09/10/2018 - 20:22

باقة الغربية: مَن الذي ألغى إطلاق كتاب وليد دقة في المركز الجماهيري؟

أمّا بلديّة باقة الغربيّة، فتنكر كلّ ذلك، وتدّعي أنّ عائلة الأسير نفسها مَنْ سحبت الحجز، وألغت إقامة الأمسية في المركز الجماهيريّ؛ نتيجة ضغوطات من جهات إسرائيليّة مختلفة.

باقة الغربية: مَن الذي ألغى إطلاق كتاب وليد دقة في المركز الجماهيري؟

الأسير السياسيّ وليد دقّة، مؤلّف كتاب "حكاية سرّ الزيت"

 

* بلديّة باقة الغربيّة: عائلة الأسير هي الّتي ألغت حجز القاعة، وطلبت نقل الأمسية إلى مكان آخر.

* عائلة الأسير دقّة: المركز الجماهيريّ مَنْ أبلغنا بإلغاء حجزنا، نتيجة ضغوطات مورست عليه.

* المركز الجماهيريّ: لا شأن لنا بالقضيّة، مبنى المركز الجماهيريّ تابع للبلديّة، والحجز تمّ عن طريقها.

* "يديعوت أحرونوت": أرييه درعي توجّه إلى بلديّة باقة الغربيّة لإلغاء الأمسية، ورئيسها استجاب.

* ليست المرّة الأولى الّتي تتّخذ بلديّة باقة الغربيّة تدابير بحقّ الأسرى، بضغط من المؤسّسة.

 

كان من المفترض أن يُشهَر كتاب "حكاية سرّ الزيت" (مؤسّسة تامر للتعليم المجتمعيّ، 2018)، للأسير السياسيّ وليد دقّة، في قاعة المركز الجماهيريّ بباقة الغربيّة، بلده، ثمّ حدث أن أُلغي تنظيم الأمسية فيها، لتُنقل إلى قاعة أخرى.

تفاوتت الأقاويل وتغايرت حول الإلغاء، بحسب المصادر المختلفة؛ الإعلام الإسرائيليّ يدّعي أنّ رئيس بلديّة باقة الغربيّة، مرسي أبو مخّ، قد ألغى الفعاليّة "بطلب" من وزير الداخليّة، أرييه درعي، الّذي اعتبر أنّه "في دولة إسرائيل لن تُمنح منصّة لإطلاق كتابات ’مخرّب‘ في مبنًى حكوميّ".

بدورها، تؤكّد عائلة الأسير على أنّ المركز الجماهيريّ أبلغهم بإلغاء حجز قاعته، ما اضطّرّهم إلى نقل تنظيم الأمسية إلى قاعة أخرى خاصّة.

 

غلاف كتاب "حكاية سرّ الزيت"

 

أمّا بلديّة باقة الغربيّة، فتنكر كلّ ذلك، وتدّعي أنّ عائلة الأسير نفسها مَنْ سحبت الحجز، وألغت إقامة الأمسية في المركز الجماهيريّ؛ نتيجة ضغوطات من جهات إسرائيليّة مختلفة.

تنوّعت المقولات والنتيجة واحدة: لن تُعقد أمسية إطلاق كتاب "حكاية سرّ الزيت" للأسير وليد دقّة، في قاعة المركز الجماهيريّ في بلده، باقة الغربيّة.

ولكن لماذا تنوّعت المقولات على هذا النحو؟ لماذا تتفاوت بهذا الشكل؟ ولماذا تناقض رواية البلديّة تحديدًا جميع الروايات الأخرى؟

بحثت فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة في الأمر؛ وهذا ما وجدته.

 

سناء سلامة: المركز الجماهيريّ ألغى حجزنا للقاعة، ونصرّ على تنظيم الأمسية

قالت سناء سلامة، زوجة الأسير وليد دقّة، إنّ الأمسية لم تُلغَ، بل نُقل مكان انعقادها إلى قاعة أخرى، لكنّها ستجري في نفس الموعد؛ أي يوم 11/ 10/ 2018.

وأفادت سلامة بأنّ السلطات الإسرائيليّة استدعت شقيق الأسير، أسعد دقّة، للتحقيق أو للمساءلة حول الكتاب ومحتواه، وحول الفعاليّة، وأجابهم أنّ هذا الكتاب رواية للأطفال. "الآن ثمّة ضغط على المركز الجماهيريّ، وهذه سياسة بدأت تستفحل أكثر فأكثر من قِبَل الاستعمار، والتضييق يصبح أكثر فأكثر على من يعملون في القضايا الحارقة كالأسرى والأرض، كلّ ما في الأمر أنّ الفعاليّة نُقلت إلى قاعة أخرى، وستُنفَّذ في يومها وموعدها المعلنَين سابقًا".

