د. الهزيل: "مخطط شاكيد - عباس تهويد بشع للنقب وتصفية قضية القرى غير المعترف بها"
بعد قدوم رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، مؤخرًا إلى النقب وإطلاله مع قائد قواته الشرطية من موقع كاشف على مدينة رهط، وتهديده بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم، جاءت توأمه السياسي ووزيرة داخليته، أيليت شاكيد، ووقفت على قبر "بن غوريون" لتعلن من هناك عن إقامة 4 مستوطنات جديدة في نطاق المجلس الإقليمي "رمات نيغيف"، ضمن مخطط يشمل إقامة 10 مستوطنات، وتركيز 16 تجمعًا عربيًا في قرية عبدة، في إطار خطة التركيز - التجميع التي أقرتها حكومة بينيت - لبيد في 3 قرى وسوّقت من قبل القائمة الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) ومنصور عباس كإنجاز.
الهجوم الذي أعلن عنه بينيت، تُرجم باقتحام أراضي قرية سعوة الأطرش، وجوبه بإرادة وصمود الأهالي وتحوّل إلى معركة على الوجود وضد "التجميع" تحت ستار خطة "الاعتراف" التي يسوقها منصور عباس وتدفع بها شاكيد، وسيكون مصيرها الفشل بعد أن "كشفنا تضليلها"، وأثبتنا أنها تحمل في ثناياها أسوأ مخطط للسيطرة على أراضي النقب وتصفية قضية القرى مسلوبة الاعتراف، كما يقول د. عامر الهزيل.
وعن المخططات التي تستهدف النقب وصمود أهله، حاور "عرب 48" د. الهزيل وهو مخطط استراتيجي أنجز المخطط البديل للقرى مسلوبة الاعتراف، وساهم في بناء العديد من الأطر والتشكيلات في معركة الاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف في النقب.
"عرب 48": بعد أن "استبشرنا خيرًا" من الاعتراف بثلاث قرى مسلوبة الاعتراف من قبل الحكومة الإسرائيلية، وأملنا أن تكون فاتحة للاعتراف بقرى أخرى، جاءت المواجهات الأخيرة "لتقلب الطاولة" وتكشف عن النوايا الحقيقية لهذه الحكومة تجاه النقب، وتساهم في فضح المخطط الذي تشارك به الأذرع الاستيطانية المختلفة للسيطرة على أرضه وحشر أهاليه على مساحة مقلصة من الأرض؟
الهزيل: من المعروف أن مخططات السيطرة على أراضي النقب وتركيز أو تجميع سكانه العرب الفلسطينيين على مساحة محدودة لم تتوقف منذ عام 1948 وحتى قبل ذلك، ولكن مخطط "شاكيد - عباس" الذي يتحدث عن إقامة ثلاث بلدات تركيز ومدينة، ويُسوق كاعتراف بهذه القرى، هو عبارة عن تنفيذ بشع لرؤية تهويد النقب.
ولو أخذنا قرية عبدة من التي قال عباس إنه تم الاعتراف بها على سبيل المثال، والتي سبق أن جرى الاعتراف بها كـ"قرية سياحة" عام 2001؛ فإن المخطط يبتغي تحويلها إلى مجمع تركيز لكل العزازمة الذين يسكنون بين سهل البقار ووادي رمان، بينها قرية سهل البقار وغيرها من تجمعات العزازمة.
إلى ذلك، سيجري تحويل قرية رخمة إلى مجمع تركيز لـ16 تجمعًا من العزازمة، بما فيها جنوب وادي المشاش، دون الأخذ بالاعتبار مصادر عيش السكان الذين يعتاشون على الرعي، حيث سيسحب التركيز جميع مساحات الرعي من تحت أقدامهم وأقدام مواشيهم ويعطيها للمستوطنات الجديدة والقديمة؛ ناهيك عن أن هؤلاء الناس قد سبق تهجيرهم من أرضهم عام 1956 وسيتم تهجيرهم للمرة الثانية.
أما قرية خشم زنة التي يمر منها شارع 6 "عابر إسرائيل"، فإن مخطط شاكيد - عباس سوّق وكأنه اعتراف بالقرية، ولكن في الحقيقة سيجري نقلها إلى شمال شارع 6، وتحويلها إلى مجمع تركيز سيضم أيضًا أهالي قرية صووين، وجزء كبير من بير الحمام. وفي السياق نفسه تتغنى شاكيد بأنها تمكنت من تجميع 6 آلاف مواطن على 3 آلاف دونم بدلا من 13 ألف دونم، بمعنى أنهم سرقوا العشرة آلاف دونم المتبقية.
