06/12/2022 - 17:19

أمراض المستقبل والتغيّر المناخيّ

يقدّم لكم هذا الدليل الميداني للأمراض المستقبلية المتأثرة بالمناخ، نبذة عن بعض الكائنات الحية الناقلة، ممّن تتكاثر وتتوسع في مناطق جديدة من الولايات المتحدة نتيجةً للتغيّر المناخيّ، ويمكن أن تؤدي الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات التي تنشرها، لأعراض صحية

أمراض المستقبل والتغيّر المناخيّ

(توضيحية - Getty Images)

في ما يلي ترجمة بتصرّف، خاصّة بموقع "عرب 48"، لمقال كتبته زويا تيرستين، ونُشر مؤخرا في الموقع الإلكترونيّ لمجلة Grist التي تُعنى بقضايا البيئة وتغيّر المناخ، ويناقش ظاهرة التغيّر المناخيّ وعلاقتها بانتشار أمراض وأوبئة كانت محصورة ومحدودة بمناطق جغرافيّة معيّنة؛ لكن مع تزايُد حدّة الظواهر الطبيعيّة المتأثرة بالتلوّث البيئيّ أصبح الموضوع أكثر خطورة، وغير متوقع البتة. وفي حين يتناول المقال بعض هذه الأمراض في الولايات المتحدة، إلا أن الظاهرة نفسها ظاهرة عالميّة يجب الالتفات إليها، والاستعداد لها.


شهد العامان ونصف الأخيرين، أزمة صحيّة عالميّة طالت بأثرها الجميع، تجاوز فيها عدد الوفيات 6.5 مليون شخص حول العالم، وفي الولايات المتحدة وحدها أكثر من مليون حالة وفاة، وهي نتيجة مؤلمة بالفعل، كشفت لنا ضعف استعدادنا لتفشي الأمراض المعدية، فيما لا نزال غير مستعدّين كفاية من نواح كثيرة أخرى؛ لكن مع ارتفاع درجات الحرارة ستتنوع منابع المخاطر الصحية التي تهددنا، ولن تقتصر على العدوى من الآخرين، كما هي الحال مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، وجاهزيّتنا في الولايات المتحدة للتعامل مع هذه الأزمات الصحيّة، أقلّ بكثير من المقبول.

من ضمن هذه المخاطر أمراض يعرفها الكثيرون منا، على غرار مرض "لايم" الذي يحمله القراد، أو فيروس غرب النيل، الذي يتكاثر بواسطة البعوض، وكلاهما من الأمراض المنقولة بنواقل حيوية عن طريق العناكب والحشرات التي تتغذى على الدم، لكن البيئة تأوي عشرات الناقلات الأخرى لأمراض لم نسمع بها من قبل، من حشرات ومحاريّات وحتى التربة نفسها. ومع ارتفاع درجات الحرارة حول العالم، أصبحت الأمراض الشائعة المنقولة حيويًا أكثر انتشارًا، كما تنتشر أمراض أخرى أقلّ شيوعًا في مناطق جغرافية جديدة. كتب خبراء من مركز السيطرة الأميركي على الأمراض والوقاية منها في دراسة تحليلية لعام 2016، أن هذه الأوبئة "ستستمرّ في استنزاف أنظمة الرعاية الصحية والطبية العامة لدينا لسنوات قادمة. يبقى السؤال ما إذا كنا سنكون مستعدين أم لا".

(توضيحية - Getty Images)

يقدّم لكم هذا الدليل الميداني للأمراض المستقبلية المتأثرة بالمناخ، نبذة عن بعض الكائنات الحية الناقلة، ممّن تتكاثر وتتوسع في مناطق جديدة من الولايات المتحدة نتيجةً للتغيّر المناخيّ، ويمكن أن تؤدي الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات التي تنشرها، لأعراض صحية مثل آلام المفاصل، والآفات الجلدية وتلف الأنسجة، ومشاكل في الذاكرة، بل والوفاة.

بعضها ليس له أي علاج أو لقاح، لكن الخبراء يؤكدون وجود العديد من التدابير الوقائية للحدّ من العدوى، ويعتمد العلاج الناجح في حالات أخرى على التشخيص السريع والعلاج الأوليّ الطارئ، كما تتطلب الوقاية إجراء تدابير مُسبَقة لحماية أنفسنا ممّا هو قادم، والخطوة الأولى كما هي الحال مع أي قضيّة تتعلّق بتغيّر المناخ: تحجيم نطاق التهديد.

