31/10/2010 - 11:02

لن يسمح لبنان باغتيال عيده: التحرير!../ طلال سلمان

لن يسمح لبنان باغتيال عيده: التحرير!../ طلال سلمان
لن تنجح محاولات اغتيال العيد!
سيحتفل اللبنانيون جميعاً، اليوم بهذا العيد المضرج بدماء الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن وحرية المواطن، منذ أن أقيمت إسرائيل بقوة السلاح والتواطؤ الدولي والغفلة العربية 1948، وحتى اكتمال النصر على الاحتلال في الخامس والعشرين من أيار 2000.

سيحتفل اللبنانيون جميعاً بعيد التحرير، من فوق الخلافات السياسية التي احتدمت هذه الأيام لأسباب انتخابية، تكاد تفتقد المعنى خارج دلالات العيد... اللهم إلا أولئك الذين كانوا قد خرجوا على وطنهم ومنه ليلتحقوا، ومن موقع العملاء والمرتزقة، بالعدو الإسرائيلي، فقاتلوا معه الفجر الأغر الذي استولدته التضحيات الغوالي بالروح، رجالاً ونساءً وأطفالاً، في «كل لبنان» ومن أجل «كل لبنان».

سنحتفل جميعاً بالعيد، بدءاً بالعاصمة الأميرة بيروت التي «احترقت ولم ترفع الأعلام البيضاء» للاجتياح الإسرائيلي في صيف العام 1982، مروراً بكل الجهات والأنحاء، المدن والقرى والدساكر والمزارع، على امتداد الجنوب بدءاً ببلدات العرقوب التي دمرها الاحتلال وهجر أهلها، فما استسلموا ولا استكانوا، إلى منطقة «الشريط الحدودي» التي دهمها الإسرائيليون فاحتلوها وأنشأوا فيها «جيشاً من المرتزقة» رحل معهم ـ بل قبلهم ـ حين أشرقت شمس التحرير في مثل هذه الأيام قبل تسع سنوات.

سنحتفل في بنت جبيل وصور وصيدا وتبنين والخيام ومارون الراس وعيتا الشعب ويارون وجبشيت وعيناتا والنبطية، في شبعا وكفرشوبا والهبارية وكفرحمام، في حاصبيا وراشيا ووادي التيم في كامد اللوز وغزة والسلطان يعقوب، في مدن الجبل وقراه التي حاول العدو أن يستخدم عملاءه لزجها في حرب طائفية مدمرة تجعل الإسرائيلي «قوة فصل» بين الإخوة، فخاب مسعاه، وانكشف مرتزقته، وهم مطاردون باللعنة حتى اليوم!

سنحتفل مستذكرين «اتفاق العار» في 17 أيار 1983، من مهّد له، ومن روّج له ومن حاول تسويقه لدى العرب، وبالمقابل من فضح مضامينه ـ وهي أسوأ من الاحتلال، بل هي إدامة له ـ ومن قاتل بالسلاح وبالدم وبالموقف وبالكلمة لإسقاطه،.

سنحتفل مع كل الذين تصدوا للاحتلال بما ملكت أيمانهم، بالزيت المغلي والحجارة، بداية، ثم برفض التعامل، ثم بالسلاح القليل والإرادة العظيمة، فقاتلوا حتى الاستشهاد في كل مكان، وكان بينهم الشيوعي والقومي والبعثي والاشتراكي وأبناء حركة «أمل»، قبل أن يقتحم ميدان الجهاد مقاتلو «حزب الله» معززين ـ مع الإيمان ـ بسلاح أعظم فعالية، وبتدريب أعلى مستوى، وبقيادة عالية الأهلية وثابتة اليقين حتى الاستشهاد من اجل هدف التحرير الذي أسبغ عليه الدم مزيداً من القداسة.

سنحتفل مستذكرين، بشكل خاص، الدور الاستثنائي والذي لا يمكن نسيانه للرئيس الشهيد رفيق الحريري، في حماية المقاومة ـ من موقعه الرسمي المسؤول وبصداقاته الدولية المميزة ـ وإنجاز الاتفاق السابقة الدولية الخطيرة في 16 نيسان 1996.
سنحتفل بكل هؤلاء الذين أعطونا العيد، في زمن البؤس.
سنحتفل وقد أمدنا التحرير بالأمل في الغد، وفي إعادة بناء الدولة بما يليق بوطن بذلت التضحيات الغوالي من اجل تحريره وحماية وجوده المستقل.

[ [ [

...ولقد تعددت المشاركات الدولية في احتفال لبنان بعيد التحرير... بقصد حرمان اللبنانيين من يوم الفرح الذي يكاد يكون يتيماً في زحمة الأحزان التي تدهمهم من الداخل المحتقن بمشاريع الفتن، كما من الخارج الذي لم يستطع أن يتقبل هذا النصر الذي جاء من خارج توقعاتهم.

