16/05/2023 - 18:00

لماذا يحتاج عصر التعلّم الآليّ إلى العلوم الإنسانيّة؟

ما زلنا بحاجة إلى المهارات الإنسانيّة التقليديّة: فنحن بحاجة إلى تمحيص الافتراضات وتقييم الحجج؛ بيد أنّ التحدّيات الّتي تواجه مواطني القرن الحادي والعشرين ليست دائمًا حججًا فرديّة بحاجة إلى تقييم فرديّ، بل تغمرنا المعلومات مثل شلّال هادر

لماذا يحتاج عصر التعلّم الآليّ إلى العلوم الإنسانيّة؟

(Getty)

لم يعد من السهل أن نعيش حياتنا الطبيعيّة هذه الأيّام، حيث يطلب منّا الحذر من الروبوتات الرقميّة، ومن محرّكات البحث المتحيّزة، غير أنّ بإمكان حالة الشكّ المصاحبة للإعلام الجديد أن تجعلنا فريسة سهلة لأشكال الدعاية السياسيّة القديمة، ورأينا جميعًا كيف يتجنّب دونالد ترامب النقد عبر تبنّي أسلوب الشكّ واللايقين نفسه زاعمًا أنّ معظم مصادر الأخبار «زائفة» وأنّ عمليّات البحث على غوغل متحيّزة ضدّه.

وإذا كان نجاح الديمقراطيّة يعتمد على وجود مواطنين مطلعين وعارفين، فإنّ الديمقراطيّة في مأزق. هذه لحظة أزمة للعديد من المؤسّسات، بما في ذلك التعليم العالي، وخاصّة في تخصّصات مثل اللغة الإنجليزيّة والفلسفة والتاريخ، والّتي تعدّ بإعداد الطلّاب ليكونوا مواطنين، ولكن لإعداد الطلّاب لعالم تفلتر فيه المعلومات بواسطة الكمبيوتر، فسنحتاج إلى تحالف أقوى بين العلوم الإنسانيّة والرياضيّات، ولأن يتكوّن هذا التحالف من جزأين متبادلين: النقد الثقافيّ للنماذج الرياضيّاتيّة الّتي تشكّل عالمنا، والنقد التمحيص الرياضاتيّ للنماذج الثقافيّة.

ما زلنا بحاجة إلى المهارات الإنسانيّة التقليديّة: فنحن بحاجة إلى تمحيص الافتراضات وتقييم الحجج؛ بيد أنّ التحدّيات الّتي تواجه مواطني القرن الحادي والعشرين ليست دائمًا حججًا فرديّة بحاجة إلى تقييم فرديّ، بل تغمرنا المعلومات مثل شلّال هادر، وتأتينا بناء على البيانات في شبكات أصدقائنا، وفي النماذج الإحصائيّة الّتي تتوقّع تفضيلاتنا. لن يساعدنا تقييم المصادر الفرديّة في معرفة مدى تحيّز تلك المعلومات. نحتاج الآن إلى التفكير العيّنات والنماذج، أي أنّنا بحاجة إلى التفكير في الرياضيّات وراء المعلومات. لربّما تعلّمنا قبلًا أنّ الرياضيّات تعرّف على أنّها أداء علميّة متخصّصة، ولكنّ الثقافة والسياسة في القرن الحادي والعشرين، صارا متداخلين تداخلًا مطّردًا بالأشكال المؤتمتة للاستدلال الإحصائيّ المسمّى «التعلّم الآليّ»، وسيعاني الطلّاب الّذين لا يفهمونه في فهم ما يحصل لهم في حياتهم المعيشة.

