11/10/2018 - 00:12

حيفا: حتّى لا تلتقي الثقافة الفلسطينيّة مع مصالح إسرائيل

حيفا: حتّى لا تلتقي الثقافة الفلسطينيّة مع مصالح إسرائيل

جانب من "تطوير" البلدة التحتى المهملة عقودًا، منذ النكبة | haifahaifa

 

لا شكّ في أنّ مدينة حيفا، غدت في العقدين الأخيرين، مركزًا ثقافيًّا بارزًا للفلسطينيّين، ولا سيّما في الأراضي المحتلّة عام 1948، على صعيدَي الإنتاج والاستهلاك الثقافيّين، وأصبح بالإمكان ملاحظة فضاء عامّ مدنيّ فلسطينيّ أصيل ومتنوّع، يجمع في طيّاته شرائح مختلفة، من الفنّانين والمبدعين والناشطين والمثقّفين والطلّاب، الّذين يتفاعلون داخل هذا الفضاء.

 

قفزة... وأسئلة

في الأعوام الخمسة الأخيرة؛ شهدنا قفزة نوعيّة على صعيد المبادرات والعمل الثقافيّ الفلسطينيّ داخل المدينة، منها مهرجانات الأفلام، والمسارح، والمواقع الإعلاميّة، والمقاهي، والنوادي الّتي تستوعب الحياة الليليّة، وتأسيس مساحات جديدة عدّة لم يشهدها المجتمع الفلسطينيّ سابقًا، تحاكي مشهدًا عالميًّا، يعتمد العديد منها على خيار الاستقلال الذاتيّ، ورفض التمويل من المؤسّسة الإسرائيليّة.

هذا التطوّر الملحوظ، لم يكن منعزلًا عن تحوّلات تحدث داخل المدينة، والحالة الإسرائيليّة المنفتحة على التوجّهات "النيوليبراليّة"، وسعي بلديّة حيفا نحو تنفيذ مشروعات التجدّد الحضريّ Gentrification، ولا سيّما في منطقة المدينة القديمة، حيث تحوّلت البلدة التحتى - شارع يافا تحديدًا، وهو الشارع الّذي كان عصب المدينة التجاريّ قبل النكبة - في العامين الماضيين، إلى منطقة تعجّ بالمقاهي والحانات ذات الأفكار والهويّات المتنوّعة، منها مجموعة كبيرة من محالّ لفلسطينيّين، تستقطب كلّ أسبوع الآلاف من حيفا وخارجها، عربًا ويهودًا.

 

شارع الملوك في حيفا بين الأعوام 1934 - 1938 | Wikimedia 

 

مَن سكن حيفا وغاب عنها خلال العامين الماضيَين، ثمّ عاد، سيلحظ بكلّ تأكيد التغييرات الحاصلة في البلدة التحتى، مع أسئلة عديدة يطرحها المشهد الجديد، متعلّقة بالغربة والانتماء إلى المكان، حول الهويّة السياسيّة والفعل الثقافيّ.

ولعلّ المميّز السوسيولوجيّ الأساسيّ للفلسطينيّين في أراضي 48، بعد النكبة، غياب المدينة؛ إذ بقوا على أرضهم في هوامش الريف الفلسطينيّ، بعد أن حطّم قيام إسرائيل مشروع المدينة الفلسطينيّة، حسب ما كتبه عزمي بشارة عام 1998 حول غياب المدينة، في مقدّمة "الخطاب السياسيّ المبتور". يظلّ استدعاء هذه المقالة أمرًا ضروريًّا، عند تناولنا موضوع المدينة للفلسطينيّين في أراضي 48؛ إذ يقول بشارة: "غياب المدينة يعني غياب ’المركز الثقافيّ الموحّد‘، وغياب الجامعة و’المكتبة الوطنيّة‘، و’المسرح القوميّ‘، و’دار النشر الوطنيّة‘، ومقاهي المثقّفين، غياب المجتمع الفرديّ، والطبقة الوسطى المبلورة حول مطامح سياسيّة، ومشروع سياسيّ قوميّ، غياب المدينة يعني غياب المجتمع المدنيّ"، لكن في المقابل ما كتب عن غيابه بشارة، قبل عقدين من الزمن، يبدو اليوم عام 2018، وكأنّ المشهد اختلف؛ فالعديد ممّا غاب عنّا يحضر بشكل أو بآخر في مدينة حيفا، جزء منه مرتبط بالمؤسّسة الإسرائيليّة، وجزء منه مشاريع مستقلّة تمامًا عنها وتتوسّع كلّ يوم.

وسط هذا المشهد المركّب والمتسارع، والّذي ما زال في طور تشكّل مستمرّ، افتُتحت في الأشهر الأخيرة، مبادرات ومحالّ ثقافيّة فلسطينيّة جديدة بارزة، يُتوقّع لها تأثيرها في المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ.

