31/10/2010 - 11:02

هل من جديد في الإنتخابات المحلية؟../ عوض عبد الفتاح

هل من جديد في الإنتخابات المحلية؟../ عوض عبد الفتاح
ليس العنوان تساؤلاً إنما محاولة جدية لإلقاء الضوء على بعض الجوانب المستجدة في هذه الإنتخابات التي يجري التحضير لها. نعم رغم تكرار الظواهر البائسة والسلوكيات غير الحضارية التي تحصل في كل دورة داخل مجتمعنا وفي هذه الدورة أيضاً، إلا أنه يمكن الإشارة إلى بعض الجوانب الإيجابية التي من المحتمل أن تفرز نتائج أفضل ليس لهذا الحزب أو ذاك أو لهذه القائمة العائلية أو تلك بل للمجتمع وإن كانت لا تزال في مواقع محدودة. ولكن يمكن أن يُبنى عليها لإعادة تصويب مسار ومضمون السلوك الإنتخابي في المستقبل.

لا بدّ من التذكير أن العديد من القرى والمدن العربية لن تخوض الإنتخابات بسبب حلّ سلطاتها المحلية وحلول جنرالات اسرائيليين محل الرؤساء المقالين، لأسباب فسّرتها وزارة الداخلية الإسرائيلية بأنها تتعلق بسوء الإدارة والفساد وغيرها من الإخفاقات.

ويلاحظ الناس، ويردد المراقبون خفوت اهتمام المواطنين بهذه الإنتخابات وعلى خلاف السلوك العام في الفترات السابقة حيث كانت تصل نسبة التصويت للسلطة المحلية في غالبية قرانا ومدننا إلى ما يزيد عن 95%.

بطبيعة الحال هناك أسباب كثيرة لهذا الفتور والمتوقع أن يجد ترجمة له في 11/11 يوم إجراء الإنتخابات إذا لم يتم تدارك الأمر عبر تقديم برامج وقوائم جذابة من جانب الأحزاب والقوى الأخرى. من هذه الأسباب؛ الصعوبات المالية الخانقة التي تمرّ بها السلطات المحلية العربية والتي تؤدي إلى هبوط الخدمات، نوعاً وكماً، المقدمة إلى المواطن.

أيضاً نوعية الرؤساء وكذلك ممثلي قوائم العضوية (خاصة العائلية) الذين أخفقوا في القيام بدورهم كما يجب. رؤساء أخفقوا في إدارة السلطة أو اتخذوا قرارات خاطئة تراكمية ساهمت في النهاية في عملية الإنهيار المالي والخدماتي والسياسي. وفي حالات معينة ساهمت المعارضة بصورة سلبية وعرقلت عمل الرئيس بصورة مقصودة مما إضطره إلى الإستقالة كما حصل مع الدكتور فتحي دقة رئيس مجلس زيمر سابقاً.

هناك أمران جديدان يجب النظر إليهما:

الأول من شقين: تراجع الإهتمام أو الحماس عند العديد من القوائم العائلية أو أعضائها وهذا على خلاف القوائم الحزبية التي تنشط وتروج لبرامجها ولا يتراجع حماسها لأنها مرتبطة برؤية سياسية – اجتماعية – وطنية شاملة. هكذا مفترض بها على الأقل. والشق الثاني إندماج قوائم عائلية أو أهلية في قائمة واحدة غير حزبية. أو في قائمة حزبية. وقد يعود الفتور إلى الشعور بالملل من تكرار وعدم نجاعة التمثيل العائلي في قائمة عائلية صرفة، أو عدم القدرة على التأثير في السياسات الأساسية، بصورة منفردة، وقد يحتاج ذلك إلى دراسة والتوقف عنده.

وبغض النظر عن حجم هذه الظاهرة الصحيحة أو المفترضة (أي إندماج قوائم في قائمة واحدة) مثل عرابة، الجديدة-المكر، شفاعمرو، أم الفحم، وكوكب وغيرها). فإنه يجدر تشجيعها ودعمها وفتح الأبواب لها.

