خطة الانقلاب على القضاء الإسرائيلي وهروب رأس المال

وتد: هذا الهروب لرأس المال أمر طبيعي، العملة الإسرائيلية تتراجع لذا يتم سحب سندات دين بالشيكل الإسرائيلي ويتم تحويلها للدولار الأميركي، فالأمور مرتبطة ببعضها البعض، المستثمرون يراقبون ما يجري، وعند ملاحظة رأس المال تحول النظام إلى شبه ديكتاتوري من الطبيعي

خطة الانقلاب على القضاء الإسرائيلي وهروب رأس المال

متظاهرة إسرائيلية تحمل لافتة مكتوب عليها "خطة ليفين... نهاية الديمقراطية" (Gettyimages)

يواصل مختصو وخبراء الاقتصاد التحذير من مخاطر خطة "الانقلاب على الجهاز القضائي" والتنويه إلى تأثير ذلك على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي بدأ يُظهر معطيات تراجع بسبب خطة الانقلاب على الجهاز القضائي، وآخر هذه التحذيرات ما ذكره محافظ بنك إسرائيل، أمير يرون، في جلسة لجنة المالية في الكنيست، إذ قال: "كرجل اقتصاد أشير إلى أن أبحاث كثيرة أظهرت أن مؤسسات متينة ومستقلة، عمدة أساسية لاقتصاد متطور ومزدهر، وبناء على ما ذُكر فإن شركات التصنيف الائتماني تنظر إلى هذه المجالات، وعلينا الحفاظ على هذه المعايير في أي مسار يتم المبادرة إليه".

د. عصمت وتد

حول تأثير "خطة إضعاف الجهاز القضائي" يقول المحاضر والخبير الاقتصادي، مراقب الحسابات، د. عصمت وتد، في حديثه لـ"عرب 48" إن "الاقتصاد يحتاج إلى استقرار وما يحدث اليوم هو ‘انقلاب على الجهاز القضائي‘ وكبار الاقتصاديين في إسرائيل يتحدثون عن خطر الانقلاب على الجهاز القضائي على الاقتصاد، وهناك رسائل تحذير أُرسلت إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تحذره من انحدار الاستثمار الأجنبي، صناعات الهايتيك، نفور الأدمغة، والمسار يتواصل، وقبل أسبوع التقى نتنياهو بكبار الاقتصاديين مدراء كبريات الشركات الاقتصادية في البلاد وجميعهم حذروه من اللعب في النار، وصرحوا بشكل واضح أن هناك ودائع تسحب من البنوك وهناك سحب لسندات الدين في الشيكل الإسرائيلي، لكن دون تجاوب حتى الآن من قبل رئيس الحكومة".

"عرب 48": هل تراجع الشيكل الإسرائيلي في الفترة الأخيرة هو نتاج لهذا التأثير؟

وتد: بالضبط هذا هو الموضوع، الشيكل هو سلعة يُتاجر بها وخاضعة للعرض والطلب، عندما يقل الطلب على الشيكل الإسرائيلي ويزداد العرض بسبب سحب سندات الدين في الشيكل وغيرها من الإجراءات ويتم تحويلها إلى سندات دين أميركي لذا يقل الطلب على الشيكل وبهذا يتراجع الشيكل الإسرائيلي مقابل الدولار والعملات الأجنبية.

"عرب 48": ماذا يعني أن تبيع بنوك سندات دين الحكومة الإسرائيلية؟

وتد: هذا الهروب لرأس المال أمر طبيعي، العملة الإسرائيلية تتراجع لذا يتم سحب سندات دين بالشيكل الإسرائيلي ويتم تحويلها للدولار الأميركي، فالأمور مرتبطة ببعضها البعض، المستثمرون يراقبون ما يجري، وعند ملاحظة رأس المال تحول النظام إلى شبه ديكتاتوري من الطبيعي أن يؤثر ذلك على الاقتصاد، ورأس المال أول من يهرب، من لديه استثمار في البلاد يسعى للخروج ومن هم في الخارج يمتنعون عن الاستثمار في البلاد.

