16/01/2014 - 16:04

تحرير العيساوي كانتصار على إدارة الجامعة العبرية../ مجد حمدان

لا يُمكن الحديث بدقّة عن معنى انتصار الأسير المُحرّر سامر العيساوي، بالنسبة للحركة الطلّابيّة في القدس، دون التطرّق لمعركة الحركة مع إدارة الجامعة العبريّة، والتي وصلت ذروتها في الأسابيع الأخيرة بعد قرار إدارة الجامعة تجميد عمل التجمّع الطلّابيّ الديمقراطي

تحرير العيساوي كانتصار على إدارة الجامعة العبرية../ مجد حمدان

لا يُمكن الحديث بدقّة عن معنى انتصار الأسير المُحرّر سامر العيساوي، بالنسبة للحركة الطلّابيّة في القدس، دون التطرّق لمعركة الحركة مع إدارة الجامعة العبريّة، والتي وصلت ذروتها في الأسابيع الأخيرة بعد قرار إدارة الجامعة تجميد عمل التجمّع الطلّابيّ الديمقراطي.

على مدار السنتين الأخيرتين، نادت الحركة الطلّابيّة في الجامعة العبريّة بضرورة "الخروج من أسوار الجامعة"، والالتحام مع قضايا شعبنا الفلسطيني، وخاصّة في القدس، وتمثّل ذلك في العديد من البرامج والمُظاهرات والفعّاليّات المُختلفة في الشيخ جرّاح والعيسويّة وسلوان، وزيارات أهالي الأسرى، والأسرى المُحرّرين، والتطوّع في المدارس ومخيّمات الأطفال.

كما ظهر الخروج من الأسوار بشكل صارخ في إضراب العيساوي، تعبيرا عن موقفٍ أخلاقيٍ وسياسيٍ: الحركة الطلّابيّة في الجامعة العبريّة هي جزء حيّ من الحركة الطلّابيّة الفلسطينيّة، ومن هنا تنطلق في تصعيد نضالها في قضايا شعبها الحارقة، رافضة كلّ مشاريع ومحاولات الأسرلة، التي تهدف لعزل الطلّاب العرب عن أيّ نشاط سياسيّ ونضاليّ يرتبط مع قضايا شعبهم.

تفاجأت إدارة الجامعة العبريّة (وأمنها)، من صلابة الحراك الطلّابيّ وسرعة تكوّنه وتفاعله خلال الأيام الثمانية للحرب العدوانية على غزّة (نهاية العام 2012)، والذي لم يتوقّف إلّا مع توقّف العدوان، بعد مواجهات بين الطلّاب العرب وشرطة الاحتلال في القدس، والتي تعاون معها بشكل تامّ أمن الجامعة، حيثُ شارك في قمع المظاهرة والاعتقالات التي طالت الطلّاب المُتظاهرين.

منذ بداية إضراب العيساوي، بدأت الحركة الطلّابيّة بتنظيم الفعّاليّات الداعمة لمعركته -معركتنا- خلف القضبان، ودعت مرارًا للمٌشاركة في البرامج الداعمة للأسرى التي تُنظّم في القدس، وفي باب العامود تحديدًا. ومع اشتداد اضرابه، صعّدت الحركة الطلّابيّة من نشاطها، ليشمل: مظاهرات داخل الجامعة وتوزيع مناشير وإعداد فيديوهات وكتابة شعارات داخل السكن الطلّابي وزيارات لبيت ولعائلة الأسير، والأهمّ، نقل المظاهرة المركزيّة من مدخل الجامعة إلى مدخل السكن الطلّابيّ (بجانب مقهى "أروما")، لتُشكّل ضغطا أكبر، كونها "تُعيق" و"تُزعج" أحد أهم المراكز في جبل المشارف، وظهر ذلك بشكل واضح من خلال همجيّة الشرطة في قمعها للمظاهرات بقوّة، وفي الاعتقالات التي نفذّت في المظاهرات، ومن داخل السكن الطلّابيّ.

