المنتدى السنوي لفلسطين بالدوحة: إطلاق موقع "ذاكرة فلسطين" للأرشيف الفلسطيني الشامل

توجت أعمال المنتدى السنوي لفلسطين في يومه الثاني بالعاصمة القطرية الدوحة، بإطلاق موقع "ذاكرة فلسطين" على شبكة الإنترنت، إذ يوثق التاريخ الفلسطيني وسيضم مليون وثيقة تاريخية من حقب مختلفة، ويؤسس لأول أرشيف فلسطيني شامل.

كما أطلق موقع "القدس: القصة كاملة"، وموقع "الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية"، حيث أتى إطلاق هذه المواقع الإلكترونية التفاعلية مع القضية الفلسطينية تتويجا للعمل المشترك على مدار سنوات بين المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

وأعلن الباحث والمنسق لمشروع توثيق القضية الفلسطينية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، معين الطاهر، عن إطلاق الموقع الذي يضع حجر الأساس للأرشيف الفلسطيني الشامل.

وقال الطاهر، لـ"عرب 48"، إن "موقع ’ذاكرة فسطين’ الذي يؤسس لأول أرشيف فلسطيني شامل يستهدف في مراحله الأولى الباحثين والمؤرخين، ويهدف إلى جمع الأرشيف الفلسطيني الشامل تحت مظلة واحدة"، مشيرا إلى أن أرشيف فلسطين نهبته إسرائيل خلال النكبة وأيضا خلال اجتياح بيروت، وبعضه صادرته بعض أجهزة مخابرات الأنظمة العربية، ولذلك جاءت فكرة إطلاق الأرشيف.

وأضاف أن "الكثير من القيادات الفلسطينية وبدون قصد أهملت قضية أرشفة وتوثيق الذكريات والروايات حول المحطات التاريخية للشعب الفلسطيني، فيما اهتمت الكثير من العائلات بتوثيق وجمع التاريخ والروايات الشفوية، وهي الروايات التي تم تجميعها في موقع ذاكرة فلسطين.

وذكر الباحث والمنسق لمشروع توثيق القضية الفلسطينية أن "موقع ’ذاكرة فلسطين’ يوفر بالمرحلة الأولى للمتصفحين قاعدة بيانات ومجموعة متنوعة من الوثائق والمستندات التي تتعلق بتاريخ وحياة الشعب الفلسطيني على مدار عقود طويلة، إلى جانب السيرة والمسيرة الثقافية والفهرسات للصحف والمجلات ووسائل الإعلام وأبرز الشخصيات الفلسطينية في التاريخ المعاصر في مختلف المجالات".

ويهدف الموقع إلى خلق حالة من التفاعل مع القضية الفلسطينية وتذويتها في الذاكرة الجماعية للجيل الفلسطيني الناشئ، وتعريفه من خلال الوثائق والحقائق قضية شعبه وما تعرضت له فلسطين خلال العقود الماضية وما بعد النكبة إلى اليوم.

من جانبه، استعرض الباحث في مشروع توثيق القضية الفلسطيني بالمركز العربي، بلال شلش، موقع "ذاكرة فلسطين" في مرحلته الأولى، وهو مشروع غايته الإسهام في تاريخ فلسطين وتوثيق حركتها الوطنية، من خلال تأسيس قاعدة بيانات رقمية، تحفظ أرشيفات كيانات وهيئات سياسية، وجمعيات محلية، ومجموعات شخصية، وأوراقا عائلية.

وأوضح شلش، في حديث لـ"عرب 48"، أن "موقع ’ذاكرة فلسطين’ يؤسس مرحلة أولى في توثيق جديد للقضية الفلسطينية، حيث يستهدف تقديم الخدمات للباحثين، إلى جانب المساعدة في أدوات البحث وتسهيل عملية البحث عن المصادر الأولية المختلفة في التاريخ الفلسطيني، ونشر هذه المصادر والاستفادة منها".