فيروس بواسان - (Powassan)
يحمله القراد ذو الأرجل السوداء (قرادة الغزال) من فصيلة العنكبوتيات بحجم بذور الخشخاش، وهو مرض نادر تنقله القراد وأصيب بهِ 134 شخصا فقط في الولايات المتحدة بين عامي 2016 و2020. قد لا يبدو هذا رقمًا كبيرًا، لكنه يمثّل زيادة بما يربو على 300% عن السنوات الخمس الماضية.

ويتسبّب الفيروس في مرض عصبيّ عُضال، ومن أعراضه المبكّرة الصداع والحمّى والغثيان والوهن الجسديّ، على غرار الأمراض الأخرى التي تنقلها القراد، لكنه يختلف عنها بارتفاع معدّل وفياته؛ إذ إن واحدا من كل 10 أشخاص مصابين، يعاني من أعراض حادّة، قد تؤدي للموت.

(Grist)

كما يعاني نصف من نجوا من نوبات عصبيّة شديدة، ومن مشاكل صحيّة مزمنة، مثل الصداع المتكرّر وفقدان كتلة العضلات ومشاكل في الذاكرة. توفيت في أيار/ مايو الماضي عجوز في ولاية كونيتيكت الأميركيّة، بعد أسابيع من إصابتها بفيروس بواسان، وهي ثاني حالة وفاة ناجمة عن المرض في الولايات المتحدة، لهذا العام.

يتمركز فيروس بواسان حول البحيرات العظمى وفي الشمال الشرقي للولايات المتحدة، ولكن بين عامَي 2016 و2020، تمّ الإبلاغ عن حالات بعيدة عن تلك المناطق مثل داكوتا الشماليةّ وكارولينا الشماليّة. تقيَّد نطاق القراد ذو الأرجل السوداء تاريخيًّا، بسبب العوامل البيئيّة، فلا طاقة له على البقاء في الشتاءات الباردة أو الظروف المناخيّة الجافّة، لكن تغيُّر أنماط الطقس، ودرجات الحرارة المرتفعة، سمحت لهذا القراد بالتكاثر وتوسيع نطاقه لمناطق جديدة، ليفاجئ ضحاياه والأطبّاء على حدّ سواء.

"قرابة 50% من أولئك الذين يتعافون من عدوى بواسان الحادة، يعانون من الوهن الجسديّ طويل الأمد، إن لم يكن مزمنًا".
- الباحث المختصّ بالقراد في معهد "كاري" لدراسات النظم البيئيّة، ريك أوستفيلد.

على الرغم من غياب لقاح أو علاج للأشخاص المصابين بالفيروس، إلا أن الباحثين في جامعة "ييل" يعملون على لقاح mRNA (الحمض النووي الريبوزي المرسال) للمساعدة بالحماية من الأمراض التي ينقلها القراد، إذ يستهدف اللقاح القراد بمقاومةِ عمليّةِ مصّ الدماء، واستخراج وجبة دم كاملة من الحيوانات في المرحلة التجريبية الحالية، تمهيدًا لاستعماله لاحقًا على البشر لو دعت الحاجة. لكن إلى حين الوصول للقاحات بشريّة آمنة، فإن أفضل طريقة لتجنّب الأمراض المنقولة بالقراد، هي توخّي الحذر في المناطق التي تنتشر فيها، واستخدام المبيدات الحشريّة، مثل "البيرميثرين" على حواف سروالك السفلى لو دعت الحاجة، وفحص جسدك بحثا عن القراد بانتظام.

حمّى الشيكونغونيا - (Chikungunya)
يحملها بعوض الزاعجة المصريّة (أو بعوض الحمّى الصفراء) والزاعجة البيضاء، وعلى الرغم من ندرته في الولايات المتحدة، إلا أن الخبراء في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، يراقبونه عن كثب لسرعة تفشّيه، ورُصدت أوّل حالة من الشيكونغونيا في نصف الكرة الغربي (الأميركيتين) في عام 2013 في منطقة البحر الكاريبي، وبحلول عام 2014، أصبح وباءً في دولة جامايكا، وتمّ توثيق تفشي 107 حالات في فلوريدا. وبلغ عدد الإصابات أكثر من مليون شخص في الأميركيتين بحلول عام 2017، وربما أُصيب نحو 80% من سكان جامايكا بالعدوى.

تشمل الأعراض؛ الحمّى وآلام المفاصل والعضلات، والصداع، والغثيان، والإرهاق، والطفح الجلديّ، لكنّ حالات الوفاة نادرة وتصيب المرضى الذين يعانون من نقص المناعة الشديد، كما قد تستمرّ آلام المفاصل الشديدة لأشهر، وحتّى سنوات في بعض الحالات.

