19/09/2021 - 14:55

وسابعُهُم شعبُهُم

وسابعُهُم شعبُهُم

أ ف ب

 

مِنْ فمٍ أصفرِ الابتسامةِ

يعملُ في الحارةِ قصّارًا لسورٍ لبسَ سوادَ الطحالبِ

يشبهُ روحَ البلادِ الآن،

جاءَ الخبر

 

أرى شعورًا في يديْهِ بأنّنا مِنْ فئةٍ ثانية،

لكنّها مثلُهُ، أقلُّ مِنَ اليهوديِّ المقيمِ غربَنا،

يتّكئُ عليهِ في كلامِهِ القليلِ،

يمدَحُ صِنفَهُ العبريَّ في الأشغالِ ليذمَّ صنفي،

ثمّ يقولُ أشياءَ بذيئةً عنْ سكّانِ القصورِ في قممِ جرزيمَ وعاصور

 

لقد حاولْنا أن نكونَ شيئًا واحدًا مرّاتٍ كثيرة؛

لكنّ الصليبيَّ قطعَ الطريقَ على عمرِ بن الخطّاب،

كما قطعَ الكاملُ الطريقَ على صلاحِ الدين،

كما قطعَ الجزّارُ الطريقَ على الظاهر،

كما قطعَ الإنجليزُ الطريقَ على القسّام،

كما قطعتْ «عصبةُ التحرّرِ» الطريقَ على القسطلِ وبابِ الواد،

كما قطعَ نفطُ الخليجِ وأحفادُ الرسولِ من الأشرافِ الطريقَ على عبدِ الناصر،

كما قطعَ الأسدُ والكتائبُ والأحزابُ الطريقَ على المخيّمات،

كما قطعَ عرفاتُ الطريقَ على الانتفاضةِ الأولى،

كما قطعَ أبو مازنِ الطريقَ على الانتفاضةِ الثانية،

كما قطعتِ الطريقُ الطريقَ على نفسِها،

لكنّنا ما زلْنا نمشي،

عسانا نصلْ

 

"مسكوا أخرى اثنين اليوم، هذول أهل جنين سلّموهم"

قالَ الْعَرّابيُّ الغافي قربَ عَلالي آل عبد الهادي

بنعاسٍ شديدٍ مِنْ إيقاظِ زوجتِهِ لَهُ كي يرى فجرَ الشاشةِ،

ثمَّ جاءَ إليْنا ويدُهُ على قلبِهِ مِنْ خاتمةِ النفق،

وليكُنْ يومُنا برميلًا مِنَ القهوةِ

وغيمةً كثيفةً مِنَ الملفوفِ

وكلامًا من بلاغةِ الفصائلِ

وبياناتِ القضاء

 

لا أحدَ يريدُ أن تُغْلَقَ الْفَتَحات،

ثمّةَ شرقيَّ الجدارِ عيونٌ تنتظرُ ملابسَ جديدةً لمدارسِ أيلول،

وثمّةَ غربيَّهُ عرسانٌ يريدونَ إنهاءً سريعًا لما تبقّى من دِهانٍ وبلاط،

فوليمةُ الزفافِ الّتي اخترعْناها عامَ ألفينِ لضرورةِ الشهداءِ، ستكونُ بعدَ أيّامٍ،

وعلى حديقةِ الفيلّا أنْ تبدو أنيقةً

تعويضًا عَنْ حاسّةِ الفقرِ المكدّسةِ

في التجمّعات

 

للغولِ الكبيرِ غِرْبانٌ صغيرةٌ تنطقُ بلسانِ الحجاز، وهم يعرفونَ الكثيرَ عنّا،

ويديرونَ ما يعرفونَ على درجةٍ عاليةٍ مِنَ الإخلاصِ للمخالبِ

والنعيق

 

موهِمٌ الجلوسُ في فيسبوك، كما على الشاشاتِ والإذاعات،

يُشْعِرُكَ بتقدّمٍ مهولٍ على الجبهةِ،

بينما يحفرُ السايبرُ أنفاقًا تحتَ أقدامِكَ لا تُرى

لينقضَّ في اللّحظةِ المناسبةِ

على غفلةٍ مِنْ

نَشْوَتِكْ

 

لقد كانَ حمّامُ النارِ شهيَّ الطعمِ،

يُشَمُّ مِنْ أدخنةِ المواقدِ الممدودةِ بينَ اللدِّ والمسجدِ الأقصى والشيخِ جرّاح،

وقد آنَ أوانُ الاتّساخِ مِنْ جديد؛

فهيَ لعبتُنا الطويلةُ، نتقاذفُ الطينَ

وننفي نفيَنا

 

هيّا إذن، لنقنعَهُم بأنّهم جواسيس،

وأنَّ كلابَنا الشمّامةَ ستعضُّ سريعًا على روائحِ أبطالِهِم،

جوعى وعطشى في العراء،

أنَّ لنا محاكمَ نُحْكِمُ فيها العدلَ،

وأنَّهُ لا بُدَّ مِنْ دِنْكِزْليٍّ نهايةَ كلِّ مطافٍ يكشفُ أسرارَ عكّا،

يُطْلِقُ النارَ على الشيخِ لِيَحُزَّ رأسَه،

هيّا، فقد وجدوا طريقًا جديدةً

لِمَشْيِهِم

 

في مطابخِنا ملاعقُ جمّةٌ

وفي البلادِ صبرٌ كثيرٌ مِنَ البقايا والبقاء

ونحنُ نحبُّ الصيفَ

وإنْ في الخريفِ

المتاخِمْ

 

 


علي مواسي

 

 

شاعر وكاتب. يعمل محرّرًا لفُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة، بالإضافة إلى تحرير إصدارات مؤسّساتيّة وخاصّة، وتدريب مجموعات، وتدريس اللغة العربيّة وآدابها. ينشط في عدد من الأطر والمبادرات الثقافيّة. له مجموعة شعريّة بعنوان "لولا أنّ التفّاحة" (الأهليّة، 2016)، وكتاب من تحريره بعنوان "الثقافة الفلسطينيّة في أراضي 48" (مدار، 2018).

 

 

التعليقات