انتهت جولة أخرى بين فصائل المقاومة والاحتلال مع انتصاف ليل الإثنين الثلاثاء، بعدما أعلنت غرفة العمليات المشتركة في غزة التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بوساطة مصرية بدأ في تمام الساعة العاشرة مساء، إلا أن القصف استمر لفترة بعد بدء سريان الاتفاق، وتحديدا طائرات الاحتلال التي استهدفت عدة مواقع في غزة.
وقرابة الساعة العاشرة وخمسين دقيقة، استمرت طائرات الاحتلال بشن غارات على غزة، فيما أطلقت صافرات الإنذار في المستوطنات المحيطة بالقطاع، أعقبها إطلاق رشقة صاروخية من غزة، على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار.
وعادت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في غزة، للتأكيد على "الاستجابة للوساطة المصرية لوقف إطلاق النار"، في ظل تواصل القصف، مشددة على التزامها بـ"التهدئة"، "ما التزم بها الاحتلال وسنبقى الدرع الحامي لشعبنا".
وقبيل دقائق من انتصاف ليل الإثنين الثلاثاء، نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول إسرائيلي، تعليقه على التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، بالقول إن "كل شيء يتعلق بتصرفات حماس"، في حين نفى وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي، إيلي كوهين، في تصريحات للقناة 12 الإسرائيلية، الأنباء حول التوصل لأي اتفاق.
فيما رفض وزير التعليم الإسرائيلي وعضو المجلس الأمني المصغر (الكابينيت)، نفتالي بينيت، جهود الوساطة الرامية للتوصل إلى تفاهمات تقضي بوقف إطلاق النارـ واعتبر أن "وقف إطلاق النار في هذه اللحظة سيكون بمثابة خنوع للإرهاب ومحفز له".
وأعلنت قناة "الأقصى"، التابعة لحماس، قبل العاشرة مساء بقليل، نجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار. وأكد الناطق باسم حركة "حماس"، فوزي برهوم، التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار بناء على جهود مصرية، وأعلنت غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة "نجاح جهود مصر في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في حال التزم الاحتلال".
وقالت مصادر فلسطينية إن "الجهود المصرية التي بذلت من قبل جهاز المخابرات العامة، والأممية التي بذلها المبعوث الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، نجحت بوقف التصعيد العسكري".
وأوضحت المصادر أن التفاهمات أفضت للتوصل لوقف إطلاق النار على قاعدة الهدوء مقابل الهدوء، وذكرت أن التهدئة دخلت عمليا مرحلة التنفيذ منذ الساعة العاشرة مساء الإثنين.
واستبقت الفصائل في غزة إعلان الاتفاق، بإطلاق رشقات صاروخية صوب البلدات الاستيطانية المحيطة بالقطاع، وبعد فترة قصيرة من استهداف طائرات الاحتلال لمكتب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في القطاع.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن فصائل المقاومة في قطاع غزة، استمرت في إطلاق الرشقات الصاروخية بعد إعلانها عن بدء وقف إطلاق النار، وأطلقت منذ الساعة العاشرة، وحتى منتصف ليل الإثنين الثلاثاء، نحو 30 قذيفة صاروخية باتجاه البلدات الاستيطانية المحيطة بالقطاع.
بعد الخامسة بقليل... صاروخ من 100 كيلومتر
وقرابة الساعة الخامسة والنصف من صباح الإثنين، دمر صاروخ أطلق من غزة منزلا في بلدة "مشميرت" شمالي تل أبيب، وتسبب بإصابات طفيفة. وتزامن إطلاق الصاروخ مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وإلقاء خطاب في مؤتمر "إيباك" السنوي.
وحمّل الاحتلال حركة حماس مسؤولية إطلاق الصاروخ الذي يصل مداه إلى أكثر من 100 كيلومتر، وقالت إنه مصنع محليا بالقطاع. إلا أن حماس نفت ذلك، وقال مصدر في حماس لوكالة "فرانس برس" إن فصائل المقاومة "غير مهتمة" بإطلاق الصواريخ، فيما نقلت وسائل إعلام عربية عن مصدر في حماس قوله إن الصاروخ أطلق "بالخطأ".
واضطر نتنياهو إلى الإعلان عن تقصير زيارته والعودة مباشرة للبلاد بعد لقاء ترامب لإجراء مشاورات أمنية في ظل التصعيد، وبعد أن أعلنت عدة أطراف فشل الوساطة المصرية والأممية في منع التهدئة عصر الإثنين.
بدء القصف
وقرابة الساعة السادسة من مساء الإثنين، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، بشن سلسلة غارات على مواقع في أنحاء متفرقة من قطاع غزة المحاصر. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي "في هذه الساعة بدأ جيش الدفاع شن غارات على أهداف إرهابية تابعة لمنظمة حماس الإرهابية في أرجاء قطاع غزة".
