بايدن لن يغير جلده

على الرغم من حالة الاحتفاء، أو تنفس الصعداء عقب تنصيب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن خلفًا لدونالد ترامب، إلا أن انصراف الأخير من المشهد العالمي لن ينعكس بالضرورة بشكل إيجابي على الواقع العربي عمومًا وعلى القضية الفلسطينية بشكل خاص. فمن

بايدن لن يغير جلده

جو بايدن وزوجته (أ. ب.)

على الرغم من حالة الاحتفاء، أو تنفس الصعداء عقب تنصيب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن خلفًا لدونالد ترامب، إلا أن انصراف الأخير من المشهد العالمي لن ينعكس بالضرورة بشكل إيجابي على الواقع العربي عمومًا وعلى القضية الفلسطينية بشكل خاص. فمن السذاجة الاعتقاد بأن بايدن سيسعى للعودة إلى الوراء عن قرارات أميركية حاسمة في صالح دولة الاحتلال، ولا سيما ما يتعلق بنقل السفارة الأميركية إلى الشطر الغربي من القدس المحتلة، أو الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتلة.

ويبدو أن إدارة بايدن، كما اتضح من اتصالات سابقة للمقربين منه قبل تنصيبه هذا الأسبوع، ستسعى إلى تخفيف وطأة هاتين الخطوتين، وتمضي في محاولة واضحة لإعادة السلطة الفلسطينية إلى حلقة جديدة من مسلسل العملية السلمية الذي بدأ رسميًا في مدريد قبل نحو ثلاثة عقود، ثم تعثر مرة تلو الأخرى بفعل عناد الاحتلال الإسرائيلي، حتى في أوج "الفترة الذهبية" لهذه العملية، في السنوات الأولى لاتفاق أوسلو وسط دعم وانحياز أميركيين لإسرائيل.

وعلى مر العقود الثلاثة الأخيرة، وبالرغم من نقض دولة الاحتلال، المرة تلو الأخرى لأسس "العملية السلمية" ولبنود اتفاق أوسلو، لم تتخذ الإدارات الأميركية المتعاقبة، ومن ضمنها إدارة باراك أوباما على ولايتيها، خطوة حقيقية واحدة لإلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه حتى في إعلان المبادئ لأوسلو، باستثناء مرة واحدة امتنعت فيها إدارة أوباما عن استخدام حق النقض لقرار مجلس الأمن الذي يدين الاستيطان عام 2016 قبل أسابيع من نهاية عهد أوباما.

وإذا كان أقصى ما قدمته إدارة أوباما التي وصفت بالعداء لإسرائيل، هو الامتناع عن استخدام حق النقض لقرار يدين الاستيطان الإسرائيلي، فإنه من المستبعد أن يمضي بايدن، الذي قضى في السياسة الأميركية أكثر من 4 عقود، أبعد من ذلك. على العكس من ذلك، فإن الإشارات الأولى تفيد بأنه سيسير على خطى بيل كلينتون أكثر مما سيواصل نهج أوباما، وأن يستدرج الفلسطينيين من جديد لعملية سلام طويلة الأمد، تحت شعار حل الدولتين، من دون أن يكون في وارده التلويح بعصا غليظة في وجه دولة الاحتلال، عندما ينتقل لتحريك الملف الفلسطيني. ويتفق كثر من المراقبين والعارفين ببواطن السياسة الأميركية وأحوال الولايات المتحدة بعد ترامب، على أن الملف الفلسطيني سيكون في أدنى سلم أولويات بايدن، خصوصًا في ظل غياب أي ضغط عربي لصالح الموقف الفلسطيني، بل اتجاه واضح لمنح الأولوية لتثبيت اتفاقيات تطبيع منفردة تضطر الفلسطينيين إلى تقديم تنازلات والعودة للمفاوضات بشروط سيئة تزيد من ضعف موقفهم.

التعليقات