تحليلات إسرائيلية: "يستحيل تحقيق الأهداف بغزة رغم النجاح في ميدان القتال"

"واضح أن مرور الوقت لا يلعب لصالح إسرائيل، التي نثرت وعودا كثيرة للجمهور الإسرائيلي من أجل تهدئته. ويوجد توتر بنيوي أخذ يشتد بين الهدفين المركزيين للحرب على غزة، القضاء على حماس وإعادة الأسرى في غزة"

تحليلات إسرائيلية:

آلاف النازحين في مجمع الشفاء في مدينة غزة، الأسبوع الماضي (Getty Images)

أشار المحللون العسكريون في الصحف الإسرائيلية اليوم، الأحد، إلى وجود عدة عوامل من شأنها منع استمرار الحرب على غزة بشكلها وشدتها الحالية، إلى جانب "التناقض البنيوي" بين هدفي إسرائيل في هذه الحرب – القضاء على حركة حماس وإعادة الأسرى في غزة، فيما يضغط الرأي العام العالمي على قادة الدول الغربية من أجل أن يمارسوا بدورهم ضغوطا على إسرائيل ومطالبتها بوقف إطلاق النار إثر العدد الرهيب من الشهداء المدنيين في قطاع غزة.

وفيما تقترب قوات الاحتلال الإسرائيلي من مستشفى الشفاء في غزة ومحاصرته، بادعاء أن قادة حماس يتواجدون تحته، أشار المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، إلى أن محاصرة المستشفى "يشكل فرصة بالنسبة لحماس من خلال زيادة الضغوط الدولية والانتقادات التي يوجهها العالم إلى إسرائيل. كما أن من شأنه أن يشجع أحداثا عنيفة ضد يهود في العالم، وجعل حزب الله يصعد عملياته العسكرية ضد إسرائيل".

وأضاف أنه "واضح أن مرور الوقت لا يلعب لصالح إسرائيل. ومن هنا تنبع الفجوة الكبيرة بين الشعور بنجاح القوات في الميدان وبين الأسئلة الكبيرة حول ما إذا كانت العملية العسكرية، مهما تكون جيدة، ستقرب إسرائيل إلى تحقيق الأهداف الكبيرة لهزم حماس وإعادة المخطوفين".

وسربت الإدارة الأميركية عبر وسائل إعلام أميركية أن وقت إسرائيل في الحرب بشكلها الحالي "محدود"، وأن أمامها أسبوع أو أسبوعين في الحد الأقصى من أجل وقف إطلاق النار في غزة. ويبدو الجيش الإسرائيلي معزول عن العالم، حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تشير إلى أن الجيش يتحدث عن أن الحرب ستستمر لشهور طويلة.

نازحون من شمال القطاع إلى جنوبه، أمس (Getty Images)

ولفت ليف رام إلى أنه "في حرب متعددة الجبهات مع تبعات عالمية، فإن عمليات عسكرية ناجحة للجيش الإسرائيلي لا تضمن شيئا بكل ما يتعلق باستيفاء أهداف العملية العسكرية، لكن من الواضح أنه يستحيل تحقيق الأهداف رغم النجاح في ميدان القتال".

وأضاف أن "تهديد الأنفاق، مثلما تم التعبير عنه بالواقعة الصعبة التي قُتل فيها أربعة جنود عند فتحة نفق مفخخة، يجسد التهديد القادم على الجيش الإسرائيلي، ويتوقع أن تنتقل حماس من خوض قتال دفاعي إلى قتال ميليشيات في أطر أصغر".

من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، إلى أن إسرائيل "نثرت وعودا كثير للجمهور الإسرائيلي من أجل تهدئته". وأضاف أن ثمة "أربعة تحديات" أمام قوات الاحتلال في غزة، في الأيام القريبة المقبلة.

وبحسبه، فإن مستشفى الشفاء الذي تحول إلى هدف معلن للحرب، هو التحدي الأول، بادعاء أنه "مركز أعصاب حماس من الناحيتين العسكرية والسلطوية". واعتبر أن الجيش الإسرائيلي يحاصر المستشفى ويحاول الامتناع عن "مصيدة الشرعية"، أي أنه يريد الامتناع عن تنفيذ عملية عسكرية تؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية من أجل لجم العملية كلها. ويدعي الجيش في هذه الحالة أنه سينفذ عمليته "ببطء وحذر".

