بشارة "جنّن" إسرائيل../ وليد أيوب

بشارة
تعتمل في إسرائيل، منذ أكثر من أسبوعين، ضجّة تتصاعد باستمرار، في المؤسسة كما في الشارع، وتستمدّ وقودها من الإعلام وممّا يرشح عن المؤسسة التي تسرّب ما تريده من "معلومات" تصوغها حسبما ترتأيه للإبقاء على هذه الضجّة وعلى حالة استنفار المشاعر واستفزاز أحاسيس الإنتماء..

فقد نؤكّد أن المؤسسة، الشاباكية، الحاكمة و"الماينة" والتي تسير تل أبيب بموجب إيقاعها، إنّما تبغي، من وراء المهرجان على عزمي بشارة وزفّته كعربي من كارهي إسرائيل ينعم في خيرها وينصب لها العداء في "تعاونه" مع "الأعداء"، أن توجّه إلى الحركة العربية الفلسطينية الوطنية، في حدود الدولة العبرية مرورا بالضفة الغربية وقطاع غزّة وصولا إلى الشتات الفلسطيني، ضربة قاضية تقصم ظهر القضية الفلسطينية بشكل يصعب معه أن لا يعلن الفلسطيني استسلاما مطلقا قابلا بما تمنحه له الدولة العبرية من فتات وفق شروطها وإملاءاتها.

فقد لا يصدّقنّ أحد أن المفكر الكبير زعيم الحزب الطويل العريض، الكاتب الأديب السياسي الذي بلغ صيته إلى مشارق الدنيا ومغاربها، والذي تنتظر وسائل الإعلام مكرماته بقبول منحها مقابلة أو تحليلا، قد يلتفت إلى هذه السخافات المنسوبة إليه والمحاكة جيّدا تهما من العيار الثقيل يخطّط لها أن تلبسه.

وقد يحكي مجنون ويستمع عاقل فيدرك أن هاتف بشارة أو مهاتفته إلى صديق في لبنان لم يهزما جيش إسرائيل العرمرم في بلاد الأرز، فقد نقسم بكل الكتب المقدسة والأنبياء الصالحين أن بشارة لا يعرف، حتى هذه اللحظة، أيها البيوت المحصّنة في كريات شمونة وأيها من دون تحصين يمكن تدميرها وقتل من فيها.. ويدرك العقلاء أن زعيم حزب التجمع الوطني الديمقراطي لم تخترق عيونه "الليزرية" وهو في دمشق المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا.. كما أن المنطق يقول إنه لا يمكن أن يكون لبشارة "جواسيس" يزوّدونه بمعلومات عن عدد الدبابات وقدرة المدفعية الإسرائيلية وعدد ونوع الطائرات ومكان مرابطتها..

أنا أعرف أن بشارة لا يمكن أن يعرف شيئا من كل هذا، فهو ربما لم ير فشكة في حياته سوى ما أطلقها عليه وعلى أبناء شعبه عسكر إسرائيل، في المظاهرات والإحتجاجات والمسيرات السلمية وفي المواجهات المختلفة ذودا عن الأرض والحق.. بل إنني أعرف أن كرامته تستنكف أن يتعامل أو يتعامل ( بفتح الياء في الأولى وضمّها في الثانية) معه بواسطة السلاح والهمجية.. فقد دعا إلى الحوار دائما، فهذه هي ساحته التي يصول ويجول فيها ويتقزّم حوله الآخرون حيث كانت يده دائما هي العليا، حتى أن خصومه شهدوا بأنه الألمع واحترموه لذلك أو أضمروا له شرّا وضغينة من منطلق "إنني أكره من هو أحسن منّي"، وهذه طبيعة إنسانيّة لدى أناس صغار في العادة خلقهم الله هكذا.. وهكذا فقد نفّروا الإسرائيلي واستنفروه.

ولكي يضمنوا الحبكة، فقد فصّلوا لبشارة ملفّا من نوع آخر يحاكي الفلسطيني وإبن جلدة بشارة، إذ زعموا أن عضو الكنيست، السابق، (منيح إنو سابق)، قد جلب أموالا طائلة بيّضها هنا في إسرائيل.. فهل رأى أحد الرجل يحمل شوالا على ظهره وينوء بالحمل؟.. وهل كل هذه الأموال الطائلة "بيّنت" على جلد بشارة وعلى بيته المرهون لبنك الإسكان، "مشكنتا"..

وأخيرا، فإنّهم لا يعرفون الإنسان في عزمي بشارة، ذلك الإنسان الذي يسعى دائما إلى خير الإنسان وعزّته، ويبذل في ذلك وقتا وجهدا على حساب بيته وصحّته، وعلى حساب مشاريعه الفكرية والأدبية..
هذا هو الدكتور عزمي بشارة الذي تشرفت الكنيست الإسرائيلية بدخوله إليها، وتشرّف الأعضاء بأنهم إنما كانوا "زملاء" لعزمي بشارة.

التعليقات