 

"بار وجاليري فتّوش": هويّة خارج الزمان والجغرافيا

واحدة من هذه المبادرات "بار وجاليري فتّوش" في شارع الميناء، الّذي كان افتتاحه الرسميّ قبل أيّام، بحفل موسيقيّ ضخم لعدد من الفنّانين الفلسطينيّين، وهو فرع جديد من "مقهى فتّوش" المعروف، يحمل نفس الروح لكن بضخامة وأفكار جديدة.

 

الشاعرة أسماء عزايزة

 

كلّ مَن يتمكّن من زيارة "بار وجاليري فتّوش" سيُصاب برهبة، شبيهة بتلك الّتي تصيبنا عند الدخول إلى متحف جميل في مدينة عالميّة، مع أنّ المكان بعيد كلّ البعد عن كونه متحفًا، إلّا أنّه يضمّ عشرات المقتنيات من حول العالم، جمعها صاحب" فتّوش"، وديع شحبرات، على مدار سنوات، لا تستطيع ملاحظتها وتأمّلها في زيارة واحدة.

أمّا شحبرات، الّذي التقيته في "فتّوش" الجديد، وكان منشغلًا بالتحضيرات الأخيرة قبيل الافتتاح الرسميّ، فقال إنّه يحقّق اليوم حلمًا أراده وعمل عليه منذ سبع سنوات.

إنّ المكان المكوّن من طابقين - حيث يطلّ الثاني على الأوّل ويكشفه - ضخم لمقهًى أو مطعم؛ لأنّه ليس كذلك فقط؛ إذ يضمّ في داخله مسرحًا لعروض موسيقيّة، ومعرضًا كبيرًا مخصّصًا للفنون التشكيليّة، وثمّة باحة خارجيّة تطلّ على الميناء ملاصقة لسكّة القطار - سكّة الحجاز قبل النكبة - حيث يمرّ كلّ فترة من الزمن قطار محمّل بالركّاب أو البضائع، تستطيع سماع صوته بكلّ قرب ومشاهدته.

"وديع هو أبو المشروع وصاحبه والحالم والمصمّم"، تقول الشاعرة أسماء عزايزة في حديثها عن هويّة "بار وجاليري فتّوش"، "الفكرة الأساسيّة أنّ هويّة المكان خارج الزمن والجغرافيا؛ إذ لا توجد حقبة زمنيّة واحدة. ثمّة أشياء جديدة ومعاصرة، وأنتيكا وتنوّع بالجداريّات والملصقات".

 

"بار وجاليري فتّوش" | إسكندر حلوة

 

وتضيف أسماء: "بعض المقتنيات عمرها أكثر من 100 عام، والديكور شرقيّ وغربيّ، وجزء من معالم المكان متعلّق بعالم الصناعة، ولا سيّما أنّنا قريبون من الميناء، وهذا نلاحظه بالسقف وأعمدة الإنارة، ثمّة أغراض من العالم الغربيّ الكلاسيكيّ كالبيانو والخزانة الّتي بجانبنا، وفي المقابل ثمّة مقتنيات من العالم العربيّ مثل ملصقات الأفلام الكلاسيكيّة المصريّة، وهذا كلّه متعلّق بذوق وديع؛ فهو يسافر إلى أسواق قديمة حول العالم ويجمع التحف، والموسيقى أيضًا؛ فهو قانٍ كبير للموسيقى؛ لذلك ثمّة مسرح للعروض الموسيقيّة، ويحبّ الفنون التشكيليّة؛ ولهذا كان المعرض في الطابق الأوّل. أراد لحبّه الشخصيّ للموسيقى والفنون، أن تُنشَأ مساحة للفنّانين الفلسطينيّين في البلد، ومساحة تستقبل الناس على تعدّد ثقافاتهم واختلافاتهم".

 

مجتمع معرفيّ مستهلك ومنتج للثقافة

تخبرني أسماء - وهي القيّمة على الفعاليّات الثقافيّة في" فتّوش"، بأنّ رؤية" فتّوش" دعم الأعمال الثقافيّة المحلّيّة، وخلق مجتمع فلسطينيّ معرفيّ مستهلك ومنتج للثقافة، وأنّه من خلال الاستهلاك ثمّة إمكانيّة لدعم الإنتاج.