(Grist)

اكتُشفت حمّى تشيكونغونيا لأول مرة في تنزانيا في الخمسينيّات من القرن الماضي، وظلّت نادرة نسبيًّا لمدّة نصف قرن، ثمّ تفشّت في ما يزيد عن 60 دولة في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأوروبا والأميركتين، بعد عام 2004. ورُصدت حالات للفيروس منذ عام 2014 في الولايات المتحدة في فلوريدا وتكساس وبورتوريكو وجزر فيرجن الأميركية، أُصيب بها أفراد عائدون من المناطق التي ينتشر فيها المرض.

"يزدهر" البعوض مثل الكثير من أنواع القراد في المناخ الدافئ والرطب، إذ لا يقتصر تغيّر المناخ على ارتفاع درجة حرارة الكوكب فحسب، بل يطال بتأثيره الدورة الهيدرولوجيّة (المائية) كذلك، متسبّبًا في مواسم من الرطوبة الشديدة في بيئات جديدة حول العالم، لتشجّع هذه الظروف على انتشار أنواع البعوض التي تحمل الشيكونغونيا من كاليفورنيا، عبر النصف الجنوبيّ من الولايات المتحدة، وحتى الشمال الشرقيّ.

"لسنا مستعدّين لهذا البعوض".
- نائب مدير قسم الأمراض المنقولة بالنواقل في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، تشارلز بن بيرد

على غرار فيروس بواسان، لا يوجد للشيكونغونيا لقاح أو علاج، ويمكن للأطباء رعاية المرضى بالسوائل المغذّية والمسكّنات وحسب، لكنّ الحلول الفعّالة ضدّ الشيكونغونيا هي الحلول الوقائيّة. لذلك وافقت وكالة حماية البيئة مؤخرا، على إطلاق 2.4 مليار بعوضة زاعجة مصريّة معدّلة وراثيّا في كاليفورنيا وفلوريدا، تمّ هندستها لإنتاج ذكور فقط، للحدّ من عدد إناث البعوض -الوحيدة التي تلدغ- في البيئة. سيؤدي تغيير التوازن بين الجنسين في النهاية لانخفاض عدد الحشرات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

بكتيريا الضمّة - (Vibriosis)
تحملها المحاريات غير المطبوخة مثل المحار وبلح البحر، وهي بكتيريا بحريّة تعيش في المياه المالحة والآسنة لمصبّات الأنهار في جميع أنحاء العالم. وتسبّب سلالات مختلفة من بكتيريا الضمّة التهابات متفاوتة الشدّة، أخطرها الضمّة الفرجّية، إذ يراكم المحار تركيزات عالية من بكتيريا الضمّة، ثمّ تصيب البشر إذا استُهلكت نيّئة، إلى جانب الإصابة بها عند السباحة في الماء بجرح مفتوح؛ متسببًّا في التهاب اللفافة الناخر (تآكل الأنسجة البشريّة) أو مرض آكل اللحم، بحيث تدخل البكتريا لمجرى الدم، وتسبّب آفات كبيرة منها انتفاخات مليئة بالقيْح في أطراف الجسد. تصل فرصة الوفاة عبر الإصابة بالبكتيريا من خلال الجرح المفتوح إلى 25%، ويتضاعف هذا الرقم مع العدوى التي تصلنا عبر الفم، ومن أكثر المعرّضين للخطر من يعانون من نقص المناعة. عُثر على الضمّة الفرجيّة في خليج المكسيك، وفي الآونة الأخيرة على طول عدد من السواحل الشرقيّة والغربيّة للولايات المتحدة.

(Grist)

تتراوح درجة حرارة الماء المثلى لنموّ جميع أنواع الضمّة، بما في ذلك الضمّة الفرجيّة، بين 20 و35 درجة مئويّة، وقد بلغت حرارة المياه الساحليّة حول مساحات شاسعة من الولايات المتحدة عتبة هذه الدرجة في وقت سابق من هذا العام، مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، ممّا يتيح للبكتيريا فرصة أفضل للتكاثر؛ كما ارتفعت درجة حرارة المياه التي كانت تاريخيًّا باردة جدًا، لتجبر البكتيريا بالانتشار Special Container شمالًا، إلى مناطق جديدة مثل شمال شرق وشمال غرب المحيط الهادئ، وحتى في كندا.

