15/04/2013 - 14:17

العراق: غزو وتدمير وتفكيك وحصاد إسرائيلي../ نواف الزرو

عندما أعلن طارق عزيز في بدايات الحرب العدوانية على العراق "إن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من الحرب ومن إعادة تشكيل المنطقة"، لم يكن ذلك مبالغاً ومهولاً وبلا أساس

العراق: غزو وتدمير وتفكيك وحصاد إسرائيلي../ نواف الزرو

عندما أعلن طارق عزيز في بدايات الحرب العدوانية على العراق "إن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من الحرب ومن إعادة تشكيل المنطقة"، لم يكن ذلك مبالغاً ومهولاً وبلا أساس، فكل الأحداث والتطورات والتداعيات التي أعقبت الغزو وتدمير العراق وإشغالها في حروبها الطائفية وإقصائها كدولة عربية قوية، تؤكد ما ذهب إليه عزيز، وليس ذلك فحسب، بل إن هناك وثائق ومعطيات تتحدث عن أن عملية الغزو تمت بنصوص توراتية، فالوثيقة التي كشفت النقاب عنها مجلة "جي كيو" الأميركية والمتعلقة بالنصوص التوراتية التي استخدمها وزير الدفاع الأمريكي السابق رامسفيلد لتسويغ الحرب على العراق، تنطوي على أهمية تاريخية توثيقية استثنائية، فعندما تقول المجلة "إن وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد استخدم نصوصاً من الكتاب المقدس أشبه بشعارات الحروب الصليبية على أغلفة مذكرات استخباراتية عسكرية شديدة السرية كان يعدها لتقدم للرئيس الأميركي السابق جورج بوش أثناء حرب العراق/ الجزيرة- الاثنين 18/05/2009"، إن هذه الأغلفة ذات طبيعة دينية ونصوص توراتية"، فإن هذه تعتبر من أهم الاعترافات والشهادات التي تثبت ذلك الدور الصهيوني في العدوان على العراق.

واليوم، وبعد عشر سنوات على الغزو أيضا، تأتي صحيفة "كومسومولسكايا برافدا"، الروسية لتعلن بمنتهى الوضوح: "أن إسرائيل هى المستفيد الوحيد لغزو القوات الأمريكية العراق منذ عشرة أعوام واحتلالها"، مضيفة في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني –(الخميس 11/04/2013) أن الغزو الأمريكي أسفر عن تدمير الدولة العراقية، وقتل ملايين العراقيين، وأصبحت إسرائيل بذلك المستفيد الوحيد من الحرب الأمريكية ضد العراق، لأنها اصبحت القوة الإقليمية الوحيدة التي تسيطر على الشرق الأوسط"، وليس في ذلك مبالغة أيضا، فقد انتظرت الدولة الصهيونية تحقيق مكاسب وإنجازات إستراتيجية لم تكن في حساباتها إطلاقاً، ولم تكن تحلم بها حتى قبل وقت قريب، وكانت "إسرائيل" ترقب تطور الأحداث دون أن تظهر في الصورة بناء على توصية راعيتها الولايات المتحدة، وتنتظر بهدوء جني مكاسب إستراتيجية من سحق عدو قديم لها.

   وفي ذلك قال محللون إستراتيجيون إسرائيليون "إن هذه المكاسب تشمل القضاء على أي تهديد نووي عراقي في المستقبل، وعلى أي تحركات محتملة من جانب أي دول عربية معادية أخرى"، كما أطلق عدد كبير من جنرالات وساسة وباحثي ومحللي الدولة الصهيونية العنان لجملة من التصريحات والتحذيرات والتهديدات الموجهة للفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والإيرانيين، وإلى كل العرب عموما، غير أن الأهم فيها هو الإجماع الإسرائيلي على الحصاد الإستراتيجي الذي كان من نصيب الدولة الصهيونية على صعيد المنطقة كلها.

فإن كان كولن باول قد تعهد إبان العدوان على العراق بـ"أن الحرب على العراق ستحرر إسرائيل والشرق الأوسط من التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها الرئيس العراقي، صدام حسين"، مؤكدا: "لا تخطئون الظن، سنجرد صدام من أسلحته، سنحرر العراق، سنزيل التهديد عن إسرائيل والشرق الأوسط "، فقد اعلن عدد من جنرالات الدولة الصهيونية" أن إسقاط النظام العراقي حقق المصالح الإستراتيجية لإسرائيل"، فهذا عوزي عراد، رئيس وحدة التحليل الإستراتيجي في "مركز هرتسليا" متعدد الاتجاهات الذي شغل في السابق منصب مدير قسم الأبحاث في جهاز (الموساد) الإسرائيلي، يرى "أن سوريا وإيران ستقعان بين (فكي كماشة مرعبتين)"، والجنرال موفاز يعلن قبل العدوان بأيام "أن تحقيق الولايات المتحدة النصر في العراق ونجاحها في إزالة النظام العراقي سيؤدي إلى: إخراج العراق كدولة عربية من دائرة العداء لإسرائيل"، مضيفا: "حتى لو استطاعت الولايات المتحدة حرمان العراق من المعادن المستخدمة في صناعة أواني الطهي، وليس فقط أسلحة الدمار الشامل، فإن البنية التحتية العلمية والتقنية فضلاً عن الإدارة السياسية تمكن النظام الحاكم من إعادة الكرة وإنتاج أسلحة أكثر فتكاً ومن ضمنها الأسلحة الذرية".

الأمر الذي سرعان ما تناولته ببالغ الغطرسة تصريحات وتعليقات ما بعد (سقوط بغداد)، حيث أعلن الناطق إلاسرائيلي الرسمي عاموس جلعاد "بدون العراق ليس هناك إمكانية لقيام جبهة عربية موحدة على حدودنا الشرقية"، ليأتي الجنرال باراك يؤكد بدوره على: "إن العراق كان حجر أساس في الجبهة المواجهة لإسرائيل ولم يفوت أي معركة"، بينما كتب عوزي بنزيمان الكاتب والمحلل الإسرائيلي المعروف قائلاً: "إن القضاء على القوة العسكرية العراقية يزيل من أمام إسرائيل تهديداً من الوزن الثقيل، بعد أن خرجت مصر من دائرة العداء المحيطة بإسرائيل، وقد انتهي الآن الخطر من جهة الشرق، ولأول مرة تصبح إسرائيل في ظل حدود آمنة من الجيوش النظامية، ولم يبق سوى الحدود الشمالية كجبهة محتملة"، غير أن هذه الجبهة لم تسلم أيضا، فما يجري اليوم في سوريا هو من تداعيات ونتائج ما جرى في العراق، ولكن تحت يافطة "الربيع العربي"، وقد قلنا ونقول لكل الذين ينخرطون في تأييد التدخلات الخارجية في سوريا: و"لنا في العراق عبرة"!

التعليقات