"تميّز ’فتّوش‘ تاريخيًّا بدعم الإنتاجات المحلّيّة بشكل بسيط، نحن مجتمع يتيم ولا يوجد ’ورانا ضهر‘؛ لذلك من المهمّ أن يكون ’البزنس‘ مفتاحًا للدعم الثقافيّ"، تقول عزايزة، وتضيف: "كيف يعني منتج للثقافة؟ يعني مثلًا ’مهرجان الحكواتيّين السنويّ‘ الّذي نقيمه بالتعاون مع ’مسرح خشبة‘، سنعمل فيه مع فنّانين لإنتاج عروض خاصّة للمهرجان، وليس فقط العروض الموجودة؛ وهذا يشجّع ’ثيمة‘ الحكواتيّة أو ما يُعرف بـStory Telling . سيستضيف ’الجاليري‘ أعمالًا جاهزة، لكن سيشجّع أيضًا على إنتاج أعمال خاصّة؛ من خلال دعوة مفتوحة للفنّانين للعمل في معرض جماعيّ يحمل ’ثيمة‘ معيّنة، الفنّانون يقدّمون الطلبات، ونحن ندعم الإنتاج ثمّ نعرض الأعمال لمدّة أشهر، هذا لم يحصل سابقًا في حيفا أو أراضي 48. وثمّة مشاريع مستقبليّة متعلّقة بالموسيقى؛ من خلال إصدار ألبوم موسيقيّ للفنّانين الّذين عرضوا في ’فتّوش’".

 

الفنّان وديع شحبرات

 

لا يحمل "فتّوش" شعارًا سياسيًّا أو لونًا حزبيًّا، لكن لديه مقولة سياسيّة واضحة في دعم الثقافة الفلسطينيّة؛ إذ تقول عزايزة: "لدينا موقف سياسيّ؛ أنّنا لا نقبل التمويل الإسرائيليّ، ونعتمد على الاستقلال الذاتيّ. لا هدف سياسيًّا لدينا، لكن مجرّد وجودنا - كوننا مصلحة تجاريّة ربحيّة تدعم الثقافة - يمثّل مقولة سياسيّة. نمرّ في مرحلة أصبحت فيها أدواتنا السياسيّة باهتة، ولا تستطيع وحدها أن تحمينا، وثمّة حاجة إلى الثقافة لتكون حماية، وأداة تعبير وتوثيق وتأريخ ووجود. نحن موجودون لما ننتجه من ثقافة، و’فتّوش‘ يحاول أن يجعل هذه المساحة أوسع. عندما يرى الجيل الشبابيّ وجود إمكانيّة أن تؤسّس لمبادرات ثقافيّة، بحاجة إلى ’مغامرة‘ وتنجح... فهذا يصبح نموذجًا لهم ويشجّعهم على الإقدام لا الخمول، واليوم صرنا نشهد العديد من المبادرات الثقافيّة في حيفا، وهي تنجح أيضًا لأنّها تتعاون في ما بينها. أنا، على سبيل المثال، لم أزر معرض فنّ تشكيليّ فلسطينيًّا في طفولتي وشبابي... الآن، تهيّأت الإمكانيّة للجيل الجديد والجمهور العامّ؛ لزيارة معرض فنّ تشكيليّ فلسطينيّ، على مدار أيّام العام... وهذا ليس في أوروبّا أو صالات عرض إسرائيليّة. نجد العديد من الفنّانين الفلسطينيّين لم يجدوا فرصة لعرض أعمالهم الفنّيّة في حيفا؛ إذ - بكلّ بساطة - لا مكان مخصّصًا ومهنيًّا يستقبلهم غير إسرائيليّ. جيل كامل جديد من الموهوبين وذوي التجارب العالميّة، ويعملون بوسائط فنّيّة جديدة وغريبة لم نكن نعرفها، هم بحاجة إلى مساحات تستقبلهم".

 

لا تعنينا المؤسّسة الإسرائيليّة

ثمّ تضيف عزايزة عن المشهد الأوسع المتشكّل في حيفا، وسبب حدوثه تحديدًا في حيفا: "فكرة المقهى في المدينة مهمّة جدًّا... انظر مثلًا إلى العواصم الأوروبّيّة وغير الأوروبّيّة؛ فقد كان للمقاهي دور في خلق مشاريع ثقافيّة، وحتّى تأليف كتب داخل المقهى، في الأدب والفلسفة، شاركَت في النهضة؛ هكذا كانت حيفا ويافا والقدس قبل النكبة. ما يحدث مثل كرة الثلج... بدأ أوّل شيء مقهًى ثقافيًّا، ثمّ صحيفة، ثمّ مسرحًا، والعائلة بدأت تكبر وتكبر وتتنوّع، والناس يأتون ويستقرّون في حيفا، حيث يستهلكون الثقافة ثمّ ينتجونها، ويلتقون على أساس العمل الفرديّ أو الجماعيّ. ولحيفا مزيّة خاصّة؛ فهي مدينة طلّابيّة تجمع النخب فيها، ثمّة مَن بقي فيها بعد الدراسة، وقرّر أن ينخرط في هذا المشهد، ثمّ إنّ المشاحنات السياسيّة أقلّ وطأة من تلك الموجودة في يافا أو القدس، والمناخ السياسيّ فيها أفضل نسبيًّا، مع أنّ هذا لا يعني عدم وجود عنصريّة، ومقولات التعايش، الّتي تروّج حولها، تحمل زيفًا؛ ومع هذا فهي هادئة وذات هوامش تعبير وحرّيّة لا توجد في مكان آخر. انظر إلى ما حدث في عرض ’جوقة سراج’ في أُمّ الفحم مؤخّرًا... هذا لا يحدث في حيفا؛ مع أنّه ثمّة عروض في حيفا ذات تعبيرات وأشكال حرّة أكثر كثيرًا، ومن الممكن أنّ كلّ ذلك في حيفا؛ لأنّها على البحر أيضًا".