"إذا شعرت بأعراض حادّة لهذه الإصابة (الجرح المفتوح) عند الذهاب إلى النوم وأهملتها، فبحلول الوقت الذي تستيقظ فيه قد نضطر لبتر العضو المُصاب، لذلك لا تنام على الإصابة، راجع الطبيب بمجرّد أن تشعر بها".
- بريت فروليش، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة بجامعة "جورج ماسون".

انتبه إلى اللافتات والإرشادات من إدارة الصحة العامّة المحليّة عند اصطياد المحار، واطبخ ذوات الصدفتين جيدًا قبل تناولها، أو احرص على عدم ترك المحار في الشمس أو في مكان دافئ إن خططتم لأكله نيئًا، ولا تسبحوا أبدا بجرح مفتوح مهما صغُر. يُشار إلى أن المضادات الحيويّة تساعد في القضاء على بكتيريا الضمّة، ولكن إذا تناولتها في وقت مبكّر من الإصابة.

داء شاغاس - (Chagas)

تنقلها حشرات الترياتومين المعروفة باسم حشرات الفسافس، وهي حشرات ماصّة للدماء تلتصق غالبًا بالطبقة الناعمة من الجلد حول أفواه البشر، أو الكلاب والحيوانات الأخرى؛ لكن شاغاس لا ينتشر عن طريق عضّة الحشرة، بل بالبراز الذي تفرزه حول الفم، إذ يميل الناس لفرك البراز في أفواههم بالخطأ، إما أثناء نومهم أو عندما يستيقظون، ليصيبوا أنفسهم عن غير قصد بمرض المثقبيّة الكروزية (trypanosoma cruzi)، وهو الطفيليّ الذي يسبب داء شاغاس.

ومن أعراضه التي تظهر في الأسابيع والأشهر التي تلي الإصابة الحمّى أو التورُّم، وإذا تُرك دون علاج يتحوّل لداء مزمن. تشير التقديرات إلى أن 20% إلى 30% من الأشخاص الذين يعانون من داء شاغاس المزمن، يصابون بمضاعفات تهدِّد حياتهم، مثل تضخّم القلب، وما يترتّب على ذلك من ضخّ كميات غير كافية من الدم، ومشاكل الجهاز الهضميّ الخطيرة، والسكتة القلبيّة.

(Grist)

أُصيب ملايين الأشخاص في الأميركيتين بداء شاغاس، منذ أن تمّ تشخيص أوّل حالة إصابة بشريّة بهِ في عام 1909 في البرازيل، من ضمنهم نحو 300 ألف شخص في الولايات المتحدة، أما الأغلبيّة ففي دول أميركا اللاتينيّة، ومعظم الحالات الموثّقة في الولايات المتحدة، طالت المهاجرين الذين أتوا إلى البلاد من أميركا اللاتينيّة، أو أماكن أخرى ينتشر فيها الطفيْل.

يساعد تغيُّر المناخ في انتشار المرض، عبر التسبّب بزيادة عدد حشرات الترياتومين، التي رُصدت في 29 ولاية أميركيّة حتّى اليوم. ووثّق الباحثون طفيْل شاغاس في 55% من تلك الحشرات؛ كما تظهِر الأبحاث أن الزيادات في درجات الحرارة المتوقَّعة في ظلّ تغيُّر المناخ، ستؤدي لنضوج حشرات الفسافس بسرعة، مع تكاثرها المضطرد.

"داء شاغاس موجود بالفعل في الولايات المتحدة، وسينتشر ليصبح أزمة حقيقة".
- دانيال بروكس، وهو أستاذ فخريّ في جامعة "تورنتو".

يمكن التخلُّص من شاغاس بالأدوية المضادة للطفيليّات إذا تمّ اكتشافه مبكّرا، إلى جانب علاج شاغاس المزمن بأدوية مماثلة، ولكنّ الشفاء الكلّي ليس مؤكَّدًا. تفحصُ حاليًّا ستّ ولايات التبرّعات بالدم بحثًا عن أدلّة لوجود الطفيْل، ومع ذلك تتطلّب أربع ولايات منها فقط، الإبلاغ عن الحالات إلى سلطات الصحّة العامّة، لذلك من الصعب على مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، التأكد من عدد حالات داء شاغاس الموجودة في الولايات المتحدة وسرعة انتشارها. بالنسبة للحلول، قد تساعد الحواجز الشبكيّة على النوافذ والأبواب والمبيدات الحشريّة في السيطرة على الحشرة عندما تنتشر أكثر في الولايات المتحدة.