ويسهّل، بالمثل، إساءة فهم التعلّم الآليّ، إذ تشجّع العديد من الكتب والمقالات الرائجة حول الموضوع للحديث حول أخطار الخوارزميّات، والّتي لم تعد الموضوع الأنسب للمناقشة في هذا العصر، حيث تعرف الخوارزميّة على أنّها وصفة، سلسلة من الخطوات لحلّ مشكلة ما: افصلوا الزلال عن المحّ واخفقوه. صارت «الخوارزميّة/ات» مصطلحًا شائعًا ومؤثّرًا في القرن العشرين إثر انتشار فكرة أنّ الكومبيوترات لا تعمل إلا بناء على التعليمات البشريّة. وعمد الصحافيّون إلى توظيف الكلمة في كلّ مرّة استخدمت فيها أجهزة الكومبيوتر لتنفيذ أمر ما، وهو ما قد يكون صحيحًا من الناحية التقنيّة، ولكن لا ينبغي لنا أن نفهم الابتكارات المحوسبة الّتي أعادت تشكيل حياتنا اليوميّة في العقود الأخيرة على أنّها محض كتلة من الخوارزميّات الجديدة، حيث انتقلنا إلى نظام يتحكّم فيه بأجهزة الكومبيوتر تحكّمًا غير واضح المعالم. لم نعد نكتب الخوارزميّات الّتي تحكم قرارات الكومبيوتر كتابة يدويّة مباشرة، بل صرنا نطلب من الكومبيوتر نفسه كتابة تعليماته عبر نمذجة المشاكل المطلوب منه حلّها.

(Getty)

ولنأخذ فلترة رسائل البريد الإلكترونيّ العشوائيّ (أو غير الهامّ أو غير المرغوب به) على سبيل المثال، والّتي تعدّ مهمّة لا يمكن تعريف شروطها بدقّة، لأنّها تصل إلينا بأشكال مختلفة، ويصعب كتابة خوارزميّة واحدة لحجبها جميعًا، ويكون الحلّ الآخر، الأكثر ابتكارًا، في التعامل معها، عبر جمع قدر كبير من الرسائل الّتي يرفضها القرّاء البشريّون، سويًّا مع الرسائل الّتي يبقون عليها، ونطلب من الكومبيوتر بعدها أن يخرج بتعليمات الحجب عبر ملاحظة واستنتاج الاختلاف بين المجموعتين. قد يضع الكومبيوتر قائمة بالكلمات الشائعة في البريد العشوائيّ مثل («مجّانيّ» و«عرض» و«سيالس»)، ويقيس بعدها الاحتمال النسبيّ لحضورها في الرسائل المقبولة والمرفوضة. يؤدّي هذا إلى وجود «نموذج إحصائيّ» لمفهوم البريد العشوائيّ، ويمكن اعتماده في فلترة الرسائل الواردة. وخلافًا لطريقة عمل الخوارزميّة، والّتي ستعمل على استبعاد أيّ رسالة تحتوي على كلمات مثل «مجّانيّ» و«عرض»، حتّى لو كانت رسالة مهمّة أو عاديّة، فإنّ النموذج الإحصائيّ يأخذ في الحسبان عددًا من الأدلّة والمؤشّرات المختلفة والقرائن المبهمة لتقييم احتماليّة اعتبار رسالة ما «عشوائيّة»

يطلب هذا النهج المعروف بـ «التعلّم الآليّ» من الكومبيوتر فهم الأنماط المبهمة المتضمّنة في الرسائل ككلّ، بدلًا من إعطائها تعليمات صريحة مباشرة، وتكون الأنماط آنفة الذكر إشكاليّة في جزء منها؛ لأنّ الكومبيوتر يتعلّم في الغالب من السلوك البشريّ، والّذي لا يتبع بدوره قواعد رياضيّاتيّة صارمة؛ بيد أنّ ضرورة عدم الدقّة في «التعلّم الآليّ» تنبع أساسًا من الفهم الرياضيّاتيّ لعمليّة التعلّم. فعندما يحاول الأطفال التعلّم، نجدهم يميلون إلى التعميم بناء على أمثلة محدّدة مثل اعتبار (القطّ العتابيّ) على أنّه من فصيلة القطط أو الحيوانات، ويتطلّب هذا من الأطفال الاستنتاج بناء على التفاصيل المتوفّرة لديهم، لأنّ الحيوانات لا تكون دائمًا ملوّنة مثل القطّ العتابيّ، ولا تصدر أصواتًا مثله، وهلمّ جرًّا. ولعلّنا لا ندرك أنّ التعلّم يتطلّب الاستنتاج، لأنّ نسيان التفاصيل يعدّ جزءًا من طبيعة البشر، في حين أنّ الكومبيوترات لا تعاني من الحالة نفسها، حيث تصل للتفاصيل بسهولة ويسر، ولذا علينا إخبارها بصراحة ووضوح لتعمل على حصر قائمة طويلة من رسائل البريد الإلكترونيّ (أو الحيوانات) في نموذج مبهم مفيد. يعتمد نجاح التعلّم الآليّ على جمع البيانات وحصرها، ويكون «التعلّم» وفق تعبير الإحصائيّين في الخطوة التالية.