 

ملصق إحدى فعاليّات "بار وجاليري فتّوش"

 

في ظلّ هذا المشهد المزدهر للثقافة الفلسطينيّة، الحاصل داخل تطوّر المدينة الإسرائيليّة وتحوّلاتها؛ يبدو كأنّ بلديّة حيفا، الساعية في مشاريع التجدّد الحضريّ، لا تمانع في ما يحدث. سألت عزايزة عن مشهد "تقاطع المصالح"؛ فأخبرتني بأنّه لا تعنيها أبدًا المؤسّسة الإسرائيليّة، وما يعنيها ما نقوم به مجتمعًا فلسطينيًّا، "إذا كان ثمّة تقاطع مصالح بالخطأ وبغير الخطأ فلا يعنيني، أو إن كان يفيد على المدى البعيد المؤسّسة الإسرائيليّة، فالمهمّ جمهورنا الفلسطينيّ وما نفعل لأجله، وإذا كنّا في البلدة التحتى، فهذا لا يعني أنّنا نخدم بلديّة حيفا أو أنّنا جزء من مشروعها؛ نحن نسدّ ثغرات تنقصنا في المجتمع الفلسطينيّ... لم يكن لدينا في السابق معرض كتاب حقيقيّ، يجلب الكتب مباشرة من دور النشر العربيّة، وليس معارض كتب تجلب نسخًا مزوّرة، تخيّل أهمّيّة دخول آلاف الكتب ووصولها إلى مجتمعنا، ونوع المعرفة الّتي وصلتنا... هذه أمور متعلّقة بإنسانيّتنا... أن ترى شبابًا وصبايا يأتون ليسألوا عن أسماء معيّنة من كتب، لم تكن لدينا في السابق. ثمّة شريحة كبيرة يمكن أن تكبر من غير أن تقرأ، أو تسمع باسم كتّاب وشعراء مهمّين... نحن وغيرنا نحاول أن نسدّ ثغرات في الثقافة".

وعن مشاريع "فتّوش" القادمة، تقول عزايزة إنّ ثمّة معرضًا قيّمته رلى خوري، بعنوان "كأنّنا يا بدر، لا رحنا ولا جينا"، وهو مقتبس من "سرايا بنت الغول" لإميل حبيبي، يتناول "ثيمة" التسعينات، ويبحث في هذه الفترة سياسيًّا وثقافيًّا، وهي فترة ما بعد أوسلو والانتفاضة الأولى، وسيضمّ المعرض أعمالًا من سنوات التسعينات أو عنها، ويستمرّ أربعة أشهر، وبعدئذٍ سيكون معرض للفنّان عيسى ديبي، "سنعمل على أربعة معارض سنويّة فقط، سيكون كل شهرّ عرض أو عرضان للموسيقى الحيّة على المسرح، نستقبل مُسَطْوِنين (تعريب (DJ، من المهمّ تأكيد أنّنا لسنا ناديًا ليليًّا، ولن يكون ثمّة رقص، مَن يريد أن يرقص فهو حرّ بجسده، ويستطيع فعل ذلك، لكن لا ساحة رقص. قد يكون في المستقبل مهرجانات؛ فنحن ما زلنا في مرحلة استيعاب المكان الجديد، والوقوف بتحدّياته".

لقد أكّدت عزايزة أنّ المشاريع الثقافيّة، الّتي كانت قائمة في الفرع الأوّل، في جادة الكرمل – حيّ الألمانيّة، ستستمرّ في مكانها، كمعرض الكتاب وكلّ ما هو متعلّق بالمتجر.

 

إمكانيّات أكبر وهامش حرّيّة أوسع

عن أهمّيّة المساحات الجديدة هذه، كان لي حديث مع الفنّان جوان صفدي، الّذي اعتبر أنّ المشهد الثقافيّ في حيفا، يحدث رغمًا عن إسرائيل لا بفضلها، وأنّ حيفا العربيّة اليوم باتت تمتلك الأرضيّة اللازمة؛ لتشكّل مشهدًا ثقافيًّا حقيقيًّا؛ إذ أصبح فيها العديد من المحالّ المجهّزة؛ لاستقبال أنواع الفنون المختلفة والجمهور، حيث يتوافد إلى المدينة جمهور كبير وجيل جديد متعطّش للفنّ، "لا شكّ في أنّنا نجد في حيفا اليوم، إمكانيّات أكبر وهامش حرّيّة أوسع، ممّا نجده في مدن فلسطين الأخرى".