حُمّى الوادي

تعيش الفطريات الكوكسيدية في التربة، وتنتشر عبر الغبار الذي تثيره الرياح أو عمليّات البناء أو الزراعة، أو ربّما دخان حرائق الغابات، ليستنشقه البشر والحيوانات. يمكن لمن لديهم أجهزة مناعة سليمة محاربة الفطريات بأنفسهم، أما من يعانون من ضعف جهاز المناعة فقد تطول مدّة إصابتهم بالجراثيم، ولا سيّما أنها تنشر خيوطها الفطريّة في جميع أنحاء الرئتين، وأحيانًا في بقيّة الجسم. كما أظهرت الدراسات أنّ النساء الحوامل، والفلبينيين، والأميركيين من أصول إفريقية، وربما الأميركيين الأصليين؛ أكثر عُرضة لدخول المستشفيات بعد الإصابة بالمرض، مقارنة بغيرهم، حتّى لو كان لديهم جهاز مناعة سليم.

(Grist)

لا تُسبب نحو 60% من حالات الإصابة بحمّى الوادي أيّة أعراض حادّة، بل إن بعضها مجرّد أعراض خفيفة، لدرجة يخلط معظم المرضى بينها وبين الإنفلونزا أو نزلات البرد، وما تشمله من حمّى وصداع وإرهاق، لكن 30% من المصابين يشعرون بأعراض متوسّطة تتطلّب رعاية طبيّة. كما يعاني 10% من التهابات شديدة، وعندما ينتشر الفطر خارج الرئتين إلى أجزاء أخرى من الجسم؛ يتسبّب ذلك بالتهاب السحايا، وقد يكون مميتا.

وثِّقت حالات إصابة بحُمّى الوادي في الصحراء الجنوبيّة الغربيّة وأجزاء من كاليفورنيا منذ عقود، وظهرت الحالات مؤخرا في شمال غرب المحيط الهادئ، والمناطق غير الصحراويّة في الجنوب الغربيّ، وتعاني ولاية أريزونا من أعلى معدلات حمّى الوادي في الولايات المتحدة، كما ينتشر المرض أيضًا في المكسيك وأميركا الوُسطى والجنوبيّة.

(Getty Images)

"تزدهر" الفطريّات التي تسبّب حمّى الوادي في البيئات الدافئة والرطبة، وقد أثبت الباحثون أنه إذا استمرّ العالم في إنتاج غازات الدفيئة، فقد يصبح جزء كبير من الولايات المتحدة بيئة حاضنة للفطريات، والحالات آخذة في الارتفاع بالفعل، حيث ارتفعت حالات حمّى الوادي في الولايات المتحدة بنسبة 32% بين عامي 2016 و 2018، وفقًا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، بل حدّدت إحدى الدراسات أن الحالات في كاليفورنيا ارتفعت بنسبة 800% بين عامي 2000 و2018.

للجفاف والفيضانات في مناطق معينة، دور كبير في تفاقمها كذلك رافعًا بذلك عدد الحالات. تتكاثر الكوكسيديا بعد هطول الأمطار كحال الفطريات الأخرى، وعندما يحلُّ الجفاف بعد موسم الأمطار، يمكن أن تتطاير تلك الجراثيم من التربة وتستقر في صدور الناس.

"الموضوع مقلق من حيث مدى خطورة المرض، ومتطلبات العلاج التي تستمرّ لمدى الحياة لبعض المصابين، وكلّما تزايدت كلما صار الأمر أسوأ بالفعل".
- جولي بارسونيت، المختصة في الأمراض المعدية لدى البالغين بجامعة "ستانفورد".

يمكن التغلّب على حمّى الوادي في وقت مبكّر من الإصابة بالأدوية المضادة للفطريات، لكن المشكلة هي أن الأطباء في الولايات التي لا ينتشر فيها المرض قد لا يعرفون العلامات التحذيريّة الأوليّة لحمّى الوادي، وإذا تأخّر التشخيص فإن الحالات الأكثر حدّة من المرض، يصعُب علاجها، ويمكن أن تؤدي للوفاة.

كما أن العلاجات المضادة للفطريّات ليست علاجًا كليًّا، بل إنها تُعطي جهاز مناعة المصاب دفعة ليكافح الفطريات، ليس أكثر. يطوّر الباحثون في ولاية أريزونا لقاحا لحمّى الوادي لدى الكلاب، ويأملون مع وجود التمويل المستقبليّ الكافي، تطبيق الأبحاث نفسها لتطوير اللقاح ضد الفطريات على البشر.

التعليقات