01/12/2022 - 15:22

الواقعيّة السحريّة في «ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين»

الواقعيّة السحريّة في «ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين»

الحاكم بأمر الله | تصميم: علاء سلامة

 

رغم أنّ صياغة مصطلح ’الواقعيّة السحريّة‘ (Magic(al) Realism) واستخدامه يُنسَب إلى الألمانيّ فرانز روه (1890 - 1965)، بوصفه أسلوبًا تصويريًّا حلّ بديلًا عن الحركة التعبيريّة، إلّا أنّ تطوّره نمطًا أدبيًّا مركّبًا له دلالاته في مقاومة الهيمنة الأوروبّيّة، وتبلوره أداةً ما بعد استعماريّة (كولونياليّة)، كان ابتداءً على يد أدباء أمريكا اللاتينيّة، مثل خورخي بورخيس وجابرييل ماركيز وأليخو كاربنتير.

تُعَرَّف ’الواقعيّة السحريّة‘ بأنّها نسق سرديّ يمازج بين مستويين من التناقض اللفظيّ– الظاهريّ (Oxymoron)، وهما ’الواقعيّ‘ و’السحريّ‘[1]؛ فمن حيث المضمون، تتوسّط الواقعيّة السحريّة الواقعيّة والسرياليّة، لتكوّن ردًّا وموقفًا يصف الواقع، ويقدّم الأحداث العجائبيّة – ما وراء الحسّيّة، الّتي اعتبرها عصر النهضة مخلّفات للعصر الوسيط – بإدماجها في الواقع الحسّيّ؛ فيوهم هذا الأسلوب القارئَ بواقعيّة الأحداث السحريّة في النسق السرديّ الواقعيّ.

تُعَرَّف ’الواقعيّة السحريّة‘ بأنّها نسق سرديّ يمازج بين مستويين من التناقض اللفظيّ– الظاهريّ (Oxymoron)، وهما ’الواقعيّ‘ و’السحريّ‘...

ولمّا كان تطوّر هذا الأسلوب حاصلًا في القرن العشرين؛ فقد شكّل اتّجاهًا حاضرًا في تيّار ما بعد الحداثة، متأثّرًا بنظريّاتها واتّجاهاتها الفلسفيّة كونه ناشئًا منها؛ فنجده تارة يفكّك المركزيّات في السرد الأدبيّ، وتارة أخرى يشكّك في التاريخ وتأويله، مقوّضًا السرديّات الكبرى (Metanarratives). وقد تعبّر الواقعيّة السحريّة عن ذاتيّة الواقع الإنسانيّ – بمعنى ارتباطه بالتجارب الفرديّة فتتعدّد التجارب بتعدّد الذوات – كما في رواية ماركيز «مئة عام من العزلة» (1967).

 

’الواقعيّة السحريّة‘ في الرواية العربيّة

امتدّت الواقعيّة السحريّة إلى الرواية العربيّة، بل قد يقول البعض إنّها عادت إليها من جديد؛ فبالرغم من أنّها أسلوب سرديّ حديث التطوّر في القرن العشرين، إلّا أنّ أدباء أمريكا اللاتينيّة يقرّون بجذورها العربيّة التراثيّة، وبأنّ «ألف ليلة وليلة» كانت جزءًا من تكوينهم[2]. لا نجد هذا مستغرَبًا، لا سيّما أنّ التراث العربيّ والإسلاميّ متجذّر وحاضر في الرواية العربيّة؛ فيمازج كما الواقعيّة السحريّة بين القديم والحديث، والواقع والخيال، وبين المدرَك والخارق.

تحلّل هذه المقالة استخدام الواقعيّة السحريّة في رواية «ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله» (2003) للكاتب المصريّ محمّد جبريل، وأبعادها ما بعد الحداثيّة في الرواية، حيث تشكّل الرواية سردًا تاريخيًّا لسيرة الخليفة الفاطميّ الحاكم بأمر الله، بدءًا من تولّيه عرش الخلافة – وهو في الثامنة عشرة من عمره – حتّى اختفائه الغامض.