وبعد ساعات متواصلة من القصف الإسرائيلي، أطلقت فصائل المقاومة عشرات الرشقات الصاروخية باتجاه المستوطنات المحيطة بالقطاع المحاصر.
وفي وقت سابق من مساء الإثنين، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن رد فصائل المقاومة جاء إثر فشل جهود الوساطة الدولية في التوصل إلى تفاهمات تهدئة خلال الساعات الأخيرة.
وأشارت إلى أن منظومة "القبة الحديدية" اعترضت العشرات من القذائف التي أطلقت من غزة، باتحاه "سديروت" و"شاعر هنيغف"، وسط دوي متواصل لصافرات الإنذار.
وأكدت القناة 12 الإسرائيلية، أن فصائل المقاومة أطلقت أكثر من 3 رشقات صاروخية شملت كل واحدة نحو 30 صاروخًا خلال 5 دقائق، وأصابت قذيفة منزلا في "سديروت"، بإصابة مباشرة، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وقصفت مروحيات الجيش الإسرائيلي موقع عسقلان التابع لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس شمالي قطاع غزة، بالإضافة إلى موقع آخر للقوة البحرية التابعة لحماس شمالي غرب مدينة غزة؛ فيما سمعت أصوات انفجارات في أرجاء متفرقة من القطاع.
وبحسب المصادر الفلسطينية، استهدف الطيران الإسرائيلي أراض زراعية فارغة في كل من مدينة دير البلح بالمحافظة الوسطى، وفي مدينتي خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة.
وفي وقت لاحق، قصف الاحتلال أراض زراعية في بلدة بيت حانون شمالي القطاع، وأخرى شرق غزة قرب جبل الريس، إضافة لمجموعة مواطنين شرقي الشجاعية، دون أن يبلغ عن إصابات.
استهداف مكتب هنية ومقرات حكومية
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي، مكتب هنية غربي مدينة غزة، بصاروخين من طائرات استطلاع ما أدى إلى تدمير المبنى بالكامل، وسط أنباء ترجح عدم تواجد هنية في المكان.
كما قصف الاحتلال بعدة صواريخ من طائرات مسيرة شركة "الملتزم" للتأمين وسط مدينة غزة، تبعها تدمير كامل للمبنى بصاروخ حربي، كما استهدفت بصاروخ حربي مبنى حكومي قرب مبنى قصر الحاكم غربي غزة.
واستهدف القصف الإسرائيلي مقرًا حكوميًا بجوار منطقة "أنصار" غربي مدينة غزة، ودمر الطيران الحربي المبنى الحكومي بالكامل بعد قصفه بعدة صواريخ من طائرات مسيرة.
وأعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال مهاجمة مكاتب الأمن الداخلي التابعة لحركة حماس في حي الرمال بغزة، وقال في بيان " أغارت مقاتلات حربية قبل قليل على مبنى مكون من 5 طوابق في حي الرمال يستخدم من قبل منظمة حماس لأغراض عسكرية كمكتب الأمن الداخلي".
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي بطائرة مسيرة، منزل مسؤول الأدلة الجنائية في وزارة الداخلية في غزة، أبو همام الديب، في حي الشجاعية، وجرى إخلاء المنزل من سكانه بعد القصف.
صاروخ تجاه "أشكول" وصافرات إنذار في "غلاف غزة"
ودوت صافرات الإنذار بالمستوطنات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، في أشكلون، و"المجلس الإقليمي أشكول" و"شاعر عنيغف". وأكد جيش الاحتلال رصد صاروخ أطلق من قطاع غزة تجاه المجلس الاستيطاني "أشكول".
وأصدرت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أوامر بفتح الملاجئ في جميع البلدات التي تبعد حتى 80 كيلومترًا عن قطاع غزة، بما في ذلك في تل أبيب وهرتسليا ونتانيا وبلدات المركز.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "يسرائيل هيوم" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يدرس استدعاء اللواء (35) "لواء المظليين في الجيش الإسرائيلي".
إجراءات سبقت العدوان
وأغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي المناطق المحيطة بقطاع غزة المحاصر، في وقت سابق، وأوقف جميع الأعمال الزراعية والأنشطة في المستوطنات القريبة من الشريط الأمني الفاصل شرقي القطاع، ونشر المزيد من بطاريات "القبة الحديدية" في أنحاء البلاد، ضمن ما وصفه بـ"إجراءات التأهب" في ظل تصعيد محتمل.
وشملت إجراءات جيش الاحتلال تعزيزات عسكرية أرسلت إلى محيط قطاع غزة، بما في ذلك استدعاء مجندي احتياط، وجاء في بيان صادر عن جيش الاحتلال أن "رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قرر الدفع بلواءين من المشاة والفيلق المدرع وقيادة الفرقة، بما في ذلك استدعاء مجندين محددين من الاحتياط".
