31/10/2010 - 11:02

انت لا تنكر لكننا ننكر../ يونس العموري*

-

انت لا تنكر لكننا ننكر../ يونس العموري*
جلست وقلقها يغزو المكان.. عجوز.. نقوش الأزمان الجميلة على جبهتها تتراءى... شاهدتها من بعيد وعرفت من تكون فقد كانت ممن انتظرن طويلا لصرخة الإرتداد عن جدران القلاع لإنتقام فعل اغتصابها حينما كانت بكامل مشمشها....

وكانت أن شهدت أرجوحة المشانق المعلقة لرجال العشق الجميل للبحر وحورايته... وقررت أن تسكن ذاك المكان ليستيكن النائم بحضرة الثلاثاء الحمراء... كانت تختبئ خلف أرجوحة المشانق... وأنشدت مع أم عطا وجمجوم وحجازي زغاريد تهاليل الموت...

ويأتيها من يأتيها اليوم معلنا أنه لا ينكر لهم الحق بأرض الحق.. والحق يقال إننا وإياها ومعنا كل عبق التاريخ ننكر ولابد ان ننكر لهم ما يدعون وما يقولون وما من شأنه أن يشرعن في ظل اختلاط موازيين الحقيقة وأحقيتها...

أنت لا تنكر أيها القادم صدفة إلى منصة الكلام...لابد من إستئذانك أن فعل الإنكار ليس له ارتباط بما تريد أو يريدون هم، وإنما هي وقائع التراكمات الفعلية للتاريخ حتى تستوي الأمور في مواقيتها ونصابها الصحيح... لابد أن ننكر حتى تستوي هويتنا والا فسنكون متخاصمين وذواتنا وأهليتنا العقلية والنفسية...

هي الأرض تنكرهم وتأبى أن تلد لهم حقيقة أخرى غير الحقيقة الساطعة... لا فرق بين وقائع الواقع وفرض قوانينهم بحكم واقع القوة ومنطق هذا الواقع الا ان ثمة قوة المنطق هي التي تفرض ذاتها. أرض كنعان ترفضهم وتأبى أن تعطيهم من بطنها أجنة وإن كانت صغيرة لم تحمل الأرض بهم ولم تكن يوما حبلى بشيء من فعلهم ولا من تراثهم ولم يعبروها ولا كانوا من العبرانيين. وشواهدنا كنعانية.. هذه الوديان والتلال وبواطنها الزاخرة بمشاهد من عبروا ومازالوا يرتلون مزامير قحطانية عدنانية لا تقبل التأويل وقيل ما قيل إن فيها القوم الجبارين ولم يعبروا إليها ولن يعبروها بمفهوم العبور...

إن كان لابد لفعل التسوية من دوافع فلا يعني ذلك بالمطلق أن تكون دوافع الدفع من خلال الإعتداء على صوامعنا ونقوش الفسيفساء في قصورنا، وان كان لابد من الفعل فلابد ان يكون الفعل عصيا على معادلة يحاولون قصرا بان تقبل القسمة على مكونات التاريخ ...

لا يمكن القبول بالتأويل والتحريف ان كانوا قد حرفوا الكلمة عن مواضعها فلن نقبل تحريف كلامنا ولغتنا وان نشهد لهم بما يريدون وبما يحاولون منذ فجر التاريخ إثباته، وما من اثبات مقنع حتى لأطفالهم ...

وان كان فعل الاعتراف بمكامن لهم هنا قد يمنح الوسام الأرقى والأعلى لمن يمارس هذا الاعتراف فأنه لا يمثل تلك العجوز الآتية من حواري وازقة تاريخنا ... وهي الشاهدة على قتلهم وفعلهم وهي التي تعلم صنائعهم واعتداءهم على كلمات الله التي أُلقيت على مسامع المؤمنين ... وبالتالي فهي صاحبة الحق بأن تنطق بأسم الجمع كونها تعلم وتعرف بواطن أرضها وتعلم مدى اعتداءاتهم على كلماتنا ومحاولتهم لتزييف فعلنا وأحقيتنا ...

ليس من حقك الإعتداء على التاريخ والتصريح وممارسة الكلام بشكل عشوائي أو أن تمسك بأطراف القول حتى تنال العطايا. ولا يمكن القبول بأن نضع لرؤيتهم أقداما تسير عليها، سادتهم يعلمون أن لا حق لهم هنا، وأن التاريخ لم يعطهم مثل هذا الحق وان أردت الإعتداء على الحق فلا بد من أن تمارس الإعتداء على التاريخ والتاريخ كائن حي لا يمكن ثنيه وتطويع قوانينه بما يتناسب وخربشاتهم وكتابته وفقا لطلاسم السحرة والمشعوذين ...

ما بين تكتيك الفعل السياسي ومنح الحق تكمن الحقيقة وليس من الحق أن تمارس فعل التكيتك على حساب أيقونة تاريخنا وتشبثنا بوقائعنا، فالقمح لنا والسنابل انحنت أمام شمس حقائقنا... والتهليل مسموع والتكبير يعلو بشجن مع رنين أجراس معابد يذكر بها اسم الله على الأرض غدوة وعشية ...

أنت لا تنكر لكن لنا كل الحق أن ننكر وأن نعلو بإنكارنا ...


التعليقات