ضابط إسرائيلي: نصر الله منشغل بصراع بقاء يومي وليس برد عسكري

تقديرات إسرائيلية: حزب الله سيرد على مقتل أحد عناصره في سورية بـ"عملية محدودة"* قائد المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي: "لبنان يواجه أسوأ وضع اقتصادي في تاريخه، وحزب الله أيضا، لكنه قادر على احتلال الصف الأول من البلدات الإسرائيلية"

ضابط إسرائيلي: نصر الله منشغل بصراع بقاء يومي وليس برد عسكري

لافتة قرب طرابلس على خلفية الأزمة الاقتصادية في لبنان، الثلاثاء الماضي (أ.ب.)

تنظر إسرائيل إلى الوضع العام في لبنان بتوجس، وتتحسب من أن تؤدي الأزمة الاقتصادية الشديدة في ظل جائحة كورونا إلى تدهور في الوضع الأمني. ورغم ذلك، فإن إسرائيل لم تتوقف عن غاراتها العدوانية في سورية، وتتأهب حاليا لرد محتمل من جانب حزب الله على مقتل أحد عناصره في غارة إسرائيلية استهدفت مواقع قرب مطار دمشق، يوم الإثنين الماضي.

وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أن حزب الله سيرد "بعملية محدودة" تبعث برسالة لإسرائيل من دون إشعال تصعيد كبير، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، وستكون شبيهة بقص عناصر الحزب لمقاطع من السياج الحدودي، في نيسان/أبريل الماضي، ردا على استهداف سيارة جيب تابعة للحزب عند الحدود السورية – اللبنانية، ولاستهداف سيارة إسعاف عسكرية إسرائيلية قرب بلدة "أفيفيم" الحدودية، في أيلول/سبتمبر الماضي، ردا على مقتل عنصرين من حزب الله بغارة إسرائيلية في سورية.

ونقلت الصحيفة عن قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أمير برعام، قوله إن الميزة الأبرز للفترة الحالية في المنطقة هي انعدام الاستقرار، والذي تصاعد في أعقاب أحداث منذ مطلع العام، وبدأت باغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، وانتشار فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية الكبيرة في لبنان خصوصا.

واعتبر برعام أن "لبنان يواجه أسوأ وضع اقتصادي في تاريخه. وهذا الوضع أشبه فترة الحرب الأهلية هناك في منتصف السبعينيات. ونسبة البطالة حوالي 40% ونصف المواطنين تحت خط الفقر. وهناك تقارير تنشر حول انتحار أشخاص بسبب الجوع".

وأضاف برعام أن "كل هذا ليس مرتبطا بنا مباشرة. وإذا سألت مواطنا لبنانيا، فإني أشك إذا كانت إسرائيل في المرتبة العاشرة في قائمة اهتماماته. فهو قلق من عدم وجود أفق وعلى ما يبدو أنه يدرك أن أحد أسباب ذلك هو أداء حزب الله. والشكوك تتغلغل إلى الطائفة الشيعية في هذه الدولة. ولبنان موجود في ’كاتش 22’ (وضع ينطوي على تناقض) حقيقي، ويخضع لعقوبات خارجية متصاعدة، تنبع من خطوات أميركية ضد إيران وسورية وإلى جانبها انعدام ثقة المؤسسات الدولية بالاقتصاد اللبناني. والسنة القريبة ستكون مصيرية بالنسبة لهذه الدولة، وقد تؤدي إلى تفككها وإلى وضع عسير".

خطاب نصر الله بعد اغتيال سليماني (أ.ب.)

وبحسب برعام فإن حزب الله يواجه أشد أزمة في تاريخه، "فعندما يحارب مقاتلوه من أجل مصلحة نظام الأسد في سورية، كان بإمكان الحزب التذرع بأنه يدافع هناك عن اللبنانيين من داعش، كي لا يصل إليهم. وهذه الذريعة اختفت ومعظم مقاتلي حزب الله عادوا إلى لبنان. والحزب هو جزء أساسي اليوم في الحكومة اللبنانية. ورئيسها، حسن ذياب، ليس أكثر من خرقة تتصرف بموجب توجيهات (أمين عام حزب الله حسن) نصر الله".

وأضاف برعام أن "هذا مريح لنصر الله، من الناحية المبدئية. فهو يمسك بزمام الأمور، ولكنه موجود في الخلف. لكنه يواجه صعوبة بعزل نفسه عن الأزمة. وإذا اهتم بأنصاره فقط، أي الشيعة، فإنه سيقوض ادعاءه بأن مبرر وجود الحزب هو بكونه حامي لبنان. وفي هذه الأثناء، إيران لم تعد قادرة على مساعدة حزب الله ماليا، مثلما كانت في الماضي. وهذه أزمة يواجهها المحور الشيعي كله، وخاصة في أعقاب اغتيال سليماني، مطلع العام الحالي. فقد كان يعبر هذا الرجل بجسده عن محور المقاومة، من إيران مرورا بالعراق وسورية وحتى لبنان. ولا يوجد حاليا أحد ما قادر على أن يتواجد في جميع هذه الأماكن وأن يحل مكانه بشكل كامل".

وادعى برعام أن "لا علاقة لنا من قريب أو بعيد بالأزمة الداخلية في لبنان. وينبغي بذل أي جهد كي لا نتدخل. وأعتقد أن المواطنين هناك يدركون أن الدولة أسيرة بأيدي حزب الله، الذي انضم إلى نظام فاسد. وليس لدى إسرائيل أي تطلعات هجومية في لبنان. وهذا حزب الله الذي يستثمر مالا في تهريب السلاح، ومشروع تحسين دقة قذائفه الصاروخية، وبناء قوة نيران ضد إسرائيل. ومبدئيا، يمكن أن يتطور سيناريو يحاول فيه نصر الله توجيه اصبع الاتهام نحو إسرائيل وتسخين الوضع معنا. لكن لا أعتقد أنه سيفعل ذلك الآن. فهو في نقطة شديدة الحساسية".

وتابع برعام أن "الأزمة في لبنان عميقة جدا لدرجة أن نصر الله لا يتحدث عن نطنز"، في إشارة إلى التفجير في المنشأة النووية الإيرانية، قبل أسبوعين، "وهو منشغل بمستقبل منظمته، وصراع بقاء يومي. ولا أعتقد أن انشغاله بأمور أخرى ملح بالنسبة له".

وحسب برعام، فإن "تفككا داخليا في لبنان سيشكل خطرا علينا. وهناك ظاهرة جديدة، في الأشهر الأخيرة، بتسلل مواطنين سودانيين إلينا من حدود لبنان ويتم القبض عليهم قرب الجدار (الحدودي). فالعامل يفصل من العمل في مطعم في بيروت صباحا، ولا توجد رحلة جوية إلى وطنه بسبب كورونا وليس لديه طعاما، ويحاول في الظهيرة تجاوز الحدود إلينا. هذا هوس. لو قلت لي قبل سنة أن هذا ما سيحدث، لأجبتك أنك ثمل. لكن إذا استمر هذا الوضع، فهؤلاء لن يحاول السودانيون فقط تجاوز الحدود".

"احتلال الجليل"

تطرق برعام إلى مشاركة حزب الله في الحرب الدائرة في سورية، وقال إن مقاتلي الحزب "تعلموا في سورية الانتقال من حالة دفاع إلى اجتياح هجومي. واستفادوا من وجود الوحدات الروسية التي حاربوا إلى جانبها. ومن الجهة الثانية، نحن لسنا داعش. وكان لديهم تفوقا بريا وجويا في سورية بدعم روسي. وهذا ليس الوضع ضدنا في لبنان".

وأضاف "أنهم يتحدثون عن هجمات داخل أراضينا، وعن إجلاء بلدات تحت إطلاق النار. وهذا يمكن أن يحدث. ونحن نتعامل بجدية كاملة مع خططتهم ونستعد لمواجهتها. والتدريبات التي تجريها وحداتنا أصعب وذات متطلبات أكبر، من أجل مواجهتهم. لكن دعنا لا نخيف أنفسنا عبثا... وفي الحرب، سيحاول حزب الله احتلال مواقع والوصول إلى الصف الأول من بيوت البلدات (الحدودية الإسرائيلية)، لكن لن يكون بهذا أي احتلال للجليل. ونصر الله هو بطل العالم في الحرب النفسية،، لكنه يدرك جيدا توازن القوى الحقيقي. والضرر الذي سيلحق به أكبر بكثير مما هو قادر على إلحاقه بنا".

صورة لقوات إسرائيلية التقطت من الجانب اللبناني للحدود، عام 2018 (أ.ب.)

ومضى برعام أن "تفوق حزب الله، بتنظيمه العسكري، سيكون كارثته"، وزعم "أننا نحارب بموجب قوانين الحرب"، ليهدد بأن "أي بيت ستخرج منه وحدة رضوان، وستطلق منه نيران، سيُستهدف. والمواطنون اللبنانيون يعرفون ذلك. ولن يبقوا في بيوتهم. وإذا حاولوا القيام بذلك، فإننا لن نجلس وننتظر وصول أفراد الرضوان إلى شلومي (قرية البصة المهجرة)".

ورأى برعام أن مقاتلي حزب الله "ليسوا انتحاريين شيعة. وتقدير استخباري زائد للعدو ونواياه أسوأ من تقدير ناقص. وأنا أنظر إلى التهديد بشكل واقعي وأستعد لمواجهته. ومعلوماتنا الاستخبارية جيدة، لكننا نستعد أيضا لوضع لا تتوفر فيه معلومات استخبارية وأن نفاجأ. وأنا لست هادئا أبدا، وحتى لو توفرت لدينا كافة المعلومات، فإنه من الجائز أن نقيّمها بشكل خاطئ".

وتطرق برعام إلى تقارير مفوض شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي، يتسحاق بريك، التي تحدثت عن عدم جهوزية قوات البرية للحرب. وقال برعام إن "الأزمنة تغيرت. فنحن نحاسب الآن على كل ساعة يعمل فيها محرك (آلة عسكرية) وعلى كل يوم خدمة بقوات الاحتياط. وهناك احتياجات أخرى للدولة وعليها أن تدير المخاطر. ونحن نتابع إعادة بناء قوة الجيش السوري. وإلى حين تكون هناك قوة تقليدية ذات قدرات حقيقية، ستمر ثلاث إلى خمس سنوات. وكتائب الكوماندوز لنظام الأسد كانت الأولى التي تفككت عندما نشبت الحرب الأهلية في العام 2011. ولا أنصح بالاستثمار في هذا التهديد كأفضلية أولى في الخطة العسكرية المتعددة السنوات الحالية".

التعليقات