04/10/2018 - 17:55

ما زال "المخفي أعظم" في التاريخ الصهيوني الأسود

يبدو أن الأرشيف الإسرائيلي الذي ما زال الجزء الأكبر منه يحجب عن المؤرخين والصحافيين رغم مرور 70 عاما على تلك الأحداث، ما زال يزخر بأعمال القتل والذبح الممتدة من دير ياسين إلى الدوايمة وعيلبون وعين الزيتون وغيرها من المجازر

ما زال

يروي المؤرخ العسكري، أوري ميلشطاين، أن الكتيبة الأولى في الـ"بلماح" بقيادة دان لنر دمرت في طريقها إلى صفد جميع القرى العربية الممتدة من كيبوتس "غينوسار" وحتى "روش بينا"، وقامت بقتل وطرد سكانها في إطار ما عرفت بحملة "المكنسة"، وهي حملة جرى أيضًا التستر على تفاصيلها.

ويشير إلى أن المهمة الأساسية للعملية والمتمثلة بطرد أهالي صفد، ألقيت على كالمان بعد أن تمت ترقيته إلى رتبة قائد كتيبة، ويكشف على لسان قائد الـ"بلماح"، أفينوعم حداش، كيف جرى قتل غالبية الأسرى البالغ عددهم 56 أسيرًا في أحد الوديان، بعد أن تم نقلهم إلى جبل "كنعان"، كما وصفت ذلك في كتابها عضوة الـ"بلماح"، نتيفا بن يهودا، التي شاركت في المعارك.

عن تلك العملية، يقول المؤرخ إيلان بابيه إنها بدأت في الأول من أيار/ مايو 1948، وكان هدفها الأول قرية عين الزيتون التي تعتبر المجزرة التي ارتكبت فيها إحدى المجازر الثلاث الأكثر شهرة، لأن قصتها شكلت الأساس للرواية الملحمية الوحيدة عن النكبة حتى الآن، وهي رواية "باب الشمس" للكاتب إلياس خوري، كما أن ثمة عرضًا لما حدث في القرية في القصة الإسرائيلية القصيرة "بين العقدة" التي كتبتها عضوة الـ"بلماح" التي ذكرت أعلاه.

ويقول بابيه إن رواية "باب الشمس" التي جرى تحويلها إلى فيلم من إنتاج فرنسي مصري، قد اعتمدت كثيرا على وصف قصة "بين العقدة" والذي استندت فيه بن يهودا إلى التقارير المحفوظة في الأرشيفات العسكرية، وإلى ذكريات رويت شفويا.

وتصف القصة كيفية التعرف على الأشخاص "المتهمين" بانتمائهم للمقاومة وإعدامهم، وإعدام كل من حاول الاحتجاج على إعدامهم. كما يبرز الفيلم/ القصة الثمن الذي دفعه المواطن المدعو يوسف أحمد حجار، لمجرد قوله إنه مثل آخرين استسلموا وبالتالي يتوقعون أن يعاملوا بطريقة إنسانية، وكيف صفعه قائد الـ"بلماح" وأمره عقابًا له باختيار 37 فتى، وبعد أن أرغم القرويين على دخول المسجد قام بقتل الفتية جميعهم وهم موثوقو الأيدي.

أما هانس ليبرخت الذي تم تكليفه بتحويل مجرى أحد الوديان لتزويد الكتيبة الإسرائيلية بالمياه، ودخل القرية في نهاية شهر أيار/ مايو، فيصف في كتابه أن القرية كانت مدمرة بالكامل ومليئة بالجثث، وخاصة جثث النساء والأطفال الرضع التي كانت متراكمة بالقرب من الجامع، وأن الجيش الاسرائيلي قام بإحراق الجثث.

ومع أن نتيفا بن يهودا كانت هناك، كعضو في الـ"بلماح"، فإنها فضلت، كما يقول بابيه، نقل المشهد بشكل روائي ولم تخبرنا عن العدد الدقيق لضحايا المجزرة الذين بلغوا بضع مئات. وفي السياق نفسه، تصف في قصتها هذا المشهد العبثي بقولها، "مئات من الناس، مستلقون هناك، مقيدون، اذهب واقض على مئات من الناس، إن مجنونا فقط هو من يقتل أناسا مقيدين هكذا".

ويبدو أن الأرشيف الإسرائيلي الذي ما زال الجزء الأكبر منه يحجب عن المؤرخين والصحافيين رغم مرور 70 عاما على تلك الأحداث، ما زال يزخر بأعمال القتل والذبح الممتدة من دير ياسين إلى الدوايمة وعيلبون وعين الزيتون وغيرها من المجازر، وهو ما دفع نتنياهو إلى تمديد الحجر على معطيات هذا الأرشيف، من تقارير وصور لمدة 20 عاما إضافية لتصل إلى 90 عاما، بعد أن كان قد جرى تمديدها في السابق بـ20 عاما..

ويشمل المنع مواد موجودة لدى جهازي الـ"شاباك" والـ"موساد" وأرشيف اللجنة للطاقة الذرية، ومراكز البحث النووي والمعهد البيولوجي، إضافة إلى مواد شعبة الاستخبارات التابعة للجيش (أمان)، ومعلومات ذات صلة بجمع المعلومات الاستخبارية التي تصنف بدرجة "سري" أو أعلى من ذلك، ومواد ذات الصلة بوحدات معينة في الجيش ووزارة الأمن الإسرائيلية.

وكانت المحاكم الإسرائيلية سابقا قد رفضت التماسات طالبت بالإفراج الكامل عن صور ووثائق لمذبحتي دير ياسين وكفر قاسم، وهو ما يشير إلى أن لدى إسرائيل ما زال الكثير مما تخفيه من تاريخها وتاريخ الصهيونية الأسود.

التعليقات