اعتبر المؤرّخون الفترة التاريخيّة الخاصّة، الّتي تسلّم الحاكم بأمر الله فيها خلافة الدولة الفاطميّة الشيعيّة (996-1121م)، فترة غامضة في تاريخ الحكم الفاطميّ عامّة[3]. وممّا يعزّز هذه النظرة الضبابيّة، تنازع الآراء الّتي وصفت شخصيّة الحاكم حدّ التناقض أحيانًا، بين عدله وإحسانه، وبين جوره وعدم اتّزانه عقليًّا.

نركّز هنا على جانب استخدام الواقعيّة السحريّة في الرواية، بل تطويعها عند الروائيّ محمّد جبريل، لنحت أسلوب أدبيّ أخصّ بالتراث العربيّ الإسلاميّ، يُسَمّى ’الواقعيّة الصوفيّة‘، واستخدام الواقعيّة السحريّة في الرواية لم يأتِ اعتباطًا، إنّما جاء لإعادة النظر في علاقات السلطة والقوّة في الرواية، والتشكيك في صحّة السرد التاريخيّ وإمكان تأويلِه، وإدخالًا للنصّ الروائيّ في الجدليّات التأويليّة التفكيكيّة – ما بعد الحداثيّة للتراث.

 

تقويض المركزيّات

تستعرض الرواية فترة حكم أبي عليّ المنصور، الملقّب بالحاكم بأمر الله، وتتعدّد ألقابه في الرواية، كـ ’الحضرة‘، و’أمير المؤمنين‘، و’الإمام‘، وغيرها. وبالرغم من تفرّده الظاهر المطلق بالحكم، والقوّة، والسلطة، خاصّة في الفصل الثاني من الرواية المسمّى «الصراط»، إلّا أنّ أحداث الرواية تُشَتِّت هذا التفرّد، وتحيل التركيز إلى شخصيّات أخرى باعتبارها مراكز للسلطة. وتتجلّى هذه الإحالة بوضوح باستخدام الواقعيّة السحريّة مصدرًا لهذه القوّة المتجاوزة؛ فتُفْتَتَح الرواية بمقتل الشيخ ’معتمد الدمنهوري‘، الّذي قِيل في مقتله إنّه أفتى بقتل ’الحسن بن عمّار‘، أهمّ شخصيّة في الدولة؛ لأنّه وجد في تصرّفاته مُروقًا عن الدين، واتّهمه بأنّه "يبيع الولايات ويعزل الولاة، ويعيدهم إن دفعوا ما يسدّ عينه"[4]، وغيرها ممّا يدخل في الفساد السياسيّ، وإثر مقتل الدمنهوري: "كُسِفَت الشمس طيلة يوم مقتله، واشتدّ البرق والرعد، وتكاثفت السحب – في وقت الصيف – وأمطرت ماء أسود، وسقط رمل وتراب كالمطر، وتكاثرت في السماء النجوم ذات الذيل، وانقذفت في ساحات القصور الفاطميّة حجارة حمراء كأنّها اللهب، وهبّت من ناحية المقطم ريح سوداء محمّلة بالتراب، وأعاد ابن عمّار كوب الماء بعد أن تغيّر لون ما فيه إلى لون الدم، وتناثرت على الأرض والجدران دماء لا أحد يدري مصدرها... وأحرقت الصواعق أشجارًا ونخيلًا في جيزة مصر، أعدادها بالمئات، وهال الناس خسوف القمر، واشتدّت ظلمة الليل، وعلت الدعوات والابتهالات"[5].

إنّ السرد السحريّ لا يربك القارئ، ويلتحم في خطّ واحد مع السرد التاريخيّ الواقعيّ في الرواية، وقد جاء استخدامه في هذا الموضع لإعطاء السلطة والقوّة للدمنهوري، الشيخ الزاهد ذو المكانة المعتبرة والمعروف بعلمه ودروسه في «المسجد الأزهر». تقوّض الواقعيّة السحريّة في هذا الموضع إذن، سلطة الخليفة – المؤسّسة الحاكمة – مركزًا وحيدًا للقوّة، وتُثْبِت كُمونها في الأفراد.

نجد القوّة والسلطة في الرواية، تتجلّى بأشكال مختلفة، وتُثْبِت الكُمون في ما دون المؤسّسة الحاكمة (...) كما حلّلها فوكو بوصفها تتجاوز العلاقة البسيطة إلى شبكة من العلاقات المركّبة والمعقّدة...

