وزيرة خارجية السودان: مصر وإسرائيل دعمتا انقلاب البرهان

أكدت وزيرة خارجية السودان، مريم الصادق المهدي، مساء اليوم، الإثنين، أن مصر وإسرائيل دعمتا الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

 وزيرة خارجية السودان: مصر وإسرائيل دعمتا انقلاب البرهان

حمدوك والبرهان لحظة التوقيع على الاتفاق السياسي (أ ب)

أكدت وزيرة خارجية السودان المستقيلة، مريم الصادق المهدي، مساء اليوم، الإثنين، أن مصر وإسرائيل دعمتا الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وقالت المهدي، خلال مقابلة مع معهد "أتلانتيك كاونسيل" البحثي الأميركي، إن الانقلاب الذي دبّره البرهان "كان مدانًا من قبل العالم كلّه، باستثناء إسرائيل"، مضيفة أن "مصر كذلك حاولت دعمه في البداية، لكنها لحقت بالموقف الأميركي بعد ذلك".

واتهمت المهدي، البرهان بـ"محاولة تبرير انقلابه عبر التزلف إلى إسرائيل"، من خلال اتهام الوزراء الذين أقالهم بأنهم مناهضون لدولة الاحتلال.

وكانت مريم الصادق المهدي إلى جانب 11 وزيرا من الذين عزلهم قائد الجيش، البرهان، في أعقاب الانقلاب، قد أعلنوا في وقت سابق ، اليوم، تقديم استقالتهم مكتوبة لرئيس الحكومة الانتقالية، عبد الله حمدوك؛ رفضا للاتفاق السياسي الذي وقعه البرهان وحمدوك، أمس الأحد.

استقالة جماعية من حكومة حمدوك احتجاجًا على الاتفاق السياسي

وبينما رحبت دول ومنظمات إقليمية ودولية باتفاق الأحد، رفضه وزراء معزولون وأحزاب سياسية وائتلافات، بينها قوى "إعلان الحرية والتغيير" وتجمع المهنيين، كما شهدت مدن سودانية احتجاجات رافضه له.

وقال الوزراء المعزولون، في بيان، "تقدمنا باستقالاتنا مكتوبة للسيد رئيس مجلس الوزراء، وتم تسليمها له باليد". وأوضحوا أن "الاستقالات قُدمت من وزيرة الخارجية، مريم المنصورة الصادق المهدي، ووزير العدل، نصر الدين عبد الباري، ووزير الزراعة، الطاهر حربي، ووزير الري، ياسر عباس، ووزير الاستثمار، الهادي محمد إبراهيم، ووزير الطاقة، جادين علي العبيد، ووزيرة التعليم العالي، انتصار صغيرون، ووزيرة العمل، تيسير النوراني، ووزير النقل، ميرغني موسى، ووزير الصحة، عمر النجيب، ووزير الشباب والرياضة، يوسف الضي، ووزير الشؤون الدينية، نصر الدين مفرح".

وأضافوا :"أما بقية الوزراء الخمسة الذين تمت تسميتهم من قوى الحرية والتغيير، ومن ضمنهما الوزيرين حمزة يلول وزير الإعلام، وهاشم حسب الرسول وزير الاتصالات، لم يتمكنا من حضور الاجتماع التفاكري للوزراء".

وتابع الوزراء المستقيلون: "الوزيران خالد عمر يوسف وزير شؤون مجلس الوزراء، وإبراهيم الشيخ وزير الصناعة، لم نتمكن من الاتصال بهما لأخذ رأيهما في تقديم الاستقالة لحمدوك، لأنهما لا يزالان رهن اعتقال السلطة الانقلابية". بينما "وزير التجارة علي جدو تحفظ على تقديم استقالته"، وفق البيان.

وكان الوزراء قد استنكروا بشدة، في وقت سابق، توقيع حمدوك على اتفاق سياسي مع قائد الانقلاب، البرهان، مؤكدين استعدادهم والشارع السوداني لإسقاط الانقلاب.

من جهة أخرى، البرهان، اليوم الاثنين، إن الاتفاق السياسي بينه وبين حمدوك "يمهد الطريق لفترة انتقالية ذات أهداف محددة تتمثل في بسط الأمن ومعالجة قضايا معاش الناس".

وأضاف البرهان، في تصريح له، أن الاتفاق السياسي مع رئيس الوزراء يهدف أيضًا "لاستكمال مطلوبات السلام، مع الاستعداد للانتخابات الحرة النزيهة بحلول تموز/ يوليو".