"عرب 48": إلى ماذا تستند في هذه التصريحات؟
الهزيل: لا أقول ذلك جزافًا؛ هنالك خرائط تبيّن بوضوح من سيجري ترحيله ومصادرة أرضه ولمن ستذهب هذه الأرض. هم يخططون لإقامة مستوطنة "نيفاتيم" على أراضي قرية صووين التي سيتم تهجيرها إلى خشم زنة، وهذه المستوطنة ستقام على ظهر الجبل لتفصل التواصل العربي بين شقيب السلام وأبو تلول، وبالتالي فإن مسطحها يمتد في العمق ليلتهم حتى محيط بلدة شقيب السلام ذاتها.
عدا عن ذلك، في قضية الاعتراف بقرية خشم زنة توجد شروط معينة، فهم تعلموا من تجارب سابقة بأن يجمعوا أهالي القرية، ثم تأتي عائلة معينة وتقول لا أحد يدخل الحيز الخاص بي، لذلك ثبتت الحكومة في شرط الاعتراف أن يوافق 70% من السكان على الانتقال إلى مناطق التجميع، وبعد 7 سنوات سوف تقرر الحكومة إذا ما يبدأ التخطيط أم لا، في حين أن البناء سيبدأ عام 2035!
وعندما قمت باحتساب التكاثر الطبيعي للسكان حتى عام 2035، تبيّن أن عدد السكان سيتضاعف من 6 آلاف إلى 12 ألف نسمة، ما يعني أنه في عام 2035 ستكون قرابة 400 أسرة من دون قسائم بناء، فيما سيصل العدد في العام 2048 إلى 20 ألفًا، ويكون 50% من الناس دون قسائم بناء؛ هذا ناهيك عن أن البلدة هي عمليا محاصرة بشارع 6 وشارع 25 ومستوطنة "نيفاتيم" التي يجري التخطيط لإقامتها والمنطقة الصناعية التابعة لمجلس إقليمي "بني شمعون". لذلك الخيار أمام الناس سيكون اللجوء للبناء متعدد الطبقات، ما يعني أنهم سيصلون بعد 20 سنة فقط إلى المرحلة التي وصلتها رهط بعد 40 سنة.
"عرب 48": المخطط ينص أيضا على إقامة مدينة؟
الهزيل: المدينة وفق ما صرح به وزير الشؤون الاجتماعية، مئير كوهين، ستقام في منطقة بلدتي كسيفة وعراد، أي في المنطقة التي نسميها نقع عراد ومنطقة كسيفة، عراد، عرعرة، إذ من غير المخطط بأن يعترفوا بأي قرية من القرى الواقعة في تلك المنطقة، بل على العكس، فقد تراجعوا عن الاعتراف بقرية الفرعة وتم الإعلان عن عزمهم بإقامة مصنع فوسفات مكانها، وزارت شاكيد مؤخرًا هذه المنطقة وأعلنت عن نيتها إقامة ثلاث مستوطنات في العمق الذي يسمى نقع عراد.
والجواب عن السؤال ’لمن هذه المدينة’ يكمن في نيتهم بعدم الاعتراف بأي قرية من قرى المنطقة المذكورة، التي يقع جزء منها تحت تعريف منطقة عسكرية وأخرى تحت تعريف التحريش، أو سيقتلعها مصنع الفوسفات المسمى "برير"، وما تبقى سيقع تحت المخطط الاستيطاني الذي تتحدث عنه شاكيد. لذلك، فإن الحل حسب مخططاتهم يكمن في تهجير السكان إلى المدينة التي أقروها مع عباس، أو إلى القرى الثلاث المعدة للتركيز.
لذلك نحن نقول إن مخطط شاكيد - عباس هو مخطط اقتلاع وتجميع وإقامة بلدات تركيز وليس اعترافا بقرى مسلوبة الاعتراف، وقد نجحنا منذ أن بدأنا الحملة بفضحه في تجنيد الناس ضده، إذ أعلن أهالي سهل البقار بقيادة رئيس اللجنة المحلية، هليل أبو جليدان، أنهم لن يتجاوبون مع المُخطط، ولن يرحلون عن أرضهم، وبالتالي فإن مجموعات العزازمة أكدت هي الأخرى على أنها لن ترحل عن أرضها، وأن من حق الناس الاعتراف بوجودها على أرضها.
كذلك الأمر بالنسبة لأهالي قرية رخمة الذين عارضوا المخطط أيضًا؛ والأهم أن أهالي قرية صووين ممثلين برئيس اللجنة المحلية، خالد الأصلع، خرجوا ضد المخطط، واعتبروه مخطط اقتلاع وتهجير، حيث وجه الأصلع رسالة مباشرة إلى عباس قال له فيها إن "مخططك ليس مخطط اعتراف بل اقتلاع وتهجير".
