07/06/2014 - 16:18

أسرانا .. "وسلام على حائط الصوت"../ جميل حامد

نختلف على من يكون وزيرا للأسرى في حكومة المصالحة والوحدة، ولا نصدر حتى بيانا، ندعو فيه جماهيرنا إلى وقفة مع الأسرى باسم المصالحة، ونختلف على وزير الخارجية، ولم نسمع بسفارة من سفاراتنا الكثيرة التي تستنزف قوت أطفالنا بميزانياتها، تعلن عن وقفة في باريس، أو جنيف، أو أية عاصمة غربية أو عربية

أسرانا ..

نختلف على من يكون وزيرا للأسرى في حكومة المصالحة والوحدة، ولا نصدر حتى بيانا، ندعو فيه جماهيرنا إلى وقفة مع الأسرى باسم المصالحة، ونختلف على وزير الخارجية، ولم نسمع بسفارة من سفاراتنا الكثيرة التي تستنزف قوت أطفالنا بميزانياتها، تعلن عن وقفة في باريس، أو جنيف، أو أية عاصمة غربية أو عربية

 

وأنا أتوقف يوميًّا، أمام خيمة الاعتصام التضامنية مع أسرانا وإخوتنا وأبنائنا المُضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، أتوقف عند بعض ما قاله شاعرنا محمود درويش في قصيدته المعنونة "متر مربع في السجن"، التي يقول في بعض منها:

"زنزانتي لا تضيء سوى داخلي/ وسلامٌ عليَّ، سلامٌ على حائط الصوتِ/ ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي ههنا أو هناك/ أُحبُّ فُتاتَ السماءِ التي تتسلل من كُوَّة السجن/ مترًا من الضوء تسبح فيه الخيول/ وأشياءَ أمِّي الصغيرة/ رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاجِ/ أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريفِ وبين الشتاءِ/ وأبناءَ سجَّانِنا/ والمجلاَّت فوق الرصيف البعيدِ/ وألَّفْتُ عشرين أُغنيةً في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيهِ/ حُرّيتي: أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ/ وحريتي: أنْ أوسِّع زنزانتي/ أن أُواصل أغنيةَ البابِ/ بابٌ هو البابُ/ لا بابَ للبابِ".

ولأنه سلام على حائط الصوت، سلام على الشارع الذي اختار الصمت، سلام على الهمة التي كانت وخبا صوتها، لتدخل في حائط من الصمت واللامبالاة.

ولأن رائحة البن في ثوبها، من المؤسف أن تقف الأم الفلسطينية وحيدة وحزينة، أمام خيمة تزينها الشعارات وتهجرها الحناجر.

ولأنها الحرية تشتعل بوقودها داخل السجون، ولأنها الحرية مشاعل ترفعها سواعد المناضلين، للأسف يقف في الجانب الآخر "قادة" الحركة الأسيرة على دوار المنارة في رام الله، وعلى مدخل خيمة الاعتصام في مدينة البيرة، ينظرون الى بعضهم وإلى القلة القليلة من أبناء شعبنا التي تشاركهم وقفاتهم التضامنية، واعتصاماتهم ومسيراتهم التضامنية مع الأسرى في إضرابهم الذي تجاوز الثلث الأول من شهره الثاني، ينادون وينتقدون قلة المشاركة، واعتكاف الجمهور الفلسطيني عن إطلاق هبّة تتناسب وحجم الإضراب والتضحيات والمخاطر التي تتهدد حياة أسرانا.

نعم، وصل بنا الحال لأن تتحول عناوين مسيراتنا من توجيه النقد للاحتلال، وتحميله كامل المسؤولية عن حياة إخوتنا وأبنائنا في السجون الإسرائيلية، الى تحميل أنفسنا جزءًا من المسؤولية.

نعم، وصل بنا الحال لنتحسر على أيام الانتفاضة الأولى، وبياناتها التي كانت تصدر وتصل لكافة أبناء شعبنا، وفي كافة أماكن تواجده بنفس اللحظة وبروح الأرض والإنسان، ليلتزم بها الطفل قبل الختيار، والعامل قبل الفلاح. فأين نحن الآن، والى أين وصلنا؟

نعم، وصل بنا الحال لنستغرب صمتنا الآن أمام جريمة ترتكب بحق أسرانا الإداريين وبحقنا، كون الاعتقال الإداري لا يسلم منه أحدٌ.

نعم، نحن الذين خرجنا بالأمس القريب في احتفالات مجنونة، للاحتفال بفوز محمد عساف في برنامج غنائي، ننام الآن ونستذكر رقصنا، بالمقارنة مع صمتنا، تجاه من يرفعون علم القضية دون انصياع لمصطلحات المراحل.

نعم، هو الوجع الذي يصر على أن يدق أبواب بيوتنا كل صباح من صنيعتنا نحن، الذين نختلف على من يكون وزيرا للأسرى في حكومة المصالحة والوحدة، ولا نصدر حتى بيانا، ندعو فيه جماهيرنا إلى وقفة مع الأسرى باسم المصالحة، ونختلف على وزير الخارجية، ولم نسمع بسفارة من سفاراتنا الكثيرة التي تستنزف قوت أطفالنا بميزانياتها، تعلن عن وقفة في باريس، أو جنيف، أو أية عاصمة غربية أو عربية.

نعم، نحن فقط نسمع صباح الخير لأسرانا عبر المذياع، مع كل يوم تصر به المذيعة، لأن تختتم بعبارة "إن شاء الله شربتم قهوتكم اللزيزة" مع جوع وعطش أسرانا.

نعم، نحن من نسينا "أناديكم.. وأشد على أياديكم"، لشاعرنا المرحوم توفيق زياد .. لنسمعها على منارة رام الله نقدا للقيم، وليس شحذا للهمم!؟
 

التعليقات