وأضاف أن التحدي الثاني هو "القضية الإنسانية، التي أخذت تحتل حيزا واسعا بين دول أيدت إسرائيل دون تحفظ في بداية الحرب". والتحدي الثالث يتعلق "بقضية القتال في المنطقة التي لم يصل الجيش الإسرائيلي إليها حتى الآن. ووفقا للتقديرات، فإن المخطوفين والمخطوفات الإسرائيليين يتواجدون فيها. إلا أن عملية إجلاء السكان يزيد من الاكتظاظ ويعزز التخوف من أزمة إنسانية خطيرة من خلال نقص بالطعام والمياه وظروف صحية سيئة، وهذه تطورات من شأنها أن تستهدف قواتنا والمخطوفين".

والتحدي الرابع حسب يهوشواع، هو حالة الطقس، ووفقا لتوقعات الأرصاد فإنه منذ بعد غد، الثلاثاء، ستكون هناك موجة شتوية ماطرة. "وهذا يعني تقييد عمليات سلاح الجو وكذلك ستواجه القوات البرية، المتوغلة في المناطق المبنية وستتعرض لمخاطر الأزمة الإنسانية: فيضانات مياه الصرف الصحي وانتشار أمراض".

جندي إسرائيلي عند الحدود اللبنانية يتابع خطاب نصر الله، أمس (Getty Images)

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى وجود "توتر بنيوي أخذ يشتد" بين الهدفين المركزيين للحرب على غزة، القضاء على حماس وإعادة الأسرى في غزة. "ويدعي الجيش الإسرائيلي أنه بالإمكان تحقيق الهدفين، وكلما يُمنح له الوقت من أجل زيادة الضغط العسكري على حماس، ستتحسن الاحتمالات أن تضطر حماس إلى إظهار ليونة أكبر في المفاوضات حول تحرير المخطوفين".

إلا أن الاعتقاد السائد لدى قيادة الجيش الإسرائيلي هو أن إيقاف الحرب خلال أسبوع أو اثنين، يعني أن "أهداف الحرب لن تتحقق"، وفق ما أعلن أول من أمس. ورأى هرئيل أن "الجهدين الأساسيين قد يصلان إلى نقطة صدام: المستوى السياسي سيتردد كيف سيتصرف، بينما سيتخوف الجيش من وقف الحرب، لمصلحة صفقة أسرى، وبعد ذلك سيكون من الصعب استئناف الهجمات بالحجم المطلوب من أجل توجيه ضربات شديدة لحماس".

في موازاة الوضع في قطاع غزة، أشار يهوشواع إلى أن "الجبهة الشمالية مستمرة في الرقص على نغمة ناي (أمين عام حزب الله) حسن نصر الله، الذي يتمسك حاليا بعقيدة استنزاف الجيش الإسرائيلي، من خلال استمرار توقف القوات الإسرائيلية مكانها وإبقاء البلدات الحدودية الإسرائيلية خالية من سكانها".

وأفاد يهوشواع بأنه "في الجيش الإسرائيلي يسعون إلى عدم نعي محور الدول السنية، ويدّعون أنه يوجد الكثير من التعاون الذي ليس بالإمكان التوسع حوله في هذه المرحلة. إلا أن أيا من هذه الدول لن تجتث من أجل مصلحة إسرائيل تهديد قوة رضوان (قوة النخبة في حزب الله) عند الحدود، والأيام الماضية أكدت معضلة كيفية إبعاد هذا التهديد أو المخاطرة ببلدات إسرائيلية خالية تحسبا من التسلل إليها".

وأضاف أنه "في هيئة الأركان العامة يدركون أن انتهاء الحرب فيما قوات الرضوان باقية مكانها يعني فقدان السيادة (الإسرائيلية) عند الحدود اللبنانية. ولذلك، السؤال هو كيف يقتلعون هذا السن من دون إدخال الفم كله إلى حرب مختلفة كليا عن تلك الدائرة في غزة".

التعليقات