يشكّل التعلّم الآليّ الثقافة البشريّة باطّراد: على أساس أصواتنا الّتي ندلي بها، وما نشاهده من مسلسلات، وما نكتبه على الفيسبوك، وتصير جميعها غذاء لنماذج السلوك البشريّ، والّتي تشكّل بدورها ما نراه على الإنترنت. ونظرًا لإمكانيّة هذه الدورة في تضخيم التحيّزات الموجودة، فإنّ أيّ نقد للثقافة المعاصرة يجب أن يتضمّن نقدًا للتعلّم الآليّ. ولكن لتحضير الطلّاب لهذا العالم الجديد، علينا أن نتحرّك وأن نقدّم لهم أكثر من مجرّد تحذيرهم من أنّ الخوارزميّات تسبّب المشاكل. لا يساعد تعميم ونشر ثقافة الشكّ واللايقين الناس على فهم وسائل الإعلام بالضرورة، كما رأينا في هجومات الرئيس الأميركيّ السابق على محرّكات البحث المتحيّزة والأخبار الزائفة. وقد يؤدّي أخبار الطلّاب بأنّ التقنيّات الجديدة مصمّمة لخداعهم لدفعهم للبحث عن حلول سريعة (حاجت دانا بويد في مقال لها بأنّ محاولة تعليم الناس الممارسات الّتي تسمح لهم بالوصول والتقييم النقديّ وفهم وسائل الإعلام يعود بالغالب بنتائج عكسيّة تمامًا). ولنحتاط احتياطًا صحّيًّا، دون الانحدار إلى الهوس ولوثة الارتياب، يحتاج الطلّاب إلى فهم حدود التكنولوجيا وأشكال تطبيقها المشروعة، على حدّ سواء، ويمكن لباحثي العلوم الإنسانيّة المساهمة في شقّي هذا المشروع التعليميّ، لأنّنا نعرف بالفعل أحد التطبيقات المركزيّة للتعلّم الآليّ: نمذجة أنماط مبهمة ومتغيّرة مضمرة في السلوك البشريّ، وهو ما يعتبر واحدًا من الأهداف الأساسيّة لحقل العلوم الإنسانيّة.

(Getty)

لعلّ ادّعائي أعلاه يبدو غريبًا، إذ اعتقدنا على الدوام بأنّ الرياضيّات لا مكان له في التاريخ والأدب، إلّا أنّ باحثي العلوم الإنسانيّة كانوا أكثر مرونة؛ ممّا توحي به الصورة النمطيّة عنهم في بغضهم للعلوم الطبيعيّة، فالمؤخّرون الاقتصاديّون، على سبيل المثال، يستخدمون الأرقام في أبحاثهم، وصحيح أنّهم لم يستخدموها في الماضي، ولكنّ ذلك كان؛ لأنّ المناهج الكمّيّة في القرن العشرين لم تكن قادرة على تقديم أيّ شيء للثقافة. لا يمكننا، مثلًا، كتابة خوارزميّة بسيطة تساعدنا في تحديد النوع الأدبيّ، لافتقاد الأنواع الأدبيّة إلى تعريف حصيف نصيف.