 

الفنّان جوان صفدي

 

أمّا على صعيد توسّع جمهوره؛ بسبب هذه المساحات الّتي أعطته الفرصة لتقديم عروض أكبر، فيؤمن صفدي بأنّ الجمهور سيتوسّع ويتنوّع في المرحلة القادمة، عندما يصبح لكلّ محلّ جمهوره، وتقام العروض لجمهور المحلّ وليس لجمهور الفنّان، كما يحدث عندما تتجوّل في مدينة أوروبّيّة - حسب قوله - وتكتسب جمهورًا جديدًا من كلّ محلّ تعرض فيه في نفس المدينة، بينما المشهد الحاليّ هو تتبّع جمهورك نفسه من مكان إلى آخر، في غالبيّة الأوقات".

 

"مساحة"... تقديم البديل الفلسطينيّ

إنّ المشاريع والأنشطة الثقافيّة الفلسطينيّة الجديدة والمبتكرة في حيفا، تبشّر بقدومها من غير مكان واحد، وهذا ما أخذني إلى "مساحة" في شارع البنوك، وخلافًا لما قد يظنّ الكثيرون؛ فإنّ "مساحة "ليست مقهًى أو حانة؛ إنّما شركة إنتاج ثقافيّ، حسب ما أخبرني به الفنّان المسرحيّ وسيم خير، أحد المبادرين إلى تأسيس "مساحة"، الّتي انطلقت قبل أشهر قليلة.

يقول خير عن المشروع: "نحن نتحدّث عن شركة إنتاج مستقلّة، تتعامل مع أنواع عدّة من الفنون، ولا سيّما الحركيّة والأدائيّة، وبرامج للفضائيّات، وإنتاج محتوًى في مواقع التواصل الاجتماعيّ. ثمّة عدد كبير من المشاريع في مرحلة الإنتاج حاليًّا، منها ما سيصدر في الأسابيع القريبة".

 

الفنّان وسيم خير

 

ويضيف خير: "مركزنا كما ترى مكوّن من ثلاثة طوابق: طابق خُصّص ’أستوديو‘ تصوير وتسجيل، وطابق مخصّص للعروض والورشات والندوات والأمسيات، والطابق الثالث ’مقهى وبار مساحة’، يفتح من الساعة الثامنة صباحًا إلى ساعات المساء المتأخّرة. إنّ وجود المقهى ضمن هذه المعادلة أمر مهمّ لنا؛ كونه مصدر تمويل ذاتيًّا؛ فنحن لا نتلقّى تمويلًا من أحد، والدخل يذهب لتمويل هذه المشاريع، الّتي نعمل فيها مع فنّانين مستقلّين وفرق فنّيّة. أسّسنا ’مسرح أنسمبل مساحة‘، ونعمل على إنتاج مشروع مسرحيّ، وثمّة مشروع ’مساحة يوتيوب’، الّذي سننتج فيه مجموعة من الفيديوهات الناقدة سياسيًّا واجتماعيًّا، منها ’الساتيرا‘ ومنها الترفيهيّة، ولدينا معدّات إضاءة وصوت، نقدّمها خدماتٍ مستأجَرة، وأحيانًا نقدّمها لبعض الفنّانين مجّانًا دعمًا لعروضهم. نهدف إلى خلق مساحة للفنّانين لعروضهم بلا مقابل، وتقديم خدمات فنّيّة؛ من أجل تطوير المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ في حيفا وخارجها".

 

"أنسمبل مساحة" ومشاريع أخرى

يضيف خير عن مشاريع "مساحة" القادمة:" مسلسل كوميديّ اجتماعيّ مستقلّ، عن طالبين جامعيّين يسكنان في شقّة مشتركة، ويدور حول حياتهما الطلّابيّة، وإضافة إلى ذلك سيُنفَّذ برنامج موسيقيّ اسمه ’ارتفاع حرّ‘، وهو تصوير لجلسة موسيقيّة تجمع فنّانين محلّيّين وأحيانًا عالميّين، مدّتها عشرون دقيقة. لدينا منحة خاصّة لطلّاب المسرح؛ إذ نقدّم لهم مستحقّات عام دراسيّ كامل في الجامعة، مقابل أن يعملوا في مشروع ’أنسمبل مساحة‘ المسرحيّ. تتوجّه إلينا مجموعات شبابيّة أحيانًا؛ تريد استخدام القاعة لدينا، نقدّمها لهم مجّانًا، ونؤجّرها أحيانًا لجهات مقتدرة ماليًّا، وقريبًا نستضيف في ندوة عضو برلمان من جنوب إفريقيا؛ للحديث عن تجربة ’الأبرتهايد’".