وفي ظل تصاعد التوتر منذ ساعات الصباح، أصدر الجيش الإسرائيلي تعليمات إلى سكان البلدات الاستيطانية المحيطة بقطاع غزة بأن "انفجارات ستسمع خلال الفترة القصيرة المقبلة كجزء من النشاط الهجومي للجيش الإسرائيلي"، كما أوصى بزيادة درجة التأهب ودخول الملاجئ والأماكن الآمنة عند سماع صافرات الإنذار.
هذا، وأصدر المجلس الاستيطاني "سدوت هنيغف" رسالة إلى السكان جاء فيها أنه سيتم سماع دوي انفجارات خلال النصف ساعة المقبلة "كجزء من هجوم للجيش الإسرائيلي"، ما يشير إلى هجوم وشيك سيشنه سلاح الجو الإسرائيلي على قطاع غزة، وسط توقعات بأن غارات الاحتلال ستكون أوسع من الهجوم الذي نفذته قبل نحو أسبوعين بعد إطلاق صاروخين من قطاع غزة على محيط تل أبيب، والذي أعلن الاحتلال خلاله أنه استهدف 100 موقع لفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "نشر الجيش الإسرائيلي بطاريات قبة حديدية، إضافية، في جميع أنحاء البلاد"، ولم تحدد الإذاعة المواقع التي تم فيها نشر هذه البطاريات.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" أنه "تم تنبيه أعضاء بعض وحدات الاحتياط إلى إمكانية استدعائهم للخدمة غير المجدولة"، وأضاف أنه "لم يصدر الجيش الأوامر الرسمية المعتادة لاستدعاء فوري، لكنه ينوه لهم بالاستعداد للانخراط في حالة حدوث تصعيد كبير، وهي المرة الأولى منذ سنوات التي يقوم فيها الجيش بذلك".
وأوضح أنه "تم إرسال التنبيه إلى جنود الاحتياط الذين يخدمون مع الجيش، ما قد يشير، بناءً على السوابق، إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد للقيام بعملية توغل برية في غزة".
وكان جيش الاحتلال قد قرر صباح اليوم، إغلاق المعابر البرية مع قطاع غزة وإغلاق البحر بشكل كامل أمام الصيادين الفلسطينيين في غزة، وذلك تحسبا للتصعيد، عقب إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع باتجاه مركز البلاد.
ووفقا لبيان صادر عن جيش الاحتلال، فإن منسق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الضابط كميل أبو ركن، أعلن عن إغلاق معبري بيت حنون "إيرز" ومعبر كرم أبو سالم "كرم شالوم"، وتقليص مساحة الصيد البحري في قطاع غزة حتى إشعار آخر. وأوضح أنه تم اتخاذ القرار في أعقاب إطلاق القذيفة الصاروخية صباح اليوم من قطاع غزة باتجاه مركز البلاد.
غرفة المقاومة المشتركة: سنرد فورًا على أي قصف إسرائيلي
في المقابل وقبل الإعلان عن الاتفاق، نقلت مصادر فلسطينية عن مصدر مطلع في غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، أن "قوى المقاومة سترد فورًا على أي قصف إسرائيلي يطال المواطنين وممتلكاتهم في قطاع غزة".
وقال المصدر في تصريح لوكالة "صفا" إن "غرفة العمليات المشتركة سترد بقوة على أي قصف يطال مبانٍ أو المواطنين وممتلكاتهم، وقصف الاحتلال سيواجه بالقصف على الفور".
وأكد المصدر، بحسب "صفا"، أن كل الأهداف الإسرائيلية ستكون تحت مرمى قوى المقاومة، فيما أشار إلى وجود "محاولات مصرية لتهدئة الأوضاع".
وحذر رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الاحتلال، من عدوان على غزة، قائلا: "أي تجاوز للخطوط الحمراء من قبل الاحتلال فإن شعبنا لن يستسلم له والمقاومة قادرة على ردعه".
وأكدّ هنية في بيان صدر عنه أن القضية الفلسطينية "تتعرض لهجمة شاملة في مختلف المستويات والجبهات في القدس والضفة وغزة وكذلك الأسرى داخل سجون الاحتلال".
وشددّ على ضرورة "مواجهة هذه الهجمة الشاملة بصف وطني موحد وبتنسيق عال مع الأشقاء العرب فالقدس توحدنا والأسرى يوحدوننا والضفة توحدنا ومسيرات العودة تجمعنا وتوحدنا".
وقالت "حماس" في قطاع غزة إن المقاومة الفلسطينية "مستعدة لخوض معركة الردع والدفاع عن غزة، مع إسرائيل"، في حال شنت الأخيرة أي غارات على القطاع.
وأضافت الحركة في بيان لها: "ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي أي حماقات بحق غزة ومقاومتها، ستكون تكلفتها تفوق تقديراته".
وتابعت: "سيجد المحتل نفسه أمام مقاومة شديدة مستعدة لهذا اليوم، وعلى جهوزية تامة لخوض معركة الردع والدفاع عن شعبنا".
اقرأ/ي أيضًا | صاروخ يدمر زيارة وصورة "سيد أمن"
التعليقات