"عرب 48": هل يمكن أن تشهد إسرئيل هروبا لرأس المال أو نقل استثمارات أجنبية بسبب عدم الاستقرار القضائي والسياسي في إسرائيل؟

وتد: بدون شك هذا ما يحدث، الاقتصاد يحب الثقة والاستقرار، عندما تسود حالة عدم الثقة في الاقتصاد فهذا يشكل ضوءا أحمر لرأس المال، رأس المال يبحث عن دول تحترم الحقوق الفردية وحق التملك للفرد، عندما يمس في الجهاز القضائي يعني أن هناك خشية على حقوق الأفراد، الجهاز القضائي لا يستطيع حماية الحقوق الفردية فهذا يعني هروب لرأس المال، وهذا ما حدث في المجر، التجربة أثبتت عندما تتراجع الدولة عن الديمقراطية وتتحول للاستبداد يخشى فيه على الحقوق الفردية يهرب الاستثمار، لأن حقوق التملك تكون في خطر مثل سن قانون "التأميم" لذا فإن خطر الحقوق الفردية هو أمر غاية في الخطورة على الاقتصاد، في علم الاقتصاد مجرد الحديث عن خطر اقتصادي مستقبلي يجعل الخطر المستقبلي حاضرا.

"عرب 48": كيف يقرأ عالم المال، تجاهل نتنياهو للتحذيرات التي يطلقها رجال الاقتصاد في إسرائيل؟

وتد: عالم المال هو عالم ذكي ولا يمكن التغرير به بتصريح من رجل سياسي، المال يثق أكثر بخبراء الاقتصاد وليس برجال السياسة، على سبيل المثال، دانئيل كاهنمان الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، هو بريفسور إسرائيلي يصرح ويحذر أن إسرائيل اليوم انضمت إلى دول مثل المجر، بولندا وتركيا ذوات التحول للحكم الاستبدادي، وهي دول تتظاهر وتتمظهر بالديمقراطية، الانقلاب القضائي هو نهاية الديمقراطية ويقربنا إلى بداية فترة حكم استبدادي، فالفكرة الأساسية للسلطة التنفيذية تريد الاستيلاء على السلطة القضائية، علما أن الكنيست ومنذ أجل بعيد فقدت استقلالها وهي تبع للسلطة التنفيذية (الحكومة) لذلك فإن فكرة فصل السلطات وهي المبدأ الأهم في النظام الديمقراطي تُهدم في إسرائيل وتتركز السلطة بيد السلطة التنفيذية، وهذا هو الاستبداد الذي يشكل الخطر الأكبر على الحقوق الفردية ومنها حق التملك والتي تشكل المحكمة العليا الحامي لها أو لنقُل الدرع للحقوق الفردية جميعا، وهي حقوق مشرعة في قانون أساس وعندما يتم القضاء على المحكمة العليا فلا أحد يمكنه الدفاع عن حقوق الأفراد، لذلك فان أصحاب الأموال يخشون على أموالهم وحقوقهم في المقام الأول، لذا نلاحظ كم التحذيرات من قبل رجال الاقتصاد، ولا ننسى قبل يومين الرسالة الصادرة عن البنك الأميركي الشهير، "جي بي مورجان" حول الانقلاب القضائي في إسرائيل الذي أرسل لزبائنه أن هناك مخاطر من الاستثمار في إسرائيل، علما أن نتنياهو كان قال قبلها بيومين من خلال حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أنني أفتخر أن بنك مثل "جي بي مورجان" يعتبر أن الوضع الاقتصادي في إسرائيل أفضل، ويأتي مباشرة بعد ذلك رسالة البنك التحذيرية لعملائه، فالبنوك الأجنبية أعطت رئيس الحكومة الإسرائيلية إنذارا حقيقيا للاقتصاد الإسرائيلي.

التعليقات