31/10/2010 - 11:02

لهذه الأسباب يجب الإصرار على إطلاق سراح أسرى الداخل!../ راسم عبيدات

لهذه الأسباب يجب الإصرار على إطلاق سراح أسرى الداخل!../ راسم عبيدات
.. الأسير القائد والمناضل وليد دقة والمعتقل منذ عام 1984، والمحكوم بالسجن المؤبد، رفع استئنافاً للمحكمة العليا الإسرائيلية ضد قرار رئيس هيئة الأركان السابق "دان حلوتس" برفض تحديد مدة السجن المؤبد له، والمحكمة الإسرائيلية العليا بدورها حثت محامي المناضل دقة على سحب الاستئناف، لكي لا يصدر قراراً برفض تحديد مدة السجن المؤبد. هذا القرار يبرهن ويكشف بالملموس مدى الحقد والعنصرية التي ينضح بها دعاة ما يسمى بواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.

أنا لا أعرف أو أسمع على مر التاريخ القديم والحديث عن أحكام قضائية صدرت بحق لا مناضلين ولا مجرمين غير مسقوفة زمنياً، إلا في "إسرائيل واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".

وبالعودة لهذا القرار والذي لم تكن حالة المناضل القائد دقة فيه استثناءاً، بل هناك عشرات الحالات الشبيهة بذلك، والذي يعني أول ما يعنيه أن مثل هؤلاء الأسرى لن تخرجهم لا ما يسمى ببوادر حسن النوايا ولا صفقات الافراج أحادية الجانب، ناهيك عن أن أسرى الداخل بالتحديد، حتى في أحسن الظروف، غير مشمولين بهذه الصفقات، وبالتالي الخيارات المتاحة والممكنة لهؤلاء الأسرى ليست بحاجة لا لتنظير ولا شعارات ولا جهابذة افتتاء وتبرير، فالطرف الفلسطيني ووفق اتفاقيات أوسلو أسقط حقه طواعية بتمثل هؤلاء الأسرى، وبالتالي مصيرهم هو إما التحول من شهداء مع وقف التنفيذ إلى شهداء فعليين،أو أن يكون هناك بحثا عن طرق ووسائل وخيارات أخرى تجنبهم هذا المصير المحتوم.

وهذا يعني بشكل واضح ولا يقبل التأويل أنه بدون أن يخرجوا من خلال صفقات تبادل، فهم لن يروا النور، وقرار المحكمة الإسرائيلية ومن قبلها رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، برفض حتى تحديد فترة المؤبد لهؤلاء الأسرى، يسقط الرهان على أي خيار آخر غير هذا الخيار.

شاهدنا ورأينا بالملموس أن عميد الأسرى العرب سمير القنطار، بعد ثلاثين عاما من الأسر، لم يتحرر إلا من خلال صفقة تبادل وثمن غال دفعه لبنان والمقاومة اللبنانية في سبيل تحريره، وما عدا ذلك فإسرائيل كانت ليس فقط ستبقيه في السجن حتى آخر يوم في حياته، بل ستحتفظ بجثته بعد الاستشهاد. وحتى عندما تحرر من الأسر مازالت تهدد باغتياله، وهذا يكشف زيف وحقيقة العقلية الإسرائيلية التي تنضح بالحقد والعنصرية ليس تجاه أسرانا، بل شعبنا وأمتنا العربية. فمسلسل الذل والهوان الذي يتعرض له أسرانا يبدأ من الاعتقال وهو بلا نهاية، حلقات متواصلة ومتكاملة من الإذلال والقمع، تشارك فيها كل مؤسسات الدولة على مختلف مسمياتها من محققين ومخابرات وشرطة وإدارات سجون وحكام وقضاة وحتى رئيس الدولة نفسه والمناطة به قرارات العفو.

ومن هنا فإن الأسير المناضل دقة والذي دخل عامه الاعتقالي الخامس والعشرين، هو وغيره من أسرى الداخل يجب أن يكون هناك إصرار على أن يكونوا من ضمن الأسرى الذين تشملهم صفقة التبادل بالجندي الإسرائيلي المأسور"جلعاد شاليط"، وبالذات الذين أمضوا عشرين عاما فما فوق وليد دقه، ابراهيم أبو مخ، صالح أبو مخ، إبراهيم بيادسة ،سامي يونس، كريم يونس، ماهر يونس، يحيى إغبارية، مخلص برغال، محمد زياده، سمير السرساوي، بشير الخطيب وغيرهم.

