21/11/2017 - 20:46

نتنياهو تفادى رؤية الجريمة الحقيقية!

واليوم، وتزامنا مع وصوله القرية، اعتصمنا قبالة المركز الجديد احتجاجًا على سياسته العنصرية ولنؤكد أنه ضيف غير مرغوب فيه البتة. طالبنا بتصحيح الواقع الكارثي الناجم عن سياسة العنصرية والتهميش والتمييز، وكسر الحصار عن قريتنا. كان حريّا بنتنياهو إزالة جدار الفصل

نتنياهو تفادى رؤية الجريمة الحقيقية!

بمراسمَ احتفاليةٍ، افتتح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي الإسرائيليّ، غلعاد أردان، محطة الشرطة في قريتنا الساحلية، وسط حضور المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، وعدد كبير من الضباط وقوات الأمن الإسرائيلي.

فجأة، أصبحت جسر الزرقاء مركز اهتمام نتنياهو الذي لم تطأ قدمه القرية طيلة فترات توليه رئاسة الحكومة الأربع، رغم أنه يجاورنا ويقطن في مدينة الأثرياء قيساريا. لم يستمع نتنياهو يوما لصرخة أهالي القرية ونضالهم ضد العنصرية والظلم والحصار، وبدل الاستجابة، يقوم بخطوات متطرفة وعنصرية أكثر، تكرّس الفصل والتفرقة وتشدّد قبضة الحصار علينا وتقتحم حياتنا وموروثنا الحضاري والثقافي وتخلّد الواقع المأساوي. وكان أخر هذه الخطوات اقتراح قانون منع الآذان الذي نبع من بيته، ناهيك عن الاعتراض الشرس لسكان قيساريا على مخططات توسيع وتطوير جسر الزرقاء. 

جاء نتنياهو للقرية بمروحية عسكرية ورفض الدخول من خلال النفق الضيق "بوابة الزمن"، كي لا يرى إسقاطات سياسته العنصرية التميزية التي أوصلت قريتنا لوضع كارثي. حاول نتنياهو تفادي رؤية الجريمة الحقيقية التي يرتكبها هو وترتكبها حكومات إسرائيل المتعاقبة بحق أهلنا على مدار عقود. تجاهل المعاناة والضائقة والظلم والتهميش الصارخ واغتصاب الإنسانية والوجود. 

جاء ليثبت مقولته "لن تكون دولة داخل دولة" ولن يسمح بما يسميه "الانفلاتَ الأمني"  بالمجتمع العربي، وليكسب رضا أغنياء قيساريا وجمهور ناخبيه اليميني المتطرف على حسابنا. يبرق نتنياهو رسالة لمجتمعنا مفادها "أنا قادر على فرض سياسة السيطرة والتطويع والتدجين على العرب وتجنيد الشباب لصفوف الشرطة". قبل هذا كله، قبل مراسم نتنياهو الاحتفالية هذه، تحول  محيط المجلس المحلي وشاطئ البحر لمنطقة أمنية مغلقة وجرت ملاحقة الناشطين واستدعاء عدد من الشباب للتحقيق على خلفية نشر موقف ورأي مناهض للشرطة ولزيارة نتنياهو.

واليوم، وتزامنا مع وصوله القرية، اعتصمنا قبالة المركز الجديد احتجاجًا على سياسته العنصرية ولنؤكد أنه ضيف غير مرغوب فيه البتة. طالبنا بتصحيح الواقع الكارثي الناجم عن سياسة العنصرية والتهميش والتمييز، وكسر الحصار عن قريتنا. كان حريّا بنتنياهو إزالة جدار الفصل العنصري القائم بين قيساريا وجسر الزرقاء، والذي يجسد التفرقة بين العربي واليهودي وبين الفقير  والغني، قبل افتتاح محطة شرطة. 

تغيير السياسات قبل إقامة البنايات

لن يتحقق توفير الأمان وضمان سلامة المواطن الجسراوي بتشييد البنايات ورصد الميزانيات، طالما لم تغيّر الشرطة الإسرائيلية السياسات والممارسات العنصرية والعدائية تجاه المواطنين العرب.

المطلوب، وقبل زيادة عدد أفراد الشرطة والموارد، بلورة خطة عمل وبرنامج مهني شامل وتفصيلي لمحاربة العنف والجريمة، يشمل أهدافًا محددة وجدولا زمنيا. بناء هذا البرنامج يكون بالمشورة والتعاون مع القيادات العربية ورؤساء السلطات المحلية والمؤسسات الأهلية والمهنيين والمختصين، ويلبي احتياجات ومطالب مجتمعنا ويتلاءم وواقع وخصائص ودوافع الجريمة والعنف في البلدات العربية.

لا تزال أنماط التعامل ومحاربة الجريمة التي تنتهجها الشرطة مبنية على عقلية استخباراتية وعنصرية. وبدل توفير الأمن للمواطن العربي وتقديم الخدمات اللازمة، يواجه هذا المواطن عداءً وعنفا شرطيا خلال نضاله الشرعي والمدني من أجل تحصيل الحقوق، وتقاعسا في معالجة شكواه وتوجهاته وحمايته من المعتدين والمجرمين، ومثال صارخ على ذلك مقتل عشرات النساء العربيات اللواتي أبلغن الشرطة عن تعرضهن للتهديد والملاحقة وأن حياتهن معرضة للخطر ولم تفعل الشرطة شيئا بهذا الشأن، بل تجاهلتهن حتى لقين مصائرهنّ وقتلن.

جسر الزرقاء تعيش حصارًا على مستويات الحياة المختلفة، وتعاني أزمة سكنية واكتظاظا لجانب الوضع الاقتصادي المتدني، ولا تملك احتياط أراضٍ عامة للتطوير والبناء. إننا نحتاج كل قطعة أرض لبناء ناد للشباب أو حديقة عامة، وليس لإقامة محطة شرطة بمساحة 600 متر على حساب أرضنا. بإمكان الحكومة تخصيص أرض خارج نفوذ وحدود القرية وتعزيز الموارد وإضافة أجنحة لمحطة الشرطة في زخرون يعقوب، والتي توفر الخدمات للقرية وللبلدات في المنطقة وتبعد مسافة 5 دقائق سفر فقط. 

المحطة ليست حلا ولن تأتي بالثمار وحدها. فالواقع أنه  يعمل في القرية 15 شرطيا وضابطا منذ شهر أيار الماضي، من خلال نقطة الشرطة القائمة منذ أكثر من عقد، فيما لا تزال ظاهرة العنف والجريمة حاضرة وبقوة. شهدت القرية 6 جرائم قتل في غضون 3 سنوات. جريمة القتل الأخيرة في القرية، والتي حصدت روح الشاب محمد زايط، الذي كان شاهدا على جريمة قتل وقعت قبل عامين، دليل على أن الشرطة تقاعست في حماية الشاهد كما فشلت في إرساء الأمن والأمان الشخصي والعام، تماما كما تقاعست نفس الشرطة في اجتثاث الجريمة من الطيبة وكفر قاسم وأم الفحم وكفر كنا رغم المحطات الشرطية الحاضرة منذ زمن.

 اقرأ/ي أيضًا | "الشرطة تتمدد... والجريمة كذلك"

 

التعليقات