على خلفيّة هذا النشاط المُكثّف، وخصوصًا في ظلّ تواجد حركات طلّابيّة صهيونيّة مُتطرّفة، تُحارب وتُحرّض بشكل مُستمرّ على الحركات الطلّابيّة العربيّة، ازدادت التضييقات شدّة على الحركة الطلّابيّة العربيّة في نهاية العام الماضي، حيث شملت إلغاء برامج طلّابيّة عربيّة والمماطلة في الطلبات لتنظيم فعّاليّات داخل الجامعة والتهديد المُستمرّ باستدعاء النّاشطين إلى لجان الطاعة، ووصلت مؤخّرًا إلى تجميد عمل التجمّع الطلّابيّ.

ما يلفت الانتباه أيضًا أنّه في ظلّ هذه التضييقات تتمتّع الحركات الطلّابيّة الصهيونيّة بمساحة واسعة جدًا للنشاط، حيث تُساعدها إدارة الجامعة في تنظيم برامجها في الجامعة والسكن الطلّابي، بينما يُمنع النشاط بشكل مُطلق أمام الحركات العربيّة.

في السّطر الأخير، فإنّ إدارة الجامعة وشرطة الاحتلال في القدس يعملان بنفس السّياسة العنصريّة القمعيّة، مع اختلاف أدوات القمع لدى كل جهة. الشرطة تستعمل أدوات الاعتقال والتحقيق وفرض القيود والاعتداء والتنكيل، بينما تستعمل الجامعة أدوات التجميد وإلغاء البرامج الطلّابيّة ولجان الطاعة، لكن كليهما يتّجهان لإخماد الصوت العربيّ، وكسر الحراك الطلّابيّ، ووضع حدّ لتأثير الحركة الطلّابيّة ونشاطها بين الطلّاب العرب.

الحركة الطلّابيّة أعلنت أنها ستستمرّ في نشاطها، مع موافقة الجامعة أو بدونها، فواجبنا الأخلاقيّ والإنسانيّ والوطنيّ لا ينتظر موافقة من إدارة الجامعة، كما أنّ رفضنا، وإعلان موقفنا، ضد الإعدام البطيء الذي يواجهه أسرانا خلف القضبان، وضدّ آلة الحرب الإسرائيليّة التي قتلت المئات من أبناء شعبنا في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، وضدّ نكبة ثانية في النقب (مخطط برافر ومسمياته كافة).. كل ذلك لا يحتاج لتوسّل من عميد الطلبة.

السؤال الآن، ما هي الأدوات التي ستستعملها الآن إدارة الجامعة ضد التجمّع الطلّابي المستمرّ في نشاطه رغم التجميد؟ وخصوصًا مع زوال قواعد اللعبة "المُتّفق" عليها؟ والسؤال الأهمّ، ما هي الأدوات التي ستتبعها أحزابنا وحركاتنا السياسيّة، لوضع حدّ لمُمارسات الجامعة العنصريّة، ولكشف عنصريّتها وتعاونها مع شرطة الاحتلال، وخصوصًا في ظلّ انضمام جمعيّات وأطر تضمّ آلاف الأكاديميين في العالم للمُقاطعة الأكاديميّة لإسرائيل؟ ومتى ستلتفت "لجنة المُتابعة العليا لعرب الدّاخل" لقضيّة التضييقات والملاحقات ضدّ الحركات الطلّابية العربيّة ونُشطائها، كي تستمرّ الحركات الطلّابيّة بنشاطاتها، بعد أن كسرت حاجز الخوف، لتبقى ملتحمة بقضايا شعبنا؟

فور سماعها النبأ عن قرار الإفراج، قالت والدة سامر العيساوي: "أشكر أولاد الجامعة أولا".. فهل وصلت الرسالة؟

التعليقات