"عرب 48": كان من الواضح أن شاكيد التي عارضت قرار الاعتراف بالقرى الثلاث لم توافق على القرار إلا بعد أن نجحت بتحويله إلى فخ أوقعت فيه عباس، الذي يحاول بدوره إيقاع أهالي النقب في شباكه؟
الهزيل: بالإضافة الى أن القرار كان سيئًا منذ البداية، بصفته مخطط تجميع وتركيز وليس قرار اعتراف، فإن شاكيد ربطت موافقتها عليه بالندية؛ بمعنى أنه إذا اعترفنا بقرية خشم زنة سنقيم في المقابل مستوطنة "معاليه نيفاتيم". وبهذه الطريقة أعلنت عن خطة مستوطنات ستنهي من خلالها قضية من تسميهم بـ"الغزاة البدو" وتقضي على مسألة القرى غير المعترف بها، وبذلك جعلت ما يسمى بقرار الاعتراف وخطة إقامة المستوطنات بمثابة مخطط واحد، من الجدير بأن يطلق عليه مخطط "شاكيد - عباس".
والحديث لا يدور عن المستوطنات الجديدة التي أعلنت عنها شاكيد مؤخرا فقط، بل عن مشاريع استيطانية قديمة أيضًا تصل بمجموعها إلى 16 مستوطنة، "حيران" مكان قرية أم الحيران، "يتير" مكان قرية عتير، أي اقتلاع وإحلال وسرقة الأرض والأسماء بعد تحويرها فقط، والتركيز على تهويد ما يسمى "نقع بئر السبع" الذي يبدأ من سعوة؛ وهي (شاكيد) قامت بإحياء المخطط العام القديم، الذي ينص على إقامة مستوطنة "عومريت" على شارع بئر السبع – ديمونا، وهو مخطط من سنوات الألفين على أراضي قرية الزرنوق التي يسكنها أبو قويدر.
هم يحاولون منذ سنوات تنفيذ هذا المخطط، وبالتالي شق الصف، وقد خططوا ضاحية 11 في رهط لترحيل أهالي الزرنوق إليها، ولكن بطبيعة الحال، بلدية رهط بإدارتها السابقة والحالية ترفض بأي شكل من الأشكال بأن يجري ترحيل أهالي الزرنوق إلى المدينة، وكذلك يرفض قسم كبير من أهالي الزرنوق الرحيل.
أما لماذا "عومريت" في هذه المنطقة؟ لأنه إذا سقطت هذه المنطقة، حيث ستقام ثلاث مستوطنات إضافية على امتداد شارع 25، فإن كل التواجد العربي من بئر السبع وحتى ديمونا يكون قد حسم كليا.
المستوطنة الأخرى هي على شارع 31 الذي يربط "السقاطي" الذي يسمونه مفرق شوكت مع عراد، وهي موجودة في الجهة الأخرى من "نقع بئر السبع"، وتسمى "عينيم عيرا"، وبالتالي مسطحات المستوطنتين تتوغل عمقًا على حساب القرى، إلى جانب مشروع التشجير الجاري حاليا والذي يهدف إلى تشكيل حلقة وصل بين المستوطنتين.
"عرب 48": تقصد التشجير الذي يقومون به في أراضي قرية سعوة الأطرش ودارت حوله المواجهات مؤخرًا؟
الهزيل: نعم، كان لا بد من اقتلاع البشر وزرع الشجر وقد استبقوا البناء بزرع الشجر ومحاولة اقتلاع البشر، وهو ما يقومون به الآن، وهم يريدون تجميع الناس في قرية خشم زنة وإقامة مستوطنة "معاليه نيفاتيم" التي تتواصل بخط استوائي مع "عومريت" ومع التحريش ومع مستوطنة "عينيم عيرا"، ومع المنطقة العسكرية شرقا وترتبط بالضفة الغربية. ونستطيع القول إن هذا الخط يتواصل ويرتبط مع غزة، ومعروف أنهم يفكرون بمنطق عسكري.
"عرب 48": المطلوب هو إقامة حزام استيطاني حول التجمع العربي؟
الهزيل: نعم، والهدف من إقامة هذا الحزام الاستيطاني هو قطع التواصل العربي في هذه المنطقة. عمليًا قطع التواصل بين سعوة الأطرش مع الطرف الآخر المتمثل بتل السبع وأم بطين والسيد وحورة، وهذا الجزء الأول من التقطيع والذي يمتد من المستوطنة الجديدة، "معاليه نيفاتيم" ليصل إلى المنطقة العسكرية ليقسم المنطقة العربية إلى قسمين.
أما القسم الآخر في المنطقة نفسها، فهو يمتد بين سعوة الأطرش ووادي الروسي وبين منطقة عراد - كسيفة، كما استهدفوا السلسلة الجبلية التي يسمونها الواسطة بمخطط تحريش حسب مخطط "تاما 22"، وهذا التحريش يقتلع بالضرورة أربع قرى هي الغرة، تل الملح، الصرير، والسرة.
