تقرير: "إسرائيل تشجع بسياستها وإخفاقاتها التجارة بالبشر والعبودية"

التقرير يشير إلى أنه بالرغم من تحسن في مكافحة إسرائيل للتجارة بالنساء لغرض الزنا، رغم قلة الإدانات في هذا السياق، إلا أن السلطات تستبيح وتهمل العمال الأجانب: مصادرة جوازات سفرهم وخصم رواتب ومنع علاج طبي. "عبودية معاصرة"

تقرير:

عمال في ورشة بناء (توضيحية - أ.ب.)

تمتنع السلطات الإسرائيلية عن مكافحة التجارة بمهاجري العمل فيها، والشرطة لا تحاول تقريبا العثور على ضحايا كهؤلاء، والعمال الأجانب القلائل جدا الذين تم الاعتراف بأنهم ضحايا التجارة بالبشر وحصلوا على مساعدات، عثرت عليهم منظمات حقوقية وليس سلطات الدولة.

وأكد تقرير صادر عن "المركز للاجئين والمهاجرين" حول ظاهرة استغلال العمال الأجانب في إسرائيل في السنوات 2001 – 2021، أن الدولة تواصل الامتناع عن مكافحة هذه الظاهرة ومعاقبة مرتكبيها، بحيث أن "شكاوى حول مصادرة جوازات سفر، سلب حرية ومؤشرات أخرى على عبودية معاصرة لم تكن معروفة للسلطات ولم تشعل أي أضواء حمراء لدى محققي الشرطة الذين اعتنوا بالشكاوى"، وفقا للتقرير الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الاربعاء.

قبل أربع سنوات، عثر فريق من "المركز للاجئين والمهاجرين" على عاملي بناء من تركيا فيما كانا يعانيان من حالة جسدية ونفسية صعبة جدا. وقالا إنه "طوال الوقت يطالبوننا بالعمل أسرع. ومدير العمل يقول إنه يجب أن نسرع، وأن نعمل دون توقف. وأنه ممنوع أن نأخذ استراجة لتدخين سيجارة ونحن جالسون، وإنما واقفين فقط، ولدقيقتين فقط. ومن لا يعمل بسرعة، يعيدونه إلى تركيا".

وأفاد التقرير بأن قسما من العمال تحدثوا عن أصدقاء لهم لقوا مصرعهم في ورشات بناء بسبب عيوب في الأمان من مواد البناء. وقال آخرون إنه حتى بعد إصابتهم أثناء العمل، فإنهم لم يحصلوا على علاج أو إجازة مرض. وفي بعض الحالات جرى خصم راتبهم، وفي حالات أخرى صودرت جوازات سفرهم. وشدد التقرير على أنه تم تشغيلهم في "ظروف عبودية".

إلا أن "خلية المتاجرة"، وهي وحدة في الشرطة مسؤولة عن رصد ضحايا المتاجرة بمهاجري العمل والاعتناء بهم، تجاهلت ظروف تشغيلهم، التي كانت غير إنسانية أحيانا، وبدلا من ذلك ركزت الوحدة على تهديد وعنف المسؤولين في مكان العمل، الذي هرب منه العمال في نهاية المطاف. ولم يُعترف بالعمال بأنهم ضحايا تجارة بالبشر وطُردوا من البلاد بعد وقت قصير.

ووفقا للمعطيات التي يوردها التقرير، فإنه منذ العام 2001 اعترفت السلطات الإسرائيلية بـ3736 ناجيا وناجية من التجارة بالبشر، وعثر على 3100 منهم "المركز للاجئين والمهاجرين". وخلال العقدين الماضيين حصل 1454 مهاجر عمل فقط على مساعدات من المكتب القانون التابع لوزارة القضاء الإسرائيلية بشبهة أنهم كانوا ضحايا التجارة بالبشر. بينهم 755 ناجيا وناجية من السجن المصري أو أسرى لدى عصابات في سيناء تجبي فدية، و463 مهاجر عمل، و236 ناجية من التجارة بالبشر لغرض الزنا.

ورغم ادعاء إسرائيل أنها صادقت، قبل سنتين، للمرة الثانية، على خطة قومية لمكافحة هذه الظاهرة، إلا أن مرتبة إسرائيل تراجعت، لأول مرة منذ عشر سنين، في تدريج وزارة الخارجية الأميركية الذي يتابع جهود الدول في محاربة التجارة بالبشر في اراضيها. والسبب الأساسي لهذا التراجع هو وضع مهاجري العمل في إسرائيل.

وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي تهمل فيه إسرائيل ظروف تشغيل ومعاملة مهاجري العمل، فإنها بذلت جهدا في إنفاذ القانون ضد تجار النساء لغرض الزنا، ومنحت مكانة بموجب القانون لضحايا هذه الظاهرة. وتم فتح 1808 تحقيقات جنائية في ملفات التجارة لغرض الزنا، في السنوات 2002 – 2006. لكن في أعقاب قرار حكومي وتعديل قانوني، عام 2007، بادعاء تشديد إنفاذ القانون واجتثاث التجارة لغرض الزنا في إسرائيل، تراجع في الـ15 سنة التالية عدد الملفات والتحقيقات، وأحيان عدة عشرات التحقيقات في السنة، وبلغ عددها طوال هذه الفترة 1376 تحقيقا جنائيا فقط.

ونتيجة لذلك، وفقا للتقرير، تم العثور في السنوات 2001 – 2010 على 3039 ضحية تجارة لغرض الزنا أرغمن على هذا العمل، وفي العقد الأخير انخفض هذا المعطى بـ95% ووصل إلى 158 ضحية.

ورغم ذلك، فإنه من بين 3184 تحقيقا جنائيا بشبهة التجارة لغرض الزنا، خلال العقدين الأخيرين، إلا أنه كانت هناك 304 إدانات فقط. وأحد الأمثلة على تقاعس السلطات في مكافحة التجارة بالنساء حدث في العام 2019، عندما تم العثور على ثلاث نساء، بينهم قاصرتان، أحضرتهم شبكة تجارة بالبشر لغرض الزنا من دولة افريقية وتم تهريبهم إلى إسرائيل عن طريق مطار بن غوريون بواسطة جوازات سفر دبلوماسية. ورغم أن "المركز للاجئين والمهاجرين" سلّم المعلومات التي جمعها عنهن إلى سلطات الرفاه والهجرة وإلى "خلية المتاجرة" في الشرطة، إلا أنه لم يعترف بهن كضحايا.

وأشار التقرير إلى ان "إسرائيل تشجع، بسياستها وإخفاقاتها، التجارة بالبشر والعبودية في سياق لا يشمل مكافحة التجارة بالنساء، وتستبيح الضحايا لأنماط التجارة هذه".

التعليقات