31/10/2010 - 11:02

هذا اوان المعركة المؤجلة/ وديع عواودة

-

هذا اوان المعركة المؤجلة/ وديع عواودة
حتى الامس كانت القضية المطروحة على اجندة الهيئات التمثيلية العربية تتمحور حول كيفية احياءذكرى هبة القدس والاقصى بمختلف دلالاتها. غير ان اعلان تقرير وزارة القضاء الاسرائيلية( الذي يسمونه تقرير "ماحش") قلب هذه الاجندة رأسا على عقب ووضعنا امام موقف سياسي خطير يستحق التعامل معه بالمستوى والحجم اللائقين وفق خطة مدروسة.

منذ اعلان التقرير –الفضيحة نكاد نغرق بالتعليقات والاقتراحات التي تعكس حالة الغضب والاحتقان لدى المواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل الذين اعلنت استباحة دمهم رسميا بفظاظة غير مسبوقة. ويخطئ من يظن ان توصيات وزارة القضاء نمت عن رغبة بالدفاع عن بعض رجال الشرطة او رموز المؤسسة الحاكمة فقط مثلما لا يصيب الهدف من يرى انه تجسيد لوجهة نظر غبية لمن وقف وراءه. هذا التقرير له اكثر من اب وهو نتاج مشاورات مختلف دوائر صناع القرار في المستويات الاسرائيلية الحاكمة كونه ينطوي على دلالة بالغة الاهمية تقول للمواطنين العرب: لا بد ان تنسوا هويتكم الفلسطينية وانسلخوا عن شعبكم واقبلوا بمواطنة عرجاء او خرساء وألا فالويل والثبور. وهذا يعني ان التقرير هو حلقة اضافية ولكن خطيرة جدا في مسلسل محاولات رسمية لكسر ارادة الجماهير الفلسطينية وتدجينها منذ عقود بمختلف الوسائل المحسوسة والخفية. وتمتاز هذه الحلقة بخطورتها من حيث وضع علامة سؤال كبيرة على مجرد وجود المواطنين العرب ومواطنتهم في وطنهم فالمجرم الذي جرت تبرئته هو الدولة وليس نتان زادة وامثاله والفارق واضح. غير انها تختلف عن ممارسات السلطات الاسرائيلية التقليدية بكونها وضعت بايدي الضحية ذخائر سياسية واعلامية وهذه فرصة كبيرة لاستغلالها بالافعال لا بالاقوال وبموجب رؤيا. لا بأس في سيل البيانات الحانقة من قبل السياسيين العرب لكن التصريحات الانشائية المبدعة والحادة بحق لا تعفيهم من تغيير استراتيجية العمل امام التحدي الكبير الذي يضع مجمل قضايانا القومية والمدنية على كفة الميزان. امام هذه المقولة الصادرة عن مؤسسة يحكمها الليكود والعمل نتوقع من قيادات الوسط العربي حسم ترددهم وعدم اهدار الفرصة للبدء في معركة واسعة مؤجلة منذ عقود نتيجة استفحال الخوف والجهل والمماحكات الحزبية.ولا بد ان تكون ذكرى اكتوبر الوشيكة علامة فارقة في رؤيتنا التقليدية للعلاقة بين المواطنين العرب والدولة تستدعي تغيير استراتيجية العمل ورفع سقف مطالبنا ورفع صوتنا عاليا ونقل النضال الى ساحات كفاحية جديدة استنادا الى اهداف واضحة وبادوات مبتكرة رغم حساسية المرحلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني عشية بدء المعركة على مستقبل الضفة الغربية وسائر قضايا الحل النهائي.
الواجب الانساني والوطني يصرخ مطالبا المواطنين بعدم السكوت على تقرير الامس ليس انتصارا للشهداء ولدمنا المراق في العام 2000 انما دفاعا عن حقوقنا السياسية المشروعة بكل المعاييركاقلية قومية وذودا عن دماء الاجيال وبقائها وهويتها. الاضراب العام والندوات والبيانات والمسيرات داخل كافة القرى والمدن العربية لم تعدكافية لانها تستهدف اقناع من هم مقتنعون وموجهة لجمهور العرب انفسهم.

هذه هي الساعة لاسماع صرخة الغضب في اذان الراي العام الاسرائيلي من خلال حشد المظاهرة المركزية في تل ابيب كي نقول : كفى لن نقبل بعد اليوم بالتهميش والاقصاء والدوس على الحقوق والدماء. وهناك احتمالات جيدة اليوم بأن تساند قطاعات من الاسرائيليين الديموقراطيين نضالنا العادل كوننا نرنو لمجرد مواطنة محترمة في دولة لا لتقويض لاعمدتها ك"طابور خامس" ولا يحزنون. ومثل هذه الفرصة لا تتكرر كل يوم بعد الاطلالة الشنيعة للمؤسسة الحاكمة علينا بالامس. الى جانب ذلك ان الاوان ان تخرج لجنة المتابعة والاحزاب والجمعيات العربية تهديداتها بالتوجة للمنابر الدولية الى حيز التنفيذ فهاتوا افعالكم لا اقوالكم فحسب يا سادة فالمواطنون العرب جاهزون وهم بحاجة الى قبطان جيد يقود معركتهم العادلة هذه والان. وتدويل قضية المواطنين العرب ليس لها ان تستهدف محاكمة من رفضت الدولة محاكمتهم رغم جرائمهم المقترفة في وضح النهار بل من اجل فضح زيف الديموقراطية الاسرائيلية بالاعتصام امام مقرات الامم المتحدة ومحاكمها الدولية والاتحاد الاوروبي. هذا هو حق وواجب اقلية ابتلعت الاهانات وغمط الحقوق ولن نجد اقلية قومية اخرى في العالم تتصرف باقل من ذلك وترضى دون المواطنة الكاملة بعد فقدان شعبها للوطن. اما السكوت على هذا الصلف الرسمي فيعني اننا بتنا كالخراف المقتادة للذبح وعندها شفاعمرو لن تكون الاخيرة والمواطنون العرب سيحشرون برضاهم في بوتقة صغيرة لأن السكوت علامات الرضى وعيون المؤسسة تترقب ردود فعلنا ومبادراتنا.

التعليقات