31/10/2010 - 11:02

التسابق والهرولة نحو سوريا!.../ ناصر السهلي

التسابق والهرولة نحو سوريا!.../ ناصر السهلي
قد يعتبر البعض بأن الزيارات المكوكية هذه الايام، التي سبقت وتلت القمة العربية، باتجاه دمشق ما هي الا خطوات عادية في الديبلوماسية الغربية والتي دخلت على خطها الامريكية هذه الايام، إلا أنه في الواقع لا يمكن قراءة هذه التطورات التي تشبه الهرولة نحو العاصمة السورية والتي ترافقت مع تحليلات ومقالات غربية تؤكد على إستحالة الالتفاف على الموقف العربي، وفي مقدمته السوري، في البحث عن صورة أخرى من صور الجمود التي صبغت الحركة السياسية والديبلوماسية الغربية والمدعومة من الاعتدال العربي.. القضية لا تكمن في زيارة هنا وهناك ليستمتع الزائر بكنوز سوريا الاثرية والاطلاع على ما يجري في أزقة دمشق العريقة..

قلنا سابقا ونعيدها اليوم بأن الأزمة الغربية في قراءة القضايا العربية، والتي تحكمت بها العقلية المحافظة في واشنطن وتحالفاتها الفرنسية والاقليمية، ستبحث كما تفعل هذه الايام عن مخرج يبعدها عن حافة الهاوية التي كان وما يزال يدفع بها اليمين المحافظ الامريكي بطريقة هوجاء سمتها الارتباك والتمني على الجبهات الفلسطينية والسورية واللبنانية.. الانطلاق من العراق ومحصلة ما جنته تلك السياسات التي فشلت فشلا ذريعا في تحقيق ما يمكن أن تقدمه للمنطقة يحتم على الجانب الغربي الاخر أن يعيد قراءته وصياغته للسياسات الاستراتيجية التي تحفظ ماء الوجه والمصالح.

إذن، لا نشك بأن التسابق والهرولة نحو دمشق يشكل جزءا من حالة الصراع الداخلي للتوجهات الغربية والامريكية التي راهنت كثيرا على وهن اصاب السياسة العربية في الظاهر، قبل أن تكتشف بأنه لا يمكن حفظ المصالح باستعلائية وفوقية ترى في الاخر العربي مجرد مستقبل...

للسوريين قدرة على أن يدافعوا عن مواقفهم وسياساتهم ولا نضع أنفسنا هنا مكان المخطط السوري الذي يدرك الهدف من هذه التحركات الغربية التي تراكمت مؤخرا... لكننا نستطيع وبتواضع شديد أن نقول بأن ثبات السياسة العربية التي انتهجتها سوريا، وتوفر الظروف لوحدة الموقف السياسي الفلسطيني، ومناعة الجبهة اللبنانية الرافضة للاملاءات والمؤامرات الغربية التفتيتية، أجبرت الذين راهنوا على سياسة بوش العقيمة في العراق وفلسطين لتتجه بعض الشخصيات الغربية ( بالرغم من أن البعض لم يحسم مواقفه بعد) نحو حوار من نوع آخر.. ونثق بأن السياسة السورية العروبية لا يمكنها أن تقدم حبل نجاة لبوش المأزوم داخليا وغربيا وعربيا، وإن كان البعض يراهن بخبث سياسي على تقديم الرواية بطريقة ملتوية رغم وضوحها الشديد..

بعض الأقلام تذهب الى حد إفراغ الصورة من محتواها عبر عرض يدعو للسخرية والشفقة عن تغير المواقف القومية لسوريا تجاه عدد من قضايا المنطقة، ومنها مضلع تلك القضايا في فلسطين ولبنان والعراق متناسيا هذا البعض أنه لسوريا أيضا أراضيها المحتلة وهي تتلقى يوميا كما من الحرب النفسية والاعلامية التهديدية وعرض العضلات في مناورة هنا وهناك.

لم تجد الأقلام والألسن التي راهنت كثيرا قبل القمة العربية ضالتها في استمرار الحديث عن "عزلة سوريا" فعادت الينا بصيغ أخرى منافية للحقيقة التي تقول بأن من يهرول نحو دمشق، كما نحو رام الله، هي القوى الغربية التي وجدت بأن سياسة قادتها تقود نحو كارثة حقيقية لمصالحها الوطنية. وعليه تقدم السياسة السورية اليوم مثلا حيا يمكن للعرب ان يحتذوا به في الثبات على الموقف والاصرار على عدم التنازل الذي يجر تنازلات، ومن هذه الزاوية فإن الفرصة الكبيرة أمام العرب والفلسطينيين تحديدا بأن يقيموا أفضل التنسيق بالمواقف لمجابهة تداعيات القمة العربية التي انعقدت في الرياض بدل الركون للنوايا التي اثبتت مع الايام انها غير ذات جدوى في النواحي الاستراتيجية للحفاظ على الحقوق والثبات على المواقف عوض الغوص في التنازلات لارضاء هذا الطرف او ذاك..

التعليقات