وصل باحثو العلوم الإنسانيّة إلى التواضع في هذا الحقل بالذات بشقّ الأنفس، حيث أمضى العشرات منهم في القرن العشرين سين حياتهم في محاولة تعريف نوع "الخيال العلميّ"، إلى أن أقرّ النقّاد نهاية بأنّ نوعًا يعني أمورًا مختلفة في أوقات مختلفة. وعلى مضض، تخلّى العلماء عن بحثهم في ميزة وحيدة تجمع الأنواع، وتبنّوا فكرة أنّ الأنواع تحمل تشابهًا عائليًّا رحراحًا، وتتغيّر فحواها من عقد إلى آخر.

قد تبدو المفاهيم من هذا النوع زلقة وغير علميّة، وهو ما ينطبق أيضًا على التعلّم الآليّ، إذ لجأنا نحن إليه بالمقام الأوّل لأنّنا لم نتمكّن من ابتكار تعريف بسيط وشامل للبريد العشوائيّ، وركنًا إلى الاعتماد على المعرفة البشريّة المضمرة في رفضهم لبعض الرسائل لمجموعة من الأسباب. لن يكون النموذج الّذي يعتمد على هذا النوع من الأدلّة مستقرًّا أبدًا. سيتعيّن تحديثه كلّ بضع سنوات، مع اندثار أشكال الاحتيال القديمة وظهور أشكاله الجديدة. ما أرمي إليه هو أنّ التحذير من الخوارزميّات المتحيّزة ينكر ويتنكّر لحدود التعلّم الآليّ الحقيقيّة، والّتي تتجاوز حملها لتحيّز عرضي. النماذج المتشكّلة من أمثلة على السلوك البشريّ تكون بالضرورة نماذج لسياق ثقافيّ محدّد. لا يمكن لنماذج التعلّم الآليّ أن تقدّم لنا نماذج موضوعيّة متجاوزة للزمان، لأنّ الثقافة البشريّة متقلّبة.

وهذا يعني أنّ مساعدة الطلّاب على فهم نقاط القوّة والقيود في المعرفة التاريخيّة يمكن أن تكون وسيلة لمساعدتهم على فهم نقاط القوّة والقيود المفروضة على التعلّم الآليّ. توجد الكثير من القواسم المشتركة بين النماذج الغامضة ومحدّدة السياق الّتي ينتجها التعلّم الآليّ وبين التشابه العائليّ الّذي يراه المؤرّخون في الثقافة (على سبيل المثال، يميل كلا النموذجين إلى التحديد من خلال العديد من القرائن المتداخلة، وليس بميزة أساسيّة واحدة). ولا غرو إذًا من استفادة حقل التاريخ الثقافيّ من التعلّم الآليّ. يقارن كتاب كاثرين بودّي "عالم من الخيال" نماذج مختلفة ليوضّح سبل انشقاق الكتّاب الأستراليّين والأميركيّين عن التقاليد البريطانيّة في الكتابة في القرن التاسع عشر، كما يستخدم كتاب أندرو بايبر «فهارس» هذه الأساليب لاستنباط رؤى حول انجذاب البطلات الانطوائيّات في الأعمال الأدبيّة إلى النوافذ.

لا يحتاج الطلّاب بعمومهم أن يدرسوا الأمثلة المحدّدة أعلاه، ولكن سيحتاج كلّ واحد منهم إلى بعض الخبرة العمليّة حول النماذج الإحصائيّة الّتي غدت مركزيّة في ثقافتنا حديثًا. ولا يحتاج عموم الطلّاب إلى فهم أنّ هذه النماذج مقيّدة بنفس الشروط السياقيّة الّتي تجعل المؤرّخين والنقّاد الأدبيّين حذرين للغاية. لا يمكن الوثوق بقادة التكنولوجيا الّذين يحاجون بأنّ التعلّم الآليّ أكثر موضوعيّة من أشكال المعرفة الأخرى. لكن علينا أن نشكّ بشدّة في القادة السياسيّين الّذين يستخدمون التعقيد المنظوريّ للإنترنت للإشارة إلى أنّ المعرفة الحقيقيّة مستحيلة، وأنّ كلّ شيء زائف، وأنّ الحلّ الوحيد يتمثّل في اتّخاذ القرارات بناء على التحيّزات الشخصيّة والفرديّة، دون احتساب الأدلّة الحقيقيّة والمنظور العامّ لأيّ قضيّة. من الممكن تشكيل وبناء معرفة حقيقيّة عبر عقد مقارنة بين السياقات الثقافيّة المختلفة، ويعتمد المؤخّرون هذا الأسلوب منذ فترة طويلة. نحتاج إلى نفس الاستراتيجيّات المقارنة لفهم حياتنا نظرًا لأنّ معرفتنا بالحاضر تفلتر بشكل متزايد من خلال النماذج الإحصائيّة الّتي تستهدف أسواقًا مستهدفة محدّدة، ونحتاج إلى إدراك أنّ تقاليد الحذر والنسبيّة الّتي يستخدمها المؤرّخون في عملهم، ليس غريبة عن عالم الكمبيوتر الجديد.

