يرفض أهالي الجولان السوري المحتل تجميدا مؤقتا لمشروع توربينات الهواء، ويطالبون بإلغائه على الفور نهائيا، وقالوا إنه يمس بمصدر رزقهم في البساتين والأرض والسياحة الزراعية.
وقالت "الهيئة الدينية والزمنية" في الجولان المحتل مساء الإثنين إنه "عقب اجتماع طارئ ضم البعض من أصحاب العقود والموقعين على اتفاقيات مع شركة المراوح، طلب منهم الالتزام والتعاون قانونيا لاجتياز هذه المرحلة الصعبة التي تمر علينا بعد أن شاهدنا الاعتداء الفاضح للشركة على أراضينا بحراسة قوات خاصة وعناصر شرطة التي فتحت بنيرانها غير المبرر علينا، وقد خلفت عشرات الإصابات والجرحى منها الخطيرة وما زالت ترقد في المشافي بوضع حرج".
وجاء في بيانها "طُلب من أصحاب العقود والموقعين على الاتفاقيات أولا تقديم طلب فسخ العقود مع الشركة من خلال المحكمة، ثانيا إظهار مستندات تثبت إعادة الأموال المقبوضة للشركة، وثالثا تسييج الأرض الخاصة المزمع إقامة التوربينة عليها وإبراز إثبات ملكيتها بتعليق لافتة وإعلانها بأنها خاصة لا يسمح لأحد بدخولها".
وحملت "الهيئة الدينية والزمنية" في الجولان المحتل "المسؤولية الكاملة لكل شخص موقع لا لا يلتزم بهذه الشروط وكل شخص يتعامل مع هذه الشركة أو أي شركة لها علاقة بهذا المشروع، إن كان تعاملا ظاهرا في العلن أو باطنا في الخفاء، وعلى أصحاب العقود الذين لديهم توربينة ملغاة أن يلتزم بتنفيذها أيضا وتقديم طلب فسخ العقد حتى تاريخ أقصاه 30 حزيران/ يونيو الجاري، وبعد هذا التاريخ فإن كل متخلف عن تنفيذ هذه الشروط يكون قد اختار طريق التمادي على الباطل"؛ حسبما ورد في البيان.
ويسعى الأهالي إلى حماية أراضيهم وبساتينهم بكل الطرق من المصادرة واستيطان توربينات الهواء الذي يهدد الأرض بالمصادرة، إذ تعمل الشركة المنفذة لمشروع التوربينات في الجولان المحتل بالتعاون مع مجموعة من السياسيين الإسرائيليين المنتفعين من مشروع توربينات الهواء، وفقًا لأقوال الأهالي.
وانتفض أهالي الجولان، الأسبوع الماضي، بعد استئناف الشركة العمل في أراضيهم الزراعية، وفي أعقاب ذلك أصيب العشرات خلال تصديهم لعمل المعدات، إذ قامت الشرطة الإسرائيلية وقواتها باستهداف الأهالي والاعتداء عليهم بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بالإضافة إلى مركبة المياه العادمة.
وفي آخر المستجدات، أرجأ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أعمال بناء توربينات الهواء إلى ما بعد عيد الأضحى، بناء على توصية مفتش عام الشرطة الإسرائيلية ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، ورغم موقف وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي أبدى دعما لمواصلة الأعمال في مطلع الأسبوع.
إلغاء المشروع
وبهذا الصدد، قال الشيخ سلمان عواد، لـ"عرب 48"، إن "أهالي الجولان يرفضون مشروع المراوح جملة وتفصيلا، ونحن لا نريد تجميد المشروع إنما إلغاؤه كليا، وأهالي الجولان لن يرضوا بتجميد المشروع حتى لو كان لشهر أو شهرين أو حتى عام، فمطلبنا واضح وهو إلغاء المشروع الذي يهدف إلى التضييق على الأهالي وتهجيرهم من قراهم".
ولفت إلى أن "العمل بالمشروع توقف يوم الخميس وذلك بعد نضال الأهالي الذي كان في الأيام الماضية، ونحن لا نريد هذا التجميد المؤقت إنما إلغاء المشروع كليًّا".
وأوضح أن "هذا المشروع جرى التخطيط له في أراضي أهالي الجولان المثمرة والتي تعد متنفسنا الوحيد وأيضًا مصدر رزقنا، نحن لسنا ضد الطاقة الخضراء إنما نحن ضد وضع هذه الطاقة بين بساتين التفاح والكرز والنحل التي ستضر بشكل كبير وتحرمنا من الطبيعة ومصدر رزقنا، بالإضافة إلى الضرر البيئي الكبير الذي سينتج عن هذا المشروع وفقًا لباحثين إسرائيليين".
