31/10/2010 - 11:02

عرب ويهود../ ساطع نور الدين

عرب ويهود../ ساطع نور الدين
عندما يطرح الدكتور رشيد الخالدي على نفسه وعلى بيئته الفلسطينية والعربية السؤال عما إذا كانت أميركا التي دخلت مباشرة كمستعمر جديد الى العالم العربي، ستصبح أكثر حساسية تجاه العرب والمسلمين الذين ناصبتهم العداء طوال العقود الستة الماضية منذ قيام دولة إسرائيل، يكون الاكاديمي البارز يتخطى الأفق الضيق لكل من يشتغل في السياسة، ويلامس موضوعاً حرجاً او حتى محرماً الى حد بعيد.

السؤال حضر من الذاكرة، امس، عندما تردد اسم الدكتور الخالدي في سياق الحملة الانتخابية الأميركية، على لسان المرشح الجمهوري جون ماكين الذي عاب على منافسه الديموقراطي باراك اوباما، حضور حفل تكريم للأكاديمي الفلسطيني الأميركي المرموق وردت خلاله مواقف معادية لإسرائيل، ومناهضة للسامية.. وهي مؤيدة طبعاً للفلسطينيين وكفاحهم الطويل من أجل الحرية، الذي يبدو أن اوباما كان في مرحلة ما من شبابه متعاطفاً معه!

لم يستهدف ماكين مباشرة الدكتور الخالدي، وهو باعتراف الأميركيين احد ألمع الأسماء الفلسطينية في مجال التاريخ والفكر والثقافة، لكنه قصد المس بالمرشح الديموقراطي الذي يبدو أن ماضيه كان ولا يزال نقطة ضعفه الوحيدة، بعدما تراجعت نسبياً عقدة اللون الأسود لبشرته.. وهدف الى التوكيد على حقيقة تثبتها استطلاعات الرأي كل يوم وهي أن إسرائيل واليهود الأميركيين يميلون بشكل حاسم الى المرشح الجمهوري الأبيض، برغم كل الجهود الحثيثة التي بذلها أوباما ولا يزال لاستمالتهم واستقطاب أسمائهم.

لكن اللافت في الحملة الانتخابية الحالية في أميركا هو خفوت الصوت اليهودي، الذي لم يعد موضوعاً مؤثراً لا في السياسة الخارجية ولا في السياسة الداخلية، بعدما ظل لعقود طويلة فاعلاً في تشكيل الخطاب السياسي الأميركي في حقبة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي على النفوذ في القارة الاوروبية، وفي تكوين التيار الليبرالي الاميركي في مرحلة ما بعد الماكارثية في خمسينيات القرن الماضي.

اليوم يبدو أن اليهودية الاميركية صارت بلا دور، وتحولت الى تلوين باهت في اللوحة الديموقراطية الاميركية الزاحفة نحو البيت الابيض بغالبية كاسحة من البيض والسود واللاتينيين، لا تحتاج الى تلك الاقلية التي لا تتعدى الثلاثة بالمئة من الاميركيين والتي لعبت في الماضي أدواراً تفوق بكثير حجمها الفعلي في الولايات المتحدة، وتثير حسد وضغينة الأقليات الأخرى. وكذا الأمر بالنسبة الى المعسكر الجمهوري الذي يخطئ الجميع في توصيفه بأنه خاضع للنفوذ اليهودي وبالتالي للحضور الإسرائيلي.. مع انه كان ولا يزال يضم شخصيات بارزة تكره إسرائيل بقدر ما تكره العرب وربما أكثر، وبعض هؤلاء يخدم في ادارة الرئيس جورج بوش الحالية.

لم يعد اليهود قضية اميركية، ولم تعد إسرائيل بوابة رئيسية، ووحيدة في بعض الفترات، للسياسة الأميركية تجاه العالمين العربي والإسلامي.. بعدما اقتحمت القوات الأميركية بوابات أخرى واستقرت في الداخل وصارت عنصراً رئيسياً من عناصر تكوين السياسة الداخلية لمختلف البلدان العربية والإسلامية. العداء باق، لكنه يتخذ أشكالاً مختلفة، ويمهد لتسوية تاريخية مع المستعمر الجديد، تشبه تلك التي يسأل عنها الدكتور الخالدي.
"السفير"

التعليقات