12/04/2016 - 17:06

أنماط متشابهة من دراوشة إلى بهلول

لن يجد عضو الكنيست من حزب العمل زهير بهلول من يرفعه على الأعناق على غرارما حدث مع سلفه عبد الوهاب دراوشة

أنماط متشابهة من دراوشة إلى بهلول

لن يجد عضو الكنيست من حزب العمل زهير بهلول من يرفعه على الأعناق على غرارما حدث مع سلفه عبد الوهاب دراوشة، الذي استقال من ذاك الحزب احتجاجا على سياسة تكسير العظام التي مارسها يتسحاق رابين خلال الانتفاضة الأولى، وذلك لسببين: الأول أن جماهيرنا كانت أكثر سذاجة؛ والثاني أن دراوشة كان أكثر ذكاء.

لقد غفرت جماهيرنا بجرة قلم لدراوشة ماضيه 'العريق'، وهو الذي نشأ في كنف السلطة، وتدرج في مناصب الإدارة والتفتيش وصولا إلى عضوية الكنيست، في حينه، من خلال قائمة المعراخ. غفرت له وكافأته ليس بحمله على الأعناق فقط في مظاهرة التضامن مع الانتفاضة التي جرت في الناصرة، بل بإيصال حزبه الذي تأسس لاحقا إلى الكنيست أيضا.

بعد استقالة دراوشة عام 1988 تبدلت في حزب العمل العديد من الوجوه العربية، آخرها زهير بهلول الذي تدرج هو الآخر كسلفه من خلال مهنته كصحفي في وسائل إعلام السلطة المسموعة والمرئية، قبل أن يتخذ من مرحلة البحث عن طريق العودة إلى البيت نقطة انطلاق جديدة لدخول السياسة من باب أحزاب السلطة (حزب العمل تحديدا) وفي إطار تحالفه الصهيوني.

وفي معرض 'التدليل' على نفسه عشية انتخابات الكنيست الأخيرة لم 'يخلف' الشاري كثيرا مع بهلول، علما أنه غمز باتجاه حزب العمل، بواسطة تصريحاته المتأسرلة على غرار مطالبته 'عرب إسرائيل أن يقبلوا الرواية التاريخية الإسرائيلية اليهودية كمشروع'. وقوله 'إننا كمواطنين عرب بحاجة إلى تحويل جنسيتنا الإسرائيلية لمصدر فخر لنا'. والادعاء بأن احدى المشاكل الرئيسية هي قيام اليهود بالخلط بين المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، على حد تعبيره.

باختصار هو طوال حياته حاول أن يكون 'عربيا جيدا'، كما وصفه غدعون ليفي في مقال نشرته 'هآرتس' هذا الأسبوع، مشيرا إلى أنه قبل شهر فقط تفاخر بأنه نجح في تحقيق حلم طفل عربي من الناصرة أراد التقاء نتنياهو، وفي يوم المرأة العالمي اختار لوسي هريش (إياها) لتكون بطلته، وقبل شهرين فقط شارك في مؤتمر اللغة العبرية في 'ريشون لتسيون'، وكان محبوب الإسرائيليين وانقلبوا عليه فجأة لمجرد أنه تساءل خلال لقاء في عكا، لماذا يحق للمنظمات الصهيونية مقاومة الانتداب البريطاني وإقامة دولة، وصفها بأنها 'مدهشة'، ولا يحق للفلسطينيين فعل ذلك، وقوله خلال لقاء في 'غالي تساهل' إنه يجب التمييز بين المقاومة التي تستهدف المدنيين والتي يصح وصفها بالإرهاب، والمقاومة التي تستهدف العسكريين والتي لا يصح تسميتها بالارهاب، في إشارة إلى عملية الخليل التي استهدفت جنودا وتم الإجهاز على أحد منفذيها وهو ملقى على الأرض.

فجأة لمجرد صحوة أو ربما تكون زلة لسان سقط هذا 'العجيب' زهير بهلول، وانهال عليه اليمين واليسار وفي مقدمتهم زعيم حزبه نفسه الذي تنصل من أقواله وأدانها، ولم يشفع لبهلول تمسحه بالمجتمع الإسرائيلي وتمسده بقيمه ولا فصاحة لسانه المتعبرن، ولا هو وجد من يعينه ويقف معه خارج وداخل حزبه، حزب العمل، الذي أثبت مرة أخرى، أنه لا مكان فيه، ولم يكن أبدا، لعربي مستقيم، بل هو يريدهم 'كذابين' و'عملاء'، على حد تعبير غدعون ليفي، الذي يرى أن بهلول خرج من الخزانة، خزانة الأكاذيب التي يجب على كل 'عربي جيد' الاختباء بها، وهو لن يعود إليها بفضل جرأته بل بفضل رفاق حزبه في اليسار/ المركز الذين لن يسمحوا له بذلك لأنه في إسرائيل، 'لا يوجد مكان حتى للعرب أمثالك لأنك بنظرهم أنت أيضا 'زعبيز'، كما يقول غدعون ليفي.

أما نحن فبالرغم من إدراكنا لمأزق بهلول بعد انزياح مواقف حزب العمل نحو اليمين، ما يسحب منه حتى مجرد الادعاء الذي تستر به سابقيه من عرب حزب العمل من جنوح إلى الصلح والمفاوضات مع الفلسطينيين ، مع إدراكنا لذلك، فإننا لا نرى بهلول خارجا من حزب العمل، لا مرفوعا على الأكتاف على غرار دراوشة، ولا جاثيا يستجدي التوبة من شعبه بل ربما نجده متنصلا من تصريحاته، ومعتذرا عن زلة لسانه. 

التعليقات