 

أمسية شعريّة في "مساحة"

 

ويضيف خير: "سنعلن إقامة مجموعة ورشات تدريبيّة وعمليّة في مجالات عديدة، مثل الكتابة المسرحيّة والإبداعيّة، ودورات في ’الأنيميشن’، وورشة تدريب وقوف أمام الكاميرا، وورشة للفنّ التشكيليّ، وغيرها، ثمّ إنّنا نسعى إلى تحويل المكان إلى مركز ثقافيّ، ونعمل على تأسيس صندوق دعم إنتاج، وهو عبارة عن تقديم منحة لفنّانين مستقلّين بلا شروط؛ فقط أن يأتوا ويعملوا. وقد بدأنا العمل على إنتاج ألبومات موسيقيّة، ونحن بصدد إطلاق ألبومين لفنّانين محلّيّين شباب، وأخيرًا سيكون مهرجان للمسرح المستقلّ في حيفا، تجري فيه منافسة على أفضل عمل مسرحيّ، وأفضل نصّ مسرحيّ".

 

أبواب مفتوحة... وتحدّيات

يخبرني وسيم بأنّ هذا المشروع جاء بسبب الحاجة، وبخاصّة أنّه مرّ في السابق بتجارب عديدة كونه فنّانًا مسرحيًّا، لم يجد فيها مكانًا كي يتدرّب ويعمل، وكان بحاجة إلى استئجار أماكن؛ الأمر الّذي يكلّفه كثيرًا مادّيًّا، "الفكرة وجود أبواب مفتوحة للفنّانين الّذين هم بحاجة إلى دعم، الآن ونحن نتحدّث، في الطابق الأوّل فرقة ’ضربة شمس‘، حيث يجرون تدريباتهم لعروضهم القادمة. إنّ فكرة المقهى أن يدعم ’البزنس‘ مشروعات الإنتاج".

يؤكّد خير أهمّيّة الاستقلاليّة الفنّيّة الثقافيّة، ومقاطعة المؤسّسة الإسرائيليّة في التعامل الثقافيّ، ويقول: "أنا لا أقول لأحد أن يقاطع أو لا يقاطع، لكنّني أقدّم البديل الفلسطينيّ".

سألته إن كان يتعرّض إلى مضايقات بسبب هذا التوجّه؛ فأخبرني بالنفي حتّى الآن، وأنّ ما يسري على الجميع يسري عليه، "لا أرفع الشعار السياسيّ... إيماني بالاستقلاليّة ودعمها، وكلّنا معرّضون في هذا الكيان إلى مضايقات، وشهدنا أماكن في حيفا تعرّضت، مثل ’أزاد‘ و’الورشة‘، وجرى إغلاقها، وفكرة مضايقتهم لنا مطروحة أمامنا".

 

ملصق إحدى فعاليّات "مساحة"

 

خير، الّذي يدرك أنّه قد يدخل مواجهة، وأنّه قد توضع العراقيل أمام مشروع "مساحة"، من قِبَل بلديّة حيفا - الأمر الّذي يحاول تجنّبه- يختلف مع فكرة التقاء المصالح، ويقول: "من الناحية النظريّة، قد يبدو الأمر صحيحًا أنّه يوجد التقاء مصالح، لكن على أرض الواقع غير صحيح. إنّ بلديّة حيفا تقدّم تسهيلات للمشاريع الّتي تفتح في البلدة التحتى حقيقة، لكن ليس للمشاريع العربيّة الفلسطينيّة. يحدّدون لك في اللافتة كم حرفًا تكتب، وماذا تكتب، وما لون اللافتة. أنا مثلًا - حسب بلديّة حيفا - مخالف للقانون؛ لأنّني لم أكتب بالعبريّة، ونتعرّض إلى تشديدات من هذا النوع، بينما المحلّات الإسرائيليّة لا تتعرّض إليها. يمنعوننا من وضع طاولات وكراسيّ في الخارج، ويفرضون لون الواجهة والشبابيك؛ بحجّة توحيد الشارع، لكن ثمّة محالّ أخرى لا يسألونها. تواجهنا مشكلة في مواقف السيارات، ولا يخصّصون لنا مواقف، عندما دخلنا هذا المكان واستأجرناه؛ ارتفعت ضريبة المسقوفات ’الأرنونا‘، ألف شيكل أكثر ممّا كان يدفعه الّذين كانوا قبلنا في المكان. نعاني تحدّيات عديدة، منها حصولنا بشكل نهائيّ على رخصة مصلحة".

