31/10/2010 - 11:02

نعم منظمة التحرير .. ولكن!!../ نزار السهلي*

نعم منظمة التحرير .. ولكن!!../ نزار السهلي*
لابد من الاعتراف بأن حالة من القلق والخوف من المجهول والتشويش صاحبت الدعوة التي أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل بإيجاد مرجعية وطنية جديدة للشعب الفلسطيني، وما تبعها من ردود فعل كانت في مجملها غاضبة، وفي معظمها غير صادقة أيضا للحيثيات التي سنأتي على ذكرها لاحقا، وأخذت بعض الأطراف الفلسطينية فرصتها في محاولة للخروج من عزلتها التي دخلتها في مرحلة ما قبل العدوان على غزة والصمود الأسطوري الذي أربك قيادة منظمة التحرير في فترة العدوان التي وجدت نفسها في مواجهة المقاومة التي أفشلت مؤامرة شطبها ولي ذراعها، مما دفع البعض في وصف ما جرى وطبعا بأسطوانة مشروخة عن الأيدي الإيرانية والسورية والمخططات الإقليمية، وإعفاء إسرائيل من مسؤوليتها عن العدوان وصب جام الغضب على الذات وترك جرائم الاحتلال دون حساب وعقاب ورد مكفول بالمقاومة.

لقد أدهش صمود الشعب الفلسطيني الشارع العربي، واستلهم مشاعر الملايين في أرجاء المعمورة في صده للعدوان الصهيوني على القطاع، باستثناء ظلام التشاؤم المنبعث من السلطة الفلسطينية وأعضاء لجنتها التنفيذية المتباكين على المنظمة التي أفسدوها وعطلوا مؤسساتها، والذين يمجدون العدوان على الشعب الفلسطيني وعلى مقاومته في درس التماشي في دروب الواقعية السياسية الذي أدخل الفلسطيني في عنق الزجاجة وتحول معها البيت الفلسطيني المتمثل بمرجعيته الشهيرة، والتي لا لبس فيها، منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وهو شعار طالما رفع في المحافل العربية والدولية لإكساب شرعية لمقاومة الفلسطيني للاحتلال لاسترجاع حقوقه المشروعة أيضا. لا لأن تتحول المنظمة إلى مجرد ملجأ لتضخم الرقاب والجيوب وانتفاخ البطون وصغر القلوب والعقول عبر نشر الفساد المالي والسياسي.

المتباكون اليوم على مرجعيتهم هم ذات الأدوات التي رأت في منظمة التحرير مسارا غير المسار الذي آمن به الشعب الفلسطيني. وهم الذين ركنوا على الرف وفي أدراج المقاطعة ميثاق منظمة التحرير ودستورها وعطلوا عمل المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي، وتآمروا على انتخابات المجلس التشريعي، وتم قيادة عملية شطب وتعطيل لمعظم مؤسسات المنظمة التي أصابها الشلل بفعل عملية الابتزاز السياسي التي رافقت عمل السلطة بعد اتفاقات أوسلو، والذين يدعون للتمسك بمرجعيتهم.

نود أن نسال عن الأجندة التي ينوي العمل بها في مواجهة المرجعية الوطنية، وأنا اقصد أن منظمة التحرير هي مرجعية وطنية لكن بالصيغة التي آمن بها كل الشعب الفلسطيني. ونود أن نذكر أن حركة فتح ومعها كل الفصائل الوطنية الفلسطينية لم تأخذ شرعيتها إلا عبر برنامج مقاومتها للاحتلال من خلال التمسك بالكفاح المسلح والتمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني، والتمسك بالثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، وعندما ابتعدت عن هذه الثوابت ابتعد عنها الشعب.

واليوم، في ظل حالة الانفصام التي تعيشها فصائل العمل الوطني المنضوية تحت عباءة المنظمة بفعل سياسة التماهي والفساد المالي والسياسي المتبعة داخل أروقة المنظمة، جعلت من بعض الفصائل التي تتمثل عضويتها في اللجنة التنفيذية، وهي محسوبة على اليسار الفلسطيني وتعتبر نفسها أحزابا طليعية وجماهيرية، أصبحت تلخص عملها في إيماءة الرأس لعباس، وترافق ظله أينما توجه، وتمارس النفاق السياسي والمحاباة والتدليس من أوسع الأبواب متشدقة بحرصها على الوحدة الوطنية. ونذكرهم بالوحدة الوطنية والتعبئة القومية والتحرير شعار منظمة التحرير الذين استبدلوا التعبئة القومية بشعار الامتدادات الإقليمية ورمي تهم العبث بالقضية إلى الأيدي الإيرانية والسورية والقطرية، والابتعاد عن توجيه اللوم للمحتل أساس البلاء وجوهر المشكلة بفعل سياسته العنصرية الاستيطانية العدوانية.

إذا كان المقصود جعل أجندة العمل الوطني لمنظمة التحرير هو الدعوة لتنظيف وكنس البيت الفلسطيني من رموز الفساد والتآمر والتمسك بالبرنامج الوطني كقاعدة لمقاومة المحتل وعلى أساس مرجعيات القرارات الدولية 242, 338 , 194 والقرار 465 القاضي بانسحاب المستوطنين، والقرار 252 القاضي بالانسحاب الكامل من القدس، والقرار 237 القاضي بحق النازحين عام 67 بالعودة إلى ديارهم دون قيد أو شرط بإجماع مجلس الأمن، والتأكيد على القرار 194 بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم وتعويضهم عن خسائرهم، هي مرتكزات وطنية تحظى بإجماع وطني ومن خلال عملية عقد دورة للمجلس الوطني الفلسطيني الذين مات بعضهم، وأقعد المرض بعضهم الآخر، وثلة منهم نالهم نصيب من الخرف السياسي. وعقد مؤتمر حركة فتح السادس، ورفع اليد الأمنية للسلطة عن الشعب الفلسطيني، والتوقف عن سياسة كم الأفواه، وسياسة تحييد كوادر الصف الثاني من الحركة، وفتح الباب أمامها لتأخذ دورها المنوط بها في عملية الإصلاح وترتيب البيت الفلسطيني، فهذا أمر تلتف حوله كل القوى في الساحة الفلسطينية.

أما سياسة إدارة الظهر لكل دعوات الإصلاح التي تنادي بها كل القوى والفصائل واستخدام شعار المنظمة وأعضائها المنتهية صلاحيتهم كغطاء لممارسة سياسة الإقصاء والتبعية والتنازل والمفاوضات بعقلية عبثية التي أدت إلى تدمير وتحييد منظمة التحرير الفلسطينية التي شكلت في برنامجها ومؤسساتها الغطاء والرافعة للمشروع الوطني الفلسطيني عبر تاريخ نضاله تلك السياسة المتبعة والمتباكين عليها نقول لهم المثل الفلسطيني "خربتوها وقعدتوا على تلتها" لن تجلب سوى الغوص في وحل الانقسام والتشرذم.. نعم منظمة التحرير ممثل شرعي للشعب الفلسطيني.. ولكن أي منظمة؟

التعليقات