31/10/2010 - 11:02

إفلاس بنك الأهداف الإسرائيلي.. والعربي!../ نزار السهلي*

إفلاس بنك الأهداف الإسرائيلي.. والعربي!../ نزار السهلي*
يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسبوعه الثاني وعاما جديدا مضافا إلى سنوات العدوان الطويلة التي مارستها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والعربي، منذ نكبته الأولى مع مزيد من حرب الإبادة والمجازر اليومية، مفتتحا حربه البرية والبربرية ضد القطاع بمجزرة في مسجد الشهيد إبراهيم المقادمة وما تلاها من مجازر حتى كتابة هذه السطور مستهدفا كل قطاعات الشعب الفلسطيني في غزة وبنيته التحتية بدمار واسع
سقطت معها ذرائعه التي حاول الترويج لها وتبناها النظام الرسمي العربي من أن ذريعة الصواريخ هي أساس البلاء في مشكلة غزة.

الانطباع الذي يقودنا إلى التركيز مليا في حالة العجز التي دخلتها المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية،
مقابل الصمود الأسطوري الذي سجله الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحرب البربرية التي يقودها أقوى جيوش العالم ضد شعب أعزل لا يمتلك سوى إرادته وصموده، برغم الدمار والمجازر وآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ التي تنهمر على أطفاله وشيوخه ونسائه في محاولة للنيل من ذهنية المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، وهو الهدف غير المعلن من العدوان والذي يعرفه كل مواطن في الشارع العربي وغير العربي.

تلك الحالة من العجز الذي كرر النظام الرسمي العربي أيضا تسويقها لدى شعوب المنطقة بمفردات التعبير التي نخرت عظامها عن الواقع المتردي والخيارات المطروحة أسقطتها المقاومة في فلسطين وقبلها في لبنان برغم حملة التجييش التي روجت لأعذار إسرائيلية في حقها بشن العدوان وتحميل المعتدى عليه مسؤولية ما يقع عليه من حرب إبادة.

فرح البعض العربي وفرك يديه استعدادا لسماع أخبار الهزيمة علها تأتي من غزة، متمنيا أن ينجز الإسرائيلي مهمته، وناصحا إياه بعدم تكرار أخطاء حرب تموز والقضاء على حماس سريعا. لكن جاءت الأخبار سريعا من الميدان ومن سكان غزة بسقوط تلك الرهانات الخاسرة، وأعلن بنك الأهداف الإسرائيلي إفلاسه عبر القصف الهمجي والوحشي للقطاع الصامد الذي تجسدت على أرضه الوحدة الوطنية للأذرع المقاومة للفصائل الفلسطينية.

تآكل النظام العربي واجتراره لذاته في مواجهة العدوان وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وضد الشعوب العربية لن يغفر له أمام شعوبه وأمام التاريخ في عملية مشاركته وتآمره الفاضح والواضح في ذبح غزة وشعبها. وبالعودة لسيناريو حرب تموز لبنان 2006 يبرز الاختلاف الواضح أن عملية التآمر في حرب غزة هي فاضحة وعلنية ومقززة حتى للطفل العربي الذي بات يدرك ألف باء معنى المساندة والمؤامرة برغم محاولات الالتفاف على المواقف المعلنة والمبطنة للنظم العربية التي أفلست بنوك أهدافها السياسية والعسكرية المتماهية مع الأهداف الإسرائيلية، والتخلي عن رصيدها الشعبي والوطني في المنطقة وكل محاولات الاستدانة والمعونة التي تطلبها من الأمريكي والصهيوني لن يزيد رصيدها سوى الصفر.

سياسة الغطرسة والقوة والدمار التي انتهجها الكيان الصهيوني ضد شعوب المنطقة وحرب الإبادة الفاشلة ضد الشعب الفلسطيني لن تزيده سوى الإصرار على التمسك بحقه التاريخي في أرضه واستعادة حقوقه التاريخية برغم سياسة التهويد والاستيطان وسرقة تراثه، ولن تنال من عزيمته في مقاومته للاحتلال. وما التفاعل الشعبي في الشارع العربي والدولي الرافض لسياسة العدوان إلا استفتاء على خيار المقاومة كحق تاريخي اكتسبه الشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال وسياسته ومن اتبعها من البعض العربي.

حالة الإفلاس التي أشهرها النظام العربي في وجه شعوبه، وبجسد عاجز عن صد العدوان الصهيوني يعطي جيش الاحتلال المزيد من الوقت لتحقيق المكاسب التي عجز عنها، ويحرج التخاذل العربي عبر خياراته الأمريكية في مجلس الأمن الدولي، رغم التجربة العربية مع المنظمة الدولية وعجزها ووضعها في حجر الزاوية مستترة بظلال من العار تلاحقها منذ نكبة 1948 وحتى اليوم.

الوصف الدقيق إذا لعملية العدوان والحرب على غزة هي استهداف مقاومة الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني وإزاحته من أمام المشاريع المطروحة لتصفية قضيته الوطنية ومشروعه النضالي في مقاومة الاحتلال
الذي رضي البعض الفلسطيني والعربي استبداله بالوهم المقدم من فتات الدولة الموعودة من بوش، ومن سنوات المراوغة التي وعد بها شامير في كلمته الشهيرة في مؤتمر مدريد لجر الطرف الفلسطيني والعربي لعشرات السنوات في دهاليز المفاوضات العقيمة.

أرى اليوم من البعض الذي فاجأه حجم الصمود الأسطوري الذي يسجله الشعب الفلسطيني في سخنين والناصرة والرينة ومجد الكروم وعكا وحيفا وعرابة البطوف وكفر كنا وأم الفحم وباقة الغربية وكل مدينة وقرية في فلسطين 48 والضفة والقطاع، أعاد بعضا منها إلى جحوره، وأطل بعض من جحره المقزز محاولا إلقاء اللوم على الفلسطيني أن لا يصرخ في وقت الحصار، وان لا يدافع عن نفسه في حالة العدوان، والصمت وقت الألم وإعلان الإفلاس وإشهاره.

لكن ليعلم الجميع أن الشعب الفلسطيني هو شعب واحد في شتاته ووطنه على كامل مساحة الوطن من رأس الناقورة شمالا حتى رفح جنوبا، وان رصيده العربي والقومي والأممي تجعله يعتز به ويمكنه أن لا يعلن إفلاسه.

التعليقات