وأضافت سلامة أنّ الشرطة ضغطت على المركز الجماهيريّ لإلغاء الفعاليّة، وأنّ البلديّة لم تعترض، "ماذا يمكنها أن تقول أصلًا؟ كلّ المؤسّسات الحاكمة في أراضي 1948، وأذرع الشرطة والوزارة المعنيّة بالموضوع ألحّت على البلديّة؛ واستجاب المركز الجماهيريّ".

 

سناء سلامة، زوجة الأسير وليد دقّة

 

وأضافت سلامة حول وجود طلب رسميّ بإلغاء انعقاد الفعاليّة في مؤسّسة تابعة لبلديّة باقة الغربيّة: "لم يُسلَّم أيّ كتاب رسميّ بالإلغاء من الحكومة أو البلديّة، لكن ما حدث أنّ أسعد دقّة، أخو الأسير، تعرّض إلى مساءلة من قبل الشرطة، وأنّ نقل الأمسية كان بناءً على قرار المركز الجماهيريّ بإلغاء حجزنا للقاعة في المركز الجماهيريّ".

وأوضحت: "نحن لا نريد قول إلغاء، نريد القول إنّ ضغط السلطات الحاكمة هو الّذي أدّى إلى نقل الفعاليّة. إنّ المركز الجماهيريّ هو الّذي أبلغنا بإلغاء الحجز لا البلديّة، ورئيس البلديّة له كلمة ترحيبيّة في الأمسية".

وقالت أيضًا: "نحن لا نعرف إن كان للموضوع علاقة بالأمر، لكنّ سلطات الاستعمار نقلت وليد دقّة من سجن جلبوع إلى سجن مجدّو، يوم 8/ 10/ 2018، ونعتقد أنّ نقله جرى في ظروف عزل. إنّ الضجّة الّتي حدثت حول الفعاليّة، سوف تسهم في انتشار الاهتمام بالكتاب وزيادته، كما فعلوا مع مسرحيّة ’الزمن الموازي‘، الّتي تتحدّث عن حياة وليد دقّة، وعُرضت في ’مسرح الميدان‘ في حيفا".

 

بلديّة باقة الغربيّة: عائلة الأسير هي الّتي ألغت حجز القاعة، والإعلام الإسرائيليّ كاذب

من جهته، قال الناطق باسم بلديّة باقة الغربيّة، الطيّب غنايم، إنّ عائلة الأسير وليد دقّة، هي الّتي تراجعت عن حجز قاعة المركز الجماهيريّ، وشدّد على أنّ ما نشره الإعلام الإسرائيليّ، عن أنّ رئيس البلديّة مرسي أبو مخّ، هو الّذي ألغى انعقاد الفعاليّة في أحد مرافق البلديّة، مضلّل وخاطئ وليس صحيحًا بتاتًا، قائلًا إنّ نقل مكان انعقاد الفعاليّة من قاعة المركز الجماهيريّ، إلى قاعة خاصّة؛ جرى بناءً على رغبة عائلة الأسير، بسبب ضغوطات من الوزارات والمؤسّسات الإسرائيليّة المختلفة، ومن الشارع الإسرائيليّ، ومن عائلة الجنديّ المقتول، موشيه تمام، ومن جمعيّات يمينيّة إسرائيليّة.

 

الطيّب غنايم، الناطق باسم بلديّة باقة الغربيّة

 

وأوضح غنايم بأنّ عائلة الأسير لم تتوجّه إلى البلديّة بشكل مباشر، بل توجّهوا إلى المركز الجماهيريّ التابع للبلديّة، وغيّروا الدعوة ونقلوها إلى قاعة خاصّة.

كما أكّد غنايم أنّه لم يجرِ التواصل رسميًّا من السلطات الإسرائيليّة مع البلديّة، وبشكل موثّق؛ فالتواصل والاستجواب كان هاتفيًّا، شفويًّا فحسب، وكان حول دور البلديّة في الفعاليّة، وإن كانت راعيةً لها. وهو الأمر الّذي أنكره غنايم؛ قائلًا إنّ البلديّة غير راعية وغير منظّمة، بل يقتصر دورها ومشاركتها على كلمة ترحيبيّة، يلقيها رئيس البلديّة مرسي أبو مخّ.

ورفض غنايم التصريح عن الجهة الرسميّة الّتي تواصلت مع البلديّة تحديدًا،، واكتفى بالقول إنّها سلطات رسميّة.

