تسعى عائلة الشاب وسيم أبو الهيجاء (28 عاما) من سكان مدينة طمرة، والذي قُتل برصاص جنود إسرائيليين، يوم 29 كانون الثاني/ يناير 2024، عندما سار بمركبته بالقرب من مستشفى (رمبام) وبمحاذاة قاعدة لسلاح البحرية في مدينة حيفا، وادعت الشرطة أنه نفّذ "عملية دهس"، أسفرت عن إصابة جندي بجروح خطيرة، تسعى العائلة في إطار المسار القضائي لتحرير جثمان ابنها الذي تستمر السلطات باحتجازه على الرغم من مرور قرابة الشهر على الحادثة.
ولتسريع إجراءات تحرير الجثمان وكّلت عائلة أبو الهيجاء، أول من أمس الثلاثاء "عدالة - المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل" بإدارة ملف تحرير الجثمان.
وقال مدير مركز عدالة، المحامي د. حسن جبارين، لـ"عرب 48" إنه "شرحنا الجانب القانوني لعائلة أبو الهيجاء، حول ملف تحرير جثمان ابنها، خاصة وأن التعامل القانوني داخل الخط الأخضر يختلف عنه في الضفة والقدس وغزة".
سوابق قضائية في مركز عدالة لتحرير جثامين شبان عرب
أكد جبارين أن "لمركز عدالة سوابق قانونية في قضايا تحرير جثامين لمواطنين عرب احتجزتها الشرطة في السابق، من بينها قضية الشهيد يعقوب أبو القيعان من أم الحيران بالنقب، حيث احتجزت الشرطة جثمانه فور استشهاده، وقررت عدم تسليمه لذويه، إلا أن المحكمة العليا استجابت لالتماس عدالة في القضية، وقررت حينها تسليم الجثمان بعد يومين من احتجازه".
وأضاف الحقوقي جبارين أن "قضية أبو القيعان تختلف قضائيا عن غيرها من حيث التعريف، مقارنة مع العمليات الأخرى التي تم تعريفها من قبل الشرطة بـ(عملية تفجيرية)، ذلك لعدم وجود ادعاء من قبل أي طرف إسرائيلي يفيد بأنه ضحية لعمل قام به يعقوب أبو القيعان ضده. ثم تأتي قضية الشبان الثلاثة من عائلة جبارين الذين قاموا بعملية في المسجد الأقصى، حيث احتجزت الشرطة جثامينهم، إلا أنه بعد مداولات لمركز عدالة على مدار ثلاثة أيام في المحكمة العليا، قرر ثلاثة قضاة تحرير الجثامين وبأنه لا يمكن للشرطة احتجاز الجثامين، ولا يوجد قانون إسرائيلي يخَّول الشرطة باحتجاز جثمان لمواطن إسرائيلي".
وأوضح أنه "جرى تعديل القانون، والذي يمنح الشرطة الحق في احتجاز جثمان لوضع شروط دفنه وشروط حول مراسم الجنازة. وفقا لهذا التعديل فإن الاحتجاز يكون مؤقتا، ووفقا لشروط معينة".
وأشار مدير عدالة إلى أنه "بعد التعديل القانوني على قضايا احتجاز الشرطة لجثامين مواطنين عرب، فإن مركز عدالة توكل في ملف تحرير جثمان شاب من رهط قام بعملية في بئر السبع، وادعوا أنه انتسب لتنظيم داعش، ثم تمثيل قانوني لتحرير جثماني شابين من أم الفحم ادعوا أنهما من داعش، حيث تم التفاوض مع الشرطة حول شروط تحرير الجثامين وشروط الدفن، لذلك فهذه السوابق القضائية يمكن لمركز عدالة الاستناد إليها في قضية نسيم أبو الهيجاء".
وتطرق جبارين إلى العقبات الخاصة في ملف تحرير جثمان أبو الهيجاء، قائلا إن "قضية الشاب أبو الهيجاء تأتي بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وهناك وضعية قانونية لملفات لها أبعاد أمنية، وصل الأمر معها إلى أنه حتى ملفات حرية التعبير باتت صعبة، في ظل توجه المحاكم المحافظ جدا في هذه القضايا، لذلك فإن التوقيت في قضية تحرير جثمان أبو الهيجاء ليس لصالحنا".
ومضى بالقول إن "الأمر الآخر الذي قد يعيق التفاوض في تحرير جثمان أبو الهيجاء يتعلق بالوزير بن غفير، الذي يُعتبر أكثر شخصية عنصرية بالبلاد، ومن الواضح بأنه يريد استخدام ملف أبو الهيجاء لأجل مكسب سياسي. نحن في مركز عدالة ننتظر الحصول على موقف الشرطة النهائي والرسمي في الأيام القريبة حول تحرير الجثمان، إذ أنه حتى الآن القرار بيد بن غفير".
وختم مدير عدالة حديثه بالإشارة إلى توجه المحاكم في القضايا التي تعطي طابعا أمنيا بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقال إن "المحاكم تميل إلى تبني موقف الشرطة والنيابة العامة، وشهدنا ذلك في ملفات حرية التعبير والنشر على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ أنه لم تكن هناك سابقا أي مصداقية لتقديم لوائح اتهام تتعلق بمنشورات مشابهة، لكن بعد السابع من أكتوبر 2023، تغير الأمر حيث أن الشرطة والنيابة العامة تقدمان لوائح اتهام بهذه الأمور، وبدورها تتماهى المحاكم مع هذه اللوائح، بل تقر الاعتقال لفترة طويلة، حتى وصل الأمر إلى أن العقوبة في حدها الأدنى أصبحت ثمانية أشهر سجن فعلي فما فوق، وهذا لم يكن موجودا قبل السابع من أكتوبر2023. سنعمل حاليا على طلب ملف التحقيق من الشرطة، وتقرير التشريح من معهد أبو كبير، وبعدها نقرر الخطوات القانونية التي سنباشر بها لتحرير جثمان أبو الهيجاء".
التعليقات