09/02/2021 - 10:03

"أوبرا" باريس تطلق ورشة لضمان التنوع العرقي

أعلنت دار الأوبرا الفرنسية، في العاصمة باريس، أمس الإثنين، أنها ستعدّل شروطها المتعلقة بضمّ الفنانين إلى صفوفها لتشجيع التحاق المزيد من الفنانين غير البيض بها، وأنها ستعيّن "مسؤولًا عن التنوع" كما فعلت أخيرًا أوبرا "متروبوليتان" في نيويورك.

دار أوبرا باريس (pixabay)

أعلنت دار الأوبرا الفرنسية، في العاصمة باريس، أمس الإثنين، أنها ستعدّل شروطها المتعلقة بضمّ الفنانين إلى صفوفها لتشجيع التحاق المزيد من الفنانين غير البيض بها، وأنها ستعيّن "مسؤولًا عن التنوع" كما فعلت أخيرًا أوبرا "متروبوليتان" في نيويورك.

وقد كشفت دار الأوبرا عن هذه الخطوات في مناسبة عرضها مضمون تقرير عن التنوع أعدّه المؤرخ باب ندياي والأمينة العامة لهيئة "المدافع عن الحقوق" المستقلة كونستانس ريفيير.

وقال المدير العام لدار الأوبرا، ألكسندر نيف، لوكالة "فرانس برس": "نحن فخورون جدًا بأن نكون أول منظمة ثقافية كبرى في فرنسا تطلق مثل هذه (العملية)، ومن المؤكد أن الآخرين سيحذون حذونا".

ومنذ تسلّمه منصبه في أيلول/سبتمبر الفائت على رأس المؤسسة ذات الأعوام الثلاثمئة، أولى نيف اهتمامًا بالغًا لمسألة التنوع، في موازاة بيان غير مسبوق عن التنوع العرقي في دار الأوبرا أصدره راقصون وموظفون سود ومختلطو الأعراق في المؤسسة.

وأكد نيف، وردًا على من اتهمه باستلهام الولايات المتحدة أن "الأمر لا يتعلق إطلاقًا باستيراد مفاهيم التنوع من سياق" غير السياق الفرنسي.

وتضمّن التقرير سلسلة توصيات أبرزها ضرورة مراجعة شروط الدخول إلى مدرسة الرقص المرموقة التي تشكّل خزّانًا يرفد باليه الأوبرا، بحيث تتيح التعديلات "رصد المواهب" في كل أنحاء فرنسا، أو حتى إشراك أشخاص من خارج الدار في هيئة التحكيم التي تتخذ القرارات في شأن ضمّ الموسيقيين إلى المؤسسة.

وقد أوصى التقرير الذي طلبت الدار إعداده قبل خمسة أشهر بأن تبادر مدرسة الرقص نفسها إلى البحث عن المواهب، بدلًا من أن تستمر، كما هي الحال راهنًا، بانتظار تقدّم المرشحين إليها. ودعا النص في هذا الإطار إلى إقامة تجارب لامركزية تشمل الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار.

وشدد التقرير على أن "الهدف ليس ضمّ تلاميذ أدنى مستوى من أجل تحقيق أهداف التنوع، بل البحث عن طلاب جيدين جدًا أينما كانوا".

وأبرز باب ندياي أهمية توفير "نموذج" للأولاد المهتمين بالرقص أو الموسيقى أو الغناء على تنوع انتماءاتهم. واستشهد في هذا الصدد بحالة ميستي كوبلاند، أول أميركية من أصل أفريقي حصلت على صفة "راقصة رئيسية" في دار "أميريكان باليه ثياتر" عام 2015، مشيرًا إلى أنها تحولت مصدر إلهام للأولاد الأميركيين من أصل أفريقي.

وحضّ التقرير على إعادة النظر في "المعايير البدنية لاختيار" تلاميذ مدرسة الرقص في المستقبل وتجاوز "الفكرة القديمة الراسخة" القائلة بأن الخصائص البدنية للسود "لا تناسب الرقص الكلاسيكي" بحجة أن "أقدامهم مسطحة عمومًا" و "عضلاتهم أكثر بروزًا"، في حين يتطلب الباليه أقدامًا مقوسة وعضلات ممدودة.

ورأت التوصيات ضرورة التخلي عن "فكرة أن التجانس هو أمر مطلق"، وأشار ندياي إلى أن راقصين سئلوا في مدرسة الرقص "بما أنك لست أبيض البشرة، كيف ستتمكن من تأدية رقصة ‘بحيرة البجع‘ ؟".

وأكد ألكسندر نيف التزامه تحقيق "حضور أكبر للفنانين من خلفيات متنوعة اعتبارًا من موسم 2021-2022"، من خلال "توسيع عمليات استقطاب الفنانين واختيارهم".

وأعلن نيف أن دار الأوبرا ستعين "مسؤولًا عن ‘التنوع والإدماج‘"، وستستحدث في الأشهر المقبلة "لجنة استشارية علمية مكونة من فنانين من الدار وشخصيات من خارجها، تُعرَض عليها قضايا التنوع" ، بالإضافة إلى نظام للإبلاغ عن حالات العنصرية أو التمييز.

وأشار نيف إلى أن الدار ستعمل على "تحديد" الصور النمطية الواردة في سجلّ أعمالها التاريخية، سواء أكانت غنائية أو في مجال الباليه، على أن يُعمَل على "توضيح سياقها" التاريخي للجمهور، لكنه أكّد أن "هذا لا إعادة صوغ الكتيّبات" المتعلقة بها.

وكان نيف أثار في نهاية كانون الأول/ديسمبر غضب اليمين المتطرف بلسان رئيسة حزب "الجبهة الوطنية"، مارين لوبن، بعد تصريح له في صحيفة "لوموند" نُقل فيه عنه قوله إن "بعض الأعمال سيختفي بلا شك من السجلّ"، وجاء كلامه مباشرة بعد فقرة تشير إلى أعمال شهيرة مثل "بحيرة البجع" و"كسّارة البندق".

وسارعت الأوبرا يومها إلى النفي، مشيرة إلى أن "تلاصقا مؤسفًا" حصل بين كلام المدير العام والفقرة المذكورة. وكرّر نيف، الإثنين، أن الأمر لا يتعلق إطلاقًا بفرض "رقابة" على الأعمال.

وذكّر نيف بالخطوات التي حققتها أصلًا دار الأوبرا، ومنها تخليها عما يُعرف بالـ"بلاكفيس"، أي تلوين وجوه ممثلين أو راقصين بيض باللون الأسود لأداء دور شخصيات من ذوي البشرة الداكنة، إضافة خيارها المتمثل في الكفّ عن تبييض بشرة الراقصين في بعض أعمال الباليه، وتصفيف الشعر المجعد وإعطاء الراقصين والراقصات السود على جوارب طويلة وأحذية باليه تناسب لون بشرتهم.

وقال لوكالة "فرانس برس": "أنا مقتنع بأن (هذه العملية) ستجعلنا منظمة أكثر تجذرًا في مجتمع اليوم".

التعليقات