كل ما تريد معرفته عن حضارة "المايا"

قد يكون هناك تصور خاطئ لدى الكثير بأن حضارة "المايا" تلاشت أو اختفت بشكل مفاجئ وغامض وقد يعود هذا الاعتقاد إلى حقيقة أن الكثير من مدن "المايا" تم هجرها قبل حوالي 1100 سنة مضت مثل تيكال وكوبان

كل ما تريد معرفته عن حضارة

(توضيحية)

قد يتذكر جيل الشباب اليوم حكاية سُردت في برامج الأطفال بعنوان "النسر الذهبي" عن ثلاثة أطفال يخوضون مغامرة محفوفة بالمخاطر والخيال حول حضارة "المايا"، وبالرغم من جموح خيال كتاب هذا العمل لكن هذه الحضارة حقيقية ولا تزال آثارها شاهدة على تفوقها وتقدمها حتى هذا اليوم.

متى وأين قامت حضارة المايا؟

يشير مصطلح "المايا" إلى مجموعة الناس أو السكان الذين يعيشون حاليا حول العالم ويعود أصل أجدادهم إلى حضارة "المايا" ويقدر عددهم بحوالي 6 مليون نسمة ويتحدثون أكثر من 28 لغة تعود للمايا، كما يشير إلى الأجداد بحد ذاتهم الذين قطنوا خلال الألفية الأولى في أميركا الوسطى وتحديدا في المكسيك وغواتيمالا وبيليز والقسم الغربي من هندوراس والسلفادور وفي بعض أجزاء شبه جزيرة يوكاتان وسييرا مادري.

يمكن القول إن جذور حضارة "المايا" وفق تقديرات المؤرخين انبثقت خلال الفترة ما بين 2000 و 250 قبل الميلاد حيث نشطت هذه الشعوب زراعيا بعد أن كان سكان هذه المناطق يعتبرون من الشعوب البدوية التي تعتمد على الصيد وجمع الغذاء. ولكن أولى مدن حضارة "المايا" لم تشهد النور قبل 750 قبل الميلاد وبحلول عام 500 قبل الميلاد كانت مدن المايا تضم صروحا معمارية ضخمة بما في ذلك المعابد.

قام شعب "المايا" في الفترة الكلاسيكية من هذه الحضارة، حوالي 250 قبل الميلاد، بتشييد منحوتات ضخمة يتم تدوين التواريخ عليها وازدهرت في هذه الفترة المدن والتجارة والحركة الفكرية التابعة للمايا وبرز اسم بعض المدن مثل تيكال وكالاكمول.

الفترة الكلاسيكية في حضارة المايا

حضارة المايا

بلغت حضارة "المايا" ذروتها ما بين 250 قبل الميلاد وعام 900 ميلادي وفق تقديرات المؤرخين وهي ما يعرف بالفترة الكلاسيكية. بلغت حضارة "المايا" مراتب فكرية وفنية لا تضاهيها في تلك الفترة أي منطقة في العالم الجديد وحتى في أوروبا حيث كانت تمثل قوة سكانية ضخمة مع ازدهار اقتصادي وتجارة متنوعة ناجحة.

تأثرت حضارة "المايا" في تلك الفترة بحضارة أكبر مدن أميركا الوسطى في ذلك الزمن "تيوتيهواكان" التي كانت تبعد حوالي 50 كيلومترا شمال شرق مدينة مكسيكو حاليا ولا يزال هناك آثار عن مدى هذا التأثر في مدينة تيكال في غواتيمالا حاليا. على سبيل المثال يذكر أن أحد حكام "المايا" ويدعى "سياج كاك" اعتلى العرش وهو يحمل قوسا مشابها لقوس الرمي الذي كان يحمله حكام مدينة تيوتيهواكان وكان يرتدي لباسا مشابها للباسهم.

نهاية حضارة المايا

قد يكون هناك تصور خاطئ لدى الكثير بأن حضارة "المايا" تلاشت أو اختفت بشكل مفاجئ وغامض وقد يعود هذا الاعتقاد إلى حقيقة أن الكثير من مدن "المايا" تم هجرها قبل حوالي 1100 سنة مضت مثل تيكال وكوبان وبالينك. إن أبرز أسباب هجرة هذه المدن وتدهور حضارة "المايا" تعود للجفاف والحرب والتصحر حيث تشير بعض الدراسات البيولوجية إلى أن المحل أو الجفاف قضى كليا على أجزاءٍ من أميركا الوسطى بين 800 و 900 للميلاد.