كان لا بد من إطفاء الفرح بالعيد، بل كان لا بد من محاولة اغتيال هذا العيد... وهكذا، فبعد النجاح في التغلب على مشاريع الفتنة بين الشركاء في النصر على الاحتلال، كان لا بد من التدخل مباشرة لإذكاء الصراع على السلطة، ودائماً عبر استخدام السلاح الطائفي، وتشويه الحقائق، ونشر الشائعات عن «تحويل السلاح إلى الداخل» لفرض أمر واقع بالهيمنة على القرار والاستيلاء على السلطة، في ما يشبه الانقلاب المسلح!

وهكذا توالى وصول الموفدين الأجانب القلقين على الديمقراطية التي سوف ينتجها قانون الستين (وهو الأردأ في تاريخ لبنان السياسي) عبر الانتخابات النيابية!

أليس لافتاً أن يجيء اكبر المسؤولين الأميركيين بعد الرئيس مباشرة، وهما وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ثم نائب الرئيس جوزف بايدن، الى بيروت عشية الانتخابات، ومن دون سبب وجيه يدعو كليهما إلى تكبد مثل هذا العناء؟!
مع الإشارة إلى أن الزائرة الأولى كانت قادمة من «العراق تحت الاحتلال الأميركي»، حيث تتجلى الديمقراطية بالفتنة تحت السلاح بأجلى معانيها!

أما نائب الرئيس الأميركي فقد اقتطع وقتاً من زيارته ليوغسلافيا السابقة التي مزقها التدخل الأجنبي، وبالقوة الأميركية ثم الأطلسي، إلى مجموعة من الأقليات القومية والدينية المقتتلة، لكي يجيء فيحذر من ممارسة ديمقراطية قد تنزع الأكثرية من أيدي جماعة 14 آذار، في لبنان، فإن تم ذلك فإن العقاب الأميركي (الديمقراطي) سيكون شديداً!
ولقد اختصر هذا المسؤول الأميركي الخطير جولاته على الرؤساء الثلاثة، لكي يلتقي بعض قيادات 14 آذار فيطمئنهم إلى أن واشنطن لن تتخلى عنهم، ولن تقبل بغيرهم قيادة لمعسكر الاستقلال والحرية والديمقراطية والعنفوان في العهد الجديد.

[ [ [

وثمة مشاركة دولية أخرى بمنشأ لبناني، هي هذه الرواية القديمة التي جددتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية، حول اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مستخدمة بعض التفاصيل المستهلكة والتي سبق ترويجها في بعض وسائل الإعلام «العربية» والمحلية، من أجل توجيه الاتهام إلى... «حزب الله»!

المشاركة الجديدة مباشرة في أهدافها أكثر من كل ما سبق من روايات، وموقتة في إطلاقها بما يخدم الفتنة في لحظة احتدام سياسي ـ طوائفي خطير.
لقد سقط اتهام سوريا بهذه الجريمة التي هزت ضمائر اللبنانيين، والتي أصابت بتداعياتها «حزب الله» وقضية التحرير، أولاً وقبل أي طرف آخر، فكان لا بد من استحضار متهم آخر يخدم توجيه الاتهام إليه، كذباً، العواطف والخواطر والعصبيات والحساسيات، بما يتجاوز الحصول على الأكثرية في المجلس النيابي الجديد، إلى إدخال الوطن جميعاً في فتنة لا تبقي ولا تذر.

ولقد اختير للفتنة الجديدة العيد اليتيم، التحرير، موعداً بالقصد لا بالمصادفة... فليس أسهل من طمس التحرير بدم شهيد عظيم أعطى جهداً استثنائياً، إلى جانب قيادة حزب الله، ومواقع القرار في السلطة داخل لبنان، والقيادة السورية الفذة للراحل حافظ الأسد، وبمشاركة حارة من طرف وزير خارجية فرنسا آنذاك، مما اضطر الإدارة الأميركية إلى التسليم «بتفاهم نيسان» الذي يمكن اعتباره عتبة النصر الذي تحقق بعد أربع سنوات وخمسة أسابيع من ذلك اليوم الأغر لتوقيع التفاهم!

[ [ [

برغم كل المؤامرات والمناورات، وأبرزها وأكثرها فجوراً محاولات الاستغلال الإسرائيلي لهذه الرواية المفبركة، كما العديد من الروايات التي فبركت من قبل، للإضافة إلى جريمة اغتيال الرئيس الحريري جريمة اغتيال الوطن ودولته، فإن اللبنانيين لن يسقطوا في أفخاخ التلفيقات المشبوهة التي تستهدفهم في وحدتهم، ولا تهتم إطلاقاً بالحقيقة: من خطط ومن نفذ جريمة العصر!

سنحتفل بعيد التحرير، ومعنا طيف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإن كره الكارهون.
وتحية للأبطال الذين صنعوا لنا هذا العيد بأرواحهم الطائرة.
وتحية للقائد الذي أعطانا بكفاءته الاستثنائية وبروحه الجهادية وبوعيه لخطورة ما يدبر للبنان، دولة وشعباً، هذا العيد الذي صار عيداً للعرب جميعاً، ولفلسطين أولاً التي لن يتعب شعبها من تقديم التضحيات الجليلة من أجل مثل هذا اليوم في الأرض المقدسة!
"السفير"

التعليقات