من جانبه، قال حمدوك، اليوم، إن من ضمن أسباب قبوله العوده لمنصب "المحافظة على السلام، وإكمال اتفاق جوبا بين الحكومة والحركات المتمردة"، كواحد من أبرز أولويات حكومته.

الإفراج عن بعض السياسيين المعتقلين منذ الانقلاب

وأفرجت السلطات السودانية عن بعض السياسيين الذين كان تم توقيفهم الشهر الماضي، تزامنا مع انقلاب البرهان والإعلان عن حل مؤسسات الحكم الانتقالي وفرض حال الطوارئ في البلاد.

وجاء قرار الإفراج، بعد ساعات من إعادة حمدوك إلى منصبه وإلغاء قرار إعفائه بموجب "اتفاق سياسي" وقّعه مع البرهان في القصر الجمهوري بالخرطوم، الخطوة التي رفضها الحراك الثوري في السودان، معتبرين أنها محاولة لـ"شرعنة الانقلاب".

وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، وهو أحد السياسيين المفرج عنهم، إنه "تم إطلاق سراحي وقت متأخر من مساء أمس (الأحد)". وأضاف الدقير "كنت طوال هذه الفترة في حبس انفرادي ومقطوعا تماما عن العالم".

وكان حزب المؤتمر السوداني قد أعلن، الأحد، موقفه من الاتفاق السياسي بأنه "نعتبر ان الاتفاق السياسي الحالي هو شرعنة صريحة لاستمرار النظام الانقلابي في الحكم، ويعد تهديدًا خطيرا لاستقرار البلاد وأمن المواطنين".

وحسب الدقير، تم إطلاق سراح عدد من السياسيين ومن بينهم صديق الصادق المهدي، مساعد رئيس حزب الأمة، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد.

كذلك أُفرج عن مستشار رئيس الوزراء السوداني ياسر عرمان، ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، جناح مالك عقار.

رفض لـ"شرعنة الانقلاب"

وقاد البرهان انقلابًا في 25 تشرين الأوّل/أكتوبر خلال مرحلة انتقال هشّة في السودان. واعتقل معظم المدنيّين في السلطة وأنهى الاتّحاد الذي شكّله المدنيّون والعسكريّون وأعلن حال الطوارئ.

ورفضت قوى إعلان الحرّية والتغيير، الكتلة المدنيّة الرئيسة التي قادت الاحتجاجات المناهضة للبشير ووقّعت اتّفاق تقاسم السلطة عام 2019 مع الجيش، اتّفاق الأحد. وقالت في بيان "نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقًا، أنّه لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعيّة للانقلاب". كما طالبت المجموعة بمحاكمة قادة الانقلاب بتهمة تقويض شرعيّة العمليّة الانتقاليّة وقمع المتظاهرين وقتلهم.

وفي الخرطوم ومدينتَي كسلا وعطبرة في شرق البلاد وشمالها، واصل آلاف السودانيّين احتجاجاتهم ضدّ الانقلاب العسكري. وتحوّلت الاحتجاجات إلى تعبير عن رفض الاتّفاق السياسي الجديد، حسب ما أكّد شهود عيان.

في المقابل، أطلقت الشرطة السودانيّة الغاز المسيل للدموع ضدّ متظاهرين خرجوا مساندين للحكم المدني قرب القصر الجمهوري بوسط الخرطوم. وأفادت لجنة الأطبّاء المركزية المعارضة للانقلاب وللاتّفاق، بمقتل شاب يبلغ من العمر 16 عاما بالرصاص، ليرتفع عدد القتلى منذ إعلان الانقلاب إلى 41 شخصا.

وبثّ التلفزيون تفاصيل الاتّفاق السياسي الذي شمل 14 نقطة في مقدّمها: تولّي حمدوك مجدّدًا رئاسة الحكومة و"إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيّين والعمل على بناء جيش قومي موحّد".

ومن جهة أخرى، رحب المجتمع الدولي بالاتفاق بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومجموعة دول الترويكا (بريطانيا والنروج والولايات المتحدة). كما رحبت القاهرة والرياض واللتان تربطهما علاقات عسكرية قوية مع الخرطوم بالاتفاق المعلن.

ويرى المحللون أنه باتمام الاتفاق السياسي في السودان، يحاول البرهان إرضاء المجتمع الدولي شكليا مع تثبيت هيمنة العسكر على المرحلة الانتقالية.

التعليقات