 

ثقافة تحرّريّة؟

في حوار خاصّ أجريناه مؤخّرًا في فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة، مع الناقد والباحث إسماعيل ناشف، تطرّق فيه إلى المشهد الثقافيّ في حيفا، وإلى هذا الموضوع تحديدًا، قائلًا: "التجمّعات الصغيرة الّتي تشتغل على مشاريع محدّدة أمر مهمّ، مهمّ أن نجد هنا خمسة أشخاص يعملون على مشروع محدّد، أو أن نجد سبعة أشخاص يعملون على مشروع آخر؛ هذا يفتح أفقًا: أين سيذهب هذا؟ إنّه تحدّ، كيف سيحاربهم المستعمِر؟ أيضًا هو تحدّ. الأمور تسير الآن، وهذا الهامش المتاح داخل المنظومة الاستعماريّة مستمرّ، لكن متى ينتهي؟ وما اللحظة؟ لا نعلم. العلاقات جدّ هشّة، وبسهولة يمكن أن تنتهي؛ كيف سيكون ردّ فعلنا؟ وكيف سنرتّب أمورنا؟".

 

الباحثة يارا سعدي

 

وكما يقول ناشف؛ فالأمور تسير الآن والهامش مستمرّ، وإذا زرت شارع يافا في حيفا مساء يوم الخميس، فستراه يضجّ بالحياة والشباب القادمين للسهر، أو الاحتفال، أو المشاركة في نشاط؛ وهذا كان نتاج مشروعات، تعمل عليها بلديّة حيفا منذ سنوات عدّة، بدأت في البلدة التحتى، وسوف تستمرّ بنقل الميناء التجاريّ وفتح ميناء سياحيّ، ويصل مناطق عديدة ببعضها بعضًا، بدءًا من حيّ المحطّة والميناء إلى جادة الكرمل – حيّ الألمانيّة، مع البلدة التحتى، وصولًا إلى وادي الصليب، الّذي يتعرّض إلى عمليّات هدم لمنازل اللاجئين الفلسطينيّين الباقية والخالية، بعد تهجير أصحابها الأصليّين عام 1948، أو إعادة إصلاحها بطريقة عصريّة وبيعها. وكلّ مَن قام بجولة مع المؤرّخ جوني منصور أو الناشط والأكاديميّ عروة سويطات، في حيفا العربيّة، سيسمع أكثر حول هذه المشاريع ومحاولات تهويد المكان المستمرّة، ومصادرة الأوقاف الإسلاميّة بطرقٍ شتّى.

وعن هذا الموضوع، كتبت الباحثة يارا سعدي مقالًا مطوّلًا بعنوان "يوتوبيا ’اختلاف حيفا‘ ومحاولة ترويض الجسد الفلسطينيّ"، حلّلت فيه السياقات الّتي تجري فيها التحوّلات في البلدة التحتى، ودور البلديّة، ومكانة الفلسطينيّ ضمن هذه التحوّلات.

سألت يارا عن رأيها في موضوع "تقاطع المصالح" الحاصل - إن صحّ التعبير - وأهمّيّة وجود إنتاج ثقافيّ فلسطينيّ؛ فقالت: "لا شكّ في أنّ المشاريع الثقافيّة ذات أهمّيّة عالية وضروريّة في تطوير مجتمعنا الفلسطينيّ، ولا سيّما في أراضي 48، حيث نفتقر إلى حيّز عامّ حضريّ فلسطينيّ، لكن ليكون هذا الحيّز حقيقيًّا لماهيّته؛ علينا أن نفحص - بشكل مستمرّ - المنتوج الثقافيّ الّذي ننتجه؛ فهل هي ثقافة تحرّريّة ونقديّة وتراكميّة تفيد تطوّر مجتمعنا بشكل فعليّ؟ أم هي ثقافة تقليد موسميّة؟ ثمّ لأيّ مدًى تخضع هذه الثقافة للمشروع الاستهلاكيّ؟ وأيّ نوع سياسة تخدم؟".

 

الخضوع لشروط "المكان الإسرائيليّ"

تأتي أهمّيّة هذه الأسئلة - بحسب سعدي - في ظلّ واقع تطوّر الحيّز الحضريّ، في ما يُسمّى اليوم "البلدة التحتى" في حيفا، على ضوء تكاثر الأماكن التجاريّة والثقافيّة، والّتي اعتبرت نشأتها ليست صدفة، ولا ناتجة عن مبادرات شبابيّة فقط؛ بل "جرى التأسيس لها ضمن مشروع مخطّط له من قِبَل بلديّة حيفا؛ هدفه أرباح اقتصاديّة. إنّ إنجاح هذا المخطّط يكون من خلال تهويد الحيّز الفلسطينيّ وبيوت اللاجئين، كتلك الّتي في منطقة شارع يافا، ويكون تحقيقه أيضًا من خلال الغربلة والإبعاد والاستطباق لسكّان الحيّ الفلسطينيّين، الّذين عاشوا في المنطقة، وعانوا الإهمال المتعمّد للحيّ".