فهذه الفرصة قد تكون الفرصة الأخيرة أمامهم للتحرر من الأسر، ناهيك عن أن تحررهم، عدا أنه يشكل كسراً للمعايير والتصنيفات والتقسيمات الإسرائيلية، فإنه يخلق حالة من الثقة والاطمئنان عند جزء هام من أسرى شعبنا، بأن نضالاتهم وتضحياتهم لم تذهب لا هدراً ولا هباء، وأنهم جزء صميمي من هذا الشعب الذي من أجله وأجل حقوقه وحريته ناضلوا وضحوا بأرواحهم وبزهرات شبابهم، ودفعوا ثمناً باهظاً مضاعفاً، ليس على الصعيد الشخصي والاجتماعي والأسري، بل على صعيد حالة الاستهداف والقمع، من إدارات السجون وأجهزتها المختلفة، حيث العزل عن بقية أسرى شعبنا الفلسطيني في أقسام خاصة، ومنع الكثير من المكتسبات والمنجزات التي يتمتع بها أسرى شعبنا عنهم، ناهيك عن عدم شملهم في أية بوادر حسن نية أو صفقات إفراج أحادية الجانب، وممارسة الضغوط عليهم، من أجل حملهم على التخلي عن انتماءاتهم الحزبية والتنظيمية،والتهديد بإسقاط الجنسية عنهم في حال تحررهم من الأسر، وإبعادهم قسراً عن وطنهم....الخ.

إن المناضل والقائد وليد دقة، والذي تعرفه كل سجون الاحتلال وإداراتها وضباط أمنها ومخابراتها، هو من المناضلين الذين كان لهم الدور والباع الطويل في بناء الحركة الأسيرة الفلسطينية، وقيادة معاركها النضالية دفاعاً عن حقوقها ومكتسباتها ومنجزاتها، ودفع ثمن ذلك في الكثير من المرات قمعاً وعزلاً في الزنازين وأقسام العزل في السجون، ورغم كل ذلك وحتى في أحلك الظروف التي عاشتها الحركة الأسيرة الفلسطينية، بعد مرحلة أوسلو وما عكسته من حالة إحباط وفقدان ثقة بين الأسرى، وتفكك وتحلل منظماتهم الحزبية والاعتقالية، فإن القائد دقة بقي متماسكاً وصلباً ومحرضاً بأن مرحلة الهزيمة والانكسار والتراجع هي مؤقتة، وسرعان ما ستنهض المقاومة وتستعيد عافيتها.

وتأتي الانتفاضة الثانية في أيلول 2000، لكي تؤكد على صوابية رأية ونظرته وموقفه. وفي السياق تأتي عمليات أسر الجنود من قبل حزب الله في تشرين أول/2000 وتموز 2006 وحماس في حزيران/2006، لكي تستنهض الحالة الاعتقالية في مختلف الميادين والمجالات وخاصة القدماء منهم، والذين أخرجتهم إسرائيل من دائرة أي إفراجات محتملة، وبغض النظر عما آلت إليه صفقات التبادل بين حزب الله وإسرائيل، وعدم قدرة الحزب على فرض شروطه في صفقات التبادل، بسبب كون الجنود الإسرائيليون المأسورون ليسوا على قيد الحياة، إلا أن هذا النهج والخيار أعاد الثقة والقناعة عند المناضلين وخاصة القدماء منهم، بأن هناك من يهتم بمصيرهم ويحاول بكل الطرق والإمكانيات أن يحررهم من الأسر بعزة وكرامة، وبطريقة تليق بنضالاتهم وتضحياتهم، وبعيداً عن اشتراطات إسرائيل وتعهداتها.

ومن هنا نقول بأن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية برفض تحديد مدة المؤبد للأسير القائد دقة، ومن هم على شاكلته من المناضلين وبالذات من أسرى الداخل، يجعلنا متيقنين بأن الفرصة والطريقة الوحيدة لنيل هؤلاء الأسرى حريتهم، غير ممكنة بدون صفقات التبادل، ولذلك فإنه على آسري الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" أن يجعلوا هؤلاء الأسرى على رأس قائمة الأسرى المطلوب إطلاق سراحهم في صفقة "شاليط"، وهذا ليس فقط كسراً للشروط والمعايير الإسرائيلية، بل تأكيداً على أن أسرى الداخل هم جزء ومكون أساسي من مكونات الحركة الأسيرة الفلسطينية، ولا صفقات تبادل بدونهم.

التعليقات