"عرب 48": تتحدث عن التحريش الجاري؟
الهزيل: لا، التحريش المخطط الذي سيرتبط بالتحريش الجاري حسب مخطط ما تسمى الـ"الكيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق الدائم لإسرائيل – "كاكال"). الهدف ربط السلسلة الجبلية الناصفة بـ"الغرة"، وبالتالي يتم فصل منطقة وادي غوين عن منطقة "الظلام" وكسيفة، وعرعرة وتل عراد.
أما القسم الثالث في العزل، فهو عزل خط تل السبع من أم بطين، والسيد وحورة، عدا اللقية، حيث يُخطط لإقامة مستوطنة "لكيت" من الشمال لشارع الخليل، وهي مستوطنة لإسكان رجال الاستخبارات، وبذلك يفصلون اللقية والمنطقة العربية عن منطقة أم بطين وأبو كف، ما يعني أنه من عراد شمالا حتى اللقية أصبح الواقع العربي حسب المخطط الاستيطاني مقطعا يفتقر إلى التواصل.
الإستراتيجية هي منع التواصل العربي، والسيطرة على الأرض، وإقامة المستوطنات على طول الشوارع الرئيسية، وهو تفكير يحمل بعدًا عسكريا في السيطرة على المحاور الرئيسية، مارسوه في 1948، وتعلموه من تجربة وادي عارة.
إلى جانب ذلك، يجري الحديث عن عدة مستوطنات مثل "كدمات هنيغيف" التي ستضم 20 ألف نسمة، وتقوم على تخوم كسيفة وعلى حساب أراضي تل الملح، وسرة، وباط الصراير، و"كسيف" وهي مستوطنة للحريديين وتضم 18 ألف مستوطن، ومن المخطط لها أن تكتسح أراضي الحمرة.
هناك أيضًا 5 مستوطنات سموها "مفؤوت عراد" ستشكل حزامًا استيطانيًا بيننا وبين الضفة الغربية وترتبط بمستوطنة "حيران" و"عتير"، وتأتي على حساب تل عراد وقرية الجواسيس الذين نقلوهم من الدهنية في غزة.
"عرب 48": وماذا عن المستوطنات التي أعلنت عنها شاكيد؟
الهزيل: في منطقة الفرعة حيث جاءت شاكيد ووقفت على الجبل، وقالت هنا ستقام 3 مستوطنات، فهي ستقام في منطقة الفرعة ومنطقة غزة ومنطقة القطامات، في حين أن المنطقة الواقعة بين الفرعة وعرعرة، أُعلن عن 70% منها منطقة عسكرية وفق مخطط "متروبولين بئر السبع 2020"، والباقي أُعلن عنه "نسيج صحراوي".
وفي منطقة عرعرة ستُقام مستوطنتين على شارع 25 لتشكلا تواصلا مع ديمونا، من خلال ترحيل قريتي أم رتنان والمدرعة، وإقامة مستوطنة تدعى "ديا" مكانهما، وكذلك اقتلاع قرية سدير الواقعة بين مفرق عرعرة والمطار في النقب، بحجة توسيع المطار وإقامة مطار مدني.
أما قريتي قصر السر وأم تنان، إذ اعترفوا بهما وسيتم إقامة مستوطنة بينهما، لكي يمنعوا التواصل الجغرافي العربي. ولكي يمنعوا التواصل بين أم تنان التي هي أبو قرينات وبين أبو تلول، قاموا بتشجير وادي أبو تلول، بالإضافة إلى مخطط لنقل قرية السر إلى توسعة شقيب السلام التي ستستوعب أيضا سكان قرية وادي النعم، فيما سيتم تخيير قرية وادي المشاش بين تركيزهم في بير هداج أو وادي النعم، التي ستكون جزء من شقيب السلام.
هذا، وسيتم تجميع سكان منطقة العزازمة كما قلت في عبدة، حيث سيركزون كل التجمعات من سهل البقار وحتى وادي رمان، فيما سيحاصرون بير هداج تمامًا، وهناك مخطط لإقامة مستوطنة تسمى "نافيه غوريون" في المنطقة، يقال إنه سيتم تغيير اسمها إلى "نافيه أبراهام"، وذلك "تيمنًا" بالاتفاقيات مع الدول الخليجية.
اقرأ/ي أيضًا | المرأة في النقب.. ركيزة الصمود والنضال
اقرأ/ي أيضًا | القمع في النقب: قرار سياسي تشارك فيه الأذرع الأمنية والقضاء
اقرأ/ي أيضًا | "عقاب جماعي" يُغرق النقب بالعتمة
التعليقات