وأشار إلى أن الموقع يتضمن تصفح نحو 300 ألف وثيقة من مختلف الحقب والموضوعات على أن تستكمل عملية التحديث والأرشفة حتى نهاية العام 2023، بتوفير نحو مليون وثيقة تاريخية ستكون متاحة على الموقع للباحثين، مع توجه لاستقطاب مجموعات إضافية من الباحثين والمختصين والمهتمين بالقضية الفلسطينية.

ولفت شلش إلى أن الموقع الذي يستهدف بالأساس في المرحلة الأولى مجموعات الباحثين، يتطلع لتوسيع دائرة الاهتمام واستقطاب المزيد من المجموعات، من خلال العمل على ابتكار وتحديث وتطوير بوابات متعددة لاستقطاب جمهور متنوع، وكذلك إشراك الجماهير والجيل الشاب في استحداث أدوات متعددة للتعريف بالقضية الفلسطينية، من خلال التعرف والانكشاف على الوثائق التاريخية.

وتضم المجموعات الأرشيفية الرئيسة للموقع في المرحلة الأولى 300 ألف وثيقة على أن تصل إلى مليون وثيقة في نهاية العام 2023، لتشمل الوثائق التاريخية المجموعات الخاصة، والمنظمات السياسية، والصحف والمجلات، وشهادات وروايات شفوية، وسجلات المحاكم الشرعية في القدس ونابلس، والديوان.

ويشمل الموقع في مرحلته الأولى الذي يهدف لمساعدة الباحثين والمؤرخين والأكاديميين نحو 17 ألف مادة، تقع في 24 مجموعة خاصة تضم 8630 مادة مفهرسة في نحو 26 ألف صفحة، وأدبيات ووثائق لثماني عشرة منظمة سياسية فلسطينية تتضمّن 1234 مادة مفهرسة، و42 مجموعة للصحف والمجلات تشمل 934 مجلة و303 نشرة و1319 صحيفة.

إلى ذلك، نحو 76 شهادة ورواية شفوية، و2959 مادة مفهرسة لمجموعات فردية ووثائق أردنية وصهيونية وأميركية وعثمانية، ووثائق هيئات دولية في باب الديوان، و483 سجلا للمحاكم الشرعية.

إضافة إلى الفهارس، التي تضم في باب الأعلام 570 شخصية، وفي باب الأماكن والقرى المدمرة 408 مكانا، وفي باب الموضوعات 235 موضوعا، وفي باب مستعمرون ومستعمرات 52 شخصية.

وفي سياق التأسيس لأول أرشيف فلسطيني شامل، أطلق مدير عام مؤسسة الدراسات الفلسطينية، خالد فراج، موقع "الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية – PalQuest"، وهو مشروع رقمي أعدته مؤسسة الدراسات الفلسطينية بالاشتراك مع المتحف الفلسطيني، يهدف إلى عرض تاريخ فلسطين الحديث منذ نهاية الحقبة العثمانية، ويضم مسردا عاما للأحداث، وإضاءات على تطورات سياسية وعسكرية، وسيرا لشخصيات فلسطينية سياسية وثقافية، إضافة إلى مئات الوثائق التاريخية والصور والخرائط، ونبذة عن القرى التي تهدمت خلال النكبة، مع ربطها بنظام معلومات جغرافية.

وقدمت كيت روحانا عرضا عن موقع "القدس: القصة كاملة"، الذي أطلقه المركز العربي في شهر حزيران/ يونيو 2022. وهو موقع متخصص في تاريخ القدس المحتلة، ويعرض الرواية العربية لهذه المدينة باللغة الإنجليزية.