 

المركز الجماهيريّ: لا شأن لنا بالقضيّة، توجّهوا للبلديّة وعائلة الأسير

أمّا مدير المركز الجماهيريّ، حسني غنايم، فرفض التعليق على ما حدث، وتقديم القول الفصل في الشأن، موضحًا: "لا علاقة لنا بالقضيّة، حجز القاعة تمّ عن طريق البلديّة، فمبنى المركز الجماهيريّ تابع لها... حُجِزَت القاعة لدينا لتُقام الأمسية فيها، لكنّنا غير منظّمين للفعاليّة أو قائمين عليها... لا معلومات أو تفاصيل لديّ. عليكم بالتوجّه إلى البلديّة أو إلى عائلة الأسير، فهي لديها كلّ التفاصيل".

وحين سألته فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة عن تضارب المقولات بشأن قرار الإلغاء، قال: "روحي عند فتّاحة تجاوبك، أنا حابب أساعدك بسّ مش قادر".

 

استجواب الشرطة... محاولة ترهيب

أمّا أسعد دقّة، شقيق الأسير وليد دقّة، فأكّد على أنّ المركز الجماهيريّ أبلغهم بإلغاء عقد الأمسية، وأنّهم تلقّوا معلومة الإلغاء شفويًّا؛ إذ إنّهم طلبوا الحجز شفويًّا؛ فلم يكن ثمّة داعٍ إلى بلاغ رسميّ بالإلغاء، بل كان شفويًّا فقط.

وأوضح دقّة: "كان ثمّة ضغوط من السلطات على المركز الجماهيريّ بشكل تعسّفيّ؛ نتج عنها إلغاء الحجز، ونحن حجزنا قاعة خاصّة، ونريد أن نجتمع في القاعة الخاصّة"، مضيفًا أنّ وزير الداخليّة الإسرائيليّ، أرييه درعي، صرّح بأنّ السلطات الإسرائيليّة، ضغطت على المركز الجماهيريّ والمسؤولين عنه لإلغاء الأمسية؛ قائلًا (درعي): لن نعطي المخرّب الّذي كتب كتابًا، منصّة على حساب الدولة لإشهار كتابه".

 

أسعد دقّة، شقيق الأسير وليد

 

تعرّض أسعد دقّة للمساءلة والاستجواب، من قِبَل الشرطة الإسرائيليّة، عن محتوى الكتاب والفعاليّة، وأوضح لهم أنّ هذه قصّة للأطفال، وأنّها لا تحتوي على أيّ تحريض.

ورغم إلغاء عقد الفعاليّة في المركز الجماهيريّ؛ اتّصل به ضابط محطّة الشرطة في باقة، وسأله إن كانوا لا يزالوا مصرّين على عقد الفعاليّة؛ فأجابه بـ "نعم"، في محاولة ترهيب واضحة، تنتهجها السلطات الإسرائيليّة دومًا ضدّ الأنشطة والفعاليّات الوطنيّة، ولا سيّما إن كانت تتعلّق بالأسرى.

 

عمر خمايسي: ليس لديّ أيّ معلومات عن أيّ تغيير

وحين سألت فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة عن تنظيم الأمسية، قال المحامي عمر خمايسي، الّذي من المفترض أن يتحدّث فيها: "أنا غير منظّم، بل مدعوّ فقط للحديث عن الأسرى بعامّة، ليس لديّ معلومات عن نقل الأمسية أو إلغائها، وأفضّل أن يُسأل المنظّمون، وهم عائلة الأسير، الّذين تواصلوا معي؛ لا أحبّ أن آخذ دورهم".

 

"يديعوت أحرونوت": الإلغاء بطلب من أرييه درعي، ومرسي أبو مخّ استجاب

وقد حاولت فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة التواصل مع رئيس البلديّة، مرسي أبو مخّ، مدّة يومين متتاليين؛ للحصول على ردّ أو تعليق، لكنّها لم تستطع ذلك.

وكان موقع "يديعوت أحرونوت" قد نشر أمس، "بأنّ رئيس بلديّة باقة الغربيّة، مرسي أبو مخّ، ألغى أمسية إطلاق كتاب وليد دقّة، الّذي يقضي حكمًا بالسجن المؤبّد، بسبب قتله الجنديّ موشيه تَمام. اتُّخِذَ القرار بطلب من الوزير أرييه درعي، بعد أن طالبته عائلة تَمام بالتدخّل. وقد قال درعي: في دولة إسرائيل، لن تُمنح منصّة لإطلاق كتابات مخرّب في مبنًى حكوميّ".