 

جانب من مشروع "الواجهة البحريّة" المستقبليّ | haifahaifa

 

وتضيف سعدي: "يستمرّ مشروع البلديّة للبلدة التحتى؛ من خلال المهرجانات والمشاريع الّتي تنظّمها، مثل "مهرجان الشام"، حيث تتصدّره شخصيّات ذات خطاب مُؤَسْرَل، مثل نوف عثامنة، بينما تطغى على فحوى المهرجان النظرة الاستشراقيّة للثقافة العربيّة، وتعزّز علاقات القوى الاستعماريّة. في مثل هذه المشاريع تشارك بعض المصالح العربيّة، بينما تكتفي الأخرى بعدم المشاركة، لكن حتّى اليوم لم يعلن أحد منهم موقفًا معارضًا. إنّ غياب صوت المعارضة يطرح سؤالًا عن خضوع المشاريع الفلسطينيّة لسياسة المكان الإسرائيليّ وشروطه، وسؤالًا آخر عن الثقافة والهويّة العربيّة المجرّدة من السياسة، وأخيرًا عن تأثير هذه الممارسات الحيّزيّة في الهويّة الجماعيّة والذاتيّة للعرب، في حيفا والمنطقة".

لكن، أليس ما يجري لدينا يجري عالميًّا؟ تساؤل يطرحه كثيرون؛ يجيبون عن الأسئلة الّتي يطرحها المشهد المركّب؛ فتقول سعدي في ذلك: "هذا سؤال مهمّ جدًّا؛ ففي العديد من المرّات تُذكر العولمة وكوننا جزءًا منها؛ فالأدوات ’النيوليبراليّة‘ كتحويل مبانٍ قديمة إلى ’ديزني لاند‘، من دون شكّ ظاهرة عالميّة، كذلك خطاب الحرّيّات الفردانيّة (الفرديّة)، ’الأمان والجسد والأدائيّة’، إلّا أنّ علينا أن نكون واعين؛ أنّ جميع هذه الظواهر جزء من علاقة قوّة؛ ثمّ إنّه لكلّ هذه الظواهر والخطابات جهة أخرى؛ فعلى سبيل المثال، تحويل مبانٍ قديمة إلى ’ديزني لاند‘ يعني محو تاريخ آخرين، واستخدام الخطاب الفردانيّ (الفرديّ) يمحو إمكانيّات تطوّر خطاب جماعيّ سياسيّ. وكما هو معروف عالميًّا؛ تأتي هذه المشاريع على حساب المستضعفين، إن كان عرقيًّا، أو طبقيًّا، أو الاثنين معًا".

 

ثقافة بعيدًا عن الفعل السياسيّ؟

تطرح سعدي أخيرًا سؤالي:" مَن المُستبعد عن المكان؟ وما الأسباب؟"؛ علينا أن نتساءل: "أين نريد موضعة أنفسنا في مثل هذه المعادلات؟ وما تأثيراتها؟ وماذا نخسر نحن المجتمع؟ فعلى سبيل المثال: هل يأتي ’السماح‘ لنا بافتتاح الأماكن الثقافيّة، على حساب النشاط السياسيّ في حيفا؟ هل حقًّا ثمّة فرق بين تهويد أحياء فلسطينيّة؛ لتعزيز النهج الاستهلاكيّ، عن تهويدها لأهداف توطين إسرائيليّين فيها؟ هذه التساؤلات لا تأتي لتقليل أهمّيّة هذه المشاريع؛ بل هي ضروريّة لمنع استخدام حاجتنا إلى تطوير الثقافة الفلسطينيّة؛ من خلال ممارسات وسياسات إسرائيليّة مناقضة لها".

 

جانب من البيوت المهجّرة في حيفا | ذاكرات

 

أسئلة سعدي، وتحذيرات ناشف، والمشاريع الثقافيّة الفلسطينيّة المستقلّة والمهمّة، الّتي حدّثاني عنها خير وعزايزة، والتحوّلات الحاصلة منذ "غياب المدينة" عام 1998 لبشارة، و"حضورها "عام 2018، تستحقّ منّا دراسة أوسع، وقراءة أشمل متعلّقة بالمدينة وواقعنا السياسيّ والإنتاج الثقافيّ، ليس في حيفا فقط، بل في الناصرة، ويافا، وباقة الغربيّة، ورهط، وسخنين، وغيرها، وأشكال هذا الإنتاج في أيّامنا هذه.

وعن هذا، سنتناول في فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة المزيد من التقارير والموادّ الصحافيّة، في الفترة القادمة.

 

 

ربيع عيد

 

صحافيّ فلسطينيّ، كاتب وعضو طاقم في فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة. يعمل في الصحافة منذ عدّة سنوات. كتب في العديد من المواقع والصحف العربيّة، كما عمل رئيسًا لتحرير صحيفة فصل المقال. حاصل على البكالوريوس في  العلوم السياسيّة من جامعة حيفا، والماجستير في الإعلام والدراسات الثقافيّة من معهد الدوحة للدراسات العليا.

 

 

 

التعليقات