الحكومة تريد الأرض ولا تريد الإنسان
وزاد سلمان أن "هدف الحكومة الإسرائيلية هو الأرض، إذ أنها تريد الأرض ولا تريد الإنسان، لذلك هي اختارت وضع هذه التوربينات على أراضي أهالل الجولان وليس بمناطق أخرى، علمًا أن مساحات الجولان شاسعة وواسعة لكنهم اختاروا القرى العربية في الجولان من أجل تهجير الإنسان".
وحول إصابته إثر اعتداءات الشرطة، قال إن "الشرطة استهدفتنا بشكل مباشر، واستهدفت بالتحديد المناطق العلوية من الجسد خلال اعتداءاتها، وهذا يدل على العنصر الخبيث داخلهم والمبني على العنصرية والخالي من الإنسانية".
وبخصوص المصابين نتيجة اعتداءات الشرطة، أشار إلى أنه "لا يزال مجموعة من الشباب في المستشفيات نتيجة اعتداءات الشرطة واستهدافهم المباشر بالأعيرة النارية والمطاطية وقنابل الصوت والغاز، إذ يوجد إصابات حتى اللحظة توصف بالخطيرة ولكنها مستقرة نتيجة الاعتداء الوحشي على الأهالي الذين دافعوا عن أرضهم بكل فخر واعتزاز".
التضييق على أهالي الجولان
وقال الناشط في كل ما يتعلق بمشروع التوربينات في الجولان السوري المحتل، وائل طربيه، لـ"عرب 48"، إن "مشروع التوربينات بدأ منذ عدة سنوات وتحديدًا في العام 2008 بين الشركات، إذ بدأ المشروع من الشركة التي تدعى ’مياه الجولان’ وقامت بمشروع الاستثمار برياح الجولان، وخصوصًا أن المنطقة معروفة بقوة الرياح طيلة السنة لذلك جاءت فكرة الاستثمار بالرياح".
وتابع أن "الشركة التي تدعى ’مياه الجولان’ أعلنت إفلاسها واستولت عليها شركة أخرى تدعى ’إنرجيكس’ التي بدأت في العام 2013 بتطوير الدراسات والإعدادات الأولية لمشروع التوربينات على أراضي الجولانيين الخاصة، إذ أنه بكل الجولان جرى التخطيط لنحو 15 مشروع لمزارع الرياح وقسم منها على أراضي أهالي الجولان الخاصة رغم كبر مساحات الجولان، لكن جرى اختيار القرى الدرزية في الجولان للتضييق عليها".
وحول مشروع التوربينات على أراضي أهالي الجولان، أوضح طربيه أن "المشروع على أراضي أهالي الجولان له سمات وتمسك الشركة القائمة على المشروع الذي يستند أيضا إلى سمات بينها أن المنطقة ملائمة للرياح، إجراءات صفقات مع مزارعين على أرضهم الخاصة أسهل للشركة من الإجراءات البيروقراطية من استصدار التراخيص اللازمة، وأيضا الاستخفاف بعقول المزارعين ومحاولة إبرام صفقات مع المزارعين بمبالغ صغيرة توفر على الشركة على الجانب الاقتصادي وأيضا على الجانب الزمني".
جمع عقود سرا
ولفت إلى أن "هناك مجموعة من المتعاونين الذين تعاونوا مع الشركة وهؤلاء قلة قليلة لا يتخطى عددهم 5 أشخاص، إذ أن هؤلاء المتعاونين مستفيدين بنسب مالية أمام الدفع بالمشروع قدمًا وفي إقناع المزارعين بتوقيع عقود مع الشركة، كل هذه العمليات تمت ما بين عام 2014 وحتى 2017، إذ جرى جمع مجموعة من العقود مع أصحاب الأراضي وكل شيء حدث بسرية تامة".
وفي سياق وعي المواطنين حول مشروع التوربينات، قال إن "وعي المواطنين لكل ما يحصل بخصوص مشروع التوربينات بدأ عام 2017 بشكل تدريجي وتراكمي مع استشعار الناس للخطر مع العقود التي تنص على 25 عامًا للشركة في الأراضي الخاصة للجولانيين، وهنا بدأ استشعار المواطنين حول تمّلُك الشركة للأرض بعد هذه المدة، الأمر الذي سيجعل الناس يخسرون أرضهم كليًّا، وهنا بدأ خوف المواطنين بأنهم يقفون أمام شركة عملاقة تنوي الاستحواذ على أراضي أهالي الجولان".
وتابع أن "دراسة الموضوع والاستفسار عنه بدأت في العام 2017، وفي نهاية عام 2018 تكونت صورة واضحة أن هذا الموضوع خطير جدًا على مستقبل الجولان، إذ جرى الاستعانة بخبراء ومتخصصين وعقد لقاءات شعبية مع الأهالي في الجولان، الأمر الذي أدى إلى تكوين صورة واضحة حول خطورة المشروع على أهل الجولان".