 

مرسي أبو مخ، رئيس بلديّة باقة الغربيّة

 

يُذكر أنّ هذه ليست المرّة الأولى الّتي تتّخذ فيه بلديّة باقة الغربيّة تدابير ضدّ قضيّة الأسرى؛ فقد أزالت عام 2014، حيث كان مرسي أبو مخّ رئيسًا للبلديّة في حينه أيضًا، لافتات تحمل صور أربعة أسرى سياسيّين من أبناء المدينة، بطلب من وزارة الداخليّة أيضًا في حينه، ما أثار حفيظة العديد من مواطني بلديّة باقة الغربيّة، والقوى الوطنيّة فيها.

 

تناقض

ثمّة تناقض واضح بين ما ورد في الإعلام الإسرائيليّ، وما أكّدته عائلة الأسير الدقّة، وبين ما وردنا من الناطق باسم البلديّة، وكذلك مدير المركز الجماهيريّ، حسني غنايم.

بادٍ وواضح تعدّد المقولات والادّعاءات، ولا سيّما أنّ زوجة الأسير وأخاه، أكّدا لفُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة، أنّ الإلغاء ناتج عن قرار المركز الجماهيريّ؛ رضوخًا لضغط السلطات الإسرائيليّة، أمّا البلديّة فتدّعي أنّ الإلغاء جرى بناءً على طلب العائلة، ومدير المركز الجماهيريّ يؤكّد أنّه لا علاقة للمؤسّسة الّتي يدير بالأمر، وأنّ كلّ القضيّة شأن البلديّة وعائلة الأسير وليد دقّة.

ما هو أكيد أنّه لم تكن ثمّة مراسلات رسميّة، لا بشأن الحجز ولا بشأن الإلغاء؛ كلّ الحديث كان شفويًّا، هاتفيًّا، وغير موثّق.

وما هو أكيد أيضًا، أنّ ضغوطات مارستها جهات رسميّة إسرائيليّة، وكذلك عائلة الجنديّ موشيه تمام، ومؤسّسات وجهات إسرائيليّة يمينيّة، وأنّ الشرطة الإسرائيليّة استجوبت شقيق الأسير، أسعد دقّة، الّذي أكّد لها على أنّ عائلة الأسير مصرّة على تنظيم الأمسية، وأنّها لن ترضخ لأيّ قرار سلطويّ.

ويبقى السؤال ملحًّا حول تهرّب بلديّة باقة الغربيّة، ممثّلةً برئيسها، من تحمّل المسؤوليّة، وإصرارها على تحميلها لعائلة الأسير دقّة، ورفضها الإقرار برضوخها لضغوطات "جهات رسميّة إسرائيليّة"، الّتي يبدو من تصريحات مختلف الجهات المعنيّة، بأنّها وزارة الداخليّة، ممثّلةً بوزيرها أرييه درعي، وإعلانها بوضوح عن عدم قدرتها على رفض تعليماته.
 

وليد دقّة و"حكاية سرّ الزيت"

"حكاية سرّ الزيت"، الكتاب الأخير للأسير السياسيّ وليد دقّة، صدرت حديثًا عن "مؤسّسة تامر للتعليم المجتمعيّ"، وتقع في 96 صفحة من القطع المتوسّط، من تصميم الفنّان فؤاد اليمانيّ، وتنتمي لأدب الأسر. وقد أُشهر الكتاب مؤخّرًا في رام الله والخليل، وسيُشهَر قريبًا في القدس وحيفا وباقة الغربيّة.

 

أرييه درعي، وزير الداخليّة الإسرائيليّ

 

يحكي الكتاب قصّة ابن يرغب في زيارة والده في السجن، لكنّه لم يتمكّن من تحقيق رغبته في ذلك، بسبب منع سلطات الاستعمار الإسرائيليّ، فيلجأ إلى الاختباء داخل شجرة زيتون تُنقل إلى منطقة قريبة من المعتقل، فينجح بزيارة والده.

أمّا مؤلّف الكتاب، وليد دقّة، فهو أسير سياسيّ في المعتقلات الإسرائيليّة منذ عام 1984. حاصل على درجتي ماجستير في العلوم السياسيّة والدراسات الديمقراطيّة في معتقله، حيث يعمل في مهنة التدريس أيضًا. له كتاب بعنوان "صهر الوعي: أو إعادة في تعريف التعذيب" (2010). كتب مسرحيّة بعنوان "الزمن الموازي"، تتناول جانبًا من حياته في الأسر، أعدّها وأخرجها بشّار مرقص، وقد شنّت السلطات الإسرائيليّة حملة ضدّها أيضًا، أدّت إلى وقف تمويل "مسرح الميدان"، بأمر من وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغف.

 

 

التعليقات