لأن من شأن ذلك أن يخفف من حالة التشرذم العائلي والإجتماعي وأضراره الإجتماعية والنفسية والمعنوية والأخلاقية ويساهم في إعادة بناء شخصية الفرد على اسس سليمة وبرؤية اجتماعية أوسع من إطار الحمولة. ومن ناحية ثانية يعزز العمل الحزبي الحديث الذي من المفترض أن يكون جامعاً لأفراد ونشطاء ومؤيدين من جميع أنحاء القرية أو المدينة. بالسطر الأخير، هذا من شأنه أن يساهم في تسييس المعركة الإنتخابية المحلية فيرفع الوعي السياسي والتضامن الإجتماعي والوطني ويقوي من حصانتنا كمجتمع وكشعب في مواجهة السياسة الصهيونية العنصرية.

ويصبح من المفيد دعوة الناس المتماثلين مع قوائم عائلية إلى إعادة النظر في سلوكهم الإنتخابي، وأن تحذو حذو تلك القوائم التي قررت أن تندمج مع بعضها على أسس إجتماعية سليمة ومن أجل تخفيف حالة الشرذمة. إذ لا يعقل أن تقوم كل عائلة متوسطة أو كبيرة في فرز قائمة خاصة بها دون النظر إلى مصلحة البلد وإلى القيم الإجتماعية الجامعة لا المفرقة.

أما الأمر الجديد الثاني هو التحالفات الحزبية أو الحزبية-الإجتماعية حيث يوجد رؤساء مرتبطون بالمؤسسة الإسرائيلية أو بأحزاب صهيونية أساؤوا لبلدهم ولسمعته ولشعبهم. ومن هذه المواقع، بلدية شفاعمرو، بلدية الطيرة، وبلدية الشاغور، ورهط والبعينة-نجيدات.

لقد حدد التجمع سياسته الوطنية والإجتماعية في هذه المواقع منذ البداية بأن يسعى إلى أوسع تحالف مع جميع القوى السياسية الأساسية على الساحة (التجمع، الجبهة، الحركة الإسلامية) إضافة إلى قوائم أهلية أو شخصيات وطنية لها نظرة وطنية ومستعدة للمساهمة في تغيير هؤلاء الرؤساء. أو الإتفاق بين هذه الأحزاب على دعم مرشح واحد يحظى بمواصفات معقولة، وبفرص عالية للفوز.

ففي شفاعمرو، هناك تحالف يلتف حول مرشح الرئاسة الأخ أمين عنبتاوي، الشخصية الإجتماعية المعروفة، وهو أهم تحالف تشكل على الساحة الشفاعمرية حتى الآن. وإذا ما راجعت قيادة الجبهة هناك موقفها وانضمت إلى هذا التحالف فسيزيد من فرص التغيير. إنه لأمر مستهجن أن تبقى الجبهة خارج هذا التحالف لأن غالبية أهل شفاعمرو بل عموم الحركة الوطنية، سيحملونها المسؤولية عن النتائج، لقد كان التجمع مرناً منذ البداية إزاء الشخصية التي يمكن الإتفاق عليها، بل وافق التجمع على اقتراح شخصية حيادية كانت مرة محسوبة تنظيمياً على الجبهة ومع ذلك هي رفضت الإنضمام إلى المشروع التغييري.

يمكن للمواطن العربي ان يقارن موقف التجمع من موقف الجبهة في الطيرة. هناك دعا التجمع منذ البداية إلى مرشح توافقي. وهذا المرشح الذي طرح على التجمع هو مأمون عبد الحي، الذي يقول عن نفسه حياديا ولكنه تاريخياً مع الجبهة، ومع ذلك وافق التجمع على هذا الخيار.

كانت جبهة الطيرة، أسوة بالجبهة القطرية، ترفض مدّ يد التعاون مع الحركة الإسلامية في المدينة ورسمت خطاً أحمر ومع ذلك رفض التجمع إعتبار التعاون مع الحركة خطاً أحمر وذلك لإسقاط الرئيس المرتبط حتى العظم بالمؤسسة.

إنه موقف وطني جامع وموقف أخلاقي عام قبل أن يكون حزبيا إسقاط هؤلاء الذين أساؤوا لبلداتهم ولشعبهم، وقد حان الوقت لتسجيل نصرٍ على ما تبقى من سياسات التبعية والإذدناب والإنحطاط الأخلاقي والسياسي.

التعليقات