ويخاطب موقع القدس الباحث والقارئ الغربي، ويقدم له الحقائق والمعلومات المتعلقة بالمدينة المحتلة، والصراع الذي يدور حولها وعلى أراضيها، ويُقدّم مواضيع تحليلية ذات طابع أكاديمي، ثمّ أنه في إمكان الباحث والقارئ الاطلاع على سير ذاتية تتناول حياة المقدسيين الذين قدموا مساهمات مختلفة للمدينة، فضلا عن نسيجها المجتمعي عبر التاريخ.

سير اليوم الثاني من المنتدى السنوي لفلسطين

افتُتِحَت أعمال اليوم الثاني من المنتدى بثلاث جلسات أولى متوازية. في الجلسة التي أدارتها آية راندال، ناقش رامي رميلة، ونور بدر، وأحمد مأمون وزهراء شبانة، وإليزابيث مارتين، سوسيولوجيا الهوية الفلسطينية، من خلال القمع في مخيّم برج البراجنة، والهوية في مخيّم الوحدات، والهجرة من قطاع غزّة، والتجديد الديني المسيحي في الضفة الغربية. أمّا الجلسة التي ترأسها طارق دعنا، فقد عَرض فيها حسن أيوب وعليان وصوافطة، وأشرف بدر، وعبد الرحمن مراد، ومارتا باريجي، أوراقًا تتمحور حول خطاب التنمية في فلسطين والعنف الاستعماري، وذلك من منظور الفصل العنصري، و"نيوليبرالية" السلطة الفلسطينية، والخطاب المضاد للهيمنة في شأن التنمية الاقتصادية، والأمن الغذائي الفلسطيني. وفي الجلسة الأخيرة، التي ترأسها عصام نصار، تطرّق عادل منّاع، وجوني منصور، وعلي أسعد، إلى جوانب تاريخية حول فلسطين، ولا سيما تحوّلات الهوية من العثمانية، والمشهد الثقافي في زمن الانتداب، والمُشعِر الوطني.

وفي الجلسات الثلاث المتوازية التالية، ترأس أيهب سعد جلسةً تناولت جوانب مختلفة من الاقتصاد الفلسطيني، التي عُرضت فيها ثلاث أوراق مشتركة لكلّ من رجا الخالدي وإسلام ربيع، ورابح مرار ورند جبريل، وعرين هواري وسامي محاجنة، عن آفاق التكامل الاقتصادي الفلسطيني عبر الخط الأخضر، وسبل النهوض بقطاع الشركات الناشئة في فلسطين، والعلاقات التجارية بين الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر ومن جنين. أمّا الجلسة التي كُرِّست للديموغرافيا الفلسطينية، وترأسها مجدي المالكي، فقدَّم فيها يوسف كرباج وحلا نوفل، ومحمد دريدي، وثائر هستنجس، أفكارهم عن السكان الفلسطينيين وأعدادهم وتوازنهم الديموغرافي. وأخيرًا، في جلسةٍ أدارها هاني عوّاد، استعرضت آزادي سوبو، ورهام عمرو، ورولا سرحان، جوانب من الذاكرة الفلسطينية تركّز على ذاكرة الحرب، وثنائية "المثقّف والفلاح"، وتمثلات الهزيمة في المُتخيّلات الاجتماعية والسياسية.

ونظّم المنتدى في نهاية اليوم الثاني ورشتَي عمل. وقد ترأس ورشة العمل الأولى خليل جهشان، وقدّم فيها أسامة أبو ارشيد، وأحمد أبو زنيد، وماليا بوعطية، وماجد أبو سلامة، أفكارهم حول واقع التضامن مع فلسطين في السياق الغربي، وتغيراته، والتحديات التي تواجهه، متطرقين إلى تحولات الخطاب حول القضية الفلسطينية إيجابيًا في الولايات المتحدة وأوروبا، في مقابل سعي الأحزاب والمؤسسات الداعمة لإسرائيل إلى وسم أيّ نشاط داعمٍ لفلسطين ومُنتقدٍ لإسرائيل وسياستها الاستعمارية بأنه "مُعادٍ للسامية".