10/06/2012 - 16:26

الإخوان المسلمون وامتلاك الحقيقة../ مصطفى إبراهيم*

في غزة أينما حللت تلاحظ النقاش والجدل حول الانتخابات الرئاسية المصرية التي يتابعها الناس باهتمام بالغ، ويبحثون في تفاصيل التفاصيل في الحياة السياسية المصرية، وما يدور بداخلها، والأزمة التي تعيشها مصر والأحزاب السياسية والقوى الثورية

الإخوان المسلمون وامتلاك الحقيقة../ مصطفى إبراهيم*

في غزة أينما حللت تلاحظ النقاش والجدل حول الانتخابات الرئاسية المصرية التي يتابعها الناس باهتمام بالغ، ويبحثون في تفاصيل التفاصيل في الحياة السياسية المصرية، وما يدور بداخلها، والأزمة التي تعيشها مصر والأحزاب السياسية والقوى الثورية.

ولم يخف المتجادلون رغبتهم في تأييد مرشح على حساب مرشح آخر، وهناك فريقان في غزة؛ فريق يؤيد مرشح الإخوان المسلمين، وفريق يؤيد الفريق أحمد شفيق ويتمنى مؤيدوه الفوز له في الانتخابات. الاصطفاف واضح والمفاضلة قائمة بين المرشحين من قبل الفريقين، لكن الغالبية تتمنى لمصر الخروج من أزمتها والتوافق على مرشح رئاسي يخرجها من أزمتها.

الاهتمام بما يدور في مصر ليس أمرا جديدا أو طارئا على الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، لما لمصر من مكانة خاصة في نفوسهم، ودورها الكبير في رسم السياسية العربية، وتأثير ذلك على القضية الفلسطينية، وهو ليس شأناً مصريا خاصاً بل شأنا عربيا أيضاً.

الأزمة السياسية التي تعيشها مصر هي نتاج عدم التوافق ويتحمل مسؤوليتها كل المصريين في ظل غياب القيادة السياسية الحكيمة التي تفتقد للخبرات السياسية والرؤية الواضحة للخروج من الأزمة ومواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر.

وجماعة الإخوان المسلمين جزء رئيسي من الأزمة كونها صاحبة خبرة وتجربة كبيرة، ولأنها أدارت الأزمة لصالحها، وهي حتى الآن لم تعترف بالأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها بعد فوزها بانتخابات مجلس الشعب والشورى، لذا فهي متهمة من قبل جميع القوى السياسية بأنها تسلطية وتريد الاستفراد بالحكم والدولة.

وتطالبهم القوى الثورية والأحزاب السياسية بأن حكم البلاد في هذه المرحلة يتطلب الشراكة الوطنية، وهي السبيل أمامهم لإنقاذ مصر والثورة وأنفسهم، سواء فازوا بالرئاسة أم خسروها، وحتى لو فاز الإخوان بالرئاسة فلن يتمكنوا من إدارة البلاد من دون التعاون مع الأجهزة الأمنية القوية والقوات المسلحة التي ما زالت هي القوة التي تتحكم في مقاليد الأمور، ولن تتخلى عن دورها في حماية مصر بسهولة.

الاتهامات للإخوان المسلمين بأنهم ارتكبوا أخطاء جسيمة وخطايا بحق الثورة والناس تحدث عنها عدد من الكتاب والمفكرين المصريين المحسوبين على الجماعة والقريبين منها، أمثال المفكر طارق البشري وفهمي هويدي والإعلامي أحمد منصور وغيرهم، وامتلكوا جرأة في نقد تفكير وسلوك الجماعة في مع ما يجري في مصر وطريقة تعاطيها مع الأزمة.

وربما كان النقد اللاذع في حديث المرشد السابق للجماعة محمد مهدي عاكف في المقابلة التلفزيونية مع فضائية العربية نهاية الشهر الماضي، واعترافه بخسارة الإخوان في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة دليل إضافي على واقع الجماعة، وعدم تصرفها بحكمة وارتكابها جملة كبيرة من الأخطاء، حيث قال: "الجماعة خسرت الكثير من قاعدتها الجماهيرية بحصول مرشحها على 5 ملايين صوت مقابل 10 ملايين حصلت عليها الجماعة فى الانتخابات البرلمانية".

كما انتقد عاكف الأداء الإعلامى للإخوان المسلمين بالقول: "وجد فرق بين أسلوب إعلامي لجماعة تدافع عن نفسها وبين أسلوب إعلام ينوي قيادة الدولة أو صناعة وإدارة دولة، سواء كان ذلك من الإخوان أو من حزب الحرية والعدالة وحتى مجلس الشعب".

ومع ذلك لا يزال الإخوان على مواقفهم مما يجري وعدم استجابتهم للمطالبات من الثوار والأحزاب السياسية بأن إدارة البلاد تكون بالشراكة وليس بالتفرد والسيطرة، لا تزال الفرصة أمام الإخوان للاعتراف بأخطائهم وتقديم التنازلات الكبرى لإنقاذ مصر، وإلا ستكون نهاية العملية الديمقراطية النامية في مصر نهاية دراماتيكية.

فالإخوان لم يخرجوا بعد من عقلية امتلاك الحقيقة واحتكارها، وإنها جماعة لا تزال مضطهدة، والتشكيك بالناس وعدم ثقتهم بهم، وعلاقتهم بوسائل الاعلام سيئة كما ذكر مهدي عاكف، فهم بحاجة إلى عقول وقلوب مفتوحة تتقبل النقد والرأي الاخر والتصالح مع الذات والناس، والإيمان بالعمل المشترك والشراكة الوطنية مع الكل المصري، فالحكم مشاركة وليس مغالبة، والمعارك أمام المصريين كبيرة وكثيرة، وعلى الإخوان أن لا يخذلوا المصريين والثوار ويستمروا في رؤيتهم التفردية.

التعليقات