25/12/2020 - 16:59

"200 متر" يجسّد المعاناة الفلسطينية جراء جدار الفصل العنصريّ

اختار الكاتب والمخرج الفلسطيني الشاب، أمين نايفة، في فيلمه الروائي "200 متر“، الذي عُرض خلال "أيام قرطاج السينمائية“، تسليط الضوء على المعاناة اليومية لعائلة فلسطينية تشتت أفرادها قسرا بسبب سياج الفصل العنصريّ الذي بنته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية،

الممثل علي سليمان في مشهد من فيلم "٢٠٠ متر" (تويتر)

اختار الكاتب والمخرج الفلسطيني الشاب، أمين نايفة، في فيلمه الروائي "200 متر“، الذي عُرض خلال "أيام قرطاج السينمائية“، تسليط الضوء على المعاناة اليومية لعائلة فلسطينية تشتت أفرادها قسرا بسبب سياج الفصل العنصريّ الذي بنته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، انطلاقًا من تجربة مريرة عاشها خلال طفولته ولا تزال أوجاعها محفورة في ذاكرته.

ومع أن فكرة الفيلم ولدت في عام 2013، فهناك أهمية للتوقيت الذي يخرج فيه إلى الجمهور، في زمن “اتفاقيات التطبيع“ وبناء التحالفات المعلنة مع إسرائيل، ليس فقط على المستوى السياسي ولكن بناء تحالفات شعبية وإظهار التطبيع الثقافي على أنه خيار شعبي.

وتدور أحداث الفيلم، وهو باكورة الأعمال السينمائية للمخرج الفلسطيني الثلاثيني نايفة، حول قصة زوجين من قريتين فلسطينيتين يفصل بينهما جدار إسرائيلي. ورغم أن المسافة بين القريتين لا تتخطى 200 متر، لكن وجود الجدار يفرض تحديًا عليهما لا سيما حين يدخل ابنهما إلى المستشفى ويُكابد الأب من أجل الوصول إليه.

ولا يخفي نايفة أنه، بالإضافة إلى العمل الفني، فهو يريد أيضًا إرسال رسالة سياسية. وقال على هامش عرض الفيلم في المهرجان إن ”الفن بشكل عام والسينما بشكل خاص هما سلاح المقاومة المتبقي الذي نعوّل عليه للدفاع عن القضية الفلسطينية".

وأوضح نايفة أنه أراد من وراء الفيلم، طرح الكثير من الأسئلة الحارقة، متسائلا: "هل هذه حياة معقولة لشعب يعاني منذ أكثر من سبعة عقود؟ هل هذا الواقع يعكس شيئًا إنسانيًا في ظل الظروف العربية المؤسفة؟".

وأضاف: "بحثت عما هو مفقود في السينما الفلسطينية من تفاصيل يومية يمكن أن تحدث الفارق بعيدًا عن الفلسفة السياسية وشرح تاريخ القضية الفلسطينية".

وأعرب نايفة عن أمله في إيصال قصة تعكس الواقع الفلسطيني بلا مبالغات وبروباغندا ومن دون الشعارات والصور النمطية ومشاهد العنف، إلى الدول العربية في إطار قطار التطبيع المحزن والمؤلم.

ومنذ منتصف آب/ أغسطس، أعلنت أربع دول عربية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل برعاية أميركية، بدءا بالإمارات ومن ثم البحرين والسودان وأخيرا المغرب.

ويبدأ الفيلم الذي يمتد على أكثر من ساعة ونصف الساعة بمشهد لخطاب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، خلال الإعلان عن م يزعم أنها "خطة السلام الأميركية" لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، التي تنص على ضم إسرائيل أجزاء من الضفة المحتلة.

وتشكل شخصيتا الأب مصطفى الذي يجسدها الممثل الفلسطيني علي سليمان، والأم سلوى، والتي تجسد دورها الممثلة لينا زريق؛ محورًا تدور حوله باقي الشخصيات في الفيلم.

وتتابع كاميرا نايفة بدقة بطل الفيلم خلال تنقلاته اليومية الشاقة للذهاب إلى العمل في الضفة، حيث يجد نفسه مجبرًا على المرور عبر نفق ضيق مكتظ بالمارة والامتثال للشرطة الإسرائيلية عند نقاط تفتيش عديدة تستوقفه.

لكن الأمر يزداد سوءًا حين ترفض شرطية السماح له بالعبور بحجة عدم حيازته ترخيصًا مسبقًا من السلطات الإسرائيلية، ما يدفعه إلى المجازفة واللجوء إلى وسيلة نقل غير قانونية للوصول للمستشفى حيث يرقد ابنه الذي تعرض لحادث سير. واستغرقت الرحلة ساعات وتحولت المسافة من 200 متر إلى 200 كيلومتر.

وفي إحدى اللقطات، يبرز نايفة سخط مصطفى حين يصرخ في وجه السائق المتراخي: "أنا أولادي وزوجتي بعيدون عني فقط 200 متر وراء ذاك الجدار".

وصُوّر الفيلم نهاية عام 2019 في 35 منطقة فلسطينية بينها جنين ورام الله وطولكرم.

وبين الشخصيات، شخصية رامي وهو شاب عاطل عن العمل شارك مصطفى الرحلة الطويلة بعد لقائهما صدفة، من ثم تعرّض لإصابة جراء سقوطه خلال محاولة تسلّق الجدار سعيا للانتقال إلى الجانب الإسرائيلي بحثا عن عمل.

ويقول الممثل الفلسطيني الشاب محمود فتحي طوافشه الذي يقف للمرة الأولى أمام الكاميرا ويلعب دور رامي، إن "شخصية رامي كما بقية الشخصيات موجودة تقريبًا في كل بيت فلسطيني الذي قسمه الجدار اللعين... الجميع يعاني".

وأنتجت الفيلم مي عودة، التي منحتها مجلة "فراييتي" الأميركية المتخصصة في مجال الترفيه، أخيرًا جائزتها السنوية لأفضل موهبة عربية في الشرق الأوسط.

وتبلغ ميزانية الفيلم الذي عُرض بداية في مهرجان البندقية السينمائي في أيلول/ سبتمبر، نصف مليون دولار.

وبدأت السلطات الإسرائيلية بناء جدار الفصل العنصري، في أوج الانتفاضة الثانية، ويبلغ طول جدار الفصل نحو 712 كيلومترا. ويقع 85 بالمئة منه في أراضي الضفة الغربية المحتلة. وهو يعزل 9,4 بالمئة من الأراضي الفلسطينية عن القدس المحتلة، وأراضي 48.

التعليقات