03/06/2022 - 14:54

"جانب آخر".. معرض ريحانة وهبة في الناصرة

تقيم الفنانتان هبة صالح مندلسون، من الناصرة، ومتزوجة في حيفا، وريحانة علي مقطرن من قرية عرب الشبلي، معرض رسومات مميزا وفريدا من نوعه في المقهى الثقافي "ليوان" في البلدة القديمة بالناصرة، تحت عنوان "جانب آخر"

هبة مندلسون وريحانة مقطرن (عرب 48)

تقيم الفنانتان هبة صالح مندلسون، من الناصرة، ومتزوجة في حيفا، وريحانة علي مقطرن من قرية عرب الشبلي، معرض رسومات مميزا وفريدا من نوعه في المقهى الثقافي "ليوان" في البلدة القديمة بالناصرة، تحت عنوان "جانب آخر".

ريحانة مقطرن (26 عاما) حاصلة على اللقب الأول باللغة الإنجليزية، تهوى الرسم دون تعلّم موضوع الفنون، وتشبهها في ذلك هبة مندلسون التي تحمل اللقب الأول في موضوع الهندسة وتبدع في الرسوم الجريئة فائقة الدقة والجمالية.

تقول الفنانة ريحانة مقطرن لـ"عرب 48" إنها منذ نعومة أظفارها اكتشفت ميولها للرسم والتعبير عما يجول في نفسها من خواطر وما تمر به من ظروف، وتعكس كل ما في داخلها على لوحاتها بأسلوب "الفن السوداوي" وهي لوحات يطغى عليها اللون الأسود.

وتضيف ريحانة أنه "لجأتُ إلى هذا الأسلوب الفني كوسيلة لتحسين مشاعري بعد أن مررت بحالة اكتئاب في مرحلة معينة من حياتي، وقد استطعت تخطي تلك المرحلة من خلال الفن، ومن خلال التعامل مع هذا الفن فإنني أسلط الضوء على مواضيع غير تقليدية معظم الناس لا يرغبون التطرق إليها، بل يخشون مواجهتها مثل، الموت والخوف والحزن، ومن خلال مشاهدة اللوحات يستطيع الإنسان أن يواجه نفسه وينظر إلى حقيقته".

وتعمل الفنانة هبة مندلسون (31 عاما) في الهندسة، في حيفا، فهي تهوى الرسم منذ الصغر، وعملت على تطوير موهبتها وفي قلبها حس مرهف للإبداع.

يوحي إمعان النظر في لوحات هبة وريحانة بأن الفنانتين قطعتا شوطا طويلا في تعلم الفن والرسم والوصول إلى هذا القدر من الإبداع، لكن تأتي يتفاجأ الزائر لهذا المعرض عندما يكتشف بأن الفنانتين لم تدرسان الفنون في أيّ كلية أو معهد أو جامعة، وإنما يأتي هذا الإبداع بدافع الموهبة الخالصة.

الشغف والممارسة

تؤكد هبة لـ"عرب 48" على ما قالته شريكتها في المعرض ريحانة، بأن الشغف والممارسة اليومية تنضاف إليهما الرغبة والإرادة، كل هذه العوامل مجتمعة كافية لبناء فنان بالفطرة، وتضيف أن "معظم اللوحات التي تراها هنا هي نتاج عمل استمر لسنوات طويلة، وهي تعكس عملية الانتقال التي مررت بها في حياتي، وهي الانتقال من مدينة إلى أخرى (من الناصرة إلى حيفا)، إذ أن البيئة مختلفة وطبيعة الحياة مغايرة تماما، فقد شهدت الظروف عملية انتقالية من حضن الأهل إلى مواجهة العالم الواسع، وهذا الأمر أثّر بي كثيرا ورافقه الكثير من العزلة والإحباطات والخذلان أحيانا، ولم يكن لدي متنفس سوى الرسم، فشعرت أنني نبع يتفجر وصارت ريشتي تغرف من داخلي وتسكبه ألوانا على لوحاتي".

وأشارت إلى أنه "كنت أحمل معي دفترا هو رفيقي الوحيد في ذلك الوقت، وكنت أستغل كل لحظة فراغ، حتى وأنا أجلس على المحطة أنتظر الحافلة، كنت أخرج الدفتر من حقيبتي وأرسم مشاعري ونظرتي للحياة وللمجتمع الذي أعيش فيه، كانت لحظات غضب أحيانا ولحظات حزن في أحيان أخرى".

الإبداع يولد من رحم الألم

وردا على سؤال "عرب 48" حول ما إذا كانت الظروف الحياتية قد صنعت منهما فنانتان، أجابت هبة أن الظروف هي مصدر الإيحاء، ولكنها ليست ريشة الفنان، وأنها تحرص على توجيه رسالة معينة وأحيانا صرخة في وجه المجتمع.

أما ريحانة فتقول إن ظروف الحياة السلبية قد تكون المحفز الأقوى للرسم، على الرغم من أنها يمكن أن ترسم في حالات السعادة ولحظات الراحة والمتعة، ولكن الإبداع الحقيقي يولد من رحم الألم والحزن.

ويستغرق إنجاز لوحة واحدة من اللوحات المعروضة للفنانتين ريحانة وهبة، ما بين ثلاث إلى أربع ساعات، بعد أن تكون الفكرة قد اختمرت في ذهن الفنانة منهما. وكثيرا ما تداهم الفكرة الفنان ليلا وأثناء النوم فتتفق الفنانتان هبة وريحانة على أنه كثيرا ما تستيقظ كل واحدة منهما ليلا وتخط مسوّدة لفكرة داهمتها، وفي اليوم التالي تتحوّل المسوّدة إلى لوحة إبداعية، حتى أن الفنانة هبة تقول إنها اتخذت من الأحلام مشروعا، ولديها سلسلة من اللوحات التي شاهدتها في الحلم قبل أن تخطها بريشتها على الورق.

العقل الباطني

وتؤكد هبة أنها تستجيب للعقل الباطني، "عندما أستيقظ ليلا لأرسم لوحة أشعر بأن العقل الباطني يريد أن يقول شيئا، وفي كل فترة أقوم بجمع سلسلة من اللوحات التي جاءت من اللاواعي، أي من الحلم".

وترسم الفنانة ريحانة بالحبر، لكنها تحرص في لوحاتها على أن تكون الخلفية سوداء، وهو ما يستغرق وقتا أحيانا، وذلك على عكس الفنانة هبة، فهما فنانتان متعاكستان بالأسلوب، متجانستان في الأداء، وفي حجم اللوحات، وطريقة الرسم.

تجدر الإشارة إلى أنه لم تكن هناك معرفة سابقة بين الفنانتين لولا أن جمعهما مقهى ليوان الثقافي في البلدة القديمة بالناصرة لتقيما معرضهما الذي وصفتاه بأنه ناجح جدا ويلفت أنظار زائري المقهى الذين كانت ردود فعلهم مدهشة مما يشاهدونه من إبداع في اللوحات، ويشكّل حافزا لهما لمواصلة المسيرة.

التعليقات