ضرر صحي وبيئي وتمهيد لمشروع استيطاني ضخم
وبينّ طربيه أن "أهالي الجولان استنفذوا كل المسارات القضائية والقانونية من أجل إيقاف هذا المشروع، إذ جرى تقديم مئات الاعتراضات للجنة التنظيم في القدس، بالإضافة إلى استخدام التقديرات العلمية من اختصاصيين إسرائيليين وفلسطينيين الذين بحثوا كل الجوانب الصحية والبيئية والزراعية وعلم الصوتيات والعلم الذي يتناول الإنسان، ولكن السلطات الإسرائيلية لم تأخذ شيئا من ذلك بعين الاعتبار".
وفي سياق التدخلات السياسية بالمشروع، أوضح أن "المشروع مبني على التدخلات السياسية الاسرائيلية، إذ أن هناك مجموعة من السياسيين الكبار مستفيدين من هذا المشروع بشكل كبير جدًا، إذ هناك استفادة مباشرة لشخصيات سياسية إسرائيلية من المشروع".
ونوّه إلى أن "هناك أهداف واضحة في قبضة الاحتلال على الجولان وأنه اسرائيلي بكل تفاصيله، إذ أن البعد السياسي لم يكن واضحًا لدى الكثير من الناس في البداية والآن هو واضح، بالإضافة إلى ذلك البُعد السياسي في تجهيز بنى تحتية للمشروع الاستيطاني العملاق الذي يتم تخطيطه للجولان، وهو إحضار ربع مليون مستوطن حتى حلول عام 2042".
وختم طربيه بالقول إنه "ضمن هذا المشروع الاستيطاني هناك نوع من التحفيز للمستوطنين لاستقدامهم إلى الجولان وتوفير فرص عمل وإحكام القبضة على الجولان بشكل كامل، وكل ذلك جاء بعد الدمار الذي حصل في وطننا الأم سورية عام 2011، لذلك فإن إسرائيل تعمل على استغلال هذه الثغرة".
رفض كافة الاعتراضات
وبخصوص الجانب القانوني في كل ما يتعلق بالتوربينات، قال المحامي كرامة أبو صالح من المرصد- المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان، لـ"عرب 48"، إن "العمل في الجانب القانوني بدأ عام 2018، من حيث تقديم الاعتراضات للجنة اللوائية والقطرية للتخطيط والبناء، وفي مثل هذه المشاريع التي تعتبرها إسرائيل ’وطنية’ التخطيط لها يكون عن طريق اللجنة اللوائية أو القطرية وليست المحلية".
وحول الاعتراضات على المشروع، ذكر أنه "جرى تقديم اعتراضات تصل إلى الآلاف عن طريق المرصد العربي لحقوق الإنسان في الجولان بالتعاون مع لجنة حقوق الإنسان في تل أبيب، وللأسف جميع الاعتراضات التي جرى تقديمها من قبل الأهالي رفضت رغم زخم المشاركة في تقديم الاعتراضات".
وأوضح أبو صالح أنه "من ضمن الشروط لبناء المراوّح توقيع أصحاب الأراضي المجاورة لموقع بناء التوربينات بأنهم موافقين عليها، الأمر الذي جعل الشركة تأتي بتوقيعات مزورة وتقدمها إلى لجنة التخطيط، وذلك عن طريق استغلال الثغرة في أراضي الجولان التي لم يتم إجراء أي تسوية نقل ملكية بها حتى اللحظة، وعند شراء أهالي الجولان لقطعة أرض يكون عن طريق أوراق معينة تكون بين السكان، الشركة استغلت هذه الثغرة وزورت الأوراق بأسماء أهالي الجولان".
وتابع "بعد تزوير التواقيع بأسماء أهالي الجولان والأراضي، نحاول اليوم عن طريق مسار مدني إثبات تزوير الشركة لهذه التواقيع، الطلب الأول الذي قدمناه تم رفضه، ونحن بصدد تقديم طلبات أخرى عن طريق المسار القانوني الذي بدأنا فيه".
ونوّه أن:" المنطقة التي تنوي الشركة والحكومة وضع الناطحات بها تعد الرئة الخضراء لأهالي الجولان، والمنفذ الوحيد للتوسعة على أهالي الجولان، لذلك من هنا بدأ النضال رفضا للتضييق ومصادرة الأراضي، لذلك من حق أهالي الجولان أن يرفضوا هذه المشاريع التي تهدف إلى تهجير أهالي الجولان من بلداتهم".
التعليقات