وتصف الواقعيّة السحريّة شخصيّات أخرى، ’ابن عمّار‘ مثالًا، الوزير الّذي أغدق مال الدولة على نفسه، وقرّب إليه شيوخ كتامة، وولّاهم الوظائف المهمّة، وقلّل من شأن الأتراك والديلم، فكان مصيره الإعدام بقرار من الحاكم بأمر الله، فيتغيّر السرد الواقعيّ إلى سحريّ تعبيرًا عن النفوذ الّذي امتلكه ابن عمّار، فهو يمتلك بساطًا سحريًّا ينقله من الشام إلى الحجاز، وقدرات خارقة على تسخير الحيوانات. كما اسْتُخْدِم السرد العجائبيّ لإعطاء شخصيّات أخرى في الرواية قوّة مقاومة السلطة، ’الشيخ مصابيح‘ مثالًا، مريد الشيخ الدمنهوري وتلميذه، وقد وُصِف بعصاه السحريّة الّتي تدور مع الشمس، وتحدّد اتّجاه القبلة.

نجد القوّة والسلطة في الرواية، تتجلّى بأشكال مختلفة، وتُثبت الكُمون في ما دون المؤسّسة الحاكمة، أي أنّها ليست مطابقة للدولة كما اعتدنا عليها في النظريّات الكلاسيكيّة، وهي كما حلّلها ميشيل فوكو (1926-1984م)، تتجاوز العلاقة البسيطة إلى شبكة من العلاقات المركّبة والمعقّدة. وهذه النظرة إلى علاقات السلطة تقوّض المركز وتفكّكه، فتعيد رسم خارطة العلاقات في البنى السياسيّة والاجتماعيّة، فيبرز دور الواقعيّة السحريّة في هذا الموضع من الرواية، بتقويض مركزيّة الحاكم بأمر الله وإعادة تشكيل مراكز القوى، في فترة تاريخيّة يسودها تفرّد الحاكم بمطلق السلطة.

 

التاريخ على محكّ النقد والتشكيك

اعتمد المؤلّف مصادر تاريخيّة في كتابة الرواية، وثّقها مرجعيّات للقارئ في نهاية الكتاب، فيذكر منها ابن خلّكان والمقريزي وغيرهما، ويظهر هذا جليًّا في أحداث الرواية، بسرد تاريخيّ متراصّ وتفاصيل دقيقة. ولمّا كانت الواقعيّة السحريّة تعتمد السرد الواقعيّ عند تقديم الأحداث السحريّة، فهذا يعرّض موثوقيّة التاريخ ضرورة للتساؤل والتشكيك، أهو منقول أم مُؤَوَّل؟ أهو سرد علميّ منهجيّ أم أدبيّ يجنح إلى الخيال؟

تثير الرواية جدليّات العلاقة بين الأدب والتاريخ، وأنّ النصّ قد يبدأ تاريخيًّا أو فلسفيًّا ثمّ ما يلبث أن ينتهي به المطاف ليُدْرَج نصًّا أدبيًّا[6]، كما وصفه تيري إيجلتون. وقد تطرح الرواية ادّعاءات بأنّ ما ذُكِرَ عن الحاكم بأمر الله في الرواية، ليس إلّا ميتا-تاريخ (Metahistory)؛ أي أنّه سرد نثريّ بمحتوًى مختلق ومتخيَّل. وقد يرتاب القارئ حيال هذا الكتاب، أهو سرد تاريخيّ واقعيّ يوثّق سيرة الحاكم بأمر الله، أم أنّه نصّ أدبيّ نثريّ يتخلّله السرد السحريّ في مواضع كثيرة؟

كما نجد في الرواية تشكيكًا في غالبيّة الأحداث، فتُسْتَعْرَض تصرّفات الحاكم مثل حوادث إعدامه لمعارضيه بتفاصيل مختلفة، وبروايات مختلفة. في حين أنّ الواقعيّة السحريّة في الرواية تشوّش السياق التاريخيّ من جهة موثوقيّته، بخصائصها وسماتها التخريبيّة (Subversive) والمتعدّية (Transgressive)، وبجمعها بين المتناقضات في العمل الأدبيّ، واضعةً التاريخ المرويّ محكّ النظر والتساؤل، فتُلْقي الأحداث العجائبيّة في الفصل الأوّل «التكوين» والثاني «الصراط»، بظلال من الريبة والشكّ على سيرة الحاكم بأمر الله، وذلك بوضعها موضع الخرافات من المرويّات التاريخيّة.