سيكون لمثل هذه الجسور بين العلوم الإنسانيّة والطبيعيّة قيمة وأهمّيّة قريبًا، ولم تشرحها الجامعات لطلّابها بعد، بل نراها كالمعتاد تحاول ملاءمة التغييرات الثقافيّة المرتبطة بالتكنولوجيا في التخصّصات الأكاديميّة القائمة مسبقًا. وغالبًا ما يتحوّل تخصّص «العلوم الإنسانيّة الرقميّة» بسهولة إلى مجرّد مجال صراع للنزاعات الداخليّة بين أقسام التاريخ واللغة الإنجليزيّة، ويكون مرتبطًا بالمعلّمين أكثر من الطلّاب. يحتاج الطلّاب إلى إيجاد تحالف واندماج بين التخصّصات، دون أن يفقد أيّ منها هويّته المنفصلة. يتعلّم الطلّاب سبل استخدام التعلّم الآليّ من التخصّصات الكمّيّة، مثل علوم المعلومات أو علم البيانات الجديد متعدّد التخصّصات. وقد يلجؤون إلى العلوم الإنسانيّة من أجل تطبيق أساليب جديدة على الأسئلة الثقافيّة، أو للتفكير في الآثار التاريخيّة والاجتماعيّة لهذه الأساليب.

(Getty)

لن تحلّ الروابط الجديدة بين التخصّصات محلّ نقاط القوّة التقليديّة للتاريخ والفلسفة والفنّ والأدب، لكنّنا سنشهد تحوّلًا مهمًّا إذا رأينا باحثي العلوم الإنسانيّة والعلوم الطبيعيّة يعملون في مشروع تعليميّ مشترك. طوال القرن العشرين، كانت هذه الأقسام من الجامعة تفترض الخصومة بين بعضها البعض. تعلّمك العلوم الطبيعيّة كيفيّة استنساخ ديناصور تي ريكس، كما ورد في أحد الصور الساخرة. وتعطيك العلوم الإنسانيّة الأسباب ألّا تفعل ذلك. تمثّل أمثلة الخصومة هذه قصص ذكيّة ومضحكة، ولكن علينا تجاوزها. الوحش في عالمنا ليس ديناصورًا يمكننا تجنّب خلقه، بل تاريخ إنسانيّ مفكّك بالفعل، ومفترس، ويصعب التنبّؤ به، وسنحتاج، لفهم أنفسنا، إلى الأرقام، وإلى الكلمات على حدّ سواء. لدى باحثي العلوم الإنسانيّة الكثير ليساهموا به في هذا المجال، لأنّنا نعرف ماضي هذا الوحش، ونعرف انزلاقاته معرفة تفوّق أيّ تخصّص آخر. نطرح الشكّ البناء في الأرقام على الدوام، وبإمكاننا أن نقدّم أكثر من ذلك. يمكننا أن نعمل يدًا بيد مع باحثي العلوم الطبيعيّة لنظهر للطلّاب أنّ الاستدلال الإحصائيّ والتفسير التاريخيّ جزءان متحالفان ومتشابكان من أجل فهم الحياة.


تيد أندروود هو أستاذ اللغة الإنجليزية وعلوم المعلومات في جامعة إلينوي، أوربانا شامبين، ومؤلف كتاب "لماذا الحقبات الأدبيّة مهمّة؟" (جامعة ستانفورد، 2013).

التعليقات