31/10/2010 - 11:02

" الحاجز - شظايا رواية" \ بقلم علاء الديب

-

عزمي بشارة مثقف عربي فلسطيني كبير، وعضو مهم في الكنيست الإسرائيلي روايته الجديدة "الحاجز" عمله الأدبي الإبداعي الأول وهو دون مبالغة "فتح" في أسوار الكتابة العربية في الشكل وفي المضمون ويسمى عمله "شظايا رواية". وهو يتكون من 60 قطعة أدبية، متصلة ومنفصلة كل قطعة لمعة برق كاشف يضيء الأرض المحبوسة وقد انتشر فوق سهولها ووديانها (703) حواجز عسكرية شارونية إسرائيلية، على هذه الحواجز، وحولها يمضي الشعب العربي الفلسطيني جل حياته محاولاً العبور من قرية الى قرية أو من مدينة الى أخرى لا حساب للزمن وللكرامة، ولا معنى للوطن حول الـ 703 حواجز يعيش "الفلسطيني - العربي" المعنى الحقيقي للإستعمار الإستيطاني، ويتعلم كل من يعبر الحاجز المعنى الوحيد لدولة اسرائيل. الحاجز بالعبرية يعني "المحسوم" وقد دخلت الكلمة العبرية الى القاموس المتكلم والى لغة الأطفال.

"الحاجز" الرواية والـ 703 سرطان في جسد الأرض الفلسطينية نار تحرق حقاً شظايا، تقطع وتستقر في الجسد وفي الشعور في نقطة تفتيش ثابتة أو متحركة، العربي عند هذه النقاط بلا حقوق حتى لو كان طفلاً، أو عريساً وعروسة، أو امرأة حامل أو جثماناً معداً للدفن عند هذه النقاط تطبق كلمة شارون أفضل حالات العربي العربي ميتاً. هذه النقاط التي يبلغ عددها (703) تفاجئ الفلسطيني في كل مكان وهي بالطبع غير "الحاجز الأكبر" أو "الجدار" الذي تتحدى به اسرائيل العالم، والذي يعمل في بنائه كل عاطل عن العمل.

لم أقرأ منذ سنوات عملاً يسجل مقاومة يومية لشعب مثل حاجز عزمي بشارة هذا، بلا خطابة و هتاف ولكن بقدر من المعرفة الجزئية المخيفة لتفاصيل العناء اليومي المتواصل الذي يقع على أمة كاملة.

"بات الإلتفاف حوله شبه مستحيل أصبح الخيار إما مواجهته أو الخضوع له اختفت كلمة "وينك؟"، لأن السؤال بات سخيفاً، بل مستفزاً مع الحياة في ظل الحاجز، فأين من الممكن أن يكون في هذه الظروف".

اما منع تجول وبالتالي في البيت، أو على الحاجز، لأن التنقل من بلد لآخر أصبح شبه مستحيل. إنه الإستثناء وليس القاعدة أما "المنع" فقط - في منع اليوم - لا امبارح كان، وبكرا في منع - رفعوا اليوم المنع ساعتين - كيف المنع؟ شو أخبار المنع.. عارفين شو صار بالمنع اليوم - أما اليوم والله مشددين المنع - إن شاء الله بكرا إذا ما في منع - بعد المنع بإذنه تعالى.

هكذا يتكلم الفلسطيني الآن وهكذا يعيش في الشظية 45 تحت عنوان "حاجز وجسر" يقول عزمي بشارة عن الداخلين الى اسرائيل عن طريق الجسر.
"يقول العربي منافقاً الجندي "نحن لا نعرف النظام "إحنا ما بيلبقلنا النظام)
يبتسم العربي عندما تلتقي عيناه بعين الجندي ليبتسم معه تفهماً وموافقة على أن هؤلاء العرب لا يمكن تحملهم، أما هو فراق كالجندي، كل ذلك دون أن يعلم من أين أتى هذا الجندي ولا الى أين يتجه، الى العالم السفلي في تل أبيب أم الى الجامعة العبرية؟" في الجسر تلتقي طبقات الشعب الفلسطيني جميعاً. الجسر تجربة اشتراكية ولم يعرف الجسر الـ "في أي بي" (VIP) الى أن جاءت السلطة وجاء معها من لا ينتظر على الجسر ويفاوض المحتل باسم المنتظرين المزدحمين هناك.
- يفتشوا ولا ما يفتشوا، أكثر من اللي صار ما راح يصير. وأكثر من القرد ما مسخ الله.

***
نفس حارق يخرج من سطور العمل لكي ينضم الى أعمال جسر "اغتيال مرزوق" وكنفاني، وإميل حبيبي هذه هي الطبعة الأخيرة من العذاب المستمر، وسحق العظم والكرامة الدائم منذ أكثر من نصف قرن.

عندما نقرأ عمل عزمي بشارة الروائي الأول، نعرف أن كل ما نقرأ عنه من الرجوع الى "الطاولة أو "ما تحت الطاولة أو فوقها، وكل ما نتحدث عنه عن الطريق وخارطة الطريق ليس إلا باطل وقبض الريح ليس إلا مضع للبنان. أو مكياج ثقيل مقزز لا تستعمله الا البغايا.


نشر هذا المقال في صحيفة القاهرة - عدد 244 الصادر بتاريخ 14\12\2004

التعليقات