إستراتيجية نتنياهو في استغلال "فرصة" عهد ترامب

كان نتنياهو قد وصف، تولي دونالد ترامب الرئاسة في أميركا بالـ"فرصة العظيمة" لإسرائيل، وقال إنه "بعد 8 سنوات من الضغوطات الهائلة التي مارستها إدارة الرئيس السابق براك أوباما فيما يتعلق بموضوعي إيران والاستيطان، نحن أمام فرص عظيمة.

إستراتيجية نتنياهو في استغلال "فرصة" عهد ترامب

بعد حديثه عن فرض السيادة الإسرائيلية على جميع مستوطنات الضفة الغربية وعن دولة فلسطينية ناقصة، فيما اعتبر تراجعا عن خطاب بار إيلان وحل الدولتين ورفعا للسقف السياسي الإسرائيلي توافقا مع عهد ترامب وإدارته اليمينية المتسامحة مع الاستيطان والداعمة له، تابع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في نهاية الأسبوع الماضي، رسم ملامح الخطاب الإسرائيلي الجديد، إذ حدد مبدأين أساسيين، برأيه، للتفاوض مع الفلسطينيين حول اتفاق سلام، وهما اعتراف فلسطيني بدولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على كافة المناطق ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط.

وأكد نتنياهو، الذي تحدث خلال جلسة الكنيست التي عقدت يوم الأربعاء الماضي، أن 'هذين المبدأين لا يمكن لإسرائيل التنازل عنهما'.

ويفسر الشرطان سالفا الذكر مقولة نتنياهو عن الدولة الناقصة، بمعنى أنها لن تحظى بسيطرة أمنية على أي شبر من أراضيها ولن تتمتع بتتابع جغرافي بين أراضيها، التي ستقطع أوصالها بالمستوطنات الإسرائيلية وحواجز الجيش الإسرائيلي الذي سيسهر على أمن المستوطنين.

ولاختبار جدية نوايا ترامب المتعلقة بالاستيطان، والتي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، قام نتنياهو بخطوتين عمليتين، الأولى هي رفع القيود التي كانت مفروضة على دفع خطط استيطانية إلى لجان التنظيم المحلية والقطرية، والتي مكنت بلدية الاحتلال في القدس من المصادقة على بناء 580 وحدة استيطانية جديدة، والثانية تمثلت بالإعلان عن بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية.

وكان نتنياهو قد وصف، تولي ترامب الرئاسة في أميركا بالـ'فرصة العظيمة' لإسرائيل، وقال إنه 'بعد 8 سنوات من الضغوطات الهائلة التي مارستها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فيما يتعلق بموضوعي إيران والاستيطان، نحن أمام فرص عظيمة وهامة لأمن ومستقبل دولة إسرائيل، ولكنهم (الأميركيون) يطلبون منا التحلي بالمسؤولية والتعقل من جانبنا لعدم تفويت هذه الفرصة'، في إشارة إلى دعوات التيار الأكثر يمينية في حكومته إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية بعد انتخاب ترامب.

ومن جهتها، نجحت إدارة ترامب في اختبار النوايا الإسرائيلي، ولم تنبس ببنت شفة ولم تصدر أي انتقاد تجاه تلك الخطوات التي كانت تثير انتقادات الإدارة السابقة، وهو ما قد يشجع حكومة نتنياهو أن تدفع بالمزيد من المشاريع الاستيطانية، ويساهم في إسباغ الشرعية على الاستيطان.

وإمعانا في استغلال المتغيرات الجارية في المنطقة والمناخ الدولي الجديد الذي سيخلقه عهد ترامب، يحاول نتنياهو تسويق خطاب يقول، إن الاستيطان ليس هو مصدر التوتر والشحن للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، كما النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، كما النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ليس هو السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، وهو يحاول بذلك سحب البساط من تحت أقدام مسوغات تدخل المجتمع الدولي في النزاع الشرق أوسطي، والذي يقوم على مبدأ حماية الاستقرار في المنطقة والعالم، ومن تحت أقدام مناهضة الاستيطان بصفته وقود هذا النزاع.

ويبدو أن نتنياهو، إذا ما كتب له النجاة بحكومته من فضائح ملفات الفساد التي باتت تهدد عرشه، هو الأكثر قدرة وخبرة على استثمار ما يصفه بفرصة عهد ترامب وتوظيفها لصالح إسرائيل في قضيتين، الأولى هي شرعنة الاستيطان وتمدد السيادة الإسرائيلية على الجزء الأكبر من الضفة الغربية وتثبيت الوضع القائم المتمثل بعزل غزة وتقسيم الضفة إلى 'كانتونات' منفصلة عن بعضها البعض، تحت سلطة هشة وتابعة، هي عبارة عن وكيل أمني لإسرائيل، وشرعنة سيادة إسرائيل على شطري القدس، واعتبارها عاصة أبدية لإسرائيل، وإقفال ملف عودة اللاجئين إلى ديارهم، ما يعني بالمحصلة دفن القضية الفلسطينية بأبعادها المتمثلة بالدولة والعودة وحق تقرير المصير.      

التعليقات