما حاولت التحرر قُمعت بالحديد والنار.

الشعوب العربية مُضلّلة من خلال إعلام مجنّد للأنظمة، ومن خلال شيوخ وصحافة وإعلاميين في خدمة السُّلطان.

لا شأن للشعوب العربية بأيّة قرارات، فهي تُؤخذ وتطبّق من قبل قيادات لم تنتخبها شعوبها أصلا، بما في ذلك عبد الفتاح السّيسي المُنقلب على السُّلطة الشّرعية.

لهذا فإن الصرخات اليائسة، مثل أين العرب؟ وأين الزعماء العرب وغيرها، هي صرخات في واد؟

بعد قيام هذه الأنظمة بدورها القذر تسمح لها أميركا وقيادة الاحتلال بإلقاء المساعدات الغذائية من الجو على شمال قطاع غزة المتضوّر جوعًا بعد الحصار الطويل، وذلك للظهور بمظهر المناصر لأهل قطاع غزّة وتبييض وجوههم أمام شعوبهم، وللظهور بمظهر من قام بواجبه الإنساني والأخلاقي، ولكن هيهات، فشمس الحقيقة لا تحجب بمظلّة عشوائية.

التعليقات