ومع ذلك فمن المهم معرفة أن مدنا أخرى تعود لحضارة "المايا" مثل تشيتشن إيتزا استمرت وازدهرت حتى القرن التاسع. أنشأت هذه المدينة خلال القرن الخامس للميلاد ولكنها أصبحت واحدة من أهم مدن "المايا" عندما انتقلت السلطة من المناطق الجنوبية إلى شبه جزيرة يوكاتان في الشمال خلال القرن العاشر.

تضم مدينة تشيتشن ملاعب ضخمة بصفات محددة مما يدل على ازدهار حضارتها ونموها حيث كان هناك اهتماما واضحا بالرياضة واللياقة الجسدية. كما أن مجالس المستشارين كان لها دور كبير في الحياة المجتمعية.

عندما وصل الغزو الإسباني إلى أميركا الوسطى في القرن السادس عشر جلب معه أمراضا قضت تقريبا على شعب "المايا" وأرهقته. كما أن الإسبان أجبروا الكثيرين ممن صمدوا في وجه الأمراض على اعتناق الديانة المسيحية ووصل بهم الأمر إلى إحراق كتب "المايا" المقدسة ولهذا السبب يفتقر العالم اليوم إلى نصوص المايا الثقافية.

ما هو تقويم المايا؟

إن تقويم "المايا" عبارة عن نظام كتابة استخدم رموزا أو نقوشا تعبر عن كلمات أو أصوات محددة وتم نحتها غالبا على الأبنية والأعمدة واللوحات الفنية وغيرها، ويعتبر هذا النظام معقدا نسبيا. كان أجداد حضارة "المايا" قد طوروا تقويما زمنيا يتألف من 18 شهرا كل منها يتألف من 20 يوما وخمسة أيام إضافية.

تضمن تقويم "المايا" تقويم العد الطويل الذي يتابع الزمن عبر استخدام عدة وحدات يتراوح طولها بين اليوم الواحد وملايين السنين. تم تقسيم نظام العد الطويل إلى أجزاء يتألف كل منها من 144.000 يوم أو ما يقدر بـ400 سنة واعتقد شعب "المايا" أن القسم الثالث عشر يمثل نهاية التكوين.

انتهى القسم الثالث عشر من نهاية التكوين وفق حضارة المايا في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2012 مما جعل الكثيرين يترقبون نهاية العالم في ذلك الوقت ووجه الأنظار والانتباه إلى هذه الحضارة وفلسفتها وثقافتها. ولكن في الحقيقة لم يتنبأ شعب "المايا" أو علمائهم بنهاية العالم وكانوا قادرين على العد لملايين وملايين السنين بفضل نظامهم هذا.

الأضاحي البشرية في حضارة المايا

حضارة المايا 

قد تكون الأضاحي البشرية بالإضافة إلى تقويم "المايا" واحدة من الأشياء القليلة التي يعرفها عامة الشعب عن هذه الحضارة. ووفق المؤرخين والباحثين، كان شعب "المايا" يقدم الأضاحي البشرية بالفعل في المناسبات الخاصة، أي أن هذا الطقس لم يكن يتم بشكل يومي أو دائم وإنما كان جزءا مهما لتقديس بعض الطقوس مثل تتويج حاكم جديد أو افتتاح صرح جديد كالمعابد، كما أن الأضاحي البشرية لم تكن إحدى الحسناوات كما يتم تصوير الأمر في بعض الأفلام التجارية وإنما كانت الأضاحي من سجناء الحرب في معظم الوقت.

وتفيد بعض النصوص الأثرية بأن الأشخاص الذين كان يتم تقديمهم كأضاحي بشرية في مدينة تشيتشن إيتزا يتم دهن أجسادهم بطلاء أزرق اللون، وهو لون خاص بتقديس الإله تشاك، ثم يتم رميهم في بئر عميقة. كما تم إيجاد لوحة أثرية بالقرب من ملعب رياضي تصور أضحية بشرية وطقوس التضحية، ويعتقد أن الأضحية كان واحدا من لاعبي الفريق الخاسر.

التعليقات