17/04/2020 - 19:53

أزمة البيض في السوق: كورونا وإمكانيّة تمكين مجتمعنا اقتصاديًا

نتجَ عن أزمة كورونا عدّة تغيّرات في نمط حياتِنا اليوميّة، أهمّها البقاء في الحجر الصحّي في المنزل، وبرزت مسألة إعداد الطعام، كأمر أساسيّ بعد أن كان اعتماد كبير على المطاعم والمراكز التجارية والأكشاك، سواء في الجامعة أو في العمل أو

أزمة البيض في السوق: كورونا وإمكانيّة تمكين مجتمعنا اقتصاديًا

توضيحيّة

نتجَ عن أزمة كورونا عدّة تغيّرات في نمط حياتِنا اليوميّة، أهمّها البقاء في الحجر الصحّي في المنزل، وبرزت مسألة إعداد الطعام، كأمر أساسيّ بعد أن كان اعتماد كبير على المطاعم والمراكز التجارية والأكشاك، سواء في الجامعة أو في العمل أو في المدرسة، ما يبيّن أن التغيّر في هذهِ الأمور ووجوبِ البقاء في المنزل، فرضَ علينا وأعاد إلينا؛ إمكانيّة إعداد طعامنا، يتضمن الفطور والغداء والعشاء.

ويرتبطُ ذلكَ بالسوق، من خلال المقياس الأساسي بين العرض والطلب، بما أن فيروس كورونا المستجدّ أتاح لنا إمكانيّة إعداد طعامنا وعدم اعتمادنا في الصباح على القهوة والكعك أو وجبةٍ سريعة في المتاجر بجانبِ مكان العمل أو التعليم، بالتالي عاد البيض كجُزء أساسي من فطورنا، ما يعني أن الطلب يزداد عليهِ، طالما البدائل الأخرى غير متاحة، وبالتأكيد الأمر يتضمن الغداء والعشاء وآلاف العائلات العربيّة، واليهوديّة في فلسطين.

والأمر يتعقّد أيضًا حينَ نُضيف عامِلا آخر لنقص البيض في السوق، هو فقدان المجتمع العربيّ الفلسطيني ميّزات الفلاحة والزراعة وتربيّة الحيوانات، التي كان من المُمكن الاعتماد عليها في فترةٍ عصيبةٍ كهذهِ. ولكن الاحتكار والسيطرة المُطلقة لـ"وزارة الزراعة الإسرائيليّة" و"نقابة مربي الدواجن" وضعت مُجتمعنا في حالةٍ مربكة، علمًا أن الوزارة تُنظّم سعر البيض بناءً على مُراقبتها للعرض بشكلٍ عامّ في الأسواق، سواء البيض الذي ينتج هُنا أو المستورد، بالتالي من الممكن تحديد سعر البيض، ومع ذلك يبقى سعر البيض عاليًا يتراوح للصندوق (12 بيضة) بين 10- 12 شيكلا.

توضيحيّة

وتستورد إسرائيل البيض من ثلاث دول فقط، إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، بسبب معايير جودة البيض، وتمّ خفض الإنتاج في كلّ من الدولتين إسبانيا وإيطاليا بسبب أثر فيروس كورونا على الإنتاج هناك، ما يعني أن استيراد البيض، أصبح أمرًا إشكاليّا إسرائيل. وحاولت إسرائيل استيراد البيض من دولةٍ رابعة وهي أوكرانيا.

وتعالت أصوات المعارضة لهذهِ الخطوة من جهتين؛ الأولى من منظمة "التفتيش البيطريّة" التي ادعت أن جودة البيض منخفضة في أوكرانيا، ولكن بالمقابل صدرَ تقرير في موقع صحيفة "ماكور ريشون" في تاريخ 2 نيسان/ أبريل الجاري، يبيّن أن جودة البيض المُنتج في إسرائيل أيضًا منخفضة. والجهة الثانيّة التي عارضت، هي "نقابة مربي الدواجن" بسبب الضرر اللاحق لهذهِ الخطوة، على الزراعة في الدولة وأرباحهم.

ويتضّح أن ازدياد الطلب على البيض إثر أزمة كورونا، رافقه توقف عن العمل بوتيرة عادية في جميع جهات الإنتاج والاستيراد المسؤولة عن العرض. وبما أن الاعتماد الأساسي لمقياس العرض والطلب يرتبط بالقوى المنتجة؛ التي توقّفت عن العمل أيضًا بسبب الفيروس المستجدّ، مما يجعل السوق ذاتها متوقفة عن النموّ وتراكم الربح.

فيروس كورونا يوضّح لنا الأزمة التي نعيشها من خلال البيض، نمط حياتنا أصبحَ متعلّق في وزارة الزراعة والأجسامِ الأخرى، بالتالي لا نستطيع أن نبني نمط حياة جديد في طعامنا وفي مجتمعنا، وبالتالي سنعود لنمط حياتنا السابق "الأصلي" بعد انتهاء أزمة كورونا، ما يعني أن النظامِ ذاتهِ يعكس قدرتهِ على إنتاجِ ذاتهِ من جديد بعد إنتهاء الأزمة، طالما البيض وأمورٍ عديدة لا نستطيع مُمارستها في ظلّ فترة الأزمة، وتعطيل إمكانيّات بناء نمط حياة جديد.

تربية الدواجن والزراعة والفلاحة كميّزات اجتماعيّة فلسطينيّة تمّ هدمها في سياقٍ تاريخيّ منذُ بداية القرن العشرين، نحتاجُ لاستعادتها، لتمكين مجتمعنا اقتصاديًا، بدءًا من تربية الدواجن وإنتاج البيض، ليمكّننا تخطي الأزمات، ويتيح لنا تغيير نمطِ حياتنا، الذي توقفه الدولة الاستعماريّة، وتتمكّن بذلك من إعادةِ إنتاجِ ذاتها وتمنع منّا خيارنا السياديّ على أرضنا وطعامنا ومجتمعنا.

التعليقات