تذهب الرواية في الفصل الأخير «الخفاء» إلى أبعد من ذلك؛ ففيه يختفي الحاكم، وتُساق أمام القارئ روايات متعدّدة في سبب اختفائه، وتقدّم على درجة واحدة من الصحّة، فتتناقض ضرورة، وتهدم الثقة بالروايات التاريخيّة عن سيرة الحاكم، وتقوّض ثبوتها باعتبارها سرديّات تاريخيّة. والملاحظ أنّ هذا التناقض حقيقة، يتّسق مع استخدام الواقعيّة السحريّة الّتي تجمع بين المتناقضين الواقعيّ والسحريّ معًا؛ فبنية النصّ الأدبيّ بهذا الاعتبار متّسقة، بالرغم من تعارض الروايات وتقلّبات السرد. وهذه النسبيّة والذاتيّة في استعراض سيرة الحاكم في الفصول الأولى «التكوين» و«الصراط»، ستؤسّس لخاتمة الرواية، ولتساؤلات قد تكون تأويليّة لنصّ الرواية.

 

التراث وإمكان إعادة تأويله

يثير السرد في الفصل الأخير من الرواية «الخفاء»، معضلة تأويليّة في النصّ من جانب فهمه، وتاريخيّة من جهة أنّ الروايات التاريخيّة تعدّدت حدّ التناقض، تتمثّل للقارئ في موت الحاكم بأمر الله واختفائه؛ فيختفي الحاكم في جولة ليليّة في ’تلال المقطّم‘، اعتادها كلّ يوم كي يختلي ويتأمّل القمر والنجوم. ويتعدّد ما ذكره رواة الأخبار – في الرواية – عن اختفائه، فقد قيل إنّ الوزراء والأمراء أخفوه، وإنّ ’سِتّ المُلْك‘ – شقيقته – سمّمته بعد ادّعائه الألوهيّة، لأنّها رأت أنّه هتك ناموس الشريعة، واستحلّ إرث الأجداد، أو أنّ رجلًا في الصعيد كان واحدًا من أربعة قتلوه. أمّا ’الشيخ عطاء الله‘ ووزراؤه، فقد قالوا إنّه لم يمت بل رُفِعَ إلى السماء ليعود في آخر الزمان باسم ’المهديّ‘؛ فالجمع بين هذه الأحداث في الوقت ذاته، يُعَدّ أسلوبًا واقعيًّا سحريًّا، وبعضها يُعَدّ منفردًا كالادّعاء الأخير، يشكّل سردًا سحريًّا بذاته.

تتناقض هذه الروايات – وقد نذهب ونقول تأويلات فَهْم النصوص التاريخيّة لحادثة موت الحاكم – لكنّ اللافت أنّها تتّفق مع نسق الخطّ العامّ للرواية؛ فكما يذكر رواة الأخبار، الحاكم يدّعي الألوهيّة ويوحّد الله، يُسْرِف في الأموال ويزهد ويتقشّف، يُحْرِق قرًى كاملة ويأمر بمعاقبة مَنْ فعل ذلك، يقتل الناس ويأخذهم بالشبهة، ويرحم الأطفال والتجّار والنساء؛ فوجود هذه الأفهام المتعارضة يُغْرِق القارئ في جدليّات هرمنيوطيقا النصّ (Hermeneutics)، وأهمّيّة النصّ التراثيّ التاريخيّ في العمليّة التأويليّة الآنيّة للقارئ المتلقّي.

تعزّز الرواية الحوار بين التراث القديم وهذه الروايات التاريخيّة عن الحاكم بأمر الله، وبين القارئ المعاصر؛ فتلتحم الأفق بين الماضي والحاضر لإنتاج التأويل والفهْم الّذي يستشرف البُعد الثالث، وهو المستقبل...

فكما يذهب هانز جورج غادامر (1900-2002م) بالقول إنّ النصّ أو العمل ينتقل من سياق ثقافيّ تاريخيّ إلى آخر، وينتج عن هذا الانتقال معانٍ جديدة لم تكن حاضرة للمؤلّف ولا للمتلقّي السابق[7]؛ فإغراق الرواية باستجلاب النصوص التاريخيّة المتناقضة عن حادثة موت الحاكم بأمر الله، وجمعها ووضعها بالكلّيّة أمام القارئ، هو محاولة لتمرير التراث من سياق تاريخيّ ثقافيّ إلى آخر، وأنّ هذا الفهم هو أسلوب وجود الإنسان نفسه، كما أنّه إظهار لأنطولوجيّة الهرمنيوطيقا، نشاطًا اعتاده الإنسان، كما الشخصيّات في الرواية، لفهم كلّ ما حوله.

وتتّفق فكرة الاضطراب والتناقض وعدم الثبات في تقديم الروايات – في الرواية – مع أنّ طبيعة هذه التأويلات للروايات التاريخيّة تأتي ظرفيّة، متشكّلة ومقيّدة بالمعايير النسبيّة التاريخيّة لثقافة محدّدة، أي أنّها تتأثّر بالزمكان (زمان القارئ ومكانه أثناء عمليّة الفهم)؛ فيصعب فَهْم العمل الأدبيّ بوجه واحد على نحو واحد. وتعزّز الرواية الحوار بين التراث القديم وهذه الروايات التاريخيّة عن الحاكم بأمر الله، وبين القارئ المعاصر؛ فتلتحم الأفق بين الماضي والحاضر لإنتاج التأويل والفَهْم الّذي يستشرف البُعْد الثالث، وهو المستقبل؛ فيصبح التراث والتاريخ جوهرًا في نصّ الرواية، وروايات الحاكم تنتمي إلى الحاضر وإلى القارئ الحاليّ. هذا الطرح يذهب إلى أبعد من استحضار التراث والتاريخ في الرواية، ليخلق حوارًا معه يقود إلى التحامه مع الحاضر.

 

خاتمة

إنّ استخدام الواقعيّة السحريّة في رواية «ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله»، للروائيّ محمّد جبريل، يتجاوز الأبعاد الأدبيّة، إلى فكريّة وفلسفيّة، وعلى الرغم من جمود السرد التاريخيّ، إلّا أنّ الرواية تعيد تشكيله أدبيًّا، وتستغلّ تناقض الروايات تاريخيًّا عن الحاكم بأمر الله لتطوّعها أسلوبًا أدبيًّا أقرب إلى الواقعيّة السحريّة أو ’الصوفيّة‘، باصطلاح محمّد جبريل. تطرح الرواية تساؤلات عن تمركز القوّة والسلطة في فترة تاريخيّة سادها الحكم الأوتوقراطيّ، وتجادل في مصداقيّة هذه الروايات التاريخيّة، محيلةً القارئ إلى تناقضها وإمكان تعدّد تأويلاتها. إنّ الرواية تضع التراث صراحةً في سياق ما بعد حداثيّ، يدمج بين الواقعيّ والسحريّ ليكشف عن إمكانيّة إعادة قراءة النصّ التاريخيّ والتراثيّ، وتفكيك مركزيّاته.

 


إحالات

[1] Bowers, Maggie Ann. Magic(al) Realism: The New Critical Idiom. P. 3.

[2] حامد أبو أحمد، الواقعيّة السحريّة في الرواية العربيّة. (2019).

[3] Pruitt, Jennifer. Method in Madness. (2013).

[4] محمّد جبريل. ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله. ص 27.

[5] مرجع سابق، ص 10.

[6] Eagleton, Terry. Literary Theory: An Introduction. P.7.

[7] Ibid, P.61.

 


 

بيسان عابد

 

 

 

مترجمة وكاتبة وفنّانة تشكيليّة، دَرَسَتْ «اللغة الإنجليزيّة وآدابها» في «جامعة بير زيت»، وتهتمّ بالفنّ والأدب.

 

 

التعليقات