الشاباك ومكافحة الجريمة: تخوف من تسريب قدراته من خلال الشرطة

خلال الهبة الأخيرة ثبت مرة أخرى أن الشاباك جهاز قمعي تجاه الناشطين العرب، لكنه يعتبر أن الدرس الذي تعلمه أثناء الهبة، في أيار/ مايو الماضي، هو أنه "لا مفر أمامه سوى تعميق ضلوعه في سوق السلاح غير القانوني"

الشاباك ومكافحة الجريمة: تخوف من تسريب قدراته من خلال الشرطة

بينيت وارغمان (مكتب الصحافة الحكومي)

أجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، الأسبوع الحالي، مداولات حول جرائم القتل في المجتمع العربي، في الوقت الذي يحاول فيه دفع جهاز الأمن العام (الشاباك) إلى المشاركة في مكافحة هذه الجرائم. ويرجح أن رئيس الشاباك، ناداف ارغمان، الذي شارفت ولايته على الانتهاء وجرى تعيين خلف له، عبر عن معارضته وأنه يحظر على الشاباك الدخول إلى مجالات لا تتعلق بأمن الدولة، وفقا لتقرير للمحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الجمعة.

وأشار فيشمان إلى ان بينيت يصر على مشاركة الشاباك في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، إذ سأل المرشحين لرئاسة الشاباك حول موقفهما من تكليف هذا الجهاز بمسؤولية وقيادة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.

وكان ارغمان قد "اضطر مرغما"، حسب فيشمان، إلى تنفيذ قرار الحكومة السابقة باستخدام قدرات الشاباك في متابعة مرضى كورونا. "وفي حينه، تعالت مخاوف من بداية التدهور إلى جمع معلومات حول مواطنين لهدف، مهما كان حيويا، لمواجهة الوباء، وأن يستمر ذلك بضلوع الشاباك في محاربة الجريمة، ومن هنا تكون الطريق مفتوحة لاستخدام قوة الشاباك لأغراض سياسية تحت راية ’حالة طوارئ’".

ورغم أن قانون الشاباك ينص على أنه "مسؤول عن الحفاظ على أمن الدولة، أسس النظام الديمقراطي ومؤسساته من تهديدات إرهابية، تخريبية، تآمرية، تجسسية وكشف أسرار الدولة"، إلا أن القانون يشمل ما يصفها فيشمان بأنها "ثغرة"، تسمح بالنقاش الحالي الدائر بشأن مشاركة الشاباك في مكافحة الجريمة، وتنص على أن "الجهاز يعمل أيضا على الحفاظ ودفع مصالح رسمية حيويوة أخرى لأمن الدولة القومي، وذلك كله وفق ما تقرره الحكومة وبموجب القانون".

وأضاف فيشمان أن نقاشا صاخبا يجري في هذه الفترة في مجموعات "واتسآب" تضم مسؤولين سابقين في الشاباك حول عبارة "مصالح رسمية". ويدعي قسم منهم أن "الجريمة الزراعية، وتشمل إحراق الغابات هي جريمة (على خلفية) قومية تستوجب تدخل الشاباك"، فيما يرى آخرون أنه "طالما لم يثبت أن هذه جريمة قومية، يحظر على الشاباك إدهال ساقه إليها. والشاباك لن يحقق في تهريب مخدرات بصفقة بين مجرم لبناني ومجرم إسرائيلي. لكن إذا كان شخص من حزب الله ضالع في صفقة المخدرات الجنائية، فإن الشاباك سيكون في الصورة".

إلا أن القرار بهذا الخصوص هو بأيدي الحكومة، ولذلك ينص القانون على تشكيل لجنة وزارية لشؤون الشاباك، تضم رئيس الحكومة، وزير الأمن، وزير الأمن الداخلي ووزير القضاء. وتخضع قراراتها لإشراف اللجنة الفرعية للمخابرات والأجهزة السرية في الكنيست، والمصادقة النهائية على القرارات بأيدي المستشار القضائي للحكومة.

وتابع فيشمان أنه "في حالات كثيرة توجد هنا منطقة رمادية يقرر رئيس الشاباك عمليا وفعليا التحليل لما يحدث فيها. ولذلك، فإن موقف رئيس الجهاز المعين، الذي يشار إليه بالحرف ’ر’، بشأن توسيع حلبة الجهاز إلى الجريمة الخطيرة، بالغ الأهمية".

مكان مقتل الشاب أنس الوحواح في اللد، الأسبوع الماضي

ووفقا لفيشمان، فإنه "لا ينبغي التساذج. فالقدرات التي طُرت في الشاباك، وتشمل الذكاء الاصطناعي أيضا، موجودة بحوزة عدد قليل جدا من أجهزة المخابرات، وبنقدرها أن تحول أي مواطن ليضبح شفافا. وقدرات التحقيق وجمع المعلومات لدى الشاباك والصلاحيات القانونية التي منحت له أكثر بكثير من تلك التي بحوزة الشرطة. وكل ما تعرفه الشرطة يعرفه الشاباك، لكن الشرطة لا تعرف كل ما هو يعرفه الشاباك. ويوجد للشاباك ارتباطات بمخزونات معلومات ليست موجودة لدى أي جهة أخرى في إسرائيل. وقدرة صهر هذه المعلومات تسمح له بالعثور على جهات معادية خلال فترات زمنية مختلفة بالكامل عن أي تحقيق للشرطة. كما أنه مقيد أقل قانونيا بكل ما يتعلق بالتغلغل إلى خصوصية شخص، وبضمن ذلك التنصت السري، والحصول على تصريح لتنفيذ اعتقالات إدارية ومنع لقاء بين معتقلين ومحاميهم".

واضاف أن "تحقيقات الشاباك مختلفة بالمطلق عن تحقيقات الشرطة. وعندما يجلس محقق الشاباك مقابل معتقل، فإنه لا يكون وحيدا. كافة قدرات الجهاز تقف خلفه: المحلل، المسؤول عن المنطقة، خبير التكنولوجيا. يتلقى جميعهم منه معلومات ويعيدون ضخ معلومات إليه. ويفترض أن يؤدي ذلك إلى تقصير الوقت، لأن المسالة هنا ليست المحاكمة وإنما جمع معلومات من أجل إحباط إرهاب. وفي المقابل، يتعين على الشرطة بناء ملف أدلة يستوفي شروط المحكمة وتنفيذ ذلك بوسائل قانونية صارمة أكثر بكثير، وتخضع لرقابة الجمهور".

الشاباك خلال الهبة الأخيرة

لفت فيشمان إلى أن قدرات الشاباك في المجتمع العربي ظهرت خلال العدوان الأخير على غزة، في أيار/مايو الماضي، في قمع الهبة الاحتجاجية ضد تنكيل الشرطة في القدس المحتلة وضد العدوان. وشكل الشاباك ما يصفه بـ"لواء الإحباط في المنطقة الشمالية"، بادعاء "إحباط الإرهاب بين عرب إسرائيل"، أي أن مجرد الاحتجاج يوصف بأنه إرهاب. وخلال تلك الهبة، اعتقل مئات كثيرة من الشبان العرب، الذين أطلق سراح معظمهم، لكنهم افادوا بتعرضهم للتنكيل، والتعذيب أحيانا.

يشار إلى أن ظاهرة السلاح غير المرخص البغيضة منشرة في المجتمع العربي منذ سنوات، وقادة هذا المجتمع طالبوا السلطات الإسرائيلية مرارا وتكرارا بمكافحتها وجمع هذه الأسلحة. كما أن المنظمات الإجرامية في المجتمع العربي استخدمت في السنوات الماضية هذا السلاح ضد الشرطة وضد سجانين.


اعتداء الشرطة على متظاهر بأم الفحم (أرشيف عرب 48)

لكن فيشمان اعتبر أن "الدرس الذي تعلمه الشاباك"، أثناء الهبة، "هو أنه لا مفر أمامه سوى تعميق ضلوعه في سوق السلاح غير القانوني. وكشف معظم السلاح كان مقابل عائلات الإجرام في الوسط العربي. وفي قسم غير قليل من الحالات، اتضح أن السلاح الذي تم ضبطه استخدمنه جهات إرهابية. وقبل اتخاذ القرار إذا كان الشاباك سيحقق ضد عائلات الإجرام، فإنه بات يحتك معها حول قضية السلاح".

من جهة ثانية، أشار فيشمان إلى أنه "لا توجد أي رغبة لدى الشاباك بتحركات مشتركة بقيادة الشرطة. والتعاون بين الشاباك والشرطة اليوم وثيق جدا، خاصة مع وحدات خاصة في الشرطة". لكن الشاباك يتخوف من تسرب معلومات حول قدراته من الشرطة.

وأضاف أن "الشرطة مكشوفة أكثر أمام الجمهور، ولذلك يضع الشاباك حدودا خشية تسرب قدراته التكنولوجية ووصولها إلى عالم الجريمة